المحتوى الرئيسى

محمود حمدون يكتب: «التحرر من سطوة النخبة».. ربّ ضارة نافعة | ساسة بوست

02/07 08:54

منذ 1 دقيقة، 7 فبراير,2017

دائمًا الملأ أو النخبة، هم سبب المشكلة، لم يكن فرعون ليكتسب صفة الإله القادر على الحياة والموت لولا ثلة ممن أحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم، و لم يكن لفرعون وهامان أن تكون لهما الغلبة والقسوة والنفوذ على الناس، لولا تلك الثلة من النخبة.

الملأ، لفظ لم يرد في القرآن الكريم إلاّ وصفًا لبطانة السوء ممن تزيّن للحاكم تصرفاته الرعناء.

الملأ، الآن هم النخبة، أصحاب المصالح، كبار موظفي الدولة وأصحاب السيادة والسؤدد، أولئك القابعون بعيدًا يحرّكون الساكن، ويعطّلون الحركة الطبيعية الجارية، لهم الغلبة فيما يرفعون من تقارير تقض مضجع الحاكم، وتوغر صدره ضد هذا أو ذاك، وتعزله خوفًا ورعبًا عن الناس.

هم أيضًا النخبة الحاكمة من سياسيين وأكاديميين وإعلاميين ورجال أعمال، وكل من له علاقة بالسلطة من قريب أو بعيد منتفع منها، أو من ورائها ماديًّا، أو معنويًّا، وجوده رهن بوجودها، أولئك الذين تشاق نفوسهم للثروة والسلطة والمنافع، وتهيم حول السلطة القائمة وجودًا وعدمًا.

في مصر، الآن تمارس الصفوة أو النخبة دورها الرائع في إفساد الحياة والمجتمع والحاكم، تجعل من الأخير إلهًا أو نصف إله على الأقل، لذا لم يكن غريبًا على الأسماع «منذ سنوات بعيدة في سبعينات القرن العشرين» أن نرى من يصرّح جهرة، أمام السادات «لو كنت أملك من الأمر شيئًا لوضعتك في مكانة من لا يُسأل وهم يُسألون» مرتبة لا تتسع سوى لله تعالى فقط.

خلاصة القول، ما يحدث بمصر، مشابه أو مقارب لما يحدث بغالبية الدول العربية، فصيل يسيطر ويتصدّر المشهد العام، يتقرّب للسلطة، يخشى بأسها، ويرجو منفعة من ورائها، والسلطة بدورها تعامله معاملة «المعز» لرعيته، فتارة ترّغبه بذهبها، وتارة ترهّبه بسيفها، لذا فالحذر كل الحذر أن تتبع رأي النخبة، فالتهلكة دائمًا معهم وعلى أيديهم، إذ لا يرون إلا ما يُرضي سادتهم، وبينهم وبين المنطق والعدل بون شاسع، يتركون طريق الحق ويسلكون دائمًا وادي المصلحة. فالنخبة الآن، كل من تصدر المشهد، وروّج لمنطق لا يمت للمنطق بصلة.

لذلك تظل للنخبة ومن لفّ لفّها من جماعات المصالح والضغط، في مصر قضاياها ومصالحها التي تتقاتل عليها، وتتمترس وراء السلطة دفاعًا عنها، ويظل للشعب جميعه وهو الغالبية والسواد الأعظم، همومه ومشاكله، وهو في حياته البائسة لا يؤمن بالنخبة ولا يصدّقها، وهي في قرارة نفسها تعرف أنها والوهم سواء بسواء؛ لذا تتحدث باسم الناس وهي تخشاهم كما يخشى الكائن الحي الموت.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في ظل حالة التوتر الشديدة التي تمر بها مصر، هل هي حالة استقطاب فعلاً؟ أم أننا أمام سياق مجتمعي جديد، يفرض قيمة المشاركة عنوة وقسرًا على الدولة بصورة لم تعتدها طوال تاريخها الممتد آلاف السنين؟

بمعنى هل ينقسم المجتمع المصري على نفسه؟ في صورة طائفية سياسية وفق ما تراه أو تتوهمه النخبة المسيطرة، أم أن ما بينهم وبين المجتمع والشعب جميعه كما بين المشرق والمغرب؟ كل في وادٍ وكل له شغله واهتمامه؟!

الاعتقاد وفق نظرية «نصف الكوب الملآن» أن ما يحدث الآن بمصر أقرب إلى حالة من الحراك الثقافي السياسي، إذ يُجبر المواطن العادي الآن على المعرفة، ويُساق جبرًا لحالة جديدة من الوعي بما يحدث حوله، فالأزمة أحيانًا تكون دافعًا للتغيير، والقصد هنا التغيير المجتمعي، أي أن ينتقل المجتمع من سلبية مطلقة وفجة «أنا مالي» إلى بجاحة في توصيل وجهة النظر والرأي ولو كان خطأ.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل