المحتوى الرئيسى

مدير "بيت الحكمة": بكين لا تضطهد الإسلام و"خليج السويس" سيتحول إلى منطقة صينية

02/04 13:02

الحضارة الصينية الوحيدة المحافظة على تقاليدها

الغرب يضغط على الصين من جانب الأقليات

الحرية في الصين تختلف عن العالم

يجب أن نحدد ماذا نريد من الصين

”اطلبو العلم ولو في الصين” بذلك الحديث الشريف حثنا النبي على طلب العلم أينما كان، وعملت الصين على تقديم العلم إلى العالم العربي، من خلال عدة وسائل منها مشروع “بيت الحكمة” الذي أسسه الباحث المصرى أحمد السعيد، فيقوم على إنشاء بنوك المعلومات الصينية العربية الرقمية، ومنصة ترجمة إلكترونية من الصينية إلى العربية والعكس.

في حواره مع شبكة الإعلام العربية “محيط” على هامش فعاليات بيت الحكمة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب ، سرد لنا أهداف بيت الحكمة، وأسرار عن الشعب الصيني وحضارتها، وكيف يري الصيني الشعب المصري وحضارته.

كيف بدأ مشروع بيت الحكمة؟

بدأت فكرة انشاء بيت الحكمة ، بعدما تخرجت في قسم اللغة الصينية بجامعة الأزهر في عام 2005، وعملت مرشدا سياحيا باللغة الصينية، وشاركت في التحضير للدورة الأولى لمنتدى التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية، والذي شارك فيها 27 ناشر، فأردت أن أستفيد من كل هؤلاء الناشرين وقمت بتأسيس بيت الحكمة مع صديقي في 2011، وفي 2012 دخل معانا شريك ثاني.

وما سبب تسميته ببيت الحكمة؟

أردت أن يكون مثل بيت الحكمة الذي أنشأه الخليفة المأمون في بغداد قبل 1200 سنة، فالهدف من ذلك نشر الثقافة الصينية في العالم العربي ونشر ثقافة الدول العربية والعالم الإسلامي في الصين لتعريف الصينيين على العالم الإسلامي فهم لا يعرفون عن العرب إلا أنهم يتزوجون 4 ولا يأكلون لحوم الخنازير ويركبون الجمال.

وما هي الخدمات التي تقدمها؟

إنشاء بنوك المعلومات الصينية العربية الرقمية، حيث تم التعاقد مع دار الكتب والوثائق بإعطاء كتب منذ عام 1831 لوضعه على المكتبة الالكترونية، ومنصة ترجمة إلكترونية تعمل مباشرة بين الصينية العربية والعكس، وتبادل حقوق النشر، وتنظيم معارض، وتوزيع الكتب العربي، والأفلام الوثائقية.

كما أن هناك خطة في مجال الكتب الإلكترونية والأفلام والمسلسلات التلفزيونية لترجمة الكتب الإلكترونية والأفلام والمسلسلات التلفزيونية الصينية الممتازة للعربية وترويجها إلى العالم العربي، وأبرزها شخصية السندباد، وأصبح يعمل في بيت الحكمة الآن 72 موظفا و37 مترجما.

هل توجد توسعات لكم في الوطن العربي؟

لنا مكتب في القاهرة، ودبي والمغرب، كما أننا نحرص على المشاركة في كافة المعارض التي تقام بالوطن العربي، فنشارك كل سنة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في مصر ومعرض الشارقة الدولي للكتاب ومعرض أبو ظبي الدولي للكتاب في الإمارات ومعرض الدار البيضاء للكتاب في المغرب لترويج الأعمال الثقافية الممتازة الصينية إلى الدول العربية.

لكن المشروع ترجم أكثر من 500 كتاب من الصينية إلى العربي مقابل نحو 50 من العربية إلى الصينية.. لماذا هذا التفاوت؟

لأن الصين تعمل الآن على نشر ثقافتها في دول العالم، وخصصت ميزانية ضخمه لنشر ثقافتها، إلا أن العالم العربي وعلى وجه الخصوص مصر لم تقم بتوفير الميزانية اللازمة، وذلك لتدهور الحالة الاقتصادية، فأننا نقوم بترجمة الكتب العربية إلى صينية على استحياء.

ما هي أبرز الأعمال المصرية التي ترجمت إلى صينية؟

كتاب رد قلبي، وسيرة حياة ابن بطوطة، وإبراهيم عوض ، و”حياة محمد” الذي طبع لنحو 11 طبعة، وكتب إبراهيم الغيطاني، فأنا أحاول عمل توازن بين الثقافة العربية والصينية.

هل دراسة الثقافة وتعلم اللغة الصينية سهلة على الشباب العربي؟

صعبة في دراستها، وذلك لأن الحضارة الصينية الوحيدة المحافظة على تقاليدها منذ 5000 سنة، عكس الحضارة الفرعونية المصرية ، فليس لدينا الآن فراعنة، ولا يوجد في العراق الحضارة البابلية الآن .

وما تأثير حجب مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيس بوك” على الشعب الصيني؟

بالتأكيد أثر في تواصلهم مع العالم الخارجي، إلا أن الحكومة الصينية قامت بإنشاء بديل لكل موقع، كما أنه هناك ثقة متبادلة بين الشعب والحكومة، منذ عام 1949 فما فعلته الصين جعلها الأقوى حول العالم اقتصاديا.

هل يؤثر هذا على الحريات لدى الصينيين ؟

مفهوم الحرية في الصين يختلف عن العالم، فالحرية لديهم “أنت حر فيما لا تضر”، وليس لك دخل في الشؤون السياسية مادامت استطاعت تقديم لك المأكل والملبس وحياة آمنة، هي فكرة الثقة المتبادلة بين الحكومة والشعب، فالمواطن الصيني العادي لا يشعر أو يفهم معنى الحرية المغلقة وهو يعي أنه يعيش جيدا، فلديهم”كوميكس” والنكت للسخرية من الحكومة وبرامج للحديث عن المسئولين.

هل هذا لا يعرضهم لأي مساءلة؟

إطلاقا، فتعامل الشرطة نفسه مع المواطن الصيني جيد، فالشرطي يتعامل برقى مع المواطن بشكل يجعل الصينيين لا يعانون من مشاكل.

وماذا عن نسبة الجريمة داخل المجتمع الصيني؟

أحد الفلاسفة الصينيين له نظرية أنه إذا انقطعت الكهرباء عن طوكيو وشغنهاي ونيويورك وباريس في اللحظة نفسها فأقل معدل جريمة سيكون في شنغهاي، لأن التعاليم الكونفوشيوسية والبوذية أثرت بشكل كبير في ثقافتهم فهم لا يرتكبون الخطأ لأنه عيب وحرام بل لكونه مسيء لهم ولأسرهم.

لكن ظواهر الاغتصاب أو التحرش موجودة كأي مجتمع لكنها غير ظاهرة والدولة قوية وهذا يجعل المواطن يعي أنه له حقوق وعليه واجبات.

ما هو الوضع داخل إقليم شينجيانج ذو الأغلبية المسلمة؟

الصراع به عرقي، فأقلية الاويغور يقولون أن حقهم عمل دولة تركمنستان الشرقية والمنطقة التي يعيشون بها تمثل 19% من مساحة الصين و80% من بترولها وحدودها مع 13 دولة برية من أصل 15 دولة تقع على الحدود البرية الصينية لأنها أكبر دولة بالعالم لها حدود، فمن الصعب أن ينفصل الإقليم فأعطتهم الحكومة منذ خمسين عاما حكما ذاتيا، لكنهم يصرون على الانفصال بأجندات أجنبية من وجهة نظر الحكومة الصينية.

وفي نفس المنطقة تعيش 32 أقلية ليس لديهم مشاكل مع الحكومة، فالأزمة ليست دينية فهناك قومية الهوي في منطقة نينشيا لها حكم ذاتي ومسلمين وكل شارع به مسجد تقريبا، فهذا صراع سياسي يستغل فيه الدين والصين ترى أنهم ممولين من الغرب لأن مركزهم الرئيس في تركيا وألمانيا ويتلقون دعم من الدول الأوروبية.

والصين بدأت تستشعر خطورتهم بعد انضمام ألف فرد منهم لتنظيم “داعش” وبدأوا يعودون للصين مع التهديد بعمليات إرهابية وخريطة داعش العالمية ضمت إقليم شينجيانج لدولتها.

هل استطاعت الصين السيطرة على ذلك؟

استطاعت السيطرة بالقبضة الأمنية وهذا ساعدها في مرحلة ما لكنها الآن ضارة، والصين بدأت تستشعر خطورة هذا فيجب أن تعرفهم بالإسلام الوسطي لأنهم يأتون بأفكار خارجية ويحاولون إحداث مشاكل داخل الدولة.

وهل هذا يعني أن نسبة الإرهاب داخل الصين كبيرة؟

ليست كبيرة لكن هناك عمليات تنفذ فوقعت عام 2013 عملية إرهابية داخل ميدان السلام السماوي أكبر ميدان بالعالم والأعلى تأمينا، والصين دائما ما تعطي سياسات تفضيلية لهذا الأقلية لتصمت وفكرة الانفصال غير مطروحة لكنهم يصرون على الاستقلال وهذا لا يخلق نقطة مشتركة للحوار فالعنف يولد عنف من كلا الجانبين.

وهذه القضية تشبه كثيرا قضية النوبة داخل مصر، فهل نقبل أن تستقل النوبة عن مصر؟ لا فهي جزء منها لكن لا بد من إرضاء النوبيين وإعطاءهم بعض الحقوق، والحكومة الصينية بدأت تتخذ ذلك وجعلت التعليم لهذه الأقلية باللغتين اليغورية والصينية في كل مراحل التعليم وأنشأت لهم جامعات خاصة للحفاظ على ثقافتهم ولهم دعم شهري من الحكومة ولهم الحق في إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال.

الصين ليست في صراع مع الدين، فهي تمتلك 55 أقلية بينهم عشرة مسلمين منهم أقلية الايغور محل المشكلة لكن التسع أقليات الباقية تعيش في سلام.

يعني أن الصراع سياسي لا يركز عن كونهم مسلمين أو غير مسلمين؟

نعم، فالصين أيضا لديها مشكلة مشابهة مع البوذيين في التبت، فزعيم التبت دالاي لاما هرب من الصين إلى فرنسا والآن ينادي بالاستقلال، والتبتيون يعاملون أسوأ من معاملة المسلمين في حالات العنف، فالفكرة قوة الدولة أو الحفاظ على أمن الدولة بغض النظر عن الطرف الآخر وديانته فمفهوم الدولة هو الأساس.

وهناك مسئولين بالصين مسلمين منهم نائب رئيس الوزراء في الدورة السابقة، ووزير الأديان، وحاكم مقاطعة نينسيا وحاكم مقاطعة تشينجيانج جمعيهم مسلمين، فالأمر ليس دفاعا عن الصين لكن النظر بمنظور مختلف لأنهم لا يضطهدون الإسلام، فالحادثة التي وقعت العام الماضي بإجبار الطلبة المسلمين على تناول البطيخ بالإكراه حدثت بالفعل لكن تمت إقالة رئيس الجامعة ومسئول الحزب بها في اليوم نفسه.

ومسلمو قومية خوي لا يشتكون من الاضطهاد أو منعهم من الصيام، على عكس الايغور الذين يشتكون من منعهم من الصيام وهذه حالات فردية موجودة، ويفسرها الصينيون وفقا لنص الدستور بأنهم دولة لا دينية فبالتالي ممنوع ممارسة أية شعيرة دينية أثناء العمل، منها الصيام فهو هنا يملك مبرر دستوري بمنع ممارسة العمل أثناء الصيام ومن يرغب في الصيام فليحصل على إجازة.

والغرب له مشاكل اقتصادية مع الصين ويحاول أن يضغط من جانب الأقليات وحقوق الإنسان ليحقق بعض المصالح الاقتصادية.

تقصد أن تصدير فكرة اضطهاد الصين للإسلام مستهدفة؟

الفكرة غربية بالأساس وهي نفس فكرة أن الإسلام دين الإرهاب ، فالرئيس الصيني زار أحد المساجد منذ شهرين وقال للمسلمين داخله انه يجب أن نحافظ على صينية الإسلام وأنه متفق مع الإسلام في العالم كله في الإيمانات الست والأركان الخمس ولكن في ثقافته مرتبط بالثقافة الكونفوشيوسية والبوذية التي هي سلمية بذاتها وله ثقافة خاصة بالصين فيجب أن يحافظوا على الشعائر، فهو طرح فكرة صيننة الإسلام أي إبراز هوية الإسلام الثقافية الصينية وهي سابقة لم يقم بها أحد.

وكيف يمكن علاج تلك الأزمة؟

الغائب عن الأزمة هو الحوار، فالصين تحتاج إجراء حوار داخلي مع الأقليات وتحديدا مع الايغور، ونحن نحتاج لحوار مباشر مع الصين لكي نتعرف على هذه المشاكل مباشرة وهم دعوا لذلك أكثر من مرة للتحاور مع الأزهر وتفعيل دوره داخل الصين فهم يريدون الحفاظ على الإسلام الوسطي لأنهم قلقون من فكرة التشيع والوهابية.

وماذا عن البعثات الصينية التي تأتي للدراسة في الأزهر؟

منذ عام 1932 والوفود الصينية للأزهر لم تنقطع إلى الآن، والأزهري الذي يعود للصين يعامل هناك معاملة الإمام وينادونه بذلك، فالأزهر هناك له كل الاحترام والتقدير، واللغة العربية عند مسلمي الصين تسمى اللغة المقدسة.

ننتقل إلى الجانب الاقتصادي وتواجد الاستثمارات داخل مصر كيف سيكون شكلها خلال الفترة المقبلة؟

يجب أن نتعرف على الصين لكي نعرف ماذا نحتاج منهم؟ وهم يتعرفوا علينا لكي يعرفوا احتياجاتنا ويساندوننا، والصين تتجه الآن لفكرة الحلفاء وترى أن حليفها الأكبر في المنطقة العربية والشرق الأوسط هو مصر، لكنهم ينتظرون حتى استقرار الأوضاع في جميع النواحي ويبدأون في ضخ استثماراتهم، فبالنظر إلى استثماراتهم في المغرب والجزائر مهولة، فينفذون أكبر ميناء في العالم في طنجة وأكبر مشورعات تكرير غاز في العالم في الجزائر.

وماذا عن مشروعاتهم داخل مصر؟

منطقة خليج السويس كلها ستتحول إلى منطقة صينية وهذا يرتبط بنسبة الاستقرار في مصر.

وهل  استبعدت الصين ، مصر من مشروع الحزام والطريق؟

إطلاقا، هم يعتبرون أن قناة السويس هي نهاية الخط الواصل على طريق الحرير البحري، وتعتبر الإسكندرية هي محطة رئيسية على طريق الحرير البري، وأن مصر من الدول الـ68 المعلن عنهم في مشروع الحزام والطريق فهي الدولة الأفريقية الوحيدة الموجودة في المشروع.

وخلال زيارة الرئيس الصيني الماضية في يناير العام المنصرم كانت أكبر تأكيد على ذلك بعد انقطاع 12 عام، جاء الرئيس وطرح أكثر من مشروع، لكن يجب أن نحدد ماذا نريد نحن فلا يجب أن نقترح عليهم عمل مدينة ترفيهية في العاصمة الإدارية الجديدة في حين إننا نستطيع أن نقترح عليهم مشروعات سكك حديدية وبنية تحتية واستصلاح أراضي فهم يمتلكون الخبرات كما أنها الآن هي أكبر دولة مانحة للاستثمار في العالم.

هناك فكرة سائدة عن المنتجات الصينية أنها غير جيدة بشكل كبير فما رأيك؟

صحيح لكن ذلك يعود للمستورد المصري، فالصين ممنوع بها بيع المنتجات المقلدة وعقوبة ذلك حبس ثلاث سنوات، وشركة “أبل” أغلقت هناك 21 مصنع كانوا يقلدون منتجاتها والأسعار داخل الصين ثلاثة أضعاف الأسعار المصرية، لكن المستورد المصري يلجأ للصيني صاحب مصنع “بير السلم” ويطلب منه منتج ما بسعر قليل، فالصيني ينتج بمادة خام سيئة جدا ليبيع له لأنه تاجر، والذي يحدد الجودة هو المستورد أو المستثمر المصري.

ونحن لا نمتلك آلية للرقابة على الواردات، لكن المنتج الصيني هو الأكثر مبيعا في أمريكا وأوروبا لكن بالمواصفات العالية، فالحكومة الصينية بعد أن بدأت تغزو العالم بمنتجاتها عملت سياسة المرتجع الضريبي فتصدر للخارج، والضريبة التي يدفعها المصدر بنسبة 17 أو 18% ستعيدها إليه بنسبة أعلى لأن المصدر يساهم في الاقتصاد فبدأ المستثمر للبيع بأسعار أقل من السوق المحلي، والمنتج الواحد له عشر دراجات للجوة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل