المحتوى الرئيسى

الأقمار الصناعية.. التكنولوجيا سلاحٌ للتجسس

02/15 23:09

تطور الحروب عبر التاريخ حمل معه تطورًا ملحوظًا في القدرات والوسائل والإمكانيات العسكرية ومنها أقمار التجسس العسكرية "GPS_Satellite_NASA_art-iif"، ويعتبر العصر الحالي، أي عصر التكنولوجيا الحديثة والاتصالات، هو عصر حرب الفضاء مع ما يعنيه من عسكرة الفضاء واستخدام الأقمار الصناعية التي تراقب بوقت قصير وسريع وبشكل دقيق كل معالم الأرض والحركة عليها، ما يمكن الدول الموجهة لهذه الأقمار من تعزيز قدراتها التجسسية والاستخبارية ورصد ومتابعة المنشآت الاستراتيجية والعمليات العسكرية التابعة للأخصام من جهة، إضافةً إلى كشف الثروات الطبيعية الموجودة في باطن الأرض، من جهة أخرى.

وأدى استخدام هذه الأقمار في الحروب المعاصرة إلى تقليص حجم الجيوش وتغيير الكثير من الخطط التكتيكية، فعناصر الحرب الفضائية تتحرك بعيدًا عن مجال المواجهة الميدانية المباشرة، وهنا تندرج بعض الأمثلة الواقعية لاستخدام الصور الفضائية في الحروب الحديثة منها:

1- الحرب العراقية الإيرانية "1980 – 1988"، حيث قدمت أقمار سبوت الفرنسية [SPOT3 (Satellite Pour Observation de la Terre)] صورًا لمناطق البصرة وسط العرب على سبيل المثال، وقد استفاد منها الجانب العراقي في عمليات القصف والتحرك الميداني لجيشه قبل أن تصبح فيما بعد متاحة للاستخدامات العامة وكسلعة تجارية، وتصل القدرة التحليلية "أي قدرة التمييز" لأقمارSPOT3 إلى عشرة أمتار تقريبًا.

2- حربا الخليج الأولى والثانية (1990 – 1991)، حيث اعتمدت الولايات المتحدة الامريكية ثلاثة أقمار صناعية KH-11 ذات قدرة تمييز عالية جدًا، تصل إلى 10-15 سم لإدارة أعمال القتال وتعداد الجنود وتحديد أماكن انتشارهم وتعيين مواقع إطلاق الصواريخ البالستية مثل صواريخ سكود العراقية "باستخدام المستشعرات الحرارية"، بالإضافة إلى استخدام واشنطن لقمرين صناعيين من سلسلة أقمار Lacrosse للتصوير الراداري التي تقرب قدرتها التحليلية من متر واحد والتي تتميز كذلك بالقدرة على البث المباشر للصور الفضائية إلى المحطات الأرضية وذلك في مختلف الظروف المناخية.

وتمتلك في الوقت الحالي بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا المئات من الأقمار الصناعية ذات الاستخدامات المتعددة، من بينها الأقمار الصناعية العسكرية التي تقوم ببث مباشر للصور الفضائية لمناطق عديدة في العالم من ضمنها منطقة الشرق الأوسط.، وعلى سبيل المثال أطلقت الولايات المتحدة الامريكية في 2012 العديد من الأقمار العسكرية على فترات متقاربة جدًا والتي تتصف بقدرة تمييز عالية جدًا "وقد تفوق الميليمترات فقط"، منها:

1- WGSF4 أطلق بتاريخ 20 يناير 2012 ويؤمن الاتصالات الضرورية للقوات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، ويقوم بتحسين روابط البيانات للطائرات دون طيار.

2- MUOS أطلق بتاريخ 24 فبراير 2012 ويؤمن المعلومات التكتيكية عبر مراقبة الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية.

3- USA234 مصنف قمر تجسسي تمَّ إطلاقه بتاريخ 3 أبريل 2012.

4- AEHF2 أطلق بتاريخ 4 مايو 2012 وكلفته تقارب 1,7 بليون دولار ويستطيع أن يؤمن الاتصالات بالقوات البحرية والجوية الأمريكية أينما كانت في العالم.

5- USA236 تم إطلاقه بتاريخ 20 يونيو 2012.

6-USA237 قمر تجسسي أطلق بتاريخ 29 يونيو 2012.

و7- OTV3 أطلق بتاريخ 11 ديسمبر 2012، وتم إنشاؤه من قبل القوات الجوية الأمريكية ويحمل تجهيزات اختبار سرية.

من جهتها، أرسلت روسيا العديد من الأقمار الصناعية العسكرية في العام 2012 مثل Meridian 6 "قمر تجسسي أطلق بتاريخ 20 يناير 2012" وCosmos2479 "تم إطلاقه بتاريخ 30 مارس 2012، وهو قمر للإنذار المبكر يغطي نصف الكرة الأرضية" وCosmos2481 "أطلق بتاريخ 28 يونيو 2012 وانضم إلى الشبكة الروسية المؤلفة من حوالي 70 قمرًا تجسسيًّا".

ومن بين الدول الأوروبية، تعتبر فرنسا السباقة في المجال الفضائي، إذ كان تصميمها منذ البداية على اقتحام الفضاء وسيلة لإثبات تفوقها التقني وتعزيز أمنها القومي. وقد دخلت في برامج فضائية مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وأطلقت العديد من الأقمار الصناعية في مجالات متعددة من بينها المجال العسكري، ومنها الـElisaE12 "أطلق بتاريخ 17 ديسمبر 2011 ويصور الانبعاثات الرادارية في كافة أرجاء العالم"، وPleiades1B "قمر تجسسي أطلق بتاريخ 2 يناير 2012 ويؤمن تغطية شاملة وفورية لكل الكرة الأرضية طيلة 24 ساعة)".

وتعتبر اليابان من الدول الرائدة في مجال الفضاء، وتمكَّنت من إطلاق العديد من الأقمار الصناعية ذات الاستخدامات المختلفة، من بينها الاستخدام العسكري مثل IGS6A وهو قمر تجسسي أطلق بتاريخ 23 سبتمبر 2011 و قد فاقت كلفته 500 مليون دولار.

جدير بالذكر أنَّ دولًا مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية أثبتت أيضًا قدرتها على اقتحام الفضاء، إذ أطلقت الصين العديد من الأقمار الصناعية العسكرية مؤخرًا، منها Chinsat2A "أطلق بتاريخ 26 مايو 2012 ويؤمن مختلف الاتصالات العسكرية"، وYaogan15 "أطلق بتاريخ 29 مايو 2012 ويحمل رادارات ذات قدرة على التصوير بمختلف الظروف المناخية، وبث الصور ليلاً ونهارًا لمختلف أنحاء العالم بدرجة تمييز عالية جدًا، بالاضافة إلى امتلاكها الوسائل المضادة للأقمار الصناعية وتوفيرها فرص عمل في المجال الفضائي لأكثر من 100 ألف شخص.

وأصبحت الهند مقصدًا لدول العالم لإطلاق الأقمار العسكرية من على أراضيها انطلاقا من قواعد إطلاق متطورة جدًا، وتمتاز الهند بامتلاكها أقمارًا صناعية مثل RISAT1 والذي أطلق بتاريخ 26 أبريل 2012 وهو قمر راداري يؤمن البث المباشر للصور في مختلف الظروف المناخية وتصل قدرته التمييزية إلى حوالي المتر الواحد.

وخاضت كوريا الجنوبية تجربة اختراق الفضاء وقامت بعقد اتفاقية مع روسيا عام 2004 من أجل انشاء المركز الفضائي الكوري ولإطلاق العديد من الأقمار الصناعية مثل koreasat5 الذي أطلق بتاريخ 22 أغسطس 2006 وهو يؤمن الاتصالات المدنية والعسكرية، وCOMS وهو قمر ذات استخدامات متعددة يقوم بتأمين ومراقبة الاتصالات ويساعد في معرفة الطقس بما له من تأثير على العمليات العسكرية ويغطي المحيطات بقدرة تمييز تصل إلى 500 متر، وSTSAT2C الذي أطلق بتاريخ 20 يناير 2013 وبفضله أصبحت كوريا الجنوبية في المرتبة الحادية عشر بين الدول التي تطلق أقمارها الخاصة من أراضيها.

أمَّا دول منطقة الشرق الأوسط، فتتفاوت قدرتها الفضائية بشكل كبير بالرغم من تخصيص جميع هذه الدول نسبة مئوية مرتفعة من دخلها القومي لشراء مختلف أنواع الأسلحة والتجهيزات العسكرية، فتأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى، إذ خصصت في العام 2012 نسبة 10.1% من دخلها القومي (أي ما يوازي 46.219.000.000 دولار" للإنفاق العسكري، تليها سلطنة عمان 9.7% من دخلها القومي أو ما يوازي 4.047.000.000 دولار، ثم الإمارات "6.9% أو ما يوازي 16.062.000.000 دولار امريكي".

وبعدها تأتي إسرائيل بنسبة 6.5% (أو 15.209.000.000 دولار، والأردن بنسبة 6.1% (أو 1.363.000.000 دولار) والعراق (5.4% أو 4.663.000.000 دولار) والكويت (4.4% أو 4.411.000 دولار) ولبنان (4.1% أو 1.564.000.000 دولار) وسوريا (4% أو 2.236.000.000 دولار) و من ثم اليمن (3.9% أو 1.222.000.000 دولار) والجزائر (3.8% أو 5.586.000.000 دولار) والبحرين (3.7% أو 731.000.000 دولار) والمغرب (3.4% أو 3.256.000.000 دولار) والسودان (3.4% أو 1.991.000.000 دولار) وتركيا (2.4% أو 18.687.000 دولار) ومصر (2.1% أو 3.914.000 دولار) وإيران (1.8% أو 7.463.000 دولار) وتونس (1.3% او 548.000 دولار) وليبيا (1.2% أو 1.100.000.000 دولار).

جدير بالذكر أن دول الوطن العربي مجتمعة، والتي توازي نسبتها من الدخل القومي على ما يزيد الناتج القومي الإسرائيلي، لا تستثمر في المجال العسكري والبحثي بقدر ما تخصصه إسرائيل من مصاريف في مجال الأبحاث العسكرية والفضائية.

أصبح في الوقت الحالي للاستخدام العملي للأقمار الصناعية أهمية حيوية في العمليات العسكرية الحديثة من خلال جمع المعلومات عن مناطق التمركز الرئيسية للقوات المعادية ورصد أعمال إعادة التمركز والانتشار، وكذلك تدقيق إحداثيات المواقع والأهداف بدقة عالية واحتساب وتقدير كميات الذخائر المطلوبة للمدفعيات والصواريخ لتدمير المواقع المعادية، وتتمكن أيضًا الأقمار الصناعية التجسسية من دراسة خطط الهجوم المناسبة طبقًا لطبيعة الأرض من خلال إنتاج صور فضائية ثلاثية الأبعاد لناحية التعرف على ملامحها وقدرة المركبات المختلفة المرور عليها والتكيف مع التضاريس المكونة لها، إذ أن تكوين التربة وطبيعتها ودرجة الانحناء وارتفاع المزروعات وكثافتها تعتبر من العوامل المؤثرة على حركة المشاة والمركبات في آن واحد، ويشتمل تحليل الصور الفضائية أيضًا على تحديد مواقع الرادارات المعادية وقواعد إطلاق الصواريخ العابرة للقارات التي تنطلق من منصات أرضية ثابتة أو منصات بحرية (غواصات، بارجات، حاملة طائرات،..الخ).

جدير بالذكر أنَّ الصور الفضائية العسكرية تحتوي على معلومات محدثة ومدققة وملتقطة بشكل فوري (بث مباشر – بعكس الخرائط التقليدية) والتي تعتبر الوسيلة المميزة والفعالة في العمليات العسكرية والأغراض الأمنية. وتتكامل عدة خصائص فنية في الأقمار الصناعية المستخدمة في مجال الاستطلاع، ومن بين هذه الخصائص وسيلة الاستشعار المستخدمة، أي كاميرا التصوير الكهروبصرية والتي تعتمد على أشعة الشمس المنعكسة على الأرض وهي لا تتأثر بالأحوال الجوية (السحب، الدخان الكثيف)، أو كذلك وسيلة نظام الاستشعار الراداري الذي لا يتأثر بالظروف المناخية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل