المحتوى الرئيسى

Anwar AL Sebai يكتب: ترامب خليفة المسلمين | ساسة بوست

02/08 19:36

منذ 1 دقيقة، 8 فبراير,2017

لفت نظري المقال الذي كتبه «ماجد الجبارة» في جريدة «الوطن» القطرية تحت عنوان «كلنا ترامب»، تحدث فيه الكاتب عن المفارقة التي يعيشها العرب، فالعنصرية التي نسمع بها ترامب، ونعيبها عليه، وعلى أتباعه، قد أصبحت جزء لا يتجزأ من ثقافتنا: فنحن عنصريون من حيث ندري أو لا ندري.

إنها حالة من الانفصام في الشخصية، فنحن ننظر في مرآة سحرية، كالتي تتحدث عنها القصص الخيالية، مرآة تخفي تجاعيد وجوهنا، والدمامل القبيحة الظاهرة على بشرة وجوهنا.

هذه العنصرية، وهذا الانفصام هو نتيجة حتمية لثقافة الاستعلاء التي نعيشها، (ولا أدري بماذا نستعلي على باقي الشعوب)! فنحن نحتكر الحقيقة، نحوزها كلها في ضربة واحدة، كأننا آلهة أو ملائكة.

قد يقول أحدهم: نحن عندنا النص الإلهي الوحيد الصحيح، ولكنّ هذا القائل ينسى أن تفسير هذا النص الإلهي هو فهم بشري ناقص، فلا يمكن لأحد أن يدّعي بأنه يملك كل الحقيقة بين جنبيه.

فلنترك لوهلة كل أولئك الملايين الذين انتخبوا ترامب، والذين سنفترض بأنهم عنصرييون مثله، ولسان حالهم يقول «إنما المسلمون نجس فلا يقربوا أمريكا بعد عامهم هذا».

و لنركز اهتمامنا قليلًا على أولئك الذين يعارضونه، أولئك الذين يتظاهرون ليل نهار بسبب قرار رئيسهم «المنتخب ديمقراطيًا» بمنع دخول مواطني بعض الدولة الإسلامية إلى الولايات المتحدة .

دعونا نتخيل مثل هذا القرار إن صدر عندنا، في أيّة دولة إسلامية, تخيلوا معي بأن إحدى الدول الإسلامية أصدرت قرارًا بمنع الهندوس من دخول أراضيها، فهل كان أحد منا سيتظاهر تضامنًا مع هؤلاء «الكفار»؟ هل كنّا سنحرس الهندوس أثناء قيامهم بالصلاة في مطاراتنا؟

هل كان لأحد منا أن يرفع لافتة قد كتب عليها «اليوم كلنا هندوس»؟ أو هل سيجرؤ أحد سياسينا على التغريد «سأسجل نفسي هندوسيًّا»؟

أنا أدّعي بأن عنصريتنا و بغضنا للآخر هو نتيجة حتمية للقراءة المطلقة لبعض النصوص الشرعية التي يتم أخذها خارج سياقاتها التاريخية، تلك النصوص يتم بترها من حيزها الزماني والمكاني ومن ثم يتم تعميمها بشكل فج.

نعم نحن نؤمن بأن الإسلام هو دين الله الخاتم، وأنه رسالة السماء الأخيرة إلى أهل الأرض على قلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونؤمن بأنّ على جميع أهل الأرض اتباع هذه الرسالة، ولكن ما حكم من لم يتبع هذه الرسالة؟

الجواب سهل، سيخرج منّا دون أي عناء وبشكل أوتوماتيكي: كل أولئك البشر كفار مشركون أنجاس، ومصيرهم نار أبدية لا تشبع من رائحة شواء جلودهم.

طبعًا يوجد لهذا التأصيل الذي عليه معظم المسلمين اليوم كثير من الأدلة، كل تلك الآيات التي تتحدث عن الكفار يتم حشدها ورصّها في نسق واحد، دون التوقف لدقيقة واحدة في معنى كلمة «كفر».

وهي الكلمة المحورية التي ينبني عليها معاني كل تلك الآيات، لذلك سأتوسع قليلًا في معنى هذه الكلمة، ومن ثم سأبين كيف يتم انتزاع تلك الآيات من سياقها.

كلمة (كفر) بمعنى (غطّى) و(ستر)، والكفر هو التغطية، ومن هنا جاء مسمى الكافر، أي هو الذي غطّى الحجة والبينة التي جاءت على يد النبي أو الرسول؛ فأصبح بتغطيتها كافرًا بها .

وهذا المعنى نراه واضحًا في كثير من آيات الكتاب الكريم, كقوله سبحانه «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ».

فهؤلاء لم يصبحوا كفارًا، إلا بعد أن تبيّن لهم الهدى، فقاموا بجحده وتغطيته .

والآن إذا طبقنا هذا المعنى على أهل الأرض اليوم من باقي الملل والنحل لوجدنا بأن الكفر فيهم قليل جدًا، فأين البينة أو الهدى الذي جاءهم حتى يكفروا به!

قد يقول قائل: هذا القرآن هو حجة على أهل الأرض إلى يوم القيامة، والحق أن القرآن حجة حين نحاجج نحن به، حين نقيم براهينه بطريقة عقلية تجبر الطرف الآخر على الخضوع له.

وهذا ما لم نفعله نحن، بل فعلنا عكسه تمامًا, فأظهرنا أسقم فهم لديننا السمح على أنه هو الإسلام الصحيح، فحلت المتفجرات مكان البينات، وقطع رؤوس البشر مكان المجادلة بالتي هي أحسن، فكيف لهذا الذي لا يعرف من الإسلام إلا ما سبق, كيف له أن يدخل به، أو حتى يفكّر بالدخول به.

لذلك فنحن نقولها بثقة، الكفار في هذا العالم قليلون، ربما لا يتجاوزون المئات، كأمثال المبشريين الذين اطلعوا على الإسلام، ثم راحوا يطعنون بحججه ظلمًا وعلّوًا.

هذا من جهة, ومن جهة أخرى، فإن كثيرًا من الآيات التي تم ذكر الكفار فيها تتحدث عن كفار معينين في عصر النبوة, ولا يجوز بحال من الأحوال تعميم تلك الأحكام التي أطلقت عليهم في ذلك العصر.

ولعل أوضح مثال على ذلك هو قوله تعالى «وقالت اليهود عزير ابن الله», فاليوم, لا يوجد على وجه الأرض يهودي واحد يقول بأن عزيرًا ابن الله، فإذا هم يهود مخصوصون كانوا في عصر النبي .

كذلك قوله تعالى «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع مللتهم»، هنا الآية تتحدث عن يهود ونصارى معينين في عصر النبوة، ممن أقيمت عليهم الحجة وكفروا بها, والألف واللام للعهد ولا بد.

في الحقيقة، إن أخطر ما يمكن أن يهدد مصداقية كتاب الله هو تعميم هذه الآية بالذات، فإذا فهمنا بأن الله سبحانه قد حكم «كونًا» بأنّ أهل الكتاب لن يرضوا عنّا حتى نتبع ملتهم، ونصبح مثلهم، فلا بد لهذا الحكم الإلهي أن يتحقق، وهذا ما لا نشاهده اليوم، فكم سمعنا عن نصارى قاموا بإعطاء بعض كنائسهم للمسلمين حتى يقيموا صلواتهم فيها، وقبل بضعة أيام فقط أعطى يهود مدينة فيكتوريا الأمريكية مفاتيح كنيسهم للمسلمين؛ لاستخدامه بعد أن أتى حريق مجهولٌ السبب على المركز الإسلامي في المدينة الواقعة في ولاية تكساس.

وماذا عن المظاهرات التي تجتاح العالم من كافة الأديان والملل ضد قرارات الرئيس ترامب.

كل هؤلاء قد رضوا عنا، بالرغم من أننا لم نتبع ملتهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل