المحتوى الرئيسى

السنيورة والبرنس والبدايات (6) | المصري اليوم

02/07 01:49

الذى حسم تردد «ماجى ميلر» فى العودة لمصر هو المسيو «ألبير موصيرى»، فعندما رغبت فى معرفة صحة الأنباء أو الشائعات التى تتناول تعصب المصريين ضد الأوروبيين من بعد ثورة 1919، وصلها رد رقيق منه يؤكد أن الأوضاع فى مصر هادئة تماما، وأن ما يجرى بها لا صلة له بعموم الأوروبيين، لكنه يقتصر على المحتلين منهم. ثم ختم خطابه راجيا منها أن تقبل ضيافته خلال فترة إقامتها بمصر، وأن تخطره بموعد وصولها لكى يقوم بالترتيبات اللازمة. وبعد أيام قليلة من احتفالها بعيد ميلادها الحادى والثلاثين غادرت «ماجى ميلر» باريس لتصل إلى القاهرة فى الأسبوع الثانى من ديسمبر عام 1921، وبصحبتها ابنتها «ريموندا» التى كانت آنذاك فى الخامسة عشرة من عمرها. وحجز لها مضيفها جناحاً بفندق «سميراميس» الذى لم يكن بعراقة فندق «شبرد» التى أقامت به خلال زيارتها السابقة، لكنه لا يقل شهرة عنه.. فبالرغم من تصميمه العصرى الذى جعله شبيهاً بأمثاله من الفنادق الأوروبية التى اعتادت الإقامة فيها، إلا أن إطلالته على نيل القاهرة الساحر والمستوى الرفيع للمقيمين به أو الأجانب الذين يترددون عليه، وفى مقدمتهم عدد كبير من ضباط الجيش البريطانى وعدد مماثل من باشوات المصريين بطرابيشهم الحمراء كان عزاء كافيا لها.

وفى أول أيام وجودها الثانى بالقاهرة أسفت عندما علمت أن «عمر باشا سلطان» الذى كان مغرماً لحوحاً بها، قد توفى فجأة بعد شهور من مغادرتها القاهرة، قبل أن يبلغ الخامسة والثلاثين من عمره، لكن بعد قليل وجدت من يكرر التجربة ويتصرف بالطريقة نفسها- ملاحقة بالنظرات والابتسامات والتحيات والمجاورة لطاولتها فى المطعم والمرقص والسير وسط كوكبة من الأتباع والأصدقاء بينهم نساء أوروبيات- فيما عدا أنه كان أصغر سنا من الباشا الراحل، ونجح الشاب فى إثارة فضولها فسألت عنه، وعلمت ما أثار نهمها: هو واحد من أثرياء المصريين يملك عدة ملايين من الجنيهات لم يتعب فى جمعها لذلك لا يتعب من إنفاقها!

ولأن المسيو «ألبير موصيرى» كان أكثر دماثة من الجنرال «شريف باشا» فإنه لم يتعرض للشاب بسوء، بل استجاب ببساطة لطلبه بأن يعرفه على صديقته الحسناء «ماجى»، فقدمه لها باسم الأمير «على كامل فهمى» وانحنى الأمير يقبل يدها ويطلب إليها أن تمنحه شرف مراقصتها!. وقبلت «ماجى» طلبه، ولم تمانع حين تكررت دعوته مرة أخرى وثالثة فى الليلة نفسها، أو حين تحول الأمر إلى دعوات لتناول الغداء أو قبول هداياه الثمينة، لكن خبرتها واحترافها دفعها للتوقف عند هذا الحد، وترددت ألف مرة فى تطوير العلاقة إلى ما هو أبعد من ذلك، وساعدها على هذا الحزم أن كثيرات من صديقاتها حذرنها من التمادى فى علاقتها به!. خاصة ما سمعته عن حياته العاطفية التى يبدأها بالكرم مع الفاتنات من خلال إغراقهن بالهدايا الثمينة وبعد أن يقضى وطره منهن، يبدأ فى استرداد كل هداياه، بالحيلة أو بالقوة، وبذلك يخرجن من علاقتهن به وقد فقدن كل ما أهداه إليهن، وأحيانا ما أهداه إليهن آخرون من العشاق.

وكان «على بك كامل» يتربص حضورها، وكان على دراية بزيارتها السابقة إلى القاهرة وما خلفته حولها من قلوب جريحة وعيون دامعة وصراعات لا تنتهى حولها وبسببها، خاصة الصراع الذى دار بين «شريف باشا» وابن خالته «عمر باشا سلطان»، إضافة إلى ما عرفه عن مكانتها الرفيعة فى المجتمع المخملى الباريسى، فشغفته بقوة وبدا له أن الحصول عليها سيتوج مكانته فى دنيا العشق، خاصة أنه أصغرهم سناً وأكبرهم وسامة، ويضارعهم ثراء إن لم يفُقهم فعلياً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل