المحتوى الرئيسى

ظاهرة التسريبات ودلالاتها

02/02 17:13

اقرأ أيضا: هل يكون "ريجيني" هو لوكيربي مصر ؟! مسئولية "ترامب" عن جريمة كندا الإرهابية ضد المسلمين هذه شهادتي في ترشح البرادعي لرئاسة الوزراء هل تدفع القدس ثمن صداقة السيسي وترامب ؟ الطلاق في عيد الشرطة وثورة 25 يناير ؟!

نعيش خلال الأعوام الثلاثة الماضية ظاهرة لم يسبق لها مثيل في مصر ، بل ولا مثيل لها في أي بلد آخر في المنطقة وربما العالم ، وهي ظاهرة التسريبات الصوتية المسجلة سرا لمسئولين كبار في الدولة أو لشخصيات معارضة أو نشطاء سياسيين وحقوقيين ، وإذاعة هذه التسريبات عبر وسائل الإعلام واسعة الانتشار ، وخاصة القنوات الفضائية ، فضلا عن شبكات الانترنت التي تنقل عنها وتعيد نشر التسجيلات بالكامل ، وبعض هذه التسجيلات يرتبط بحوارات خاصة جدا لرئيس الجمهورية مع كبار رجال الدولة ، مثل التسجيل الذي نشر له مع مدير مكتبه ، والتسجيل الذي نشر له أخيرا مع وزير الخارجية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر التسريبات الصوتية التي تمت من خلال التجسس على الهواتف لمعارضين ونشطاء سياسيين ، والتي يتم إذاعتها بانتظام في شاشات الفضائيات الموالية للسلطة منذ سنوات وما زالت مستمرة حتى الآن .

في البداية ، كانت الجهات الرسمية تشكك في التسريبات وتطعن عليها بالتزوير أو التلاعب ، ومع الوقت والتكرار لم يعد هناك اهتمام بالتشكيك ولا الإنكار ، وهي تكشف عن اختراقات خطيرة للغاية في أعلى هرم السلطة ، وبعضها من الواضح أنه تم في وقت قريب جدا ، مثل تسريب حوار وزير الخارجية سامح شكري مع الرئيس السيسي ، فهو قبل شهرين أو ثلاثة على أبعد تقدير لأن الوقائع التي يتناولها هي في تلك الفترة الزمنية ، ومن حسن الحظ أن التسريب لم يكن فيه ما يضر بالدولة على نطاق واسع ، وإن كنا لا ندري هل هناك تسريبات أخرى في هذا الحوار تحمل أمورا أخطر يمكن نشرها بعد ذلك أم لا ، والأكثر أهمية من موضوع الحوار هو طريقة تسجيله ثم تسريبه إلى قنوات فضائية معارضة تنشط خارج البلاد ، والصمت حيال هذه الانتهاكات المتكررة فتح المجال واسعا أمام التخرصات والاحتمالات والظنون عن الجهة التي قامت بالتجسس على رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية ، ثم عن الأهداف التي قصدتها تلك الجهات من هذه العملية غير القانونية .

التسريبات التي تنشر لمعارضين أو نشطاء سياسيين أو حتى رجال أعمال كبار لا تقل خطورة عن التسريبات السابقة ، لأنه من البديهي أن هذه التسجيلات قامت بها جهة رسمية تملك الحماية والقدرة والتحكم على مراقبة آلاف من خطوط الهاتف لشخصيات مهمة ، ولا يحتاج الأمر إلى عبقرية خاصة لمعرفة تلك الجهات التي أحكمت سيطرتها بعد 11 فبراير 2011 ، وقد تم تمرير بعض الاتصالات شديدة الحساسية في خضم هذه الفوضى العارمة ، مثل نص الحوار الذي دار بين رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق أول سامي عنان والدكتور محمد البرادعي ، وحتى الآن لم تعلق أي جهة مسئولة عن هذه الكارثة ،  فمن الذي يستطيع أن يتجسس على رئيس أركان القوات المسلحة ، ومن الذي يجرؤ على تسليم تلك التسجيلات إلى مذيع في قناة فضائية لينشرها على الملأ ببساطة وسهولة وبرود ودون أن يعتريه أي مسحة قلق ، كما أنه لا توجد أي جهة تحقيق مدنية أو عسكرية فتحت تحقيقا من أي نوع في هذه الواقعة ، هذا شيء خارج حدود العقل والتصور ، بل إن الإعلاميين الذين نشروا هذه الأسرار والتسريبات التي تمت بالتجسس يتحدون الجميع علنا ، ويتباهون بأن أحدا لا يمكنه أن يمسهم ، بل في سياق التحدي دعوا الشعب الغاضب أن يذهب إلى النائب العام ويقدم شكواه أو اتهامه ، هناك ثقة تامة لا أعرف من أين أتوا بها أنهم محصنون ، وأن ظهرهم أقوى مما يتصور أي شخص ، وأنهم فوق القانون .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل