المحتوى الرئيسى

فورين بوليسي: حين أفتى بن لادن بالاستمناء..الكبت الجنسي والعنف الجهادي

02/07 13:40

فورين بوليسي: حين أفتى بن لادن بالاستمناء..الكبت الجنسي ونشأة الدافع الجهادي

فورين بوليسي- سيمون كوت ترجمة: فاطمة لطفي

في يناير، أصدرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، 49 وثيقة جديدة استولت عليها عام 2011 من منشآت أسامة بن لادن في أبو اباد بباكستان. من بين هذه الوثائق- آخر دفعة من وثائق بن لادن خرجت للعلن منذ 2012- رسالة موجهة إلى قيادي بارز في شمال أفريقيا، يثير فيها زعيم القاعدة، المتوفى الآن، أمرًا “خاص جدًا وسري للغاية”، كتب فيها: 

” يتعلق الأمر بمشكلة الإخوة الموجودين معك، والذي هم في “عزوبية” بائسة، ويحتاجون إلى توفير  زوجات في ظل الظروف المفروضة عليهم، ندعو الله أن يريحهم. كتبت إلى الشيخ، الدكتور أيمن (الظواهري) واستشرته مع الشيخ “أبو يحيي” ( الليبي).

أكمل بن لادن: “كتب لنا د. أيمن رأيه، وحسبما نرى، ليس لدينا أي اعتراض للإيضاح للإخوة أنه يمكنهم،  في ظل ظروف كهذه، ممارسة الاستمناء “العادة السريّة”، وذلك في حالة كان الاحتياج شديدا. وقد أجاز السلف هذا الفعل،  ونصحوا الرجال الشباب في وقت الفتوحات والمعارك، أن يمارسوها. كما أنها منصوص عليها من الفقهاء عند الضرورة، ولا يوجد شك أن الإخوة في حالة احتياج بالغة و”ضرورة قصوى”.

من المعروف أن بن لادن كان زعيما صعبا إرضاؤه، مُستبدا، وراغبا في التحكم في كل شيء. لكن القليل قد يشك أن الأمر قد يصل معه إلى هذا الحد. ورغم أنه ورد على نطاق واسع، أنه كان بحوزته فيديوهات إباحية مخبأة في مجمع مبانيه في أبو اباد، إلا أنه لا شك أمر مفاجئ، إن بن لادن، الجهادي الأول والرئيسي في جيله، فكّر طويلًا ( دون أي تورية)  في مسألة “الاستمناء”، بالإضافة إلى الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة، أيمن الظواهري.

ومع ذلك، يثير بيان بن لادن المزيد من الأسئلة أكثر مما يوضح شيئًا، إذا كانت العادة السرية مسموح بها في أوقات “الضرورة القصوى”، كيف يمكن أن يحدد المرء الحاجة الملّحة للضرورة القصوى، هل تكون أسبوعية، شهرية، أو مجرد يوم من أيام العزوبية؟.  للأسف رسالة بن لادن لا تكشف شيئا يجيب عن هذه الأسئلة.

جميع ذلك جيد، متعة غير ضارة. لكن العذاب الجنسي للجهاديين ليس أمرا مضحكا، وربما يساعد في شرح نشأة العنف الصادر عنهم.

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، سخر عالم البيولوجيا التطورية والملحد المعروف عالميًا، ريتشارد دوكينز من النظرية التي تشير أن حافز الخاطفين التسعة عشر هو وأفكارهم حول بالظلم، مصرًا على أن ما أرادوه حقيقةً هو ” أن يمارسوا الجنس”، في إشارة إلى مكافئة الشهداء بـ 72 عروس عذراء،  وزاعمًا بأنهم “غير جذابين للغاية ليحظوا بامرأة في هذا العالم،  ويائسين بدرجة كافية للسعي وراء 72 عذراء في الحياة الأخرى”.

وحسب رواية أكثر دقة من هذه  الجدلية القائلة بأن الكبت الجنسي يقف وراء الجهاد، فإن العنف الجهادي الانتحاري متجذر في أجواء القمع الجنسي  المستشري في العالم الإسلامي وفي المجتمعات المسلمة في الغرب. في كليهما، تظل الممارسات الجنسية خارج إطار الزواج محظورة، خاصة على النساء. وحسب هذه الجدلية، تخلق وصمة العار والخزي والعوائق المرتبطة بممارسة الجنس قبل الزواج حالة إحباط ، يمكن أن “تنفجر” في صورة أعمال عنف قاتلة لدى بعض الرجال.  وكما أوضحها كريستوفر هيتشز، باختصار مفيد، في كتابه ” الإله ليس عظيمًا”، أن مشكلة “الجهاديين” ليست أنهم يرغبون في عذراوات،  أكثر من أنهم هم أنفسهم “عذارى”.

يدعم ويؤيد هذه الجدلية،  قدر كبير من الحكايات التاريخية عن جهاديين وأيدلوجياتهم. على سبيل المثال، المفكّر المصري سيد قطب، الذي ينسب إليه الفضل في التأثير الأيدلوجي التكويني على بن لادن،  كان قطب يتقزز من الجنس بصورة ملحوظة. في إحدى المقالات التي كتبها عن خبراته أثناء دراسته في الخارج في الولايات المتحدة الأمريكية بين عام 1848 و1951، سجل قطب نفوره واشمئزازه من نموذج” المرأة الأمريكية الفاتنة” بعينيها “المعبرة وشفتيها الظمئة، وأردافها الممتلئة وساقيها الناعمتين”.

وفي المقال نفسه، أعرب قطب عن صدمته من رقصة في كنيسة، حيث كانت  “الأجواء مليئة  بالرغبة”. وقال الروائي مارتن أميس، أن رغبات قطب الجنسية، التي لم يكن قادرًا على إشباعها جعلته ” خائفًا جدًا”، كما كشفت مساوئه وأساءت له، و”حوّلت أفكاره إلى أعمال قتل”.

كما يبدو واضحًا أن محمد عطا، الملقب بزعيم هجمات 11 سبتمبر، كان مقموعا جنسيًا، حيث تطوّع عن طيب خاطر في مهمة قد تنهي حياته وحياة عدد لا يحصى من الأشخاص الآخرين، لكنه كان مذعورا من النساء، رافضًا ان يكون له علاقة بأي امرأة أو حتى مصافحتها. أمر عطا في وصيته أن يجهز بدنه للدفن “مسلمون صالحون”، وألا تكون أي امرأة قريبة منه. بالنسبة لعطا، كانت النساء خطيرات و”فاحشات”، حيث أنهن مصدر للذنب والتدنيس الروحي.

ومع ذلك، واحدة من أبرز المشاكل المتعلقة بالربط بين الكبت الجنسي والجهاد هي حقيقة أنه ليس جميع الجهاديين محبطون جنسيًا. والأكثر من ذلك، من بين جميع المسلمين الذين لا يمكن عدهم، والمحبطين جنسيًا، القليل فقط أصبحوا جهاديين. بالإضافة إلى وجود احتمالية قليلة تشكك في أن عطا كان مُعذبًا جنسيًا. ولكن أمام كل “عطا” يوجد “عبدالعزيز العمري”، ,واحد من الخاطفين في 11 من سبتمبر، الذي كان متزوجًا ولديه ابنة.  محتمل بالتأكيد أن العمري كان ضجرّا جنسيًا من زوجته، لكن على عكس “عطا”، لم يكن رجلًا “بتولًا”، ولا يوجد دليل على أنه كان مكبوتا جنسيًا.

المشكلة الأخرى في هذا الربط “بين الكبت الجنسي والعنف الديني”  إنه يصادر على احتمال معاكس يقول إن الإفراط الجنسي قد يكون – بنفس قدر الكبت الجنسي- مسببا للعنف الديني الدموي:

واحدة من أكثر الحقائق المدهشة بشأن الموجة الحالية من الجهاديين الأوروبيين في سوريا والعراق هي علمانيتهم السابقة، قبل تحولهم إلى الإسلام المتطرف. يقول عالم الاجتماع الفرنسي، أوليفييه روا:” تقريبًا ليس لديهم أبدًا تاريخ من التعبّد والممارسات الدينية، بل على العكس تمامًا، كانوا مستغرقين في شرب الخمور وتدخين المواد المخدرة وربما كان للكثير منهم سجلات جنائية قبل أن يصبحوا جهاديين”.

كان لـ محمد لحويج بوهلال، الذي قتل 86 شخصًا العام الماضي في هجوم مروّع بشاحنة في نيس بفرنسا، سجل جنائي. كما وردت تقارير تفيد بأنه كان يشرب الكحول، ويتعاطى المخدرات ويلعب القمار، وأنه لم يكن يصلي أو يصوم. وحسب المدعي العام الفرنسي، فرنسوا مولاينس، أنه كان لديه زوجة ” جامحة” ، وأنه كان يقيم علاقات مع رجال ونساء. يتذّكر زميل دراسي له محمد ويقول:” كان محمد “زير نساء” ومهووس جنسيًا.. الجنس، كان كل ما يتحدث عنه، وكان من سماته الرئيسية”.

تظل راديكالية محمد السريعة يكتنفها الغموض. لكن ربما يكون لن يكون حكيمًا أن نستقطع دور غريزته الجنسية الجشعة والخزي المحتمل الذي أبطنه بداخله حول ذلك قبل أن يتحوّل إلى جهادي قاتل.

وعلى صعيد آخر، تم تناول العذاب الجنسي للعضوات النساء في جماعات إرهابية أيضًا. تقول ميا بلوم، في بحثها الشامل حول النساء والإرهاب، أنه يوجد عدد من الدوافع المتشابكة وراء تورط النساء في الجهاد، منها الانتقام، الخلاص،  العلاقات.  وبالتباحث حول انتحاريات الشيشان ” الأرامل السود” ، اللاتي نفذن هجمات انتحارية ضد  روسيا، تقول بلوم أن الكثير منهن كن ضحايا للاغتصاب. تقول بلوم أن ذلك  تسبب في أذى كبير لهم،  بالإضافة إلى خزي الإذلال الجنسي.  وتعيد بلوم صياغة كلمات امرأة أحجمت عن إتمام مهمتها الانتحارية في الدقيقة الأخيرة وقالت:” إذا ضحيت بحياتك باسم الله وقتلت بعض الكفار، ستدخل الجنة مباشرة  بصرف النظر عن  ذنوبك السابقة”.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل