الرومانيون ينتفضون.. الآلاف يحتجون في العاصمة على مرسوم تحصين السياسيين وقوى المعارضة تخشى انتفاضة جديدة
احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع الرومانية رغم إلغاء الحكومة المرسوم الذي كان يقضي بتحصين بعض السياسيين في البلاد من المسائلة القانونية في جرائم الفساد.
وجاء قرار إلغاء المرسوم في اجتماع طارئ للحكومة اليسارية في العاصمة بوخارست، ورغم ذلك طالب بعض المتظاهرين باستقالتها، وذلك حسبما ذكرت BBC.
وشهدت رومانيا في الأيام الماضية أزمة سياسية حادة على خلفية إصدار الحكومة مرسومًا للعفو عن متهمين بالفساد، الأمر الذي تسبب في انقسام داخل الحكومة التي يقودها اليساريون بعد استقالة أحد أعضائها، فضلًا عن اندلاع احتجاجات عارمة في العاصمة بوخارست، حيث احتشد نحو 250 ألف شخص من مختلف المدن الرومانية.
وأصدر رئيس الوزراء الروماني، سورين غرينديانو، هذا المرسوم بحجة التخفيف من اكتظاظ السجون، وانتفاء العقوبة بالسجن على المتهمين باستغلال السلطة، وإذا لم يتجاوز المبلغ المستولى عليه مائتي ألف ليو "47 ألفًا و500 دولارً أمريكيًا"، ويسمح المرسوم في حال التنفيذ، بالعفو عن نحو ألفي سجين يقضون أحكامًا بالسجن لا تتعدى خمس سنوات.
وقال معارضون لـ"رويترز" إن المرسوم موجه لوقف ملاحقة السياسيين المشتبه بهم في جرائم، أو من يخضع منهم للاتهام والتحقيق، خاصة أن زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ليفيو دراغينا، ومسئولين اشتراكيين آخرين متهمون بقضايا فساد.
وتراجع رئيس الوزراء الروماني عن المرسوم لتهدئة الغضب بالشارع، وقال رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي في تصريح لـ"رومانيا نيوز" إنه سيجتمع لإلغاء هذا المرسوم الذي يعفي من الملاحقة القضائية، مؤكدًا أنه لا يريد تقسيم رومانيا، مُقرًا بأن المرسوم أحدث انقسامًا في المجتمع مجددًا، وأكد على أن دافع الحكومة كان ملائمة القانون الجزائي مع الدستور، وسيتم إعداد مشروع قانون جديد ليعرض هذه المرة على البرلمان.
ويحقق القضاء الروماني حاليًا في 2150 قضية استغلال للسلطة، وفي 2015 تمت محاكمة 27 مسئولًا رفيعًا، بينهم رئيس الوزراء حينها، فيكتور بونتا، إضافة إلى خمسة وزراء و16 نائبًا، غالبيتهم من اليساريين، وأواخر العام الماضي وجد أن من بين 588 عضوًا البرلمان المنتخب في عام 2012، وهناك 89 عضوًا أي 15% إما قيد التحقيق بتهمة الفساد، أو مدان أو اختار التنحي عن وظائف أخرى، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز".
وبحسب الإحصائيات، فإن مئات المسئولين دخلوا السجن في السنوات الأخيرة، وأكثر من 200 ألف قضية قيد التحقيق تتعلق بإساءة استخدام السلطة، حسب المحققين.
وتثير تلك الأزمة السياسية تخوفات لدى الاتحاد الأوروبي، التي انضمت له رومانيا حديثًا، وبالأخص في عام 2007، وحث المفوض الأوروبي حكومة رومانيا على عدم التراجع عن الجهود الرامية لمكافحة الفساد، وعبرت عن قلقها من المرسوم الذي ينزع التجريم عن جرائم استغلال السلطة.
ووفقًا لتقرير منظمة الشفافية الدولية الذي نشر نهاية يناير، تحتل رومانيا مراكز متأخرة جدًّا بين دول الاتحاد الأوربي، بشأن سيطرة الفساد على المواطنين.
يُذكر أن هذه الاحتجاجات تعد الأضخم من نوعها في البلاد منذ سقوط الشيوعية بها في عام 1989، وعلى حد وصف "كريس هارمن" كانت الأحداث في رومانيا أقرب إلى المشهد الكلاسيكي للثورة، حيث كانت البلد الوحيد الذي أُستخدم فيه العنف المسلح على نطاق واسع من قبل الديكتاتور الروماني السابق "شاوشيسكو" لقمع العمال المضربين والمتظاهرين في الشوارع، لكنه فشل في قمع الحركة والقضاء عليها، واستطاعت الجماهير الثائرة السيطرة على مقار الشرطة وأسلحتها، وانتهى الأمر إلى إعدام "شاوشيسكو" وزوجته، وترى المعارضة أن الأزمة السياسية الراهنة قد تدخل بهم على انتفاضة مشابهة.
Comments