المحتوى الرئيسى

لا عزاء للفن وعشاقه

02/07 09:23

يجد كاتب المقال الفني أزمةً كبيرةً فى اختيار موضوعاته فى مصر، ليس هناك فن بالمعنى الفعلى للفن، الذى يندرج تحته كل أنواعه من موسيقى وسينما ومسرح وفنون مرئية كالرسم الزيتى والنحت وغيرها.

فى الحقيقة يعمل الوسط الفنى فعليًّا شهرين قبل الموسم الدرامى فى رمضان لإنتاج أكبر عدد ممكن من المسلسلات، ثم يختفون فى انتظار العام المقبل.

المنتجون يطمئنون جيدًا على رصيدهم فى البنوك، والفائدة السنوية التى تحتم الاحتفاظ بالرصيد، أعتقد أيضًا أن بعضهم ربط رصيده كوديعة لمدة من ثلاث إلى خمس سنوات، ويحافظ على عدم كسرها بحثًا عن الربح الأكبر، وسلامات يا «سيما».

أما المخرجون فكانوا بحكم وظيفتهم الأكثر حركة، اتجه بعضهم لإخراج الإعلانات والأغلبية طافت فى محراب المسلسلات، ربما صنع هذا مسلسلات أكثر قيمة، ذات نوعية مختلفة وجيدة عما قبل، لكنها تبقى مسلسلات، وتبقى الدراما فنًا من نوع خاص لا يبقى فى تاريخ الفنان، ويبقى المسلسل مسلسلًا ولا عزاء للتاريخ، لأنه لم يعد يهم أحدًا.

بينما يعتبر المؤلفون نفسهم الأفضل حالًا، لأن هروبهم إلى عالم الدراما يجعلهم الأقوى، حيث كان الفيلم قديمًا يذكر باسم مخرجه، بينما يذكر المسلسل باسم مؤلفه، كمسلسلات الكبير جدا أسامة أنور عكاشة والراحل محمد صفاء عامر وغيرهما، لكنى أبشرهم أنه ثبت فى العقد الأول للقرن الواحد والعشرين أن كل عمل ينسب إلى نجمه، وأن الأعمال الجماعية أو التى دون نجوم يطلق عليها الجمهور «المسلسل بتاع العيال الجديدة دى»، أو «اللى فيه كذا وكذا»، وليس مهمًا على الإطلاق أسماؤكم، المهم أن يبقى الرصيد فى البنك.

ويبقى المسرح الحقيقى والفنون المرئية فى قبورهم فى انتظار البعث يومًا ما، بعيدًا عن عشاقهم الذين فقدوا الأمل فى عودتهم.

الفن يحتضر فى مصر، بغض النظر عن مستواه، وعجزت نساء مصر عن أن يلدن رجلًا مثل الراحل العظيم رمسيس نجيب، ذلك الفنان الذى امتلك جرأة اكتشاف العشرات من الوجوه الجديدة، وتقديم العشرات من الأفكار الجديدة، أول من قدم أفلامًا عربية سكوب بالألوان، والذى استمر فى إنتاج الأفلام وصناعة السينما فى أقصى مراحل أزمات مصر وعلى رأسها هزيمة 67، والأزمة التى أصابت السينما بعد التأميم فى الجمهورية الأولى.

فى مصر صار الغرض هو الرصيد المالي وحدهلا السينمائى، فى مصر يترعرع هواة النقود على تربة كل جميل، ولا عزاء للفن وعشاقه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل