المحتوى الرئيسى

عبدالرحمن حسين يادم يكتب: أفريقيا المتخلفة  | ساسة بوست

02/13 16:08

منذ 2 دقيقتين، 13 فبراير,2017

حينما تُذكر أمامي كلمة «أفريقيا» فإنني يخالطني الفكر في مجموعة من الزنوج الأقوياء ببشرة سوداء غامقة وشعر أجعد مُترب على إثر العراك مع الحيوانات، وطبيعة قاحلة ليس فيها ماء أو نبات ومجموعة من الأنيقات من النساء يرتدين عباءات ملونة بلون السماء في أوروبا والمزارع الخضراء في أمريكا يرقصن على وقع الطبول الصاخبة، وهنالك قرية منعزلة منسية يخرج من بين أكواخها الفقيرة دخان كثيف ينم عن موقد كبير يُطهى فيه الفقر والجوع والمرض ومن فوقه رجل سمين في يده ملعقة الجهل ليخلط المكونات الشهية لوجبة سوف يأكلها كل سكان القرية وينامون غير عابئين بما سيحدث غدا فما دمنا نأكل وننام ونتمتع بالسلام الذي تَمنه علينا السلطات فلا بأس بالغد ولا بأس بما هو آتٍ.

القارة السمراء هي أغنى قارات العالم سواء الحديث أو القديم من حيث العوامل الطبيعية ولكنها من أفقر القارات على نحو الاستفادة من مواردها، فالقارة بها أكثر من 95%من الماس في العالم و65% من الذهب و90% من البلاتينيوم وأكثر من 25% من اليورانيوم ومازلنا نعاني من عدم وجود مياه صالحة للشرب، والركيزة الأساسية للقارة وعمودها الفقري مهنة الزراعة وأكثر من نصف مليون طفل يموتون سنويا تحت سن الخامسة بسبب سوء التغذية،التساؤل هنا كيف نستطيع أن نحل عقدة المتناقضات بدون أن نخسر الكثير.

هل نعاني من الموارد البشرية؟

كل من يفكر في المواطن الأفريقي يظن أنه زنجي بلا عقل وليس مؤهلا كي يعيش مثل باقي الأجناس الأخرى فبالتالي سوف نأخذه ليصير عبدا لنا ويخدمنا في صمت وإذا مر الوقت وانتهت العبودية سوف نعامله على أنه مواطن من الدرجة الثالثة ليس له قيمة في بلادنا أو حتى بلاده فهو لا يملك عقلا من الأساس كي يدير هذه البلاد التي وُهبت له والتي- لحظه السعيد – مليئة بالخيرات،لذا فهو بلا قيمة، تابع زنجيًا يومئ بملامحه غير المفهومة ليعلن عن قبوله وتقبله لما نريده.

هذه هي الفكرة المأخوذة عن أناس أفريقيا ولكنها لم تكن لتُعزز بدون مجموعة من أصحاب البطون الفارغة والجائعة إلى عمل أي شيء مقابل إرضائها بالمال، مجموعة من الفسدة توضع في سدة الحكم ليس لهم سوى القتل والتعذيب والتلاعب في عقول الشعوب،ليس بالمؤامرات الخفية بل الاعتراف علانية بذلك على العامة غير المطلعة التي لا هم لها سوى العيش في هذه الحياة وإيهامهم بأنهم فقراء لذا لا يحلمون بأفضل مما هم فيه الآن.

وما على المثقفين إلا ترديد ما قاله الشاعر أمل دنقل:

فخلف كل قيصر يموت: قيصر جديد

لذا فعدو أفريقيا ليس نظريات التآمر الخارجية والهيمنة الغربية على الموارد الاقتصادية فهي عوامل تأتي في المرتبة الثانية بعد العدو الحقيقي وهو مجموعة الفاسدين الذين يقودون الركب إلى المستنقع الفاسد الخاص بهم ويضعون مدخرات الشعوب في أمعائهم المطاطية التي لا تشبع، فلا تصدق من ينعت بلادك بالفقيرة ولا تصدق أي حاكم دكتاتوري لم يأت باختيارك وإنما أتى بالتزكية من قبل الفاسدين أمثاله أو الذي أتى على ظهر الدبابة – خاصة هؤلاء – فهم يحاولون أن يقنعوك بأنك مُعرض للتهديد والموت وعدم الأمان فحينما يُوفر لك الأمان فأنت إذا في رغد الحياة وليس لك أن تطلب شيئا آخر، ونصيحة أخوية لا تتحدث عن الديموقراطية أو حقوق الإنسان أو الحياة الآدمية وأنت تحت مظلة هذه النظم غير المدركة لوعي الشعوب شكلا أو مضموما.

في الصيف حينما كنت في نموذج محاكاة الاتحاد الأفريقي في جامعة القاهرة حيث كانت تعقد ندوة لمجموعة من سفراء الدول الأفريقية وفي أثناء فترة الأسئلة وقف طالب ليقول للسادة الحاضرين: أنتم لا تراعون أدنى معايير المساواة بل أنتم عنصريون من الدرجة الأولى حيث كانت تُختار الأسئلة على النحو التالي: سؤال لطالب مصري وسؤال لطالب عربي من شمال أفريقيا وفي النهاية سؤال لطالب أفريقي،على الرغم من كونهم جميعا أفارقة، لم يدخل مُسمى مصري أو عربي قبل المُسمى الأفريقي الحاضن للجميع!

هل تتوقع سيدي القارئ أن تلك القيادات سوف تتعاون من أجل مصلحة القارة النامية، أوحتى من أجل شعوبها فهذا النموذج كان مصمما من أجل التفاخر بالإنجازات الوهمية للحكومات الجاثمة على الشعوب وليس التقريب والتعرف بين أبناء القارة الواحدة، فأتذكر أنه تم طرد طالب مصري لأنه اعترض على أحد السفراء الذي كان يمتدح القيادة المصرية الحاليه لأنها تصمم الطرق والمشروعات القومية الكبيرة  ويجب على الشعب أن يراعي ذلك، فما من الطالب أن عبر عن طائفة كبيرة من شعوب أفريقيا ليس مصر فقط حينما قال: يا سيادة السفير الناس تموت من الجوع، أرجوكم ارحمونا مما تقولون.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل