المحتوى الرئيسى

الشعب يتقشف.. والوزراء يمتنعون!

02/10 19:39

منذ تولى حكومة المهندس شريف إسماعيل مهام عملها وهى تتحدث عن التقشف باعتباره إحدى وسائل إنقاذ الاقتصاد المصرى، وتقليص عجز الموازنة، ومن ثم أصدرت عدة قرارات وخطط معلنة فى وسائل الإعلام ولكنها لم تلتزم بها، فى الوقت نفسه تطالب المواطنين كل يوم بالتقشف وربط الحزام، وكأنه فرض عليهم وسنة غير مؤكدة على الحكومة وأجهزتها ومسئوليها، فأفعال الحكومة تؤكد أنها غير ملتزمة بخطط التقشف التى أعلنت عنها، وتؤكد أنها تعيش فى واد والمصريون فى واد آخر، وميزانية مجلس النواب التى تم تسريبها والتى وصلت إلى 997 مليون جنيه، ومواكب الوزراء والمسئولين، ومعدلات الإنفاق الحكومى المتزايدة خير دليل على أن خطط التقشف الحكومى ما هى إلا حبر على ورق.

فى شهر سبتمبر الماضى أعلنت الحكومة خطة للتقشف تضمنت 12 بنداً طالبت فيها الحكومة المختصين بتنفيذها حرفياً، لمعالجة الاختلالات المالية فى أوجه الإنفاق العام، وحذرت الخطة الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات الحكومية من طلب أى تمويل لدرجات جديدة للنقل عليها، طالما أنه توجد درجات خالية بالجهات يمكن إعادة تمويلها أو إعادة توزيعها وتمويلها بما يتوافق وحالة المنقولين إليها، ومنع شراء سيارات جديدة، ورفع كفاءة استخدام المخزون السلعى، وقصر الإنفاق الحكومى إلا على الضروريات فقط، والاستغلال الأمثل للطاقات المتاحة والاهتمام ببرامج الصيانة وتوفير متطلباتها، وترشيد استهلاك المياه والكهرباء والإنارة والوقود، ورغم تشديد الحكومة على هذه الخطة إلا أنها كانت أول من يخالفها، وقد تم خلال الأيام الماضية تسريب ميزانية البرلمان التى اعتبرها الدكتور على عبدالعال «أمن قومى»، لتكشف عن استمرار البذخ فى الإنفاق بشكل غير مسبوق، وتبين أن حجم الميزانية وصل إلى 997 مليون جنيه بزيادة قدرها 221 مليون جنيه عن موازنة العام الماضى، وفندت لجنة الخطة والموازنة بنود الموازنة الجديدة الصادمة للشعب المصرى الذى يعانى ويقتطع الضرائب من «لحمه» ليعيش نوابه فى رفاهية وبذخ، فقد قام المجلس بالتعاقد على شراء سيارات بمبلغ 54 مليون جنيه، منها 3 سيارات مرسيدس مصفحة لرئيس المجلس ووكيليه سعر الواحدة 6 ملايين جنيه، كما جاء فى تقرير اللجنة أن المجلس خصص مبلغ 708 ملايين جنيه لصرف مكافآت أعضاء البرلمان ورواتب العاملين بالمجلس البالغ عددهم 3 آلاف موظف، والاشتراكات التأمينية لهم، وتكاليف الرعاية الصحية لأعضاء البرلمان والموظفين وقوة الحرس الخاصة بالمجلس، كما تم تخصيص مبلغ 271 مليون جنيه للسلع والخدمات مثل الأدوات المكتبية والكتب والمطبوعات، ووقود وزيوت سيارات الركوب وقطع غيار السيارات، كما تم تخصيص مبلغ مليون و436 ألف جنيه داخل هذا البند للمياه والكهرباء، وكذلك تخصيص مبلغ 16 مليوناً و550 ألف جنيه لنفقات الاشتراكات والمؤتمرات والاتحادات الدولية.

أما البند الأعجب الذى استحدثه مشروع موازنة المجلس فهو تخصيص 11 مليون جنيه إيجارا لجراج التحرير والذى يترك فيه النواب سياراتهم، والسيدة زينب والفلكى، بالإضافة إلى إيجار سيارات نقل العاملين، هذا وقد خصص البرلمان مبلغ 18 مليون جنيه استثمارات، وبذلك تخطت موازنته كل موازنات المجالس السابقة.

وهو ما اعترض عليه ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، مشيراً إلى أن الحكومة تحمل الشعب وحده عجز الموازنة وتطالبه بالتقشف بينما لا تلتزم هى به.. وأوضح أن ديون مصر الداخلية وصلت إلى 3 تريليونات جنيه، والخارجية 53 مليار دولار، ومع ذلك فالحكومة لا تعرف التقشف وتطالب الشعب به.. وأوضح أن ميزانية المجلس زادت بشكل كبير، وهناك أطقم حراسة وسيارات مخصصة لوكيلى المجلس رغم أنهما يتقاضيان مكافآت من المجلس، هذا بالإضافة إلى استحواذ وزير شئون مجلس النواب على السيارة الـ «بى إم دبليو» التى كانت مخصصة لرئيس مجلس الشورى رغم أن وزارته لها ميزانية خاصة بها.

والأمر ليس مقصوراً على موازنة المجلس المفجعة لجميع المصريين، إلا أن تصرفات الحكومة ومسئوليها كانت أكثر استفزازاً لمشاعر المواطنين، ففى الوقت الذى تطالب فيه الحكومة الشعب بالتقشف نجدها تقترح قانوناً جديداً برفع معاشات الوزراء والمحافظين إلى 80% من قيمة الرواتب التى يحصلون عليها، والتى تصل إلى 35 ألف جنيه شهرياً، بينما راتب رئيس الوزراء يبلغ 42 ألفاً، وإذا كان القانون يضمن لكل وزير قضى فى منصبه عاماً كاملاً أن يحصل على معاش الوزراء، فهذا يعنى أن خزينة الدولة الفقيرة ستتحمل المليارات لتدعيم كبار مسئوليها، وبما أن مصر تعد من أكبر الدول من حيث عدد الوزارات ويوجد لديها 33 وزارة، فى حين أن دولة بحجم أمريكا لا يوجد بها سوى 14 وزارة فقط، ومع كثرة التعديلات والتغييرات الوزارية فمن المؤكد أن الدولة ستدفع المليارات لأشخاص فشلوا فى أداء مهامهم الوزارية، وفى خدمة الشعب والوطن، ومع ذلك تكافئهم بمرتبات خيالية.

الأكثر من ذلك هو تصرفات هؤلاء الوزراء التى تخالف كل قواعد التقشف التى يتحدثون عنها، وعلى سبيل المثال سبق أن رفضت الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن - المنوط بها رعاية الفقراء – السفر إلى لندن فى شهر سبتمبر الماضى وعقب إعلان خطة التقشف، لأنها اكتشفت أن المقعد المخصص لها فى الطائرة فى الدرجة الاقتصادية وليس درجة رجال الأعمال.

ويعد الجهاز الإدارى فى مصر من أكبر الأجهزة الإدارية فى العالم كله، يضم حوالى 6.5 مليون موظف، فى حين أن دولة مثل أمريكا يبلغ عدد سكانها 315 مليون نسمة، ومع ذلك فالجهاز الإدارى بها لا يتعدى 4.4 مليون موظف، هذا بالإضافة إلى ما يقرب من 20 ألف مستشار يتقاضون 18 مليار جنيه رواتب تتحملها خزانة الدولة رغم أن حجم العمل الذين يقومون به لا يمثل شيئاً.

والتبذير الحكومى لا يقتصر على الداخل فقط، ولكنه يمتد للخارج أيضاً حيث تمتلك مصر 196 سفارة وقنصلية فى الخارج وبهذا فمصر تحتل المركز الأول فى التمثيل الدبلوماسى، بينما أغنى دول العالم لا تمتلك هذا العدد من السفارات فى الخارج، ومع ذلك فقد أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبوزيد فى تصريحاته أن وزارته لم تستثن من خطط التقشف الحكومى، وتم خلال العام الماضى تخفيض عدد 20 ملحق إدارى و20 عضوا دبلوماسيا،  وتخفيض عدد المهنيين والخدمات المعاونة فى بعثاتنا بالخارج، وإغلاق عدد من البعثات (قنصلية لاجوس، قنصلية زنزبار، قنصلية جنيف، وسفارة بانجى)، ووضع قيود للحد من شراء أى تجهيزات لمقار البعثات الدبلوماسية فى الخارج، وهذه الإجراءات كانت سبباً فى توفير 10% من ميزانية الوزارة تم ردها لخزينة الدولة، ومع ذلك تظل مصر من أكثر الدول التى تمتلك قنصليات وسفارات فى الخارج.

وأوجه التبذير الحكومى كثيرة تتمثل فى الأثاثات والسيارات الفارهة التى يستقلها المحافظون والوزراء فى انتقالاتهم، ومواكبهم التى تعد من أكبر المواكب الرسمية فى العالم، وخطط التقشف فشلت فى مواجهتها، ولذلك طالب الدكتور طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية بضرورة تخفيض عدد الوزارات بإدماج أكبر عدد من الوزارات مع بعضها، وتقليص مواكب الوزراء والمسئولين، وإلغاء وظيفة المستشارين التى تكلف الدولة مليارات الدولارات بلا طائل.. وأشار إلى أن الحكومة يجب أن تبدأ بنفسها فى تنفيذ خطة التقشف بعدها تطالب المواطنين بالالتزام بها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل