المحتوى الرئيسى

الكويت - هل تنجح رؤيتها الجديدة وسط منافسة خليجية شرسة؟

02/13 13:31

بعد "رؤية السعودية 2030" هاهي الكويت تعلن الآن عن رؤيتها "كويت جديدة 2035" والتي تهدف كما هو الأمر بالنسبة للسعودية إلى تنويع مصادر الدخل والتحرر من هيمنة النفط الذي تعتمد عليه الميزانية الكويتية وموازنات خليجية أخرى بشكل شبه كامل. تتضمن الرؤية الكويتية الجديدة عشرات المشاريع التنموية والإستراتيجية لتطوير السياحة والبنية التحتية والطاقة والنقل وصناعة البتروكيماويات والتجارة. كما تتضمن توفير بئية استثمارية وإدارية فاعلة وجاذبة ورأس مال بشري إبداعي وعالي الكفاءة. ومن أهدافها الأساسية تحويل البلاد إلى مركز جاذب للاستثمار والتجارة في منطقة الخليج  من خلال الاعتماد على مبدأ الشراكة مع القطاعين الخاص المحلي والأجنبي.

تجربة رؤية سابقة لم تكن ناجحة

بورصة الكويت تعاني من تدهور أسعار النفط وضعف الاهتمام الخارجي

تأتي "رؤية الكويت 2035" الطموحة هذه على ضوء العجز المتزايد والقياسي في الميزانية الحكومية بسبب تدهور أسعار النفط التي تشكل نحو 90 بالمائة من إيرادات الدولة. وتذهب التقديرات الكويتية الرسمية لأن يصل هذه العجز إلى نحو 22 مليار دولار خلال السنة المالية المقبلة 2017/2018 مقابل 15 مليار دولار في السنة المالية 2015/ 2016.  غير أن البيروقراطية والمحسوبية والفساد إضافة إلى الصراعات السياسية في بلد ينفرد بديمقراطية نسبية بين دول الخليج، تزيد الشكوك حول إمكانية تطبيق هذه الرؤية. ويزيد من هذه الشكوك نتائج إطلاق رؤوية سابقة قبل 12 عاما بهدف تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري في منطقة الخليج، غير أن هذا المشروع  لم يتحقق منه سوى القليل على أرض الواقع لأن الصراعات وغياب الإصلاحات الإدارية عملت على عرقلة تنفيذه. 

قلق يجتاح دول الخليج بسبب تدهور أسعار النفط. في هذه الأثناء تصبح الإصلاحات الاقتصادية العميقة أكثر إلحاحا. تُرى هل تنجح هذه الدول بهذه الإصلاحات التي يرتبط نجاحها بإقامة نظم ديمقراطية تقوم على التعددية السياسية؟ (31.10.2015)

دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من الحلول المطروحة لتنويع مصادر الدخل في الدول العربية بعد انهيار أسعار النفط. DW عربية حاورت الخبير الاقتصادي د. عبد القادر ورسمه غالب في إمكانية وواقعية هذا الحل لحقبة ما بعد الذهب الأسود. (19.06.2016)

الخبير الاقتصادي والمحلل المالي ميثم الشخص يعتقد وعلى خلاف المشككين في حوار مع DW عربية أن الخطة الجديدة ابتعدت عن "رومانسية سابقتها" وتركز على الجوانب العملية التي تنطلق من تطوير بيئة تشريعية وإدارية جاذبة للاستثمارات الخاصة بشكل متواز مع تحديث البنية التحتية واللوجستية. وحسب الخبير ميثم فإنه تم البدء فعليا بالخطوات الأولى لتحقيق هذا الهدف والمتمثلة في "إعادة هيكلة المؤسسات الإدارية الحكومية المعنية بقوة العمل ومناقشة قانون ضريبي جديد سيتم إصداره لاحقا". غير أنه ورغم الزخم الذي يبدو قويا منذ البداية على صعيد تطبيق الخطة المتعلقة بالرؤية فإن هناك عوامل قد تفرض ضرورة إحداث تغييرات في الخطة أو تغيير اتجاهاتها. ويوضح الخبير ذلك بالقول: "تم تخطيط الرؤية على أساس سعر محدد لبرميل النفط، وفي حال تراجع السعر إلى مستويات أدنى من السعر الذي تم اعتماده في الخطة، فإن ذلك سيعني عدم توفر الموارد المالية اللازمة لتنفيذ جميع المشاريع. وعندها ستكون الحكومة مضطرة إلى شطب بعضها".

صناعة البتروكيماويات الكويتية بحاجة لمليارات الدولارات من أجل تطويرها

على صعيد متصل تشير تجربة الكويت في التنمية والإصلاحات الاقتصادية إلى صدامات متكررة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول أولويات هذه الإصلاحات. وهو الأمر الذي عرقل على سبيل المثال تنفيذ الكثير من الخطوات المتعلقة بمكافحة الفساد والحد من الهدر الحكومي وإصلاح سياسات الدعم الحكومي لبعض السلع وإصدار قرارات استثمارية وتشريعية أفضل. ومن شأن تجربة كهذه أن تلقي بظلالها السلبية على الخطوات المتعلقة بإنجاز "رؤية كويت جديدة 2035".

هل تستطيع الكويت منافسة جيرانها؟

من خلال نظرة إلى محيط الكويت نلاحظ أيضا وجود عوامل إقليمية تعترض تحقيق أهداف الرؤية الكويتية، فالإمارات تعد اليوم الوجهة المالية والسياحية والتجارية الأولى في الخليج. وتعد المنامة عاصمة البحرين من أهم أسواق المال في منطقة الشرق الأوسط. ومقارنة مع السعودية التي تتمتع بسوق كبيرة وبثروات طبيعة ضخمة ومساحة شاسعة ونحو 30 مليون مستهلك، فليس من السهل على الكويت كبلد صغير بعدد سكان لا يتجاوز 4.2 مليون نسمة جذب استثمارات، لاسيما الأجنبية منها. غير أن ميثم الشخص يرى فرصة قوية للكويت كمركز استثماري ومالي وتجاري في إطار المنافسة مع الدول المجاورة بسبب استمرار تمتعها بتصنيف ائتماني جيد مقارنة بالسعودية ودول خليجية أخرى تم تخفيض تصنيفها الائتماني بعد تدهور أسعار النفط. وتعرض الحكومة الكويتية تمويل عشرات المشاريع الضخمة بقيمة 100 مليار دولار حتى عام 2020 عن طريق الاكتتاب العام والشراكة مع القطاع الخاص من خلال شركات عالمية ذات خبرة وسمعة جيدتين، حيث سيتم البدء في مشروع محطة الزور الشمالية لإنتاج الطاقة وتحلية المياه.

دبي منافسة قوية لكل دول الخليج في مجالات السياحة والتجارة والاستثمار

إضافة إلى ذلك فإن الكويت، والكلام للخبير ميثم الشخص، تجاور العراق وإيران وتتمتع بعلاقات طيبة وجيدة معهما، ويمكن أن تجعل من مرافئها - وفي مقدمتها ميناء مبارك الضخم الذي يتم إنشائه حاليا على الجانب الغربي من خور عبدالله شمال الخليج - مدخلا للتجارة البرية وبالتالي إحياء طريق الحرير عبر السوقين العراقية والإيرانية اللذين يعتبران من أكبر أسواق الشرق الأوسط. ويمكن شرح الدور المستقبلي المنافس للكويت من خلال الهجوم الذي قامت به مؤخرا شخصيات سياسية عراقية على اتفاقية "خور عبدالله" التي تنظم الملاحة البحرية بين الكويت والعراق على ضفة الخليج الشمالية. الخبير لا يستبعد أن يكون وراء ذلك الضجيج الذي قام به أشخاص - وليس الحكومة العراقية - وبعض الدول الخليجية التي لا تريد أن ترى الكويت دولة منافسة لها في عالمي المال والتجارة على مستوى الشرق الأوسط. كما لا تود هذه الدول أو يكون للعراق علاقات طيبة مستدامة مع العراق وإيران.

عارضت العربية السعودية قبل فترة وجيزة تقليص كميات إنتاج البترول لمواجهة المنافسة الأمريكية والخصم إيران. لكن ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم يواجه هو الآخر وضعا صعبا. وصندوق النقد الدولي حذر من عجز كبير في الميزانية. والآن تريد السلطات السعودية إدراج ضرائب وإلغاء دعم بعض المواد الاستهلاكية والكهرباء.

من كان يتوقع ذلك؟ النرويج الغنية تشكو هي الأخرى من تدني سعر البترول. فالبترول من بحر الشمال جعل من بلد زراعي فقير إحدى أغنى دول العالم. لكن النرويج بدأت تغير سياستها في التركيز على النفط والغاز، وباتت تهتم أكثر باستغلال خيرات البحر من السمك.

روسيا لا تئن فقط تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الغربية بل حتى بسبب نزول سعر النفط. في 2015 انخفضت القوة الاقتصادية في إمبراطورية فلاديمير بوتين بنحو 4 في المائة. والتداعيات هي انخفاض مستوى الأجور، والروبل فقد نصف قيمته أمام الدولار، والتوقعات ليست جيدة بالنسبة إلى 2016.

نيجيريا هي أكبر منتج إفريقي للنفط. وكان الرئيس الجديد قد أعلن عن نيته رفع مستوى النفقات الحكومية، وهو وعد قد لا يتحقق بسبب تدني الأسعار. والعديد من مشاريع البنية التحتية تظل جامدة. ويدر قطاع النفط ثلاثة أرباع عائدات البلاد.

ليس فقط نيجيريا، بل العديد من الدول الأخرى تبني حساباتها على أسعار مرتفعة للنفط والنتيجة هي عجز في الميزانية. فمنذ منتصف 2014 تراجع سعر النفط بنحو 75 في المائة. ولا يتوقع خبراء عودة الأسعار إلى المستويات السابقة التي تعدت 120 دولارا للبرميل.

تعتزم إيران عرض نصف مليون برميل إضافية يوميا على سوق النفط بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها. وبذلك توجه إيران لنفسها ضربة موجعة، لأن الكمية المتزايدة تضغط على السعر نحو الأسفل. لكن إيران ترى سببا آخر لتراجع أسعار النفط، وهي سياسة خصمها العربية السعودية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل