المحتوى الرئيسى

الإدارية العليا: الدولة ملزمة بتطهير مساقي الري والصرف بصفة دورية

02/13 11:51

حصلت "الدستور" على التفاصيل الكامل للمبدأ القضائي التي أرسته المحكمة الإدارية العليا، بشأن وجوب تعويض الدولة للمواطنين حال غرق المنازل والأراضي الزراعية نتيجة ارتفاع منسوب المياه أو السيول ودون أن تتخذ الدولة أية إجراءات وقائية لحماية أموال وأرواح المواطنين, مؤكدة أن الدولة ملزمة بتطهير مساقي الري والصرف بصفة دورية ومعالجة الظواهر الكارثية.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين احمد الشاذلى والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ومحمود ابو الدهب ومبرك على نواب رئيس المجلس بتعويض أحد المواطنين عن غرق المحصول الزراعي بأرضه نتيجة ارتفاع منسوب المياه فى المصرف العمومي وثبوت تعرض محصول الأرز الخاص به للغرق.

قالت المحكمة أن المشرع وضع على عاتق الجهة الإدارية المسئولة عن مرفق الري والصرف التزاماً عاماً بتطهير مساقي الري والصرف بصفة دورية وإزالة ما يعترض سير المياه بها من عوائق أو عوارض وصيانتها وترميم جسورها والمحافظة عليها من الانهيار على النحو الذي تطلبه المشرع الذي ناط بها تطهير وصيانة المصارف الحقلية الخاصة إذا لم يقم الزراع بذلك بأنفسهم , فإن لم تقم بذلك أو أهملت فى القيام بذلك كان ذلك بمثابة خطأ فى جانبها يصلح بذاته لمن مسه ضر اللجوء لطريق التقاضي .

وأضافت المحكمة أن العديد من الأراضي الزراعية تعرضت بمنطقة غرب النوبارية للغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه الصرف بالمصرف رقم 6 المسمى بمصرف النصر القادم من مصرف غرب النوبارية فتقدم المطعون ضده الذي يملك ثلاثة أفدنة ونصف من الأرض الزراعية و غيره من المزارعين بشكوى إلي الجهة الإدارية المسئولة عن الصرف بارتفاع منسوب المياه في المصرف المذكور مما يهدد بانهيار جسر المصرف و غرق المزروعات , إلا أن الجهة الادارية لم تحرك ساكناً حتي غرقت تلك الأراضي بفعل اندفاع المياه من المصرف ونتيجة انهيار الجسر مما ترتب عليه غرق ما يقرب من مائة فدان من الأراضي الزراعية بمنطقة ثروت التابعة لمركز ابو المطامير و ثبوت تعرض محصول الأرز الخاص بالمطعون ضده للغرق , وقامت الإدارة بمنح التعويضات للمزارعين دون المطعون ضده , وانها لم تتخذ الإجراءات التى ناط القانون بها فى الوقت المناسب لخفض هذا المنسوب المرتفع , وعلى الرغم من علم ودراية تلك الجهة بارتفاع منسوب المياه بهذه المصارف بناءً على الشكاوى من أهالي المنطقة من المزارعين ومن بينهم المطعون ضده إلا انها لم تتحرك ساكناً ولم تتخذ ثمة إجراء إلا بعد أن وقعت الواقعة فليس لوقعتها كاذبة , وحلت المشأمة على المزارعين ومنهم المطعون ضده , مما يتكون معه ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية الطاعنة .

وذكرت المحكمة أن المطعون ضده أصيب بالعديد من الأضرار المادية تمثلت في ضياع المحاصيل الزراعية التي كان يعول عليها في رفع مستوي معيشته و أسرته و كذلك ضياع ما تم صرفه علي تلك المحاصيل من مبالغ مالية و مجهوداته و كذلك ما أصابه من أضرار أدبية تمثلت فيما لحق به وأسرته من ألام نفسية وحسرة وأسى على ضياع نتيجة مجهودهم طوال العام و هو يرى زراعاته تغرق أمام عينيه دون أن يملك لها دفعاً .

واستطردت المحكمة أنه لا عبرة بما تذرعت به الجهة الإدارية الطاعنة بأن المادة السادسة من القانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن الري و الصرف المشار إليه نصت على أنه : " لا مسئولية على الدولة عما يحدث من ضرر للأراضي أو المنشآت الواقعة فى مجرى النيل أو مساطيحه أو مجرى ترعة عامة أو مصرف عام إذا تغير منسوب المياه بسبب ما تقتضيه أعمال الري والصرف أو موازنتها أو بسبب طارئ" , فذلك مردود عليه بأن نطاق الإعفاء قاصر على الأضرار التي تحدث للأراضي الواقعة بين جسور النيل والمصارف العامة وكذلك الأراضي الواقعة على الجانبين إذا كان الغرق بسبب ما تقتضيه أعمال الرى والصرف الفنية أو بسبب طارئ , وما من ريب أن القوة القاهرة la force majeure هي صورة من صور السبب الأجنبي الذي ينفي علاقة السببية بين الفعل المرتكب وبين الضرر الذي لحق بالمضرور وهي كل حادث خارجي عن الشيء لايمكن للشخص توقعه ولا يمكن له دفعه , وفضلاً عن ذلك فإن اللفظ الذي استخدمه المشرع وهو " بسبب طارئ " أقرب إلى الحادث الفجائى منه إلى القوة القاهرة , ولا يخفى على هذه المحكمة التفرقة بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ التى تقوم على صفة الحادث, فإذا كان الحادث خارجياً ولا يمكن توقعه ولا دفعه فهو قوة قاهرة ، أما إذا كان داخلياً بالنسبة للشيء ويستحيل دفعه فهو حادث مفاجئ .

وأوضحت المحكمة أهمية التمييز بين القوة القاهرة والحادث المفاجئ في حالة المسئولية القائمة على أساس الضرر، ففي مثل هذه الحالة تعفي القوة القاهرة وحدها من المسئولية , أما الحادث المفاجئ فلا ينفي علاقة السببية بين الفعل والضرر، ومن ثم لا يعفي من المسئولية. وكلا الأمرين غير متحقق فى الطعن الماثل , إذ أن الأضرار التى أصابت المطعون ضده لم تكن بسبب ما تقتضيه أعمال الرى والصرف أو موازنتها أو بسبب طارئ أو قوة قاهرة وإنما كانت وليدة خطأ وإهمال المتخصصين بوزارة الري.

كما أن واقعة غرق الأراضي الزراعية فى ذات المناطق قد تكرر وهذا الخطأ يثبت إهمال الجهة الإدارية الطاعنة وعدم استنهاض همتها للقيام بالتزاماتها القانونية , ولما كان تقرير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعي تملكه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وهو ما راعاه الحكم المطعون فيه بإعتبار واقعة غرق الأراضي الزراعية وليدة خطأ الإدارة وليس بسبب قوة قاهرة او سبب طارئ , فمن ثم يكون قول الإدارة الطاعنة فى هذا النطاق متهادماً وبنيانه متداعياً ورباطه متآكلا يكاد أن يندثر فيضحى هشيماً وحسيراً .

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل