المحتوى الرئيسى

أسباب انجراف الشباب المصري في موجة الإرهاب حارِبوا الإرهاب.. لا الإرهابيين! "2"

02/16 10:40

إن معالجة الإرهاب لا تتم بمضاعفة قمع الرأي الآخر وإنفاق المزيد من الثروات، وتسليح قوات مكافحة الإرهاب بأحدث معدات القتال؛ بل بالوقوف على الأسباب الحقيقية ومعالجة الأمر بالحكمة والموضوعية، ولا يمكن أن ينتهي العنف في مصر إلا بقيام البدائل الديمقراطية التي ترتكز على مؤسسات دستورية تحترم المواطن، وتشاركه القرار، وترفع مستواه الاقتصادي والثقافي، وتقلل الفوارق الطبيعية وتحل السلام الاجتماعي.

ومن المؤسف أن يكون المدخل الأمني هو المدخل السائد والوحيد في مواجهة الإرهاب والتطرف؛ إذ تبدو المواجهة بين أجهزة الدولة والجماعات المتطرفة كما لو أنها ثأر متبادل بين الطرفين، أي أنه من الضروري إتاحة الفرصة أمام الجماعات المختلفة المعارضة للتعبير عن نفسها، حتى يتحول التطرف والإرهاب من ممارسة غير شرعية إلى عمل سياسي مشروع.

وعلى الأجهزة الأمنية الالتزام باتباع الأساليب القانونية المشروعة في مواجهة الإرهاب، والبعد تماماً عن الضربات الأمنية الانتقامية التي قد تشمل أشخاصاً أبرياء أو تمثل انتهاكات لحقوق الإنسان؛ لأن مثل هذه الإجراءات قد تقمع المظاهر الخارجية لهذه الظاهرة بصورة مؤقتة، ولكنها ترحلها بصورة تراكمية إلى المستقبل؛ لتصبح فيه المظاهرات أشد خطورة وأكثر استعصاء على الحل.

يجب تحديث وتطوير جهاز الشرطة بكامله وذلك لمواكبة التطورات الحديثة المتلاحقة في مجال الجريمة المنظمة وذلك بتحديث الإمكانات البشرية وتطعيم الجهاز بأعلى الخبرات وأفضل القوى البشرية المتواجدة على الساحة مع إرسال البعثات واستقدام أفضل المعلمين لإيجاد القدرة على التميز والتفرد في مواجهة الإرهاب، وكذلك إيجاد أفضل الوسائل التكنولوجية وأدق الأجهزة الإلكترونية السمعية والبصرية.

أن الحوارات الوطنية في مصر مطلب ضروري؛ لأنها تضمن توثيق الصلة بين الدولة والمجتمع المدني، وتضمن كذلك إتاحة الفرصة أمام القطاعات المختلفة للإسهام بنصيب في صياغة التوجيهات السياسية، والمشاركة في مواجهة أزمات الأمة.

لا بد أن ندرك جيداً أن الإرهاب فكر لا تتم محاربته إلا بفكر، فيجب أن يتجه الواقع التربوي إلى تعليم الطفل كيف يناقش، وكيف يعبّر عن رأيه بحرية، وكيف يحترم آراء الآخرين، وكذلك يجب التركيز على فلسفة المشاركة في جميع مراحل التعليم، وذلك من خلال خلق ملكة التفكير الخلاق والنقدي، والحوار المبني على التحليل والاستنباط، واحترام الرأي الآخر، والإيمان بالمشاركة الفعالة في قضايا المجتمع، فضلاً عن غرس المبادرة لدى الطلاب من خلال الحوار والإقناع وليس التخويف والعقاب.

والاهتمام بأساليب ومؤسسات التنشئة الاجتماعية ابتداء من الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام، ووضع البرامج اللازمة لتوعية تلك المؤسسات بأساليب التنشئة والتربية السليمة لإعداد مواطنين صالحين أخلاقياً وفكرياً ونفسياً وغرس قيم الولاء والانتماء للوطن.

أن تحاول الأجهزة وضع الخارجين من السجن تحت برامج تأهيل وامتصاص لحالة الغضب التي وقعوا تحتها وتطيب خواطرهم ممن ثبت براءته بالكامل، ومراجعة أساليب التحقيق وإخضاعها للرقابة لآثارها السلبية ليس رفقاً بالإرهابيين بقدر ما هو تصنيع لإرهابيين جدد.

يجب على جميع الأجهزة أن تعمل معاً في محاربة الإرهاب ومكافحته فلا يجوز أن يقوم بالدور الجهاز الأمني فقط فأين دور الأوقاف والتعليم والشباب والرياضة؟

يجب إجراء دراسات رأي عام ودراسات كيفية متعمقة على المجتمع السيناوي والسماع لهم؛ لأنه البيئة الحاضنة للإرهاب وتقديم حلول واقعية بناء على دراسات علمية معمقة، وإشراك الشباب السيناوي بالعديد من المعسكرات وزيارات داخل محافظات الدلتا حتى ينخرط مع شباب آخرين، وتأهيل البعض منهم وتأهيل كوادر ورجال دولة يكون لهم تأثير في المستقبل.

إن دور الشباب هنا هو أن يحاول أن يفهم التنظيمات والحركات بشكل أكثر صحة، وألا ينساق إلى أي تنظيم أو حركة حتى وإن كانت تدغدغ هذه الحركات مشاعره بكلماتها وعباراتها المتفجرة، وأن يبتعد عن كل ذلك وأن يجعل من الموضوعية والشفافية الأساس لفهم أي فكرة تدور في الشارع، ألا يجعل العنف هو أول الحلول ولا حتى آخرها، ولكن الحوار هو أول الحلول وآخرها، والسؤال الموجه للشباب المصري: أليس العيش لخدمة قضية عبر المطالبة بها والضغط السلمي لتنفيذها أفضل بكثير من الموت بداخل سيارة مفخخة؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل