المحتوى الرئيسى

عبد الرحيم رحموني يكتب: استراتيجية الانتشار البحري خارج الحدود كإحدى ركائز السياسة الهجومية لإسرائيل | ساسة بوست

02/14 21:23

منذ 1 دقيقة، 14 فبراير,2017

سعت إسرائيل منذ إرساء قواعد تواجدها على تعزيز ترسانتها الحربية وخاصة البحرية منها، من منطلق أن القوة البحرية تمثل عامل الفارق في المعركة منتهجة بذلك استراتيجيات مختلفة لعل الصبغة الجديدة والنقطة الاستراتيجية فيها هي التوسع خارج إطار إقليمها أي ما وراء الحدود، إذ يمكن الحديث هنا عن استراتيجيتين مهمتين وهما استراتيجية القرش والحوت، بما قد يساعد على إعطاء دفعة قوية لمكانتها الجيوستراتيجية على الساحة الدولية وتقوية أسس وجودها، وهو ما مثله الانتشار العسكري البحري خارج الحدود.

الجدير بالذكر أن السبب المركزي الذي يقف أو يحرك هذه القاطرة الجيوستراتجية الإسرائيلية للانتشار خارج الحدود هو وجود فراغ شبه كلي في المنطقة الشرق أوسطية، هذا نظرًا لحالة التوتر وعدم الاستقرار داخل الدول العربية، ما جعل إسرائيل تجد الأرض الخصبة أو كما يقال الفرصة السانحة لتنفيذ أجندتها التوسعية، وتنتهج بذلك سياسة أو استراتيجية ملء الفراغ في ظل انعدام قوة إقليمية رادعة معادية لإسرائيل.

ومن نافلة القول، فإنه وفقًا للرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية شكل اهتزاز مكانة مصر في المسرح الدولي نظرًا لمآلات الربيع العربي وتراجع دورها الإقليمي المهم لصالح كل من تركيا وإيران قناعة راسخة لدى جيش الدفاع الإسرائيلي بأن الجيش المصري لم يعد كما كان في سابق عهده بل تزعزعت قواته، وأنه غير الجيش الرادع الفاعل على الساحة العربية وحتى الإقليمية .[1]

في السياق ذاته، فبالإضافة لحالة مصر لعب الاعتقاد الإسرائيلي بأن الترسانة الحربية العراقية محطمة دورًا جديًا وفعالاً في تحريك قاطرة التوسع وتعزيز النفوذ والانتشار خارج الإقليم، من منطق أن الجيش العراقي – الذي كان في السابق أحد أبرز المهددين لكيان إسرائيل ووجودها- أصبح هشًا ومفتتًا نظرًا للحرب الاستباقية والغزو الخارجي منذ 2003 وما حصدته العراق من مخرجات سلبية جراء الحروب الطائفية خاصة الشيعية السنية.

ومن جهة أخرى، فإن الوضع المتأزم والنزاعات المعقدة بالإضافة إلى الحروب بالوكالة داخل سوريا وتداخل الأطراف وحساسية الحرب لعب دورًا بارزًا في تفتيت المنظومة السورية بكل جوانبها والتي كانت من قبل من أحد أهم الفواعل الإقليمية في المنطقة ما مثل متغيرًا استراتيجيًا مهمًا مساعدًا ودافعًا لسياسة إسرائيل، هذا الموقف عزز من فرصة الانتشار والوجود الإسرائيلي بعد أن كان الجيش السوري سابقًا لاعبًا أساسيًا على الساحة الإقليمية وحتى الدولية .

ومع كل هذه البوادر والسمات وجدت إسرائيل نفسها أمام أرضية صالحة لتعزيز القوة وتكريس فرص النفوذ ما مثل الفرصة المثالية لإساء قواعد وجودها في المنطقة منتهجة بذلك جملة من التدابير لعل محددها اتخاذ استراتيجيات تمدد أي انتشار خارجي، إذ إنه وفق استراتيجية الحوت فإن الانتشار والسمة الهجومية هو المحدد الرئيسي للسياسة العسكرية الإسرائيلية أي الوجود الاستراتيجي في النقاط المائية.

وترتيبًا على ما سبق، عمدت إسرائيل في تبنيها لهذه الاستراتيجيات على احتمال نشر غواصات نووية رادعة قادرة على زرع الخوف لدى القوى المعادية لكيانها، إضافة إلى انتشار فرقاطات صاروخية متطورة من طراز ساعر5 و ساعر6 إلى خارج حوض المتوسط ما يعني انتهاج خطة أو بالأحرى سياسة عسكرية هجومية مهددة للدول الأخرى.

وبهذا الخصوص، عملت إسرائيل على إيصال ترسانتها الحربية البحرية لما وراء الساحل الهندي وصولا إلى سرلانكا باعتبارها نقطة تموقع استراتيجية، ومن ثم إلى المحيط الأطلسي والهادي، أي توسيع دائرة ومجال وجودها بما يتيح لها فتح مناطق نفوذ جديدة بعيدة عن الصراعات الإقليمية والحروب المضادة.

من جانب آخر، تريد إسرائيل إقامة قواعد جوية كقوة حامية يتمركز بها وحدات من القوات البحرية الخاصة هاشيط12 في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر والهند وسنغافورا وكذا إفريقيا، وللعلم هناك مفاوضات ما زالت قائمة لعودة طائراتF16 الإسرائيلية لمواجهة ومجابهة التهديد الأكبر في المنطقة وهو التهديد الإيراني.[2]

ومما لا يحتاج إلى التأكيد، أن كل هذه الاستراتيجيات المنتهجة والسياسات المتبعة بالإضافة لدرجة الكبيرة للتأهب لدى جيش الدفاع الإسرائيلي لهو أكبر حجة وأدق دليل على الطبيعة العدائية، إضافة إلى ذلك مخرجات هذا التخوف والتي لعبت دورًا بارزًا في زعزعة الأمن في المنطقة مما انعكس سلبًا وأصبح متغيرًا مهمًا لاستقرار وأمن الأمة العربية لما جاء في سيناريوهات استراتيجية الانتشار، وكسب دوائر جديدة حربية.

وفي هدي ما تقدم، وجدت إسرائيل نفسها حرة تعبث في المنطقة دون أن يكون لها منافس، أو ند حقيقي قادر على زعزعة وجودها، ومجابهة ترسانتها المعززة بأحدث الأسلحة، مما يعني مستقبلاً بسط النفوذ إلى درجة متقدمة خارج الحدود الإسرائيلية وهذا راجع لطبيعة سياستها وتوجهاته الهجومية التوسعية وما زاد من درجة ثباتها غياب أي قوة إقليمية أو عربية رادعة.

[1] أبو بكر الدسوقي، «مكانة مصر الإقليمية في عهد جديد«، مجلة السياسة الدولية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل