المحتوى الرئيسى

خارج أسوار سجن الوظيفة: قصص نجاح العمل الحرّ

02/07 17:47

حاسوب شخصي واشتراك إنترنت شهري، ذلك كل ما تحتاجونه لتبدأوا العمل الحر بعيداً عن ضجر الوظيفة. يمكنكم أن تباشروا العمل بالبيجاما أو حفاة أو ممددين على الأريكة. لن تضطروا، بعد اليوم، للقيام باكراً والركض وراء المواصلات، لن تتحينوا فرصةً لتسافروا، يمكنكم أن تقرروا السفر في أي وقت شئتم.

شروط العمل وظروفه وعدد ساعته وعوائده المالية، حولت الوظيفة الدائمة إلى سجن بالنسبة للكثير من الموظفين. آخر الاستطلاعات يشير إلى أن 58% من الموظفين العرب يشعرون بالتوتر والإرهاق الشديدين، كما أن 9% فقط منهم راضون تماماً عن الراتب الذي يحصلون عليه في الوظيفة.

في شتى بقاع العالم، يهرب سنوياً المئات من الموظفين من مكاتبهم إلى العمل الحر في المنازل. 33% من القوى العاملة في الولايات المتحدة يعملون بشكل مستقل ويحققون دخلاً سنوياً مقداره 715 مليار دولار. وفي المنطقة العربية لم تعد الوظيفة والراتب الثابت مغريين كثيراً للشباب العربي، فالكثير منهم بات يتجه إلى العمل المستقل في مجالات التصميم والكتابة والتصوير والبرمجة والتسويق وغيرها.

يعتقد الشاب التونسي، مروان بن حفصية، أن حيازة الكثير من الشهادات الجامعية وسيرة ذاتية مزدحمة، لم تعد تفي بالغرض، فيما يمكن أن يحملك تحسين مهاراتك في مجال مُعين أو استثمار موهبة فطرية لديك، أشواطاً واسعة على درب النجاح المهني والمادي.

بعد تخرجه من المدرسة العليا للتجارة، اشتغل مروان لمدة قصيرة بوظيفة في إحدى الإذاعات الخاصة، ثم ما لبث أن غادرها. كان يبحث عن طريق آخر خلافاً للسائد في تونس. يتخرج المئات سنوياً من الجامعات وأغلبهم يمضي وقته في التحضير لمسابقات التوظيف في القطاع العام أو التجوال على الشركات الخاصة والمشاركة في مقابلات العمل من أجل راتب لا يتجاوز 500 دولار في أحسن الأحوال.

شارك غردالعمل الحر يمكنك من جني أضعاف ما كنت تحصل عليه من الوظيفة

شارك غردإليك بعض النصائح للتحول من الوظيفة إلى العمل الحر

منذ المراهقة اكتشف مروان أن صوته يمكن أن يصلح للتعليق. كان منجذباً لذلك بشدة، محاولاً دائماً تقليد أصوات المعلقين الذين يظهرون في الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية وقارئ الأخبار. وذلك كله بحثاً عن أرضية مناسبةً كي ينطلق منها في البحث عن فكرة للعمل الحر، يجني منها مالاً ولا تكون مملةً. "حاولت ببساطة الجمع بين الشغف والعمل. أعتقد أن أغلب الموظفين يقومون بأعمالهم مكرهين بلا شغف. وأجزم أن عملاً ليس دافعه الشغف والحب لن يكون مميزاً، يمكن أن يكون عادياً فقط".

اتجه مروان للعمل من البيت معلق صوت. يسجل تعليقات الإعلانات الإلكترونية والومضات الإعلانية والمقالات الصوتية والتعليقات الصوتية في الفيديوهات التعليمية. كما أطلق العام الماضي 2016 موقعاً على الإنترنت لإنتاج وتسجيل المقالات والملخصات الصوتية للكتب والقصص الصوتية للأطفال ونشرها مجاناً على منصات التواصل الاجتماعي.

لم يعمر بوظيفة واحدة أكثر من أسبوع. كان حظه عاثراً، ففي كل مرة يجد فيها وظيفة جديدة يشعر بالملل والقلق ولا يتحمل المؤامرات الصغيرة التي يحيكها الموظفون بعضهم ضد بعض، والنميمة التي تتسرب من مكاتبهم إلى استراحة الغداء. "قررت ألا أكون موظفاً، مهما كلفني الأمر. بقيت عاطلاً عن العمل لفترات طويلة، وحتى ذلك لم يدفعني للعودة إلى الوظيفة. ثم ولجت عالم العمل الحر، هنا وجدت نفسي. أعمل بشغف وأجني مالاً يكفيني ويزيد أحياناً". هكذا يلخص الصحفي محمد بالطيب رحلة خروجه من الوظيفة إلى العمل المستقل.

تخرج محمد من الجامعة في قسم الإعلام والبرمجة. لكنه كان شغوفاً بالكتابة والصحافة. فبدأ بنشر مقالات ومواد على الإنترنت في الثقافة والسياسة، ثم أصبح محرراً مستقلاً في موقع إخباري وتلقى في الأثناء تدريباً في التحرير الصحفي ثم أصبح مساهماً بالكتابة في العديد من المنصات العربية والأجنبية، منها رصيف22.

يرى محمد أن الشهادة الجامعية وحدها لا يمكن أن تضمن عملاً للشباب اليوم، بحكم ندرة فرص العمل وارتفاع عدد طالبي الشغل مشيراً إلى أنه عندما اتفق مع صاحب العمل، للعمل محرراً لم يطلب منه شهاداته العلمية بل نماذج من أعماله المنشورة.

في الوظائف التي جربها سابقاً كان محمد يجني أقل من 300 دولار شهرياً، لكنه يعمل مع أكثر من جهة في تحرير الأخبار وكتابة التحقيقات والمقالات والتصوير والمونتاج ويجني عشرة أضعاف ما كان يحصل عليه سابقاً، مع فارق كبير في ساعات العمل، محققاً توازناً نسبياً بين حياته المهنية والشخصية.

في المقابل، يعبر 82% من الموظفين العرب عن عدم رضاهم بشأن التوازن الحالي الذي يقومون بتحقيقه بين الحياة العملية والشخصية، إذ إن 9% منهم يشعرون بأنهم راضون جداً عنها. ويعاني 19% من أمراض تتعلّق بالضغوط والإرهاق مثل الاكتئاب والتوتر.

يقول محمد: "أصبحت حراً بما يكفي. أرتب جدول عملي بنفسي. يمكن أن أعمل لوقت متأخر وأستفيق صباحاً متى شئت. غالباً ما أباشر عملي كل يوم من مقهاي المُفضل وسط العاصمة تونس". فإمكانية العمل من أي مكان نعمة لا يدركها إلا الموظف المسكين الذي يرتدي بدلة وحذاء يلمع منذ الصباح حتى المساء ويتسمر على مقعد طوال الوقت حتى يتقوس ظهره.

كما أن العمل الحر مكنه من ربط علاقات واسعة في مجال عمله وخاصة من خارج تونس، تعرف من خلاله على فئات جديدة وثقافات أخرى وأفكار متنوعة واكتسب مهارات فرضتها في بعض الأحيان طلبات العملاء. كما وفر له وقتاً إضافياً للسفر والمتعة والقراءة وخاصةً للنوم، على حد تعبيره.

لا يخلو التحول من العمل كموظف براتب ثابت إلى العمل الحر من متاعب. ستدفعون ضريبة هذا التغير جهداً بدنياً ونفسياً في بداية الأمر وحتى مالياً. لكن الوضع ما يلبث أن يتحسن. في أغلب تجارب التحول، يفضل أن تعملوا في البداية بشكل موازٍ، أي لا تتركوا وظائفكم بشكل نهائي.

إن كنتم تعملون في مجال التصميم أو الكتابة أو الصحافة أو البرمجة، يمكن أن تطلقوا موقعاً أو مدونة تعرضون فيها أعمالكم مجاناً في البداية ومن خلالها ستأتيكم العروض إن كنتم تملكون المهارة الكافية في عملكم وخاصة في التسويق لأنفسكم، وكذلك الاطلاع على تجارب لأشخاص سلكوا هذا الطريق سابقاً، ستجدون حتماً قصصاً ملهمة وأفكاراً قد تساعدكم في شق طريقكم. كذلك الأمر بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعي فهي مفيدة جداً في إيجاد فرص العمل إلى جانب المنصات المهنية المحترفة كــ لنكدإين وغيرها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل