المحتوى الرئيسى

"الوفد"داخل المقـر السـرى لـحكم مصـر

02/15 19:42

أنشأه «عبدالناصر» داخل مسجد الحسين بعد نكسة 1967.. وداوم «السادات» على الحضور إليه.. وتنازل عنه «مبارك» لإمام المسجد.. ولم يدخله «عدلى منصور» ولا «مرسى» ولا «السيسى»!

منذ فجر التاريخ، وحتى اللحظة التى تقرأ فيها تلك السطور، ظل لمصر مقر رسمي للحكم يدير منه الحاكم شئون البلاد.. هكذا تقول كتب التاريخ، ولكن المفاجأة التى تكشفها «الوفد» فى السطور التالية هى أن مصر خلال الستين عامًا الأخيرة، عرفت ما يمكن أن نسميه مقر الحكم السرى، الذى يلجأ إليه حاكم البلاد ويقضى داخله ساعات طويلة، بعيدًا عن قصور الرئاسة وهيلمان السلطة.

المقر الرئاسى السرى يوجد داخل صحن مسجد الحسين أحد أشهر مساجد القاهرة، ويجاور واحدة من أطهر بقاع الأرض، وهى البقعة التى تحوى 5 متعلقات شخصية للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، ويجاورها أيضًا بقعة طاهرة ثانية لأنها تحتضن فى قلبها رأس سبط النبى وحبيبة سيد الشهداء الحسين!

هذا المقر السرى، ستصل إليه إذا ما دخلت مسجد الحسين من باب الفرج، وسرت لبضع خطوات، وعندها ستجد على يسارك بابًا عاليًا يؤدى لممر ضيق، يقودك لحجرة متسعة تنتهى بباب، وخلف هذا الباب يوجد المكان الذى صار مقرًا سريًا لحكم مصر لسنوات طويلة.

هذه المفاجأة كشفها لـ«الوفد» الدكتور عمر أحمد عبدالمغيث، إمام وخطيب مسجد الحسين، مؤكدًا أن الرئيس عبدالناصر عقب نكسة 1967، خصص لنفسه هذا المقر داخل مسجد الحسين، وكان يذهب إليه يوميًا فى المساء حيث يقضى ساعات طويلة يمارس مهام الرئاسة حتى ساعات متأخرة من الليل، وظل على هذا الحال حتى رحيله عام 1970.

والحجرة التى صارت مقرًا لحكم مصر لا يزيد اتساعها على 50 مترًا، وفيها 3 أبواب، باب للدخول، وباب آخر يؤدى لحجرة مساحتها نحو 30 مترًا، وفى الغالب كان تستخدم كاستراحة ومكان للنوم، أما الباب الثالث للحجرة فيؤدى إلى حمام وحوض مياه.

وبحسب الدكتور «عبدالمغيث» فإن الرئيس عبدالناصر نقل إلى تلك الحجرة، مكتبًا خشبيًا كبير الحجم، وكرسى خشب وترابيزة صغيرة لوضع الشاى والقهوة، وخلف الكرسى توجد مكتبة متوسطة الحجم تعلوها على الجدار لافتة كبيرة مدون عليه لفظ الجلالة، وعلى الجدار المواجه للمكتب، لوحة كبيرة أيضًا مثبت عليها جزء من كسوة الكعبة مدون عليها عدد من أسماء الله الحسنى، وإلى جوارها لافتة أصغر حجمًا، مدون عليها آية الكرسى.. ولا تزال تلك المتعلقات موجودة فى ذات المكان حتى الآن.

 وكان عبدالناصر يقضى ساعات فى هذا المكان ما بين إدارة شئون البلاد وقراءة التقارير الخاصة بالحكم، كما كان يقضى جزءًا من الوقت فى الصلاة، ويحرص على الجلوس فى الحجرة النبوية التى تلاصق الحجرة التى يوجد بها مكتبه، والتى يوجد بها 6 متعلقات شخصية للنبى محمد، تشمل سيفه و4 شعيرات من شعر النبى، والمزود والمكحل الذى كان يكتحل به النبى (صلى الله عليه وسلم) وقطعة من قميص كان يرتديه، وهو القميص الذى أهداه له المقوقس عظيم مصر مع مارية القبطية، وفى الحجرة أيضًا قطعة من عصا النبى التى كان يحملها يوم فتح مكة، وكان يشير بها للأصنام مرددًا قول الله تعالى «قل جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقًا».

 ويوجد فى ذات الحجرة أيضًا المصحف الذى كتبه الإمام على (رضى الله عنه) بيده، وهو مصحف مكتوب لا تنقيط ولا تشكيل، إضافة إلى قطعة من كسوة الكعبة التى كانت تهديها مصر للسعودية.

وكان الرئيس عبدالناصر يقضى جزءًا من وقته فى مقام الحسين وهو المكان المدفون داخله رأس الحسين بن على سيد شباب الجنة وسبط الرسول (صلى الله عليه وسلم).

ورجح الدكتور عبدالمغيث أن يكون اختيار الرئيس عبدالناصر لهذا المكان ليصبح مقرًا للحكم لبضع ساعات يوميًا، راجع إلى الروحانيات العالية التى تطغى على مسجد الحسين، ويقول «المصريون جميعًا يقدرون آل بيت رسول الله، ويعتقدون فى أن الملائكة تحيط بمقابر الأنبياء والأولياء، ومن بينها مقام الإمام الحسين ولهذا تكون تلك الأماكن مستجابة الدعوة ومفضلة لمن يريد العون من الله».

ويضيف: «يؤمن كثير من المصريين بأن مصر محروسة بفضل دعاء آل بيت رسول الله لها، ويسجل التاريخ أن السيدة زينب (رضوان الله عليها) عندما جاءت لمصر بصحبة عدد كبير من أل بيت رسول الله من أحفاد فاطمة وعلى رضوان الله عليهم، بعد موقعة كربلاء التى استشهد فيها الحسين، استقبلها المصريون أحسن استقبال وأكرمها والى مصر، وكانت ملجأ للمصريين الذين يقدمون لها الشكاوى طالبين تدخلها لدى الوالى الذى لم يكن يرفض لها طلبًا، ولهذا سميت بصاحبة الدواوين، وبسبب حسن تعامل المصريين جميعًا مع آل البيت دعت السيدة فاطمة لمصر فقال «أكرمتمونا أكرمكم الله، وأويتمونا آواكم الله، ونصرتمونا نصركم الله».

 ويواصل: «أغلب الظن أن الرئيس عبدالناصر اختار مقر إقامة له داخل مسجد الحسين من أجل تلك الروحانيات التى تفيض من مسجد الحسين».

وأوضح الدكتور عبدالمغيث أن الرئيس السادات سار على نفس الطريق الذى صار فيه عبدالناصر فيما يتعلق بمقر الحكم فى مسجد الحسين.. ويقول «طوال سنوات حكمه، كان الرئيس السادات يحضر بشكل دائم لذات المقر، ولكن حضوره للمكان كان بشكل أقل مما كان عليه الرئيس عبدالناصر».

ويضيف: «الرئيس السادات كان محبًا لأداء العبادات والطاعات، وأحيانًا كان يصطحب الشيخ أحمد نعينع ليقرأ له القرآن عندما يعتكف فى رمضان».

ويؤكد الدكتور عبدالمغيث أن الرئيس السادات ظل حريصًا على الحضور للمقر الرئاسى داخل مسجد الحسين حتى اغتياله فى أكتوبر 1981.. ويقول: الأمور تغيرت كثيرًا بعد تولى الرئيس مبارك، الذى رفض السير على درب الرئيسين عبدالناصر والسادات، ولم يحضر لمسجد الحسين سوى مرة واحدة طوال فترة حكمه، كما خصص الحجرة الرئاسية لإمام مسجد الحسين»!

وأشار الدكتور عبدالمغيث إلى أن ذات الحجرة تحولت لمقر استقبال كبار الشخصيات التى تتوافد على المسجد.. ويقول «لم يزر الحسين أى رئيس بعد مبارك، فلم يأت إليه الرئيس عدلى منصور ولا الرئيس مرسى ولا الرئيس السيسى».

ويضيف «يتوافد على المسجد شهريًا نحو مليون مصلٍ، ولا تتوقف زيارات الوفود الأجنبية للمسجد، وأكثر الزائرين ترددًا على المسجد مفتى الشيشان ورجال دين دول شرق آسيا، بخلاف رؤساء أغلب الدول الإسلامية الذين يحرصون على الصلاة فى مسجد الحسين فى كل زيادة يقومون بها لمصر».

وقال إن «آخر الرؤساء الذين زاروا المسجد كان الرئيس السودانى عمر البشير الذى زار مقام الحسين وصلى فى المسجد أثناء زيارته لمصر منذ نحو 3 شهور».

ويواصل: «أكثر المسئولين زيارة للحسين هو المهندس إبراهيم مجلب رئيس مجلس إدارة المسجد والذى يسعى لجعل مسجد الحسين فى نظافة واتساع وجمال المسجد النبوى فى المدينة ويسعى لاستضافة العلماء والأساتذة لتقديم دروس العلم فى المسجد».

 قبل أن أغادر مسجد الحسين سألت إمام وخطيب المسجد الدكتور عمر أحمد عبدالمغيث عن عدد الشيعة فى مصر فقال: نحو مليون مصرى»

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل