المحتوى الرئيسى

في ندوة فكرية بمعرض الكتاب.. مراد وهبة: الثورة المصرية فضائية.. والخلافة الإسلامية ستحكم العالم

02/01 23:09

نظم الدكتور مراد وهبة، الفيلسوف والمفكر المصري الكبير، مساء اليوم، في قاعة صلاح عبد الصبور بأرض المعارض في مدينة نصر، ندوة تحدث فيها عن نظرته الشاملة للعالم، وما يعاني منه من اضطرابات، ووصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

كما تحدث عن ثورة 25 يناير، والتي وصفها بـ"ثورة فضائية"، وتوقعه بوصول الخلافة الإسلامية لحكم العالم، وهاجم النخبة المثقفة واصفًا أياها بـ"لثبات العميق".

وكأي ندوة فكرية، لم تسلم من بعض الاعتراضات من الحضور، كون كثيرين لا يستوعبون فكر الفلاسفة، ويراه شطًا لا يحتمل، وبالتالي هلل البعض، ومنهم من رحل عن القاعة، ولكن في نهاية الأمر استتب الوضع، وأكمل المفكر حديثه.

وبدأت الندوة التي أجريت في إطار فاعليات الدورة الثامنة والأربعين، من فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، بسؤال من مقدمها الإعلامي محمد عبدالرحمن عن غياب دور النخبة الثقافية في مواجهة التيارات الأصولية، حيث قال إنه تساءل عن النخبة، ليس فقط في مصر وإنما على كوكب الأرض.

وأردف: "أظن أن ما يحدث الآن من تظاهرات عنيفة مع وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للسلطة، يظهر أنه حتي داخل أمريكا المقاومة شرسة ضده، فقبل وبعد اتخاذه إجراءات سيئة، كان رد النخبة عنيفًا، ومن هنا ثبت وجودها"، مشيرًا أن "ترامب لم تنتخبه الأصوليات، بل من انتخب ترامب هي الجماهير، ومن يظن غير ذلك فهو واهم".

مراد وهبة ورؤيته لحال أهل كوكب الأرض

ولم يتوقف الفيلسوف المصري الكبير عند حالة بعينها، وإنما تطرق في حديثه لأوضاع أهل المعمورة بشكل عام، وكيف وصل سكان كوكب الأرض لتلك المرحلة العنيفة.

ورد على تلك التساؤولات التي يطرحها، حيث أجاب عنها بأسلوبه الفلسفي بأنه "منذ منتصف السبعينيات تداخلت قوتين في إطار واحد، وهم أولا الأصوليات الدينية والتي أقصد به تلك التي تدعو إلى عدم إعمال العقل في النص الديني، ومن يعمل عقله يكفّر، وإذا واصل إعمال عقله، يُقتل في نهاية الأمر"، مضيفًا "الصراع الذي شاهدته في النصف الثاني من القرن العشرين، هو صراع إما لإعمال العقل أو إبطال العقل، والأصوليات الدينية كلها بلا استثناء كانت تدعوا لعدم إعمال العقل في النص الديني، وتبني حرفية النص الديني".

وتابع: "أما القوة الثانية، فظهرت في النصف الثاني من السبعينيات في القرن العشرين، وهي الرأس مالية الطفيلية، ومعناها أن تتاجر في غير المشروع، وبالتالي لا تنتج وإنما تستهلك، في نتجات مثل تجارة الأسلحة والمخدرات وغيره".

واستكمل: "العلاقة بين القوتين سالفتي الذكر تكمن في أن الأصوليات الدينية تبطل إعمال العقل، فالحضارة مسارها بادئ من فكر أسطوري متجه نحو فكر عقلاني، وكلما إزداد الفكر العقلاني قوة يتراجع الأسطوري، وبالتالي نقيس تقدم الثقافة أو تخلفها بمدي اقتربها من المسار الحضاري العقلاني، أو بعدها عنه، فإذا اقتربت نقول عنها عقلانية ومتحضرة، وإذا تخلفت نقول عنها أنها متخلفة، وبهذا يمكن أن أحكم علي ثقافة الأصوليين بأنها متخلفة عن الركب الحضاري".

وأضاف: "أما بالنسبة للرأسمالية الطفيلية، طالما أنها لا تنتج، وتستهلك فقط في غير المشروع، فنقول عنها أنها ضد التيار الحضاري"، متابعاً "بالتالي فكلتاهما بينهما علاقة متشابكة عضوية".

التحول الاجتماعي في مصر مرورًا بناصر .. واغتيال السادات وصولًا للثورة

وأردف الدكتور مراد وهبة أن "الدليل العملي علي هذه الفكرة هي شركات توظيف الأموال، وهي ضد مفهوم الفائدة، وبالتالي ضد البنوك، واتخذت مسار آخر مضاد للمسار الاقتصادي الرسمي، ودخلت في علاقة عضوية مع الأصولية الدينية من جهة ومع الرأسمالية الطفيلية من جهة أخري، ولذلك كانت شركات توظيف الأموال في فترة من تاريخ مصر متداخلة مع السوق السوداء".

وأشار إلى أن ما ساعد تلك لعلاقة علي النمو هو قانون الانفتاح الاقتصادي، الذي صدر في عهد الرئيس السادات، وكان ينص علي مسأله هامة جدًا وهي (الاستيراد بدون تحويل العملة)، وهو ما يعني عدم الذهاب للبنك، وإنما يتم الأمر عن طريق السوق السوداء، ووقتها لم يكن مصرحًا لأي بنك من بنوك الدولة أن يتعامل مع الدولار، وبالتالي تكون لنا اقتصاد دولة واقتصاد آخر - غير رسمي- أو ما أسميه الرأسمالية الطفيلية، وهو الأمر الذي أدى إلي ما سمي بانتفاضة الحرامية في يناير 1977، والتي لم تكن كذلك، ولكنها نوع من التمرد على هذه العلاقة غير المتكافئة بين الاقتصادين الرسمي وغير الرسمي، وكان رئيس الوزراء عندما يبحث عن تمويل يلجأ إلى السوق السوداء، وهو الخخل الذي نتج عنه تمرد عام 1977".

وعبر وهبة عن رأيه في أن اغتيال السادات كان أمر طبيعي، بقوله "الوضع استمر على هذا الحال حتي اغتيل السادات، واغتياله كان منطقيًا لأنه تعامل مع الإخوان، واتفق معهم علي تدمير الناصرية واليسار، وبعد ذلك يتم التفاهم بينه وبينهم، وفي النهاية طالبوا بدولة إسلامية ورفض السادات، فقتل".

وتابع رصد رأيه في التطور التاريخي الذي حدث بمصر من منظره الفلسفي والعقلي، بقوله: "نظام مبارك كان لديه تحديات صعبه، وكانت طريقة معاجلتها أن أعلن مع الوقت أن الإخوان جماعة محظورة، ولكن كانت هناك قنوات سرية بين نظام مبارك والإخوان، والتي أدت إلى أنهم استولوا علي 88 مقعد في مجلس الشعب، وكانوا علي وشك الازدياد، ولكن مبارك أوقف العملية، وحدث ما حدث من تزوير في مجلس الشعب، وكانت المعضلة أن أعلن أنهم محظورون علنًا وتعامل معهم سرًا".

وأشار الفيلسوف المصري إلى أنه كان أمرًا منطقي أيضًا، وأن تقوم الثورة، وهو ما كتب عنه قبلها، إذ لاحظ أن الحزب الوطني فرع من الإخوان المسلمين، وإذا كان فرع منه فلما لا نأتي بالأصل ونتعامل معه، وهو ما حدث بعد ذلك".

وربط وهبة بين ما يحدث في مصر والعالم العربي، وكل مكان في العالم، بقوله: "الآن ليست فقط مصر ولا العالم العربي، إنما جميع الدول الموجودة علي كوكب الأرض تواجه محنة حضارية تتمثل في العلاقة العضوية بين الأصوليات الدينية والرأس مالية الطفيلية، ففي عام 93 صدر تقرير من المخابرات الأمريكية، يذكر أنها كانت تتاجر في المخدرات لشراء الأسلحة لإعطائها لطالبان لوقوفها ضد السوفيت للقضاء علي النظام الشيوعي".

وأضاف أنه التقي في العام 1983 بفيلسوف أجنبي كبير، وقال له إن العالم يمرّ بأزمة حضارية ويمكن أن ينتهي بسبب الصراع النووي بين الكتلة الشيوعية والكتلة الرأسمالية، وطلب منه أن يشارك في مؤتمر يضم فلاسفة من كل الكتل لإجراء حوار بينهم حتي للتخفيف من حدة الصراع الحضاري.

وتابع أنه بالفعل انعقد المؤتمر في عام 1986، وقال فيه: "رؤيتي أن الأصولية الإسلامية ستجهز علي الاتحاد السوفيتي وتنهيه، ثم بعد ذلك تجهز علي أمريكا، وبعد ذلك يصبح كوكب الأرض في قبضة الخلافة الاسلامية"، وهو ما لقي اعتراض من الفلاسفة السوفيت والأمريكان، باعتبار أن وهبة "متشائم"، وأرجعوا السبب في ذلك لكون "المسار العقلاني للحضارة الإنسانية لن يسمح بذلك".

واستكمل: "في 1989 إنهار سور برلين، وفي 1991 انتهت الكتلة الشيوعية برمتها، وبقيت الكتلة الرأسمالية، والآن نشاهد ترامب يصرخ ويقول أمريكا مهددة، وبالتالي أمريكا أولًا، ولم يكن أحد يتصور هذا".

وعن ثورة يناير، تساءل وهبة، لماذا تحمس الشباب لعمل ثورة، وأجاب: "لأن نظام الحزب الوطني الديموقراطي بالعلاقة التي كانت موجودة بين الأصولية الدينية والرأسمالية الطفيلية أنهت طموح الشباب، لأنه لا يستطيع الزواج أو الحصول علي وظيفة، وبالتالي إما أن ينغمس الشباب في تعاطي المخدرات، أو ينخرط في طريق الأصوليات الدينية، أو الهجرة، وكل الأمور أسوأ من بعضها، بما يعني أن تطلعات الشباب انغلقت، ولم يكن هناك مخرج سوي الخروج في ثورة وكانت 25، وبعدها استولى الإخوان علي السلطة، فخرجت ثورة أخرى أعنف وهي 30 يونيو".

وأردف وهبة أن ما ينقص الثورتين أنهما "ثورات شباب بلا نخبة ثقافية"، والأخيرة كانت فيما يسمي "الثبات الدغماطيقي" أو النوم العميق، وبالتالي لم تحظي بأي خطورة أمام الدور الذي يلعبه الإخوان، بل كان هناك تلاحم، وعلاقة عضوية بين النخبة الثقافية والإخوان، وهنا نقول، هل يستطيع الشباب أن يحدث انتفاضة للنخبة، هذا هو التحدي، أو حل آخر وهو أن يقوم الشباب بعمل نخبة ثقافية خاصة به، ولا يوجد بديل ثالث".

وتابع مراد وهبة أن "النخبة ليست بديل للشباب لأنها لم تقم بالثورة، وعلي الشباب أن يبحث كيف يمكن أن يخرج من هذا المأزق، وهذا تحدي موجه لهم، ولا أعرف كيف يتم حله، ولكن يجب أن تكون تلك القضية موضع حوار بين الشباب"، مشيرًا أن الثورة المصرية نشأت في الفضاء، علي "فيس بوك" لا هي لأحزاب ولا إخوان ولا غيره، وبالتالي ستجد في الانتخابات دومًا مفاجآت.

الديموقراطية كما يرها مردا وهبة

وردًا علي سؤال مقدم الندوة حول الديموقراطية التي جاءت بالإخوان، أجاب وهبة "أن الديموقراطية مكونة من أربعة أنواع، أولها العلمانية، وهي التي تتعامل مع الظواهر الاجتماعية علي أنها متغيرة، والحل الذي ستبديه هو نسبي مؤقت ولا تستند فيه الي معتقد ديني، أما المكون الثاني فهو العقد الاجتماعي، وهو أن المجتمع مؤسس علي اتفاق بين مجموعة من البشر، على أن يتنازلوا عن بعض الحقوق للحاكم في مقابل تولي تأمينهم، ولا دخل للسلطة الدينية في هذا العقد الاجتماعي".

وتابع: "أما المكون الثالي فهو التنوير، والذي يعني تحرير العقل من كل سلطة ما عدا سلطة العقل، وهو ما ينشأ عنه المكون الرابع والأخير وهو الليبرالية، والتي تعني أن سلطان الفرد فوق سلطان المجتمع".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل