المحتوى الرئيسى

أزمة تواجه الأقباط بسبب مشروع الأحوال الشخصية

02/02 14:47

أكدت الكاتبة مي شمس الدين إن  مشروع الكنائس لقانون الأحوال الشخصية قد يسبب عدة أزمات يواجهها الأقباط في مواجهة عقبة الطلاق والزواج الثاني .

وأضافت  الكاتبة ،في مقالة لها على موقع مدى مصر، بأن الكنائس المصرية قد بدأت مناقشة مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين،  لتكون تلك الخطوة التي ينتظرها الكثيرون من الأقباط الذين يطالبون بقواعد أكثر مرونة فيما يخص شروط الطلاق والزواج الثاني.

و أوضحت الكاتبة  بأن مشروع القانون بالأساس يعتمد على مقترحات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتي أدخلت عليها الكنيسة الإنجيلية الأسبوع الماضي تعديلات في عدة مواد لمراعاة الاختلافات بين الطوائف المسيحية.

بدأت الكنائس المصرية المختلفة مناقشة مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، وهي الخطوة التي ينتظرها الكثيرون من الأقباط الذين يطالبون بقواعد أكثر مرونة فيما يخص شروط الطلاق والزواج الثاني.

ويعتمد مشروع القانون بالأساس على مقترحات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتي أدخلت عليها الكنيسة الإنجيلية الأسبوع الماضي تعديلات في عدة مواد لمراعاة الاختلافات بين الطوائف المسيحية.

وقال جميل حليم، المستشار القانوني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وممثلها في المشاورات حول مشروع القانون، لـ«مدى مصر» إنه من المنتظر أن تجتمع الكنائس خلال الفترة المقبلة للتوافق حول الشكل النهائي لمشروع القانون قبل تسليمه للمستشار مجدي العجاتي، وزير الدولة للشؤون القانونية والنيابية، تمهيدًا لعرضه على البرلمان.

تم إرفاق تعديلات الكنيسة الإنجيلية بمشروع القانون، بينما لم تُنشر بعد تعديلات باقي الطوائف على المشروع، الذي يتكون من 134 مادة تتناول كافة جوانب الأحوال الشخصية للأقباط، بدءًا بالقواعد المنظمة للخطبة وأركان الزواج وشروطه وموانع عقد الزواج وإجراءات العقد وحالات بطلانه وحقوق الزوجين وواجباتهما وأحكام النفقة مرورًا بالحضانة وثبوت النسب وانحلال الزواج انتهاءً بباب يخص «لجان تسوية المنازعات الأسرية».

ويقدم مشروع القانون العديد من المواد التي من المفترض أن تحل نقاطًا خلافية فيما يخص الأحوال الشخصية للمسيحيين، إلا أن تعديلات الكنيسة الإنجيلية فيما يخص الكثير من هذه النقاط تنذر بخلاف محتمل بين الطوائف.

ومن أهم هذه الخلافات إصرار الكنيسة الإنجيلية على رفض مقترح الأرثوذكسية بضرورة عقد الخطبة لأصحاب الملة والطائفة الواحدة فقط، وهي النقطة التي طالبت الكنيسة الإنجيلية بحذفها، وأصرت على إضافة جملة «على جميع الطوائف المسيحية أن تعترف بزواج الطوائف المسيحية الأخرى» للمادة 13 من مشروع القانون، مما يعكس رغبة الكنيسة الإنجيلية في فتح الباب أمام الزواج بين الطوائف المختلفة، وهو الأمر الذي طالما رفضته الكنيسة الأرثوذكسية.

واشترطت المادة 20 من القانون على عدم زواج من طُلق لعلة الزنا أو الانضمام إلى طائفة غير معترف بها من الكنائس المصرية مثل «السبتيين وشهود يهوه والبهائيين والمرمون ومن في حكمهم»، كما لا يتم التصريح بالزواج بين القاتل عمدًا أو شريكه بزوج القتيل.

يقول أشرف أنيس، مؤسس حركة «الحق في الحياة»، وهي مجموعة تنادي بتغيير قوانين الطلاق والزواج الثاني للأقباط، إن الكثير من المواد الواردة بمشروع القانون مخالفة للدستور، لأسباب كثيرة في مقدمتها استئثار الكنيسة بحق إصدار تصريحات الزواج الثاني بعد التطليق، لعدم التزامها بإصدار هذه التصريحات في حال تم التطليق لسبب استحالة استمرار الحياة الزوجية، حيث يرى أنيس أن المادة تخالف الحق الدستوري في تكوين أسرة.

ويضيف: «اشترط مشروع القانون عدم قبول أي دعوى في المحاكم  إلا قبل العودة للمجلس الإكليريكي للكنيسة، وهذا يخالف الحق في التقاضي، فلماذا يتم تشكيل لجان شبه قضائية في دوائر المحاكم ويترأسها رجال دين؟ كأنها عودة للمحاكم الملية القديمة».

استحدث مشروع القانون «لجنة تسوية المنازعات الأسرية المسيحية» بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية، وهي لجنة مختصة بتسوية النزاعات الأسرية للأقباط تتبع الرئاسة الدينية المختصة بكل طائفة، وتضم عددًا من رجال الدين المسيحي والأخصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين، ويصدر باختيارهم قرارًا من وزير العدل بعد موافقة الرئاسة الدينية المختصة بكل طائفة، ويرأس هذه اللجنة أسقف الإيبارشية أو رجل الدين المسيحي المختص.

ويشترط المشروع على كل من يرغب في رفع دعوى تخص مسائل الأحوال الشخصية للمسيحيين أن يقدم أولًا طلبًا لتسوية هذا النزاع أمام اللجنة قبل رفع الدعوى، حيث تقوم اللجنة بإعطاء النصح والإرشاد أولًا، ويجب أن تتم التسوية في غضون ثلاثة أشهر كحد أقصى، وفي حال عدم الوصول لتسوية يتم تحريك الدعوى. ولا يمكن قبول أي دعوى أمام المحاكم إذا لم يتم عرض الدعوى على لجنة تسوية المنازعات أولًا.

ويعطي مشروع القانون الحق الحصري للمجلس الإكليريكي في كل كنيسة في إصدار تصاريح الزواج الثاني للمسيحيين، ولا يجوز الطعن على ذلك أمام القضاء لكونه «قرارًا دينيًا كنسيًا».

تعود أزمة الطلاق والزواج الثاني للأقباط لعام 1971، حينما ألغى البابا شنودة الراحل لائحة 1938 التي أفردت تسعة أسباب للطلاق، وقرر أنه «لا طلاق إلا لعلة الزنا».

يقول مينا ثابت، مدير برنامج الأقليات والفئات المهمشة بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إن المحاكم استمرت في تطليق الأقباط طبقًا للائحة 38 بسبب عدم تغيير الكنيسة لقواعدها بشكل قانوني. «وهو ما يعني أن المحاكم كانت تقوم بتطليق الأقباط، وحين يذهب الأقباط للكنيسة للحصول على تصريح بالزواج الثاني ترفض الكنيسة لعدم اعترافها بالطلاق أصلًا»، أضاف ثابت، مؤكدًا أن الوضع تغير في عام 2008، حينما ألغت الكنيسة لائحة 38 نهائيًا ووضعت لائحة ثانية تقضي بعدم التطليق إلا لعلة الزنا.

وكان دافع هذا التغيير هو حكم نهائي للمحكمة الإدارية العليا عام 2006 بإلزام البابا بإصدار تصاريح الزواج الثاني للأقباط، الأمر الذي رفضه البابا، قائلًا: «لا يجوز إلزام الكنيسة بغير ما يلزمها به ضميرها وتعاليم الإنجيل. نحن أدرى بديانتنا، لذلك سوف نرفض منح أي تصريح بالزواج بعد التطليق إن لم يكن هذا التطليق مبنيًا على تعاليم الإنجيل».

لا تتوفر إحصاءات رسمية حول عدد طلبات طلاق الأقباط، وهي المعلومات التي تملكها حصرًا الكنيسة الأرثوذكسية ووزارة العدل، ولم يُعلن عنها قط. وتشير إحصاءات ذكرتها الكاتبة الصحفية، كريمة كمال، في كتابها «طلاق الأقباط»، الصادر عام 2006، إلى أن عدد طلبات الطلاق بلغ 300 ألف قضية منذ 1971.

ويرى ثابت أن مشروع القانون الحالي هو إعادة استنساخ للائحة البابا شنودة مع وجود تعديلات طفيفة، مضيفًا: «احنا عملنا الصنم بس مش عارفين نكسره».

وانتقد ثابت أيضًا الشروط التفصيلية التي وضعتها الكنيسة الأرثوذكسية فيما يخص «الزنا الحكمي»، وهي الشروط التي «تجعل الأزواج المسيحيين مخبرين على بعض». ويقول: «تعني هذه المادة أن ننتظر المكاتبات والمحادثات الهاتفية بين الأزواج والآخرين كدليل على الزنا، هذا تدمير للأسرة ووصم اجتماعي كبير خاصة للنساء اللاتي من الممكن تطليقهن بهذه الطريقة. طالبنا مرارًا بإلغاء الزنا الحكمي لانتهاكه الكثير من حقوق الأزواج، ولا ندري سبب إصرار الكنيسة عليه».

ويُعتبر الباب الخاص بانحلال عقد الزواج أو التطليق هو أهم أبواب مشروع القانون، والذي نص على العديد من المواد الهامة التي تخص قواعد التطليق. وأشارت المادة 113 من مشروع القانون إلى جواز طلب أحد طرفي الزواج التطليق في حالة زنا الطرف الآخر، وأجازت المادة وقوع الطلاق في حالة «الزنا الحكمي»، وهو المصطلح الذي عرفه القانون بكل ما يقع في حكم الزنا.

وأسهب مشروع الكنيسة الأرثوذكسية في تعريف حالات الزنا الحكمي، والتي شملت هروب أي من الطرفين مع طرف ليس من المحارم، وجود أوراق أو مستندات أو محادثات إلكترونية أو هاتفية تثبت علاقة الزنا، تحريض أحد الزوجين الآخر على ارتكاب الزنا بغرض التربح أو أي أغراض أخرى، وجود «رجل غريب مع الزوجة بحالة مريبة أو امرأة غريبة مع الزوج بطريقة مريبة»، حمل الزوجة في فترة زمنية يستحيل فيها اتصال زوجها بها، كما اعتبر مشروع القانون المثلية الجنسية كأحد عناصر الزنا الحكمي. واعترضت الكنيسة الإنجيلية على هذه المادة، حيث طالبت بإلغاء تعريفات الزنا الحكمي وجعل الأمر مفتوحًا.

يقول أنيس إن هناك الكثير من الخلافات بين الطوائف المسيحية حول الطلاق ومسبباته، فلا تعترف الكنيسة الكاثوليكية بالطلاق من الأساس، وتعترف فقط بمصطلح «الانفصال الجسدي»، كما يضع الروم الأرثوذكس شروطًا أكثر مرونة للطلاق منها الزنا والهجر والعنف المنزلي والخلل العقلي والأمراض المعدية والسجن والغياب المشبوه.

يشترط مشروع القانون تقديم المقبلين على الزواج شهادة خلو من موانع الزواج، وتشمل الموانع الطبية التي تعوق الاتصال الجنسي، أو وجود «آفة عقلية أو عصبية»، وأيًا من الأمراض المزمنة التي تجعل أحد الطرفين غير صالح للحياة الزوجية، بالإضافة إلى الإدمان المزمن.

ولم يشترط مشروع القانون اجتياز دورات المشورة التي تعقدها الكنيسة الأرثوذكسية للمقبلين على الزواج والتي أثارت جدلًا في الأوساط القبطية مؤخرًا، حيث يشترط الكثير من القساوسة اجتياز هذه الدورات لإصدار شهادة الخلو من موانع الزواج. إلا أن الكنيسة الأرثوذكسية اشترطت في المادة 26 من مشروع القانون ضرورة «إثبات إتمام المراسم الدينية اللازمة للزواج وفقًا لطقوس الكنيسة التي ينتمي إليها كل من الزوجين»، كجزء من إجراءات إتمام الزواج، ولم تحدد المادة ماهية هذه الطقوس.

ويُفرق مشروع القانون بين بطلان عقد الزواج وانحلال عقد الزواج أو التطليق، حيث يعني الأول وجود خطأ إجرائي أثناء عقد الزواج يجعله باطلًا، والذي يشمل وجود أي نوع من موانع الزواج السابق ذكرها أو الزواج دون السن القانوني.

انتقد أنيس أيضًا المدد الزمنية  للافتراق التي نص عليها مشروع القانون كشرط للتطليق في حالة استحالة استمرار الحياة الزوجية، فبالإضافة لطول المدة، فإنها تعد تمييزًا بين الأزواج الذين أنجبوا أطفالًا وبين هؤلاء الذين لم ينجبوا، على حد قوله.

وجاءت المادة 114 من مشروع القانون لتحمل حلول الكنيسة الأرثوذكسية لمشاكل العالقين في مسائل الطلاق، حيث أضافت سببًا آخر للطلاق وهو «استحالة استمرار الحياة الزوجية»، لكنها اشترطت للتطليق في هذه الحالة ثبوت افتراق الزوجين لمدة خمس سنوات في حالة وجود أطفال أو ثلاثة سنوات في حالة عدم وجود أطفال، وفي كل الأحوال «يجوز للكنيسة أن تصرح أو لا تصرح لأي من الزوجين أو كليهما وفقًا لأحكام الشريعة المسيحية متى رأت الكنيسة ملائمة ذلك»، وهو ما يعني عدم إلزام الكنيسة بإصدار تصريح الزواج الثاني للمطلقين بناء على هذا السبب.

واختلفت الكنيسة الإنجيلية في صياغة هذه المادة، حيث أباحت التطليق لهذا السبب فقط للمتزوجين بدون أطفال، واشترطت مرور خمس سنوات على افتراق الزوجين، لكنها اشترطت أيضًا التزام الكنيسة بتزويج أي من الطرفين متى طلب ذلك.

من جانبه، قال اسحاق إبراهيم، الباحث في ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن وضع شرط لاستحالة استمرار الحياة الزوجية كسبب للطلاق ربما يمثل حلًا جزئيًا لمشاكل الطلاق والزواج الثاني التي يعاني منها آلاف الأقباط، ولكنه لا يضع حلولًا نهائية.

ويضيف إبراهيم: «ربما يكون هناك تسهيلات جزئية للحصول على الطلاق، إلا أن الانتظار لثلاث أو خمس سنوات مدة طويلة جدًا، كما أن الكنيسة ما زالت تحتفظ بالحق الحصري في إصدار الزواج الثاني وهذا لا يغير شيئًا، الفلسفة وراء القانون ما زالت فلسفة مقيدة جدًا للحق في الزواج وتكوين أسرة والطلاق.

على الدولة أن تضطلع بمسؤوليتها في إتاحة الفرصة للزواج المدني، وهذا هو الحل النهائي والوحيد لأزمة الأحوال الشخصية للأقباط».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل