المحتوى الرئيسى

الأديبة الصينية "عائشة" لـمحيط : الإسلام طاقة طمأنينة .. ومصر فاقت توقعاتي

02/10 17:31

المصريون يرغبون بمعرفة الصين الحقيقية بعيدا عما ينقله الغرب

ثلاثية محفوظ بهرتني ..وجذبتني أشعار الخيام ودرويش وأدونيس

تعدد القوميات يثري الصين .. والحكومة تدعم الأقليات وآدابهم

عانيت صراع الهوية .. وقررت الكتابة عن “التعايش”

اكتشفت أن المؤمنين المسلمين يحظون بطمأنينة كبرى

مسلمو الصين يعيشون في وئام مع القوميات الأخرى

كتبت عن تاريخ الصين القديم .. و”الأرض المنعزلة” الأكثر نضجا

اخترت الكتابة واستفدت من الصحافة والعمل المجتمعي

“في صباح اليوم الأول من الشهر السابع من التقويم القمري، عُلِّق إخطارٌ لنقل قبر، على لوحةِ الإعلانات في ساحةِ المجمع السكني التابع لمِنطقة منجم الفحم. وعند عودة والدة يينغ تشاو بعد شراء حاجياتها من السوق، شاهدت العديد من الناس مجتمعين أمام اللوحة. قالت السيدة وانغ ذات الشعر الرمادي بصوتٍ مرتجف: “آه، حتى الأموات لا يستطيعون أن ينعموا بالراحةِ والسكينة”، هذا ما تقوله الكاتبة “آشه” في بداية قصتها “العظام الراكضة” لتلخص السؤال الأبدي للإنسان عن الراحة والسكينة .

هي “آشه” أو “عائشة” بالعربية، أديبة صينية مسلمة، حققت تقدما كبيرا بكتاباتها عن التعايش بين الثقافات المختلفة، لم لا وهي ابنة أرض الحضارة التي تعايشت فيها أكثر من 50 قومية، وكانت عائشة الأديبة الوحيدة التي تحوز ثلاث جوائز بأدب الأقليات ..

التقيناها على هامش مشاركتها في معرض القاهرة للكتاب ، وتحدثت عن انبهارها بالحضارة المصرية ومعالم هذا الوطن الجميل، وقدمت صورة مقربة لتعايش القوميات والديانات المختلفة بالصين، كما تحدثت عن حياتها وما واجهته من صعوبات، ولماذا اختارت الكتابة عن اندماج الثقافات وكيف تخلصت من صراع الهويات بداخلها ..

• هل هذه زيارتك الأولى لمصر ؟

نعم .. و المصريون يتعاملون بكل ود و محبة ، قد لا يعلمون الكثير عن الصين ، ولكن لديهم رغبة حقيقية في التعرف عليها ، و من خلال تواجدي بمصر والفعاليات التي شاركت بها أحسست بشغف المصريين بالصين وثقافتها، و أنهم يريدون أن يعرفوا الصورة الصحيحة بعيدا عما ينقله الغرب .

• ما المعالم التي قمت بزيارتها حتى الآن؟

قمت بزيارة قلعة صلاح الدين و الأهرامات و المتحف المصري و خان الخليلي و برج القاهرة واستمتعت برحلة نيلية و زرت أيضا الصحراء البيضاء وعمود السواري ومكتبة الإسكندرية .

ما رأيته فاق كل توقعاتي و ما قرأته عن مصر ، الثقافة و التاريخ و الدفء مجتمعين في مكان واحد ، هذا حقا أذهلنى .

• ما الأعمال العربية التي قرأتيها ؟

قرأت ثلاثية نجيب محفوظ و بهرتني ووجدت فيها نقاطا مشتركة بين مصر والصين تمثلت في كون الأسرة هى محرك الأحداث و ليس الفرد ، وكذلك كبر حجم الأسرة و ما يجمعهم من عاطفة و احترام ، كما قرأت رباعيات عمر الخيام ، و أشعار محمود درويش و أدونيس ، و قد أحببت تعبيراتهم و بلاغتهم و روح الفكاهة التي لمستها في أعمالهم .

• راودتك حيرة اختيار المسار الأدبي وشكل الهوية بما ستكتبينه .. كيف حسمت ذلك ؟

لم يكن لدى في البداية اتجاه محدد أريد الكتابة فيه ، و لكن الصعوبات التي واجهتني في حياتي ، والواقع الذي عايشته كان دافعا لي للكتابة .

في البداية كنت حائرة عن أي قومية وهوية بداخلي سأعبر عنها ، كنت فقط أكتب عن المواقف التى تقابلنى و تؤثر في ، لا يهم لأي قومية و لا لأي مكان في الصين تنتمي .

أصولي مرتبطة بأكثر من قومية ، فأنتمى لقومية “الويغور” المسلمة وكذلك قومية “دونغ” ولكنى لم أحيا بينهما فلا أستطيع التعبير عنهما بشكل مباشر ، لذا كنت أعبر في كتاباتي أكثر عمن احتككت بهم بشكل مباشر ، و هم قومية “الهان” التي أنتمي إليها أيضا و تمثل الغالبية العظمى في الصين ، وقومية “الهوى” المسلمة .

ولازلت لم أحدد مساري الأدبي، لكن ذلك لا يعنى أني سأتخلى عن الكتابة و عن أحلامي ، وأنا أحاول بأعمالي للتعبير عن فكرة “الدمج بين الثقافات”.

• هل عانيت من صراع الهوية ؟

بالفعل عانيت من صراع الهوية لانتمائي لثلاث قوميات ، لهذا جعلت من كتاباتي دعوة للتعايش و اندماج الثقافات .

الصين بها 56 قومية ، و بكل قومية ومكان شئ مميز ، لذا أحاول أن أعبر عن تلك المزايا و الثقافات المتعددة بدمج تلك الثقافات والمجتمعات في أعمالي .

تعدد الثقافات لا يعيب الصين بل ميزة كبيرة ، و اندماج المجتمعات والثقافات المختلفة يثرى الصين . ومن المؤكد أن القوميات الكثيرة يوجد أحيانا بينها صراع أو خلاف ولكن الثقافة مهمتها التقريب .

• ما ملامح حياة المسلمين في الصين ؟

حياة المسلمين في الصين مستقرة جدا ، و بها تعايش ووئام بينهم و بين القوميات الأخرى ، ولدى أصدقاء كثر من قومية الهان وقوميات أخرى ، و تجمع بيننا علاقات جيدة .

واكتشفت أن الدين مؤثر جدا فى حياة المسلمين وعاطفتهم و هو شئ لم أختبره من قبل ، فعندما تواجههم مشكلة نفسية يلجأون للصلاة لعودة الأمان و الاطمئنان للقلب ، وأنا على يقين أن كل مسلم مؤمن لديه هذا النوع من القوة و الطاقة بداخله، و أن الدين خصوصا الإسلام دين حياتي اجتماعي .

• ما القضايا الأخرى التي شغلتك بأعمالك ؟

أكثر موضوع أناقشه في أعمالي هو الصراعات النفسية التي يعاني منها الإنسان ، و هذه لا تفرق بين مسلم و غير مسلم ، و لا رجل و لا امرأة ، هذه يعاني منها الجميع ، و قد تكون أغلب كتاباتي عن المرأة ، لأنى كامرأة أستطيع أن أرى الأمور بمنظورها و أعبر عنها بشكل أقوى ، وكيف أن سعيها للتحقق أصعب من الرجل ، و إن كان هذا طاغٍ على كتاباتي ، و لكن فى الفترة القادمة ستعبر كتاباتي أيضا عن الرجل و الصراعات التي يعانى منها .

• لك عمل وحيد مترجم للعربية وهو “العظام الراكضة” ، حدثينا عنه؟

نعم هو عملي الوحيد المترجم للعربية و هو كذلك عملي الأول ، هي مجموعة قصصية تدور حول معاناة الإنسان و أحلامه وبحثه المستمر عن الراحة و السكينة ، و أقر أنها ليست أفضل أعمالي و هناك أمور كثيرة بها غير راضية عنها ، أتمنى أن أعالجها لاحقا .

أنا كتبت حتي الآن 5 أعمال منهم رواية طويلة “وو تسون “و روايتان قصيرتان وعملان نثريان “شبح الجبل” و “الفراشة البيضاء و الفراشة السوداء”، و سيصدر لى عملان العام القادم ، وحاليا أكتب نثريات ، أتمنى أن تترجم للعربية .

• هل هناك مشروع لترجمة المزيد من أعمالك ؟

حاليا تترجم لى رواية بعنوان ” الأرض المنعزلة” ولكن أعمالي النثرية ليس هناك مشروع بعد لترجمتها .

• ما سر شهرة روايتك “وو تسون ” برأيك ؟

هي رواية تاريخية طويلة ، تتناول أسرة “الهان” و أسرة “وو تسون” وهم يمثلون ” الصينيون القدماء”، و الأقدار التى جمعتهم ببعضهم من 2000 عام ، و هذا كان عملي الأول الذي يتناول اندماج الثقافات .

ففي الشمال كان هناك قومية “تشونغ وو” و كانت قومية كبيرة تقهر أى قادم جديد على الصين ، وكانت تقهر مملكتى “الهان” و “وو تسون” ، لذا اتحدوا سويا لمواجهة الظلم الواقع عليهم من “تشونغ وو”.

• وماذا عن روايتك “الأرض المنعزلة” ؟

الرواية تدور حول العقبات النفسية التى تعترى الإنسان ، و أتناولها من زاوية أنضج من أعمالي السابقة .

• كنت الكاتبة الوحيدة التي فازت ثلاث مرات عن أدب الأقليات، كيف ترين وضعيتهم ببلادك؟

بالفعل لقد حصلت علي جائزة أدب القوميات ثلاث مرات فى 2010 و 2011 و 2014 عن النصان النثريان “شبح الجبل” و “الفراشة البيضاء و الفراشة السوداء”، و روايتي الأخيرة “الأرض المنعزلة” و هى جائزة للأقليات فقط ، كما حصلت على جائزة النثر في 2016 وهى جائزة عامة لكل الصينيين .

تبذل الحكومة الصينية كل جهودها لدعم الأدب بشكل عام ، و بدأت الصين تهتم مؤخرا بأدب الأقليات الذي أصبح يطلق عليه “أدب القوميات المتعددة” ، و لا شئ يأتي مرة واحدة بل يحتاج لمراحل وبالفعل تسير الحكومة فى اتجاه دعم أدب الأقليات .

و خلال الخمس أعوام الأخيرة أصبح هناك دعم كبير لهذا النوع من الأدب ، و هذا الدعم في ازدياد ، و يتمثل هذا الدعم ماديا ومعنويا من حيث النشر ووجود جوائز خاصة بأدب الأقليات ، ومنها جائزة “تشون ما ” و جائزة معهد لو شيون و هو أشهر أديب في الصين ، و يتاح لأدباء الأقليات الدراسة في هذا المعهد .

و هذه الأعمال لا تنشر فقط باللغة الصينية بل بلغاتها الأصلية أيضا للقوميات المختلفة كاللغة الويغور و كازاخستان و منغوليا .

• هل تمثل اللغة عائق في انتشار أدب الأقليات بالصين ؟

حاليا الحكومة الصينية تدعم أدباء الأقليات للكتابة بلغتهم الأم حتى لا تندثر تلك اللغات ، ثم تقوم بترجمة عملهم للصينية مما يساعد في انتشاره .

لا توجد صعوبات تواجه أدب الأقليات تحديدا ، بل هى صعوبات تواجه الأدب بشكل عام فى كل العالم ، وعلى الأدباء مواجهتها و حلها ، و هذا يعتمد على كل كاتب و هدفه من الكتابة والجهد الذي يبذله لمواجهة تلك الصعوبات .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل