السيسي وتصريحاته .. لماذا الجدل والسخرية عقب خطابات الرئيس ؟

اعتادت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تثير حولها حالة واسعة من الجدل والتعليقات الساخرة والانتقادات، سواء على "السوشيال ميديا"، مواقع التواصل الاجتماعي، أو مقالات الرأي بالصحف والمواقع الإلكترونية.

سياسيون اختلفوا حول تفسير الجدل الذي تثيره تصريحات الرئيس، البعض أرجعها إلى ما وصفوه بالتناقض في تلك التصريحات بين ما تحمله الكلمات وما بين ما يدور في الواقع، وآخرون اعتبروها تربص بالرئيس .

"محدش قالك إنك فقير قوي..احنا فقراء أوي..ودولة فقيرة"، كانت تلك أحدث تصريحات للرئيس، قالها بانفعال أثناء مشاركته في المؤتمر الثاني للشباب المقام في أسوان، نهاية شهر يناير المنصرم، لتكون حلقة في سلسلة من التصريحات التي أثارت الجدل حولها.

نشطاء "السوشيال ميديا" اعتادوا على الربط بين كل تصريح حديث يطلقه الرئيس وآخر قاله في مناسبات سابقة، فتظهر حالة من التناقض بين أحاديثه الماضية والحالية، ومن هنا تنهال التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي .

في تدوينه له عبر صفحته على "الفيسبوك"، عقد المحامي طارق العوضي، عضو هيئة الدفاع بقضية بطلان اتفاقية تيران وصنافير، بين تصريح الرئيس وما يفعله، قائلا :"عشان احنا فقراء اوىً بنعمل منتجع هضبة السخنة وعندنا منتجعات مغلقة، عشان احنا فقراء بنعمل عاصمة ادارية وبنعمل مسجد وكنيسة فيهم، عشان احنا فقراء فرشنا الأرض سجاد أحمر لسيارة الرئيس".

وتابع العوضي:"عشان احنا فقراء اشترينا للوزراء والمحافظين ومديرين الأمن عربيّات لاندكروزر جديدة، و زودنا مرتبات الجيش والشرطة والقضاء ٥ مرات في ٣سنين، واشترينا حاملة طائرات من فرنسا، أنا رأيي نحلها رباني ونموت كل الجعانين وبهذا محدش هيجوع".

طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، رأى أن هذا التناقض بين ما يقوله الرئيس وما يدور على أرض الواقع، هو ما يمنح بعض النشطاء الفرصة للسخرية والانتقاد،  على ساحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف فهمي، لـ "مصر العربية"، أن الرئيس قال من قبل إن "مصر قد الدنيا" ثم عاد وقال إنها شبه دولة، ومؤخرا إنها فقيرة جدا، متابعا :"أن التصريحات العامة التي يطلقها السيسي مثل "أهل الشر"، تثير الجدل وتفتح باب الاجتهادات أمام رواد "السوشيال ميديا".

في بداية فترته  الرئاسية تعهد السيسي في منتصف عام 2014،  بتحسين أحوال محدودي الدخل والظروف الاقتصادية خلال عامين، فخلال احتفاله بعيد الفلاح في 19 سبتمبر 2014 قال :"اصبروا علىّ سنتين واشتغلوا معايا، وحاسبونى بعدها، ويا رب أكون عنوان كويس لمصر".

وقبل أن يرحل عام 2016، وهو العام الثاني من تنصيب السيسي رئيسا، وبينما يفتتح المرحلة الأولى للمزارع السمكية بمحافظة الإسماعيلية، في ديسمبر الماضي، خاطب المصريين :"أطالبكم بالصبر ستة أشهر فقط"، في محاولة لتهدئة المواطنين نتيجة الارتفاع الهائل في أسعار السلع والخدمات، إثر الإجراءات التقشفية التي اتبعتها الحكومة مؤخرا وتحرير سعر صرف الجنيه.

في نفس خطاب الرئيس في 19 سبتمبر 2014 قال إن"المصريين أنجزوا فى 8 أيام ما قدّر خبراء الاقتصاد حدوثه فى شهرين على الأقل، وكل مرة أراهن على المصريين أكسب جداً"، وذلك بعد الإقبال الكبير على شهادات الاستثمار المطروحة لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة.

وبعد ما يزيد عن عامين من ذلك الخطاب، تساءل الرئيس خلال مؤتمر الشباب بأسوان، نهاية يناير الماضي :"أنا عملت اللي عليّ، لكن هل كل اللي بطلبو منكم تعملوه بتعملوه يا مصريين؟!"،

"إحنا ظروفنا صعبة، دايما بتقولوا لي هتعمل في دي إيه، وأنا بقولكم: وإنتو عملتوا إيه في اللي قلتلكم عليه".

الكاتب الصحفي تامر أبو عرب، علق على الخطاب عبر الفيسبوك قائلا:"٣ عربيات لرئيس النواب ووكيليه بـ١٨ مليون جنيه في وقت عايشين فيه على الإعانات و مشروعات صرف صحي قربت تخلص ببعض القرى والشغل فيها واقف من سنتين علشان 2 و3 مليون جنيه، وييجي حد يشخط فينا ويقول لنا انتوا فقرا قوي، احنا فقرا قوي علشان انتوا فاسدين قوي وفاشلين قوي قوي".

وأوضح طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن التعثر الذي تمر به الدولة وأعلن عنه الرئيس في خطابات متعددة وما تعانيه من فقر وأزمة اقتصادية، وفي نفس الوقت يعلن عن مشروعات قومية كبرى تحقق مكانة لمصر، ما يطرح معه هذه الحالة من الجدل. 

وشدد فهمي، لـ "مصر العربية"، أنه ليس من المطلوب شرح الصورة التي يستهدفها كاملة، ولكن لأن هناك تربص حقيقي بكل ما يطرحه من قبل رواد "السوشيال ميديا"، لابد أن يكون هناك خطاب سياسي متسق بين طرح الرئيس وتوجه الدولة، بحيث يكون الخطاب واضح ومتفق في الرؤية والتوجهات والواقع حتى لا يعطي فرصة للتربص به.

أما الكاتب أحمد الفقي فسخر من تصريحات الرئيس قائلا على الفيسبوك:"أنا معنديش مشكلة في موضوع بلد فقير، ومستعد أشحت في الإشارات، بس (أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا) وبعدها بسنتين (فقرا) و(شبه دولة)؟ أنا مخي على قدي، وكده هتلخبط".

وقبل وصول السيسي للحكم، قال خلال لقائه بعدد من قادة وضباط القوات المسلحة، في 14 يوليو 2013،  باعتباره وزيرا للدفاع آنذاك :" مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا"، وجاء ذلك بعد أيام من عزل الرئيس محمد مرسي من الحكم إثر أحداث 30 يونيو 2013.

وفي 5 مايو 2016 أثناء إطلاق شارة البدء لموسم حصاد القمح بالفرافرة، أدلى الرئيس بتصريحات سارت محط حديث الجميع ليس فقط في أوقاتها ولكنها لاتزال حتى الآن مثار للسخرية والانتقاد، جاء فيها:"إحنا مش في دولة حقيقية، طلوا على بلدكم صحيح، دي أشباه دولة مش دولة حقيقية".

من بين التصريحات التي أثارت السخرية، ما قاله الرئيس خلال المؤتمر الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ، في شهر أكتوبر الماضي، "والله العظيم قعدت 10 سنين ثلاجتي لا يوجد بها سوى المياه فقط، ومحدش سمع صوتي"، متابعا :"أنا من أسرة غنية، وآسف إني بقول الكلام ده، لكن عزة النفس وعفتها أمر هام".

وفي شهر فبراير 2016 أطلق السيسي دعوة التبرع لمصر بجنيه لدعم الاقتصاد المصري، قائلا: "كل يوم الصبح لو صبح كل مواطن على مصر بجنيه من تليفونه يعني 300 مليون في الشهر، و4 مليار بالسنة"، وبرغم الضجة والسخرية التي أعقبتها إلا أنها حصلت 400 ألف جنيه من تبرعات المصريين بعد ساعتين من خطاب الرئيس، بحسب تصريح سابق للمدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر محمد عشماوي .

على غرار حملة اتبرع بجنيه، دعا الرئيس في خطاب آخر إلى جمع "الفكة"، قائلا :"ينفع ناخد القروش الفكة نحطها في إنشاء مثل هذا المشروع، والناس في مصر عاوزه تساهم بس الآلية فين؟ تحيا مصر، والجمعيات الخيرية؟ ماشي؟، لكن فيه آلية أقوى لو كل واحد أخد الفكة دي واتبرع بيها، فبنتكلم في 20 مليون جنيه، لو سمحتم أنا عاوز الفلوس دي".

"أهل الشر"، هم أيضا محور حديث الرئيس دائما في أغلب المناسبات، يرجع إليهم السبب في التخطيط لإفشال البلاد وتدهور أحوالها، فدعى المصريين ألا ينصتوا لأحد غيره قائلا:" "بقول للمصريين اسمعوا كلامي أنا بس".