المحتوى الرئيسى

الكنز.. اللي اسمه المصريين

02/07 16:40

تنتصر الأمم، روحيا، قبل أن تحصد الألقاب أو تحمل الكئوس أو حتى ترفع الأعلام. ولا تُهزم إلا عندما تفقد الأمل وتتخلى عن الحلم.بطول التاريخ، لم يفقد المصريون روح الحلم والأمل، حتى عندما تعرضوا لنكسة واحتلال. وبالقياس نفسه لم تتخل أمم أرادت البقاء، عن الحلم والأمل، حتى لو كلفها ذلك حروبا واحتلال أراضي الغير بالقوة.الأمل، صناعة روحية يتقنها الحالمون. وقوة أى تجربة إنسانية وحضارية تقاس بقدرة أصحابها على الحلم لتحقيقها، ومدى أملهم لبلوغ غاياتها.هيكتور كوبر ولاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم، لم يكونوا سوى "حالمين" يحدوهم الأمل.ضعف الأداء وخسارة اللقب، لا تنفي مُطلقا أن "منتخب مصر روح"، مدادها الطبيعي في نفوس المصريين، العاشقين للكرة، المشتاقين للفرح، الحالمين بالنصر.طار المنتخب إلى الجابون، حاضنا حلم الملايين، غير عابئ بمحاولات النيل منه. صحيح أن كثير من الانتقادات الفنية كانت في محلها، لكنها في المقابل كانت تجد مديرا فنيا متقبلا للنقد، بما فيه "الجارح"، سواء اتفق معه وأخذ به أو لا.بجدية وواقعية، درس "الأرجنتيني" الإمكانيات المتاحة والفرص الممكنة، ووضع خططه وفق ما تطاله أصابعه، طامحا في الفوز، يداعبه حلم التتويج والأمل في الوصول للنهائي، وإن لم يقدم وعدا صريحا بذلك.بين الظلم البين الذي تعرض له هذا الرجل اتهامه بأن طموحه منعدم. يمكن أن تختلف فنيا معه، أو حتى تكره عقدة النحس التي تلازمه، لكن اتهام مدير فني لفريق كرة قدم بأنه "بلا طموح" اتهام ضد طبائع البشر. بالبلدي "مفيش حد مش عاوز ينجح".يُحسب لـ"كوبر" الواقعي بامتياز، أنه لم يتعلل قبل انطلاق البطولة بأزمات المنتخب ليعلق عليها خسارته المحتملة، ولا لعن الأقدار التي واجهته مرارا طوال المشوار، ولا وعد بفوز مؤزر أو مريح، فهو مشهور بتحفظه الدائم، ويدرك جيدا حدود كلامه. المرة الوحيدة التي تجاوز فيها تلك الحدود وتحدث عن إمكانية انتزاع البطولة، كانت بعد حسمه مباراة نصف النهائي. اللاعبون أيضا، رغم تجاوزهم "كوبر" في التعبير عن أملهم في "اللقب"، لم يبالغوا في قدراتهم، لكنهم، بفطرة مصرية، صدروا روحا حالمة بالانتصار، خاصة عندما باتوا قاب قوسين أو أدني من "اللقب".الفضل في ارتفاع منسوب الأمل لهذا الحد، يعود بالطبع لتفوق "الحضري" في مباراة "بوركينا فاسو".من يصدق أن ابن الـ 44 عاما، الذي انضم للمنتخب في "الوقت بدل الضائع"، كاحتياطي، سيكون هو بطل حراسة المرمى الأساسي، ويحصد لقب "أفضل حارس مرمى في البطولة".شخصيا أصدق "الحضري"، ولم أستغرب رده على إمكانية استعانة "كوبر" به من عدمه. وقتها قال: "لو هشيل الكور لزملائي، نفسي أكون في المنتخب». وبعد الفوز في "نصف نهائي" الجابون، "كوبر" هو من قال: "الحضري نموذج لا يُصدق وقدوة يجب أن يتعلم منها الآخرون".قل ما تشاء في تألق "الحضري" في صد ضربات "بوركينا فاسو"، لكن يبقى أثر الهاجس الروحي الذي غمره في لحظات المباراة العصيبة. كانت أنفاس المصريين محبوسة وأنظارهم معلقة على مرمى مصر. ماذا كان يدور في مخيلة الحضري وقتها؟ الاجابة حملتاها تصريحاته بعد المباراة: "كان عندي إحساس إن ربنا هيقدرني أصد الرابعة والخامسة، وربنا مكنّي بفضل بدعوات المصريين". ويضيف بقناعة تامة "منتخب مصر روح، والكورة بتروح وتيجي".بعد صد الضربة الرابع، أنقذ الحضري مرماه من "الخامسة والأخيرة"، وبيده وقدمه أبعد الكرة عن الشباك، تأمل هذا القدر الكبير من "التوفيق" الذي ربط اسمه بحسم وصول مصر لنهائي أفريقيا 2017.ليست مصادفة، إذاً، أن يكون "السد العالي" أدوق وصف لحارس مرمى تاريخي وأسطوري كـ"الحضري". اللقب على فخامته، والوصف بدقته، لا يمكن إلا أن يعبر عن بطولة مصرية.هذه الروح التي تحلى بها الحضري وزملاؤه، وأحسن "كوبر" استغلالها، هى نفس الروح التي سادت بين المصريين أمام الشاشات في المنازل والمقاهي والنوادي والساحات. أمل بطول مصر وعرضها في نصر ولقب وفرحة. صحيح أن الكأس ذهب لأسود "الكاميرون"، لكن المنتخب صاحب المركز الثاني، عاد لوطنه "مرفوع الرأس"، بعد مشاركة لافتة أوصلته للنهائي رغم التحديات التي عصفت به، وكادت تنهي مشاركته من الدور الأول.هذه الروح عكستها دعوات المصريين إلى الله، ولم تتمكن خسارة اللقب، على ألمها، من التشويش عليها أو التقليل منها.هذه الروح الواعدة هى امتداد أصيل لمصر، الواحد الصحيح، غير القابل للقسمة، خصوصا أمام تحدى يتعلق باسمها وصورتها.هي تجسيد للفكرة العبقرية "الوحدة في التنوع".هي ما تحتاجه مصر، الآن وفي كل وقت، ومختلف المجالات. والسلطة أو الحكومة التي تتعامي عن هذه "الروح" ولا تراكم على ما لدى المصريين من أمل وحلم وإمكانيات جبارة، وتُصر على التعامل معهم كـ"فقراء"، ليست بالتأكيد على مستوى هذا الشعب ولا يليق بها أن تتحكم في مقدراته.هذا الشعب يستحق من هو قادر على إسعاده، وعند مستوى أمله وحلمه وروحه.هذ الشعب "كنر ".. اسمه المصريين.ولا أروع من كلمات صلاح جاهين وغناء ياسمين الخيام من ألحان جمال سلامة:المصرى فى أى تاريخ ميلادى أو هجرىوفى أى مكان وزمان هو هو المصرىالاسمر أبو ضحكة ترد الروحأعرفه من بين مليون إنسانصاحب واجب يفديه بالروحولا يرضى بذل ولا بهوانو يا دنيا لفي وطوفيوتعالي يا دنيا وشوفيالكنز..اللى اسمه المصريين

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل