المحتوى الرئيسى

"خفير" ينتحر لكثرة مشاكله مع زوجته

02/02 21:39

(مين هناك) كلمة ظل يرددها «محمد» طوال 15 عاماً، خلال نوبات ونوبتجيات عمله (خفير درك) بإحدى قرى مركز ملوى، الناس تنام ملتحفة بالبطاطين من شدة البرد، وهو يلتحف بندقيته، ورايح جاى عينيه فى وسط رأسه، خايف على دركه من اللصوص، وما أكثرها، عاش قصصاً وحكايات وراء كل باب، يومياً خلال عمله يعود من عمله مع أول تباشير الصباح، وخيوط الشمس الذهبية، فحينما تصحو الأهالى وتستيقظ من نومها ذاهبة إلى أعمالها بالحقل والتعليم وخلافه، تنتهى نوبة عمل «محمد».

يمر خلال عودته محملاً بالعيش السخن، ويمر على الست (فتحية) لشراء الفول والطعمية، يطرق الباب لتفتح زوجته (كوثر) يجلس هو وزوجته وأولاده الثلاثة على الطبلية لتناول وجبة الإفطار، ليذهب بعدها الأولاد إلى مدارسهم، وتستعد الزوجة لقضاء مصالح بيتها، 15 عاماً على هذا المنوال، كوثر زوجته يوم وراء الثانى وسنة تلو الأخرى تشعر بالرتابة والملل، بدأت تعبر عن غضبها، يا راجل مفيش يوم إجازة تنام وسط أولادك، هتفضل كده على طول، رايح الدرك جاى من الدرك، وحتى لما بتيجى، بتكون تعبان ومهدود من السهر طول الليل، حاول تاخدلك كام يوم إجازة، دى مبقتش عيشة.

زوجها إنتِ عارفة يا (كوثر) صعب آخذ الإجازات فى الأيام اللى إحنا فيها، وبعدين يا ستى ده حالى وحال زملائى، هنعمل إيه أكل العيش (مر)، وأنا راجل موظف ومفيش حيلتنا غير المرتب، هنعيش منين لو سبت الشغل، يومياً على هذا المنوال، الزوجة تعبر عن غضبها، و«محمد» يحاول أن يرضيها، يعرف أن من حقها أن تعيش كزوجة، تأنس بدفء ووجود زوجها فى المنزل، ولكن ما باليد حيلة، يخرج «محمد» يومياً مع الساعات الأولى لغياب الشمس، مصحوباً بنظرات العتاب والضيق من (كوثر)، ويعود مع تباشير الصباح مستقبلاً بنفس النظرات، هى تشعره بنظراتها أنه مثل (حمار الساقية)، وهو يعرف أنه لا مفر من قدره، فهذا هو عمله ومصدر رزقه، فلا أرض زراعية لديه ولا عمل آخر يرتزق منه.

«محمد» شعر بأن زوجته تخنقه بكلماتها ونظراتها، وأصبح ذهابه للعمل، كالذهاب للجحيم، فزوجته تشعره فى الرايحة والجاية، أن ذهابه للعمل هو خيانة لها، وهو لا يملك فى الأمر حيلة، أصبح «محمد» شارداً فى عمله، يتحدث مع نفسه فى الطريق، والأهالى تلاحظه، حتى خلال عمله بـ(الدرك)، الأهالى يلقون عليه السلام وهو لا يرد، فأصبحت أذناه لا تسمع سوى كلمات (كوثر)، رايح فين يا سى «محمد» وسايبنى، خلاص يا «محمد» طلقنى، دى مبقتش عيشة، أنا عاوزة أعيش زى باقى الستات. أنت لا تحبنى.. بل كل عشقك للبندقية ولحضرة العمدة.

طلقنى يا «محمد» مش عاوزة أعيش معاك تانى، خلاص أنا زهقت، وزوجها يعلم أن بطلاقها مين هيربى الأولاد الثلاثة، ومين الست اللى هترضى تتزوج واحد مش بيقعد فى البيت إلا ساعات معدودة، ودائماً يكون فيها نائماً منهكاً من السهر فى عمله، كوثر تضيق الخناق على زوجها، حتى أصبح المنزل الذى كانت السعادة ترفرف بأجنحتها خلال سنوات الزواج الأولي، تحول إلى جحيم، وعمله أصبح كالسجن.

لكن هعمل إيه الطلاق مش هينفع، وإن تركت العمل برده مش هينفع، طيب إيه اللى هينفع، يحاول أن يهب من جلسته، لكن الشيطان لا يتركه يفر هارباً، سيب لهم الدنيا بحالها وارحل، ارحل يا «محمد» اسمع كلامي، ريحهم منك خالص، يعنى إيه أسافر، لا يا «محمد» تسافر إيه، لو سافرت المشكلة بعينها موجودة، موت يا «محمد» وريحهم، يخرج «محمد» وكوثر زوجته تودعه بنظراتها الحارقة، فهو ذاهب اليوم للعمل ببرج حراسة نقطة الشرطة، يذهب لاستلام بندقيته والطلقات النارية، هو شارد يسير مثلما يسير الرجل النائم المخدر، لا يرى شيئاً أمامه، زميلاه «رياض» و«على» يصيحان عليه مالك يا «محمد» وهو لا يرد، فقد حانت الساعة وأزفت الأزفة، فملك الموت قد أصم أذنيه، وهو عاقد النية على الخلاص، يصعد إلى برج حراسته، وفور صعوده للبرج، وزملاؤه يترقبونه لأنهم استشعروا أن هناك شيئاً ما سيحدث، يمسك بندقيته، ويقوم بتفريغ طلقاتها ببطنه وصدره، الجميع يركض على «محمد».

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل