المحتوى الرئيسى

عبد القادر بن مسعود يكتب: الشعانبة .. تاريخ يأبى النسيان  | ساسة بوست

02/12 23:08

منذ 1 دقيقة، 12 فبراير,2017

منذ أن أيقنت فرنسا بأن مسألة بقائها في الجزائر باتت مسألة وقت لا غير، عملت على الاحتفاظ بالشطر الجنوبي للبلاد عبر مشروع فصل الصحراء التي كانت تحوي على ثروات جمّة، لكن من سوء حظ فرنسا أن وقف الجزائريون ومن ورائهم سكان الصحراء من قبائل الشعانبة والطوارق أمام هذا المخطط وبكل قوة، رافضين المشروع، بالرغم من وجود بعض الجيوب التي ساندت علنًا وخفية مشروع تقسيم الجزائر، واحتفاظ فرنسا بالصحراء مقابل الاستقلال للشمال.

عمل سكان الصحراء ونخصّ بالذكر قبيلة الشعانبة، أكبر قبائل الصحراء نفوذًا، بإخلاص وتفاني من أجل إفشال تلك المؤامرة بالتنسيق مع المخلصين من قادة الثورة التحريرية في باقي الولايات الست.

فضلُ قبيلة الشعانبة في إفشال مخطط فصل الصحراء الجزائرية، وإتباعها المحتل الفرنسي أثناء الاستعمار، وذلك بعد عرضِ ما سمٍّي بالجمهورية الصحراوية المتحدة، والمظاهرات التاريخية يوم 27 فبراير (شباط) 1962 التي قادها شعانبة ورقلة والتي كانت بمثابة المسمار الأخير الذي دقّ على نعش المخطط، أو حتى أثناء محاولة ملك المغرب الحسن الثاني احتلال الصحراء الجزائرية عبر حرب الرمال، لا ينكرها سوى جاحد بالتاريخ، فالتاريخ ومن قبله الجغرافيا أرّخا بطولات أبناء الشعانبة في الصحراء، هذه البطولات جعلت المستعمر الفرنسي وأزلامه يضعون القبيلة في القائمة السوداء.

قبيلة الشعانبة التي أرعبت المحتل الفرنسي وجعلته يحشد خيرة أبنائها في محتشد وسط عاصمة، ويحاصرهم لسنوات كضريبة على إعلانهم الجهاد منذ أن وطأت أقدام المستعمر باب الصحراء.

ثعالب الصحراء كانت بداية الحرب على هوية وتاريخ ساكني الصحراء الجزائرية، إذ تحول من لقب يطلق على الصيّادة والمحاربين الجزائريين في قلب الصحراء إلى مختصر في القالب والمضمون على الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم.

يحاول اليوم بعض حكام المرادية، وبإيعاز من فرنسا طمس التاريخ، ومحو الهوية والأسماء، فبعد أن شوّهت بعض القبائل في الداخل الجزائري، وبعد المحاولات التي أريد بها طمس تاريخ الشعانبة، يحاول اليوم من تبقى ممن يحمل الحقد لهذه القبيلة أن يُرمى باسم الشعانبة إلى مجلد التاريخ، فمنذ ثمانينات القرن الماضي حوّل اسم مدينة متليلي الشعانبة معقل وعاصمة أكبر قبيلة ساكنة في الصحراء إلى متليلي وحدها دون الإشارة إلى التسمية الصحيحة للبلدة.

هذا التزوير في التاريخ ليس وليد اليوم في حكام الجزائر بعد الاستقلال؛ فالشعانبة يراد لهم أن يسلكوا طريق أكبر قبيلة في الجزائر، قبيلة أولاد نايل، التي مسخت فرنسا تاريخها وإن جزء منه.

مع نهاية العام المنصرم اختار أبناء الشعانبة أن يستعيدوا حقهم، تسميتهم وتاريخهم، فخرج الآلاف منهم مطالبين الحكومة الجزائرية باستعادة مصطلح الشعانبة في المرسلات والوثائق الرسمية، المطالبات هذه، وكعادتها، لم تلق آذانا صاغية، ولا ردود فعل من أصحاب القرار، ما قد يؤزم العلاقة بين الحكومة وجزء من شعبها، خصوصًا أن الوزير الأول له ذكريات ليست بالطيّبة في مدينة متليلي الشعانبة حين كان مديرًا للحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة.

عُرف قديمًا أن سكان الصحراء هم وطنيون حتى النخاع، وأن معظمهم سالكًا درب الحكومة والنظام الحالي، حتى صاروا يعابون بوطنيتهم وإخلاصهم الزائد، لكنّ اللعب بالتاريخ ليس كاللعب بالسكر والزيت، والأصل عند العرب فضيلة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل