المحتوى الرئيسى

دعاء عبدالنبي تكتب: عودة المغرب للاتحاد.. هل ينهي أزمة البوليساريو؟ | ساسة بوست

02/02 18:18

منذ 1 دقيقة، 2 فبراير,2017

بعد 32 عامًا من الانسحاب من الاتحاد الأفريقي، عاد المغرب لمؤسسته القارية بوجهة دبلوماسية يكسوها التعاون الأمني مع الجزائر رغم النزاع القائم بينهما بسبب «الصحراء الغربية» من أجل التصدي للتهديدات الإرهابية، وسط تكهنات ورهانات فهناك من يرى بأنها مناورة مغربية لمحاصرة جبهة البوليساريو وفرض سيطرتها على الصحراء، وبين من يرى أنها قد تمهد لإنهاء الأزمة التي دامت لعقود لا سيما وأن عودة المغرب مع بقاء عضوية البوليساريو تعني ضمنيًا بحسب بعض المحللين اعترافَا باستقلالها .

جاء قرار المغرب بالانسحاب من عضوية الاتحاد الأفريقي عام 1984، اعتراضًا منها على اعتراف المنظمة آنذاك بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» والتي تقودها جبهة «البوليساريو»، والتي أعلنت استقلالها من جانب واحد منتصف السبعينيات وحظيت باعتراف بعض الدول آنذاك.

بدأ النزاع على منطقة الصحراء، عندما دعا الملك المغربي الراحل «الحسن الثاني» في نوفمبر عام 1975، إلى تنظيم حشد شعبي عرف باسم «المسيرة الخضراء» للضغط على إسبانيا لمغادرة منطقة الصحراء الغربية التي كانت تحتلها، وأدت المسيرة إلى الضغط على إسبانيا وبدء التفاوض في 14 من ذات الشهر، انتهى بتوقيع «اتفاقية مدريد» التي تخلت بموجبها إسبانيا عن إقليم الصحراء وقسّم بين المغرب وموريتانيا، وهو الاتفاق الذي عارضته الجزائر وجبهة البوليساريو مطالبة بإقرار الحق في تقرير المصير للشعب الصحراوي.

كانت الصحراء الغربية حينها حافلة بالحركات السياسية المناهضة للاستعمار الإسباني، بعضها كان تابعًا أو مقربًا للمغرب وبعضها لموريتانيا، لكن التيار الأهم كان ذلك الذي يتبنى الاستقلال مطالبًا بقيام دولة صحراوية مستقلة، وعلى رأسها البوليساريو والتي تأسست عام 1973، إذ رفعت الجبهة رايات الاستقلال والكفاح المسلح، وأعلنت الحركة قيام الجمهورية الصحراوية في إبريل 1976؛ ردًا على اتفاق المغرب وموريتانيا على تقسيم الصحراء لتبدأ المواجهات العسكرية والصراعات الدبلوماسية في مقار المنظمات الدولية والإقليمية وخاصة الاتحاد الأفريقي الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية؛ مما أدى لانسحاب المغرب من المنظمة احتجاجًا على ذلك.

قبل سبعة أشهر، أعلنت المملكة المغربية عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي، وهو ما جاء في الرسالة التي وجهها الملك المغربي محمد لقمة الاتحاد الأفريقي الـ 27 في كيجالي، موضحًا فيها أسباب انسحاب بلاده ورغبتها في الانضمام لمؤسسته الأفريقية دون أن يشترط خروج الجمهورية الصحراوية كما كان في السابق.

جاء تغير الموقف المغربي حيال موقفه من الاتحاد رغم النزاع القائم مع جبهة البوليساريو، لعدة أسباب من بينها التهديدات الإرهابية التي تواجه كلا من المغرب والجزائر نظرًا لوجود داعش في ليبيا، وتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، تاركين وراء ظهورهم تاريخًا طويلًا من التوتر في العلاقات، كانت مسألة الصحراء الغربية من أهم أسبابه.

ومن بين الأسباب أيضًا الضغوط الغربية خاصة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، على البلدين من أجل تعزيز تعاونهما في مكافحة الإرهاب والتنسيق في كشف الشبكات الإرهابية التي تستغل الثغرات في كلا البلدين للقيام بعملياتها.

ويبدو أن المغرب يسعى جاهدًا لاستغلال الظروف الإقليمية والدولية، ولا سيما فيما يتعلق بتنامي خطر الإرهاب وتزايد المخاوف الأفريقية من تنامي النزاعات الانفصالية، للعودة للاتحاد ومحاصرة البوليساريو ولتعزيز موقف المقترح المغربي، وهو الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة، والذي دعمته دول كبرى مثل الولايات المتحدة، بحسب المحللين.

وفي المقابل كشف هذا التحول أيضًا عن قوة الاتحاد الأفريقي باعتباره منظمة جماعية استطاعت توفير غطاء دبلوماسي لـلبوليساريو؛ مما دفع المملكة لطلب العودة إليها والعمل من خلالها.

وسط توقعات ورهانات كثيرة، وافق الاتحاد في قمته الـ28 المنعقدة في أديس أبابا يوم الإثنين الموافق 30 يناير 2017، على طلب عودة المغرب لعضوية الاتحاد الأفريقي ليصبح العضو الخامس والخمسين، بعد غياب دام أكثر من ثلاثين عامًا.

جاء القرار بأغلبية الأصوات بموافقة 39 دولة من أصل 54، بعد تجاذبات شهدتها الجلسة المغلقة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، ضمن أعمال اليوم الأول من القمة، تحت شعار «2017 سنة تسخير العائد الديموجرافي من خلال الاستثمار في الشباب».

كانت المغرب قد استوفت الشروط القانونية لنيل العضوية، والمتمثلة في المصادقة على القانون التأسيسي والانتماء جغرافيًا إلى القارة، فضلًا عن موافقة أغلبية الدول الأعضاء على طلب العودة، بحسب ما أفاد مصدر بالاتحاد الأفريقي.

يذكر أن الجزائر كانت من الدول المؤيدة لعودة المغرب للاتحاد، وهو ما لفت انتباه العديد من المتابعين، بين من اعتبره انتصارًا للموقف الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو واعترافًا ضمنيًا بالجمهورية التي تعلنها هذه الجبهة، وبين من يراه تحولًا في موقفها، أما البعض الآخر ينظر إليه على أنه بداية مرحلة جديدة من التنافس.

فرغم الخلاف القائم بين الجزائر والمغرب على خلفية النزاع بشأن الصحراء الغربية، إلا أنها سبق وأعلنت قبل انعقاد القمة بأنها لا تعارض انضمام المغرب للاتحاد الأفريقي، وهو ما أعلنه وزير الشؤون الأفريقية الجزائري عبدالقادر مساهل.

ويرى المحلل الجزائري يوسف ين يزة، أن الترحيب الجزائري جاء في سياق «ترسيخ المقاربة الجزائرية لحل مشكلة الصحراء الغربية»، مبررًا كلامه بقوله إن «الالتزام بلوائح الاتحاد من طرف المغرب يعني ضمنيًا التخلي عن مطالبها بخروج الصحراء الغربية من الاتحاد وهذا نوع من الاعتراف الضمني بها باعتبارها دولة».

لم يتضح إن كان القرار الأفريقي بعودة المغرب، مرهونًا بشروط تخص مستقبل عضوية جبهة البوليساريو بالاتحاد، فقد سبق للمغرب أن ربط عودته للاتحاد بطرد الجبهة منها قبل أن يتراجع عن هذا الشرط، حيث وقعت الرباط على الميثاق التأسيسي للاتحاد الذي يوجب على الدول الأعضاء احترام سيادة بعضها بعضًا.

من جانبها، أفادت جبهة البوليساريو أن عضوية المغرب قُبلت مع التأكيد على بقاء الجبهة عضوًا في الاتحاد، مع التركيز على ضرورة احترام المغرب لحدود الصحراء الغربية المعترف بها دوليًا، وسط آمال بأن يقود هذا الأمر لحل نزاع الصحراء الغربية.

ويرى محللون أن قرار المغرب العودة للاتحاد الأفريقي محكوم برغبة الرباط في إضعاف البوليساريو، فقد كانت الجبهة تستفيد دبلوماسيًا من عضويتها في الاتحاد لدحض أطروحة المغرب والدفاع عن أطروحتها بشأن نزاع الصحراء، ودعمتها في ذلك دول أفريقية كبرى مثل الجزائر وجنوب أفريقيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل