المحتوى الرئيسى

في الذكرى السادسة للتنحي .. نوارة نجم: علمت على قفانا

02/11 23:43

بصوت متهدج أطلقت زغروطة ممزوجة بدموع الفرح، ثم قالت جملتها الشهيرة "مفيش خوف تاني..مفيش ظلم تاني"، كان ذلك قبل 6 سنوات، واليوم حين تذكر تلك اللحظات، تنتابها ضحكات ساخرة "بلاش معايرة بقى المسامح كريم، من اليوم ده مبنزلش من بيتنا بستخبى عشان محدش يشوفني".

تلك الجملة التي أطلقتها الناشطة  "نوارة نجم"، بحماسة وعفوية، وبراءة، بحسب وصفها، تبقى من أكثر المشاهد المميزة لليلة تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولكن كيف بحال "نجم" بعد مرور ٦ سنوات.

كانت تقف أمام القصر الجمهوري، وسط آلاف المصريين يهتفون بحناجر عالية "الشعب يريد إسقاط النظام"، وإذ باللواء عمر سليمان يتلو بيان تخلي مبارك عن السلطة، شعرت حينها بالفرحة والانتصار.

خلال الأيام الـ18 للثورة اعتادت نوارة الظهور على قناة الجزيرة، وليلة التنحي سألها أحد مذيعي القناة في مداخلة هاتفية "كنت بالأمس تحدثينا بحزن هيستيري فهل لليوم من فرحة هيستيرية؟"، قبل أن تجيبه بكلمات تركت زغروطة تخرج من فمها عساها تنقل شعورها الذي لا تستطيع التعبير عنه.

"مش عارفة أقول إيه، أول حاجة لازم أقولها، بشكر تونس بشكر الشعب المصري، رجعنا نثق بنفسنا تاني مفيش ذل تاني، مفيش خوف تاني، مفيش ظلم تاني، وهنبقى زي ما احنا عاوزين"، كلمات متتالية بنبرات مختلطة بالفرح والبكاء قالتها "نوارة"، حين تتذكرها تحدث نفسها "كنا أبرياء أوي".

السنوات الست الماضية كانت كفيلة لتترك آثارها على نوارة، فقدت الأمل الذي كان سر كلماتها الحماسية ليلة التنحي، تبدل إلى يأس بدى واضحا على نبرات صوتها وهي تستعيد تلك اللحظات، "كانت لحظة انتصار مختلطة بالبراءة والطفولة وشجاعة الجاهل، مكناش لسة عرفنا حاجة" .

ما زرعه فيها والدها الشاعر الكبير أحمد  فؤاد نجم  من أمل خلده في قصائده أن "بكرة هيبقى حاجة، وجيلها هيبقى حاجة"، تلاشى شيئا فشيء منذ أن اقتصرت المنافسة في الانتخابات الرئاسية 2012 بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، أدركت حينها أن الثورة فشلت وشيء ما يدبر ضدها للتأمر عليها.

ولأنها ابنة الشاعر أحمد فؤاد نجم ورثت عنه روح السخرية، فرغم ما تخبرنا بيه عن نفسها بأنها إنسانة يائسة، إلا أنها تتغلب عليه بضحكاتها الساخرة، فكلما استعادت لحظاتها الثورية وعادت لواقعها الحالي ضحكت.

تنهيدة شاردة عادت بها نوارة للوراء استعادت في مخيلتها أيام الثورة، لتعقد مقارنة سريعة بين أحلامها وأمانياها وبين ما حدث " الدنيا علمت على قفانا جامد واتلطشنا، عمر ما هيجي حد يقول مفيش ظلم تاني ولا خوف تاني، مهما حصل محدش هيقول كده تاني".

غلبت عليها مرة أخرى ضحكاتها، وهي تتذكر ما حدث معها العام الماضي، حين ذهبت لشراء بعض احتياجاتها من محل "بقالة" فقال لها صاحبه "مفيش خوف تاني، مفيش ظلم تاني"، وتضيف:"قعد يتريق عليا ويقول صعبتوا عليا".

وعادت نوارة لتدافع عما قالته وتؤكد أنها ليست نادمة :" كان عندنا إيمان بنفسنا، مكنش عندنا غير صوتنا وهتافاتنا، الجملة دي كان فيها كل مشاعر الأماني العريضة والأحلام اللي كانت بريئة وكنا أبرياء أوي مكناش عارفين حاجة".

شبهت نوارة ما حدث مع ثورة 25 يناير بأفلام الفنانة سعاد حسني تبدء مقبلة على الحياة ترقص وتغني ثم ينتهي بها الحال إلى مصحة نفسية، لتقطع ضحكاتها وتتحدث في مرارة "بقى في غصة ومرارة مش سهل يتنسوا مهما حصل".

"كان عندي أمل فظيع، ايه ده" جملة كسرت بها نوراة المرارة التي تحدثت عنها لتستعيد روحها الضاحكة مرة أخرى، ثم ذهبت لتشير إلى من يتحمل مسؤلية ما حدث لثورة 25يناير، وهم في رأيها طرفي الصراع حول السلطة الإخوان والمجلس العسكري، الذين استهدفوا الثورة.

الخطأ الوحيد الذي رأت نوارة أن الثوار وقعوا فيه هو تعففهم عن السلطة و"عصر الليمون" لدعم تيار أخر للوصول إلى السلطة، بعد أن وعدوا بتحقيق أهداف الثورة، وفي النهاية انقلبوا على الثورة وتأمروا مع المجلس العسكري لقمع الثورة، وتابعت:" ولكنهم في النهاية اتسلطوا على بعض".

ورغم يأسها إلا أنها ترى أن الثورة حققت بعض المكاسب، أهمها كسر ركود المجتمع وإنهاء شعور المواطنين بالتهميش وأنهم بلا قيمة، موضحة أن أي مواطن الآن يشعر بأهميته ويستطيع التعبير عن نفسه.

تضيف نوارة :"صحيح أن هناك قمع، لكن الناس ليست خائفة، فهي من واجهت الرصاص في 28 يناير، ولكنهم مجهدين ومحبطين، لأنهم بذلوا الكثير دون مردود".

حين تتذكر نوارة شعارات الثورة تتعجب قائلة "ازاي احنا رفعنا الشعار ده بيصعب عليا اوي، يعني عيش وحرية وعدالة اجتماعية، ما كنا نطلب ندخل الجنة بالمرة".

ولأنها إنسانة يائسة، لم يعد لديها أي نوعا من الأمل في أن تتحقف شعارات الثورة، وأضافت ضاحكة :" انت بتكلمي انسانة يائسة خالص، مفيش أمل طبعا هنضحك على بعض".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل