المحتوى الرئيسى

"شيطنة المسلمين".. أبشع الصور المرسومة عن الإسلام تنتشر في مراكز صنع القرار بإدارة ترامب، فمن أين يستمدُّ أفكاره؟

02/04 14:23

منذ بداية حملته الرئاسية لم يخف الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، رؤيته المظلمة لـ"الإسلام"، وكانت هذه الرؤية جزءاً من الحملة لكسب الأصوات عبر تخويف الأميركيين من الأخطار التي يحملها "إسلاميون متطرفون"، وتكللت هذه المخاوف مؤخراً بإصداره قراراً يقضي بحظر دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة.

فعلى منصة زاخرة بالأعلام الأميركية في ينجزتاون بولاية أوهايو، جادل ترامب، الذي نادى قبل أشهر "بالإيقاف الكامل والتام" لهجرة المسلمين، بأن الولايات المتحدة تواجه تهديداً على قدم المساواة مع أعظم شرور القرن العشرين. يتوحّش تنظيم الدولة الإسلامية على الشرق الأوسط، بينما يقتل المهاجرون المسلمون في الغرب الأبرياء في النوادي الليلية، والمكاتب والكنائس، على حد قوله. هناك حاجة لاتخاذ تدابير متشددة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

ودعا ترامب أنصاره إلى مواجهة "إيديولوجية الإسلام الراديكالي البغيضة"، حسب وصفه، وقال: "يجب ألا يُسمح لها بالتوطّن أو الانتشار في أوساط مجتمعاتنا".

ويعد من أبرز الأسباب التي جعلت الرئيس ترامب يتبنى سياسة متشددة ومشككة حيال الإسلام، الفريق الذي يحيط به وبعض أعضائه موجودون الآن في الإدارة الحالية، كـ مايكل فلين الذي يشغل الآن منصب مستشار الأمن القومي، وستيفن بانون كبير المخططين الاستراتيجيين للرئيس.

تستعير الرؤية العالمية تلك من أطروحة "صراع الحضارات" للعالم السياسي صامويل هنتنجتون، وتجمع بين تحذيرات صريحة من العنف المتطرّف، والانتقادات الواسعة غير المفصّلة للإسلام. هي تخلط أحياناً بين الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وبين الجماعات السلمية بشكلٍ كبير مثل جماعة الإخوان المسلمين، وفي أوقاتٍ معيّنة، بينها وبين 1.7 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم. في أكثر أشكالها تطرفاً، تدعم هذه النظرية مؤامرات عن اختراق الحكومة وخطر السيادة المحتملة للشريعة -وهي دستور الإسلام- في الولايات المتحدة الأميركية.

يقدم مبتنّو وجهات النظر هذه الإسلام على أنه "أيديولوجية عدوانية بطبيعتها"، معتنقوها أعداءٌ للمسيحية واليهودية ويسعون لدحر غير المؤمنين، إما عن طريق العنف أو من خلال نوعٍ من أنواع غسيل المخ المستتر.

الأمر التنفيذي بشأن المهاجرين، الذي وقعه ترامب يوم الجمعة، قد يُنظر له على أنه الانتصار الكبير الأول لهذه المدرسة الجيوسياسية. وفقاً لما ترى "نيويورك تايمز".

كما يجري الآن مسؤولون أميركيون وأشخاص مقربون لفريق الرئيس ترامب، نقاشاً في البيت الأبيض، حول ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية وإخضاعها للعقوبات الأميركية.

وقدّم السيناتور الجمهوري في الكونغرس الأمريكي "تيد كروز"، رفقة زميله السيناتور "ماريو دياز- بالارت" يناير/كانون الثاني الجاري مشروع قرار يطالب بإدراج جماعة "الإخوان المسلمين" كمنظمة إرهابية، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول للأنباء.

وبعيداً عن القيود التي فرضها الأمر التنفيذي على اللاجئين والزائرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، فإنّه أعلن أن الولايات المتحدة تُبعد هؤلاء الذين يتبنّون "مواقف عدائية تجاهها وتجاه مبادئها التأسيسية"، و"هؤلاء الذين يريدون إحلال الأيديولوجيات العنيفة محل القانون الأميركي" في إشارة واضحة إلى الشريعة الإسلامية.

هذه النظرية القاتمة عن الإسلام، التي نبذها معظم علماء الدين المخضرمين، وتحاشاها الرؤساء جورج بوش الابن وباراك أوباما، ازدهرت في هوامش اليمين الأميركي المتطرّف منذ ما قبل الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول 2001. لكن مع انتخاب ترامب، انتقلت تلك النظرة الآن إلى مركز صنع القرار الأميركي في مجالي الأمن والقانون، وهو ما أثار قلق العديد من المسلمين.

وبسؤاله حول العداء البادي للإسلام الذي بدا أثره في القرار، أشار البيت الأبيض إلى تعليقات لترامب في الخطاب الذي ألقاه في أغسطس/آب ومُناسبة أخرى عبّرت عن دعمه للمسلمين الإصلاحيين، وقالت إدارة ترامب أنه قال في أغسطس/آب "سوف نُصادق كل المسلمين المعتدلين الإصلاحيين في الشرق الأوسط، ونرفع أصواتهم".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن جيمس جاي كارافانو، الخبير الأمني في مؤسسة التراث والذي كان يعمل مستشاراً لفترة ترامب الانتقالية بوزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية، قوله إن الأمر التنفيذي ببساطة ما هو إلا "محاولة لاستباق التهديد". وأضاف أنه في ظل تزايد الضغط على تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، سيفر "عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب"، وقد يحاول بعضهم الوصول إلى أميركا، متظاهرين ربّما بأنهم لاجئون، وبالتالي أصبح تشديد الفحص الأمني على من يدخلون البلاد أمراً بالغ الأهمية.

لكن الكثير من المنتقدين يرون أن هذا الأمر التنفيذي، ما هو إلا استعراض مبتذل للقوة في مواجهة المسلمين لإثارة إعجاب قاعدة مؤيدي ترامب.

من جهتها رأت أسماء أفسار الدين، أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة إنديانا، ورئيسة مركز دراسات الإسلام والديمقراطية إن "الأمر التنفيذي سوف يأتي بنتائج عكسية من خلال تعزيز خط الفكر الجهادي الذي يقضي بأن الولايات المتحدة تحارب الإسلام، وقالت "إن البيت الأبيض هو منبر هائل. ستصبح شيطنة المسلمين والإسلام أكثر انتشاراً".

ولفتت أسماء إلى أن إدارة أوباما تستغل مناخ الخوف السائد منذ هجوم سبتمبر/أيلول 2001، وقالت "إنها سردية سائدة تحرّض العالم الإسلامي ضد الغرب"، تلقى رواجاً لدى أنصار ترامب ممّن لا يعرفون شيئاً عن المسلمين أو عن الإسلام بخلاف التقارير الإخبارية عن الهجمات الإرهابية.

وفي هذا السياق، لعبت كيليان كونواي مستشارة الرئيس الأميركي على وتر التخويف من المسلمين، خلال تبريرها لقرار ترامب بحظر دخول مواطني 7 دول ولاجئين، واختلقت قصة هجوم إرهابي لم تحدث.

ففي لقاء تلفزيوني مع قناة "MSNBC" المحلية، أمس الجمعة، قالت كونواي إن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، حظر دخول اللاجئين العراقيين ستة أشهر بعد ارتكاب اثنين من طالبي اللجوء العراقيين، مجزرة في مدينة "بولينغ غرين"، بولاية كينتاكي.

واستدركت المستشارة بالقول إن "أغلب الناس لا يعلمون (عن الحادثة) لأنه لم يتم نقلها إعلامياً".

وسرعان ما تراجعت المسؤولة عن ادعاء "المجزرة"، وذلك عبر تغريدة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إلا أنها لم تتراجع عن ادعاء حظر اللاجئين العراقيين. وذلك بعد تعرضها لانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب ما ذكرته وكالتا رويترز، والأناضول.

يأتي بانون وفلين على رأس الشخصيات ذات السجل الحافل في انتقاد الإسلام داخل الإدارة الأميركية. فقد نشر فلين في فبراير/شباط الماضي رابطاً على موقع تويتر لمقطع فيديو معادٍ للمسلمين، وكتب "الخوف من المسلمين أمرٌ منطقي". وقال في مقابلة أجريت معه "الإسلام ليس ديناً بالضرورة، وإنما نظام سياسي تقف خلفه عقيدة دينية".

وأضاف "هناك حرب كبرى تتشكّل، وهي حرب عالمية بالفعل. سنندم على كل يوم نرفض فيه النظر إلى الأمر على ما هو عليه، وإدراك حجمه وشرّه الحقيقي، ونأسف على أننا لم نتصرف". وفي مكانٍ آخر، قال بانون في برنامجه الإذاعي على بريتبارت نيوز "الإسلام ليس دين سلام - الإسلام دين إخضاع".

وأضاف محذراً من التأثير الإسلامي في أوروبا "بصراحة مؤلمة، المسيحية تموت في أوروبا والإسلام في تزايد".

الآخرون الذين يتبنون وجهات نظر مماثلة عن الإسلام منهم سيباستيان غوركا، الذي درَّس في جامعة الدفاع الوطني، وهو نائب مستشار الأمن القومي.

زوجة جوركا، كاثرين، التي كانت ترأس مراكز بحثية ركّزت على مخاطر الإسلام، تعمل الآن في وزارة الأمن الداخلي.

أما تيرا دال، التي كانت تشغل منصب مساعدة النائب الجمهوري السابق ميشيل باخمان، من ولاية مينيسوتا، فهي الآن مسؤولة بمجلس الأمن القومي.

وليد فارس، وهو مسيحي لبناني أميركي كان مستشاراً لبعض السياسيين في مجال مكافحة الإرهاب، كان أحد مستشاري حملة ترامب، لكنه لا يشغل أي منصب حكومي حالياً. كل هؤلاء الأربعة كتبوا لبريتبارت نيوز، الموقع اليميني الذي كان يديره بانون سابقاً.

يعكس كل من هؤلاء الأربعة الآراء المتشددة لما وصفه البعض بأنه صناعة الإسلاموفوبيا، وهي شبكة من الباحثين الذين حذروا لسنوات عديدة من مخاطر الإسلام، وأسعدهم انتخاب ترامب بشدة، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

كما يحذرون من المخاطر المزعومة التي تشكلها الشريعة الإسلامية على الحريات الأميركية، وقد أقنعوا عدداً من مشرّعي الولايات بحظر تطبيق الشريعة. وهو ادعاء يتعجب له معظم المسلمين وعلماء الإسلام، لأن المسلمين لا يشكلون سوى ما يقرب من 1٪ فقط من سكان الولايات المتحدة، وهم بالكاد في وضع يسمح لهم بإملاء فكرهم على الـ99 بالمائة الباقين.

أيضاً من بين أبرز الأسماء المناهضة للإسلام كيليان كونواي، التي تعمل الآن مستشارة لترامب، وأجرت عمليات استطلاعية لصالح مركز غافني. وقدم المركز العام الماضي، جائزة "حارس الشعلة" السنوية، للسيناتور جيف سيشنز، الذي حذّر من "التهديد الشمولي" الذي يشكله الإسلام الراديكالي، وهو مرشح ترامب لمنصب النائب العام.

وُصِف غافني بأنه "أحد أعتى كارهي الإسلام في أميركا" من قِبل مركز قانون الفقر الجنوبي. ووصفته رابطة مكافحة التشهير بأنه "أحد متعهّدي نظريات المؤامرة المعادية للمسلمين". وحتى مؤتمر العمل السياسي المحافظ -وهو اجتماع سنوي لساسة ونشطاء اليمين- قام بحظر غافني مؤقتاً بعد أن اتهم اثنين من منظميه بالعمالة لجماعة الإخوان المسلمين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل