المحتوى الرئيسى

أحمد حمدان يكتب: اظلموها لأنها مطلقة | ساسة بوست

02/02 18:18

منذ 1 دقيقة، 2 فبراير,2017

توفي أبو سلمة فأرسل إليها النبي بدعاء المصيبة «اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها» فكان الخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها وهي أرملة.

شتان بين ثقافتنا وثقافتهم في التعامل مع المرأة في حالات رفضها المجتمع، أقصد بين المجتمع في العصر الحاضر والمجتمع ممن ينظرون للمرأة على أنها شيء حقير في حالة انفصالها أو عدم إكمال الحياة الزوجية بالوفاة أو بالطلاق، وهو الأمر الذي أصبح ثقافة في بلادنا أن المرأة المطلقة أو الأرملة تدور حولها الشبهات والقيل والقال وربما كان الرجل في نفس الموقف فيتعاطفون مع حالته ولا يتهمونه بشيء من ذلك.

كثيرا ما يكون فشل العلاقات بين الأزواج بسبب الرجل ولكن دائمًا تكون المرأة هي الضحية التي لا تصيبها لعنة الطلاق في وقتها، بل تستمر لتلاحقها طيلة حياتها، فتكون حركاتها وسكناتها يتحكم فيها الصغير والكبير، مع العلم أن الشارع الحكيم قد كفل لها في هذه الحالة أن تزوج نفسها بنفسها وهذا يدل على أنها أصبحت قادرة على تحمل تبعات ما تقدم عليه.

هذه المرأة كانت تطلق ويموت زوجها في العهد الأول للدعوة فترى أنها تتزوج وتنجب وتبدأ حياة جديدة، لا تقف الحياة عند شخص بعينه، قد يعتقد القارئ أنني أجامل النساء بتلك الكلمات، ولكن الحقيقة أن المرأة في زماننا هي نفس المرأة في البداية مع تغير احتياجات العصر ومتطلبات الحياة ولكن المجتمع الأول الذي تأسس في المدينة لم يكن مجتمعًا بعيدًا عن كل هذه الأمور، وإنما كان مجتمعًا يحدث فيه ما يحدث في زماننا فهناك من زنت وتابت ومن زنى وتاب ومن شرب الخمر، ولكن المجتمع كان يتعامل مع هؤلاء بالحكمة وليس بمنظور الفوقية الذي يعامل بعضنا بعضًا به، فالمرأة المطلقة أو الأرملة تخشاها النساء على أزواجهن، وفي الحقيقة إن الزواج شرع الله الذي أحله لهذه الأمة فقال «فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع».

في مجتمعاتنا تكون المرأة هي الشر الذي لا بد للجميع أن يتجنبه ويبتعد عنه كأنها الجذام لا بد أن تفر وإلا أصابتك لعنتها، نفكر بتلك المرأة ولا ندري أننا نقتلها بذلك مرتين، أولاهما عندما تزوجت برجل لا يعرف من الزواج إلا «الرجال قوامون على النساء» ويترك الدين كله، وربما تكون الكارثة أعظم إذا كان من يفعل ذلك أحد من يسمون أنفسهم بالملتزمين دينيًّا، فمتى كان الالتزام معناه أن تهمل أهلك وزوجتك دون الحديث إليها أو السؤال عن مكنوناتها وما تمر به.

تكون أنجح فترات الزواج بدايته أو مرحلة الخطوبة التي تسبق الزواج، وهذا مع كثير من الناس إن لم يكن الجميع، فلماذا لا يدوم الحال كما هو في مرحلة الخطوبة أو بداية الزواج؟

من دراستي لما مر عليّ من حالات نجح فيها الزواج أو أخفق أرى أن السبب الرئيس في النجاح أو الفشل هو الرجل وليس المرأة؛ وذلك ربما لعدم فهمه لطبيعة المرأة التي خلقها الله ضعيفة في كل شيء، فهو يتعامل معها على أنها ملك يمين من حقه أن سيتمتع بحياته دون أن يكون لها الحق أن تشاركه.

الإهمال الزائد الذي يعتبره الرجل مملًا ولا يدري أن المرأة تتغير إذا رأت منك رغبه في ذلك، لا أن تغير لها طباعها في ليلة وضحاها وقد عاشت عمرها في بيت أبيها أميرة لا تعرف غير الدلال والترف، فأب يدلل وأم تهتم وتأخذها أنت فتريدها لك زوجة وصديقة وعشيقة وأما وأبا وخادمة ومرضعة ومربية ووو ثم تطالبها بالاهتمام من جانبها وأنت لا تهتم.

لقد كان الزوج الأول الذي علم البشر رقي التعامل مع النساء، محمد صلى الله عليه وسلم يعامل السيدة خديجة وهي التي تكبره في السن بخمسة وعشرين عامًا ويعامل السيدة عائشة التي تصغره ومع ذلك لم يعرف عنه مرة أنه اعتدى على امرأة بالضرب أو السب، بل كان كما ورد يكون في خدمة أهله ولم يكن يتكبر أو يتضجر كما يفعل الرجال في عصرنا.

إن محمدًا صلى الله عليه وسلم وهو النبي الذي يحمل هم أمة يخرج مع نسائه ويلعب معهن ويسابقهن، فلم يمنعه شيء عن فعل ذلك وهو نبي مهموم بأمور دعوته وأمته التي اجتمع العالم على حربها، بل كان زوجًا وفيًّا عادلًا بين زوجاته لا فرق بين كبيرة وصغيرة، يعرف مكنونات نفوسهن فيفهم وعلم الصحابة ذلك «غارت أمكم» خير مثال على ذلك.

إن غياب القدوة في حياة الأزواج يكون سببًا في هدم ذلك الكيان العظيم كيان الزوجية فدائمًا نعلق أخطاءنا على غيرنا لنبرر لأنفسنا أو للمجتمع أننا لسنا السبب، وأن الطرف الآخر هو المسؤول عن فشل العلاقة وما ذلك إلا هروب من الحقيقة التي لا نحب رؤيتها أو سماعها.

تزوجوا كيفما تشاؤون ولكن تعلموا قبل أن تقتلوا بنات المسلمين وتتركونهم للمجتمع يعانون تلك النظرة الخبيثة إليهم، وتتركون في المجتمع زهورًا قد ذبلت قبل أوانها، وحياة إنسانة قد شوهها لفظ مطلقة تكتب في هويتها فتجعل الجميع يلقي باللوم عليها ولا يعلمون أن وراء ذلك رجل إما جاهل أو سادي أراد أن يثبت لنفسه أنه قادر على تحطيم القلوب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل