المحتوى الرئيسى

ولماذا لا تكون لنا مبادرة؟

02/02 22:07

(١) هذا هو المقال (١٥) فى سلسلة مقالات «الإخوان والحق المر»، وفيه نتناول ما حدث فى جلسة مكتب الإرشاد التى رأسها محمد هلال لتسمية من سيكون مرشداً عقب وفاة المستشار المأمون الهضيبى وقبل أن يتم دفنه.. كان عدد الحاضرين فى الجلسة ١٢ عضواً، وكان الدكتور رشاد البيومى (العضو ١٣) غائباً بسبب مرضه، لكنه كان على اتصال بنا عبر الهاتف كى يشارك فى عملية الاختيار.. وتوسيعاً لقاعدة التصويت، اقترحت على الحاضرين فكرة أن يختار كل عضو ٣ أسماء من بينهم، أى يكون عدد المصوتين ٣٩ بدلاً من ١٣، فوافقوا على ذلك.. وتم اختيار ٣ أعضاء لفرز الأصوات، حيث كان التصويت سرياً.. فى المرة الأولى حصل الثلاثة: محمد مهدى عاكف، محمد حبيب، وخيرت الشاطر على أعلى الأصوات.. وفى المرة الثانية جرى الاختيار بين الثلاثة على أن يختار العضو اسماً واحداً فقط، فحصل الاثنان: محمد مهدى عاكف ومحمد حبيب على أعلى الأصوات.. وفى المرة الثالثة جرى الاختيار بين الاثنين فحصل «عاكف» على ٧ أصوات، و«حبيب» على ٦ أصوات، وبذلك اعتبر الأول فائزاً.. كان «عاكف» جالساً فى الصالة خارج غرفة المكتب، منتظراً للنتيجة.. خرجت إليه وكنت أول المهنئين له.. والحقيقة أنى رأيت عينيه تدمعان، وهو يقول (متلعثماً) غير مصدق: أنا لا أقوى على هذا.. أنا.. أنا ضعيف! قلت: سوف يكون إخوانك عوناً لك.. وجاء بقية الإخوان يهنئونه، لكن نظرات بعضهم كانت توحى بعدم تصديق ما حدث! غير أننا فوجئنا بعاكف يقوم من بيننا وينتقل إلى غرفة المكتب، ويجلس إلى مكتب المرشد، فنبهه محمد هلال إلى أنه لم يصبح بعد مرشداً، وأن عليه الانتظار ريثما تأتى موافقة مجلس شورى التنظيم الدولى، وأنه، أى «هلال»، ما زال قائماً بعمل المرشد.. اعتبر «عاكف» ما قاله محمد هلال مزحة، لم يتوقف عندها، والتفت إلينا قائلاً: ما رأيكم فى أن يكون الدكتور محمد حبيب نائباً أول والمهندس خيرت الشاطر نائباً ثانياً؟ بالطبع لم يكن أمام «عاكف» سوى هذا، فقد كان من المحتمل أن يكون أحدهما مرشداً، كما صرح هو بعد ذلك لوسائل الإعلام.. قال أعضاء المكتب موافقون.. قال: لا داعى لأن نعلن عن ذلك حتى تأتى موافقة مجلس الشورى.. ثم أردف قائلاً: ما رأيكم فى أن يظل الدكتور حسن هويدى (سورى الجنسية) نائباً ثالثاً؟ قالوا: لا بأس..

(٢) انتهت الجلسة عند هذا الحد، وقمنا نستعد للذهاب إلى صلاة الجنازة على المستشار المأمون الهضيبى بمسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، حيث شارك فيها خلق كثير لا يقل عن ١٥٠ ألفاً.. بعدها انتقلنا إلى مقابر الأسرة بعرب الصوالحة حيث دفن (رحمه الله) هناك قرب صلاة العصر.. جاءتنا موافقة مجلس شورى التنظيم الدولى يوم ١٤ يناير ٢٠٠٤، وبذلك أصبح محمد مهدى عاكف مرشداً عاماً منذ ذلك التاريخ، وارتأينا أن نرجئ الإعلان عن اختيار النائبين أسبوعاً، أى يوم ٢١ يناير.. وقد كان.. بقى أن نقول إن الانتخابات التى جرت لاختيار أو تسمية المرشد فى مراحلها الثلاث لم تخضع لأية معايير.. فما هى القواعد والأصول التى تم على أساسها اختيار الثلاثة «عاكف» و«حبيب» والشاطر» فى المرة الأولى، ثم اختيار «عاكف» و«حبيب» فى المرة الثانية، واختيار «عاكف» فى المرة الثالثة؟! لا أدرى.. لكن كان من الواضح أن عوامل: السن، وتاريخ الالتحاق بالجماعة، ومعاناة السجون لعبت دورها.

(٣) بعد اختيار محمد مهدى عاكف مرشداً بشهر ونصف تقريباً، أى فى أواخر فبراير، إذ بينما كنت جالساً مع المرشد فى غرفة مكتبه، حضر إلينا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ثم الدكتور عصام العريان، حيث أخبرنا الأول أن ثمة مبادرة للإصلاح السياسى أُعلن عنها بالأمس وقد وقع عليها نحو ٣٠٠ شخص من النخبة فيهم المستشار طارق البشرى، فهمى هويدى، الدكتور عبدالوهاب المسيرى، جورج إسحق، وآخرون.. وذكر عبدالمنعم أنهم اتصلوا به يستأذنونه لتضمين اسمه فى الموقعين على المبادرة فلم يمانع.. وهنا قال المرشد: ولماذا لا تكون لنا نحن مبادرة؟ قلت: إن المشكلة لا تكمن فى أن تكون لنا مبادرة ننافس فيها أو نكون أولى بها من غيرنا.. وفى ظنى لا بد أن نطرح على أنفسنا سؤالين رئيسيين قبل أن نشرع فى التقدم بمبادرة.. أولاً: لقد تقدمت القوى الحزبية والسياسية -وكان الإخوان جزءاً منها- عام ١٩٩٨ بمبادرة للإصلاح السياسى، وأعتقد أن المناخ السياسى عام ٢٠٠٤ هو تقريباً نفس مناخ عام ١٩٩٨، وليس هناك جديد، وبالتالى فما هو الذى نريد أن نقدمه للمجتمع؟ ثانياً: يجب علينا -على الأقل- أن نقرأ المبادرة الأخيرة قراءة متأنية ونقومها، وهل حملت جديداً أم لا، وهل هذا الجديد كاف؟ ثم نقرر بعدها إذا كنا ننضم إليها أو ننشئ نحن مبادرة خاصة بنا.. رفض المرشد.. قلت: إذن دعنا ندعو هيئة المكتب لعرض الأمر عليه حتى يشاركنا الرأى والمشورة.. قال المرشد: لا.. وللأسف، شجعه على ذلك عبدالمنعم وعصام، وقالا: يمكن حجز صالة بنقابة الصحفيين الساعة ١٢ ظهر الأربعاء ٣/ ٣/ ٢٠٠٤ بصفة مبدئية، كسباً للوقت، وإذا حدثت معوقات تحول دون ذلك، قمنا بسحب طلبنا ولم نخسر شيئاً.. قلت: يا إخوان.. لا داعى للعجلة.. لكن المرشد أصر، ونادى على أحد الموظفين بدار المركز العام وكلفه بحجز الصالة فى الموعد المذكور.. من المضحك المبكى أنه فى ذلك الوقت لم تكن لدينا نحن الإخوان رؤية، أو مشروع، أو أى مادة تصلح كأساس لمبادرة.. وهكذا جرت الأمور، وليقضى الله أمراً كان مفعولاً!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل