المحتوى الرئيسى

1980 وانت طالع للسعادة

02/10 22:12

يعانى الفن فى مصر من أزمات نتيجة عوامل متعددة، منها تغول الفكر السلفى الذى يحرم ما يشاء ويحلل ما يشاء، استقطاب نجوم كبار كفروا بالفن وأعلنوا التوبة عنه أو ربما عن خطاياهم فيه، زاد الطين بلة تراجع الدولة عن دعم الفن عن جهل مفروط لدوره فى ما يسمى الريادة المصرية أو القوة الناعمة، ومع تراجع الدولة تراجعت الأنشطة الطلابية وغاب الفن والموسيقى والمسرح، كما تلاشت الفنون المسرحية من الجامعات مع تراجع المسابقات السنوية والمنافسة على أفضل الأعمال المسرحية، خسرت مصر وخسرنا جميعاً رئة كنا نتنفس منها، وأصيب المجتمع بسرطان التعصب والسطحية وانغلاق العقل.

فى هذا الواقع الكئيب لا أتحمس كثيراً لدعوات حضور عروض مسرحية سواء شبابية أو على مسارح المحترفين، لكن ضوءاً صغيراً لاح فى النفق المظلم عندما قدم العظيم يحيى الفخرانى رائعته المسرحية «ليلة من ألف ليلة» ليفتتح بها المسرح القومى ويصالح الجمهور على المسرح بعد طول غياب، ومن قلب الأزمة خرج الفنان التلقائى أشرف عبدالباقى، فإذا به وعن غير عمد يعيد المسرح للحياة كأبو الفنون ويقدم جيلاً ملأ حياتنا بالسعادة دون تنظير أو تقعير عن سينما نظيفة أو فن غير نظيف.

أيضاً هناك محاولات جادة لتقديم أعمال مسرحية جيدة لكن لم يلق عليها الضوء الذى تستحقه، منها مسرحية «1980 وانت طالع»، فقد دعتنى ابنتى على هذه المسرحية ولم أتحمس، فقد حضرت تجارب شبابية عدة لم تكن تستحق المشاهدة، لكنها أصرت على دعوتى ودعوة كل من تعرفهم، وحضرتها أكثر من مرة، وأمام إلحاحها ذهبت معها لحضور العرض على «مسرح الهوسابير»، لأجد عملاً مسرحياً بديعاً من حيث الكتابة والإخراج والتمثيل، رغم البساطة الشديدة فى العرض وتواضع الديكور والملابس، إلا أن العرض منذ اللحظة الأولى التى يطل عليك الممثلون فيها، يبشرك بعمل مسرحى يتميز بالعمق فى الأفكار والبساطة فى الطرح دون تقعير أو تنظير، مغطى بجرعة هائلة من الضحك لأكثر من ساعة ونصف.

شباب يعبر عن جيله الذى ولد فى الثمانينات وأصبح الآن فى الثلاثينات من العمر، يستعرض ما مر به من أفكار وطموح وأحلام، حتى الألعاب التى كانوا يلعبونها فى بدايات التكنولوجيا كلعبة الأتارى، أيضاً التطورات التى مروا بها والواقع ومشكلاته وتحدياته، كل ذلك فى قالب كوميدى ساخر دون عويل أو ولولة أو جرعة من النكد حتى يثبت أنه مثقف وعميق، لقد مروا على كثير من هموم الواقع التى تواجه الشباب، والتمييز الذى تتعرض له الشابات، وحصار المجتمع للبنات وما يعانينه من قيود اجتماعية وضغوط، مشكلات الجنسين من البحث عن فرصة عمل إلى الزواج والتغيرات السياسية الكبيرة التى مرت بها مصر، وما تركته من أثر على حياتهم.

فى الحقيقة نجح شباب 1980 فى تقديم ما فشل فيه غيرهم، فكثيراً ما تقع العروض المسرحية الشبابية فى بئر الكآبة أو الملل وهم يحاولون التعبير عن همومهم، أو التقعير والتنظير وهم يسعون لإقناعنا بآرائهم المستقلة، إلا أن مسرحية «1980 وانت طالع» نجحت فى تقديم معادلة بسيطة السهل الممتنع، والضحك المتصل على هموم الواقع، لتشعر بعدها بحالة من السعادة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل