المحتوى الرئيسى

الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق لـ«الوفد»:سوء الإدارة ..سبب أزمات التموين

02/01 20:24

الدولة أطلقت يد شركات القطاع الخاص لاحتكار السلع ورفع الأسعار

لدينا باحثون زراعيون لكننا نفتقد البحث العلمي

جميع رؤساء مصر قالوا إن الزراعة هدف قومى.. لكن ما يجرى على الأرض شىء آخر

أى مسئول يحارب الفساد يتعرض لحرب شرسة من جبهات عديدة

مستلزمات الإنتاج الزراعى ميدان واسع للغش والتهريب

معادلة متناقضة تعانيها مصر منذ سنوات فهى أول دولة فى العالم أقامت نهضة زراعية، إلا أنها تعانى نقصاً حاداً فى السلع التموينية، وأكبر دولة فى العالم تستورد الأقماح.

الدكتور «صلاح يوسف» وزير الزراعة الأسبق، قال إنه يمكن لمصر أن تكتفى ذاتياً من القمح بشرط وجود رغبة حقيقية من الدولة، مشيراً إلى أننا نستورد الآن أكثر من 50٪ من استهلاكنا القمح، ومن 40٪: 60٪ من غذائنا ويوجد 4 أو 5 تجار يتحكمون فى السوق المصرى للأرز.

وأكد «يوسف» أن أزمات السكر والأرز سببها سوء إدارة الدولة، لأنها تركت القطاع الخاص يستغل مواردها أسوأ استغلال.

وأضاف: إن جميع رؤساء مصر يتحدثون عن الزراعة بشكل جيد ما يعنى أن الزراعة دائماً هدف قومى لمصر لكن ذلك لا يترجم دائماً على أرض الواقع، مشيراً إلى أن مستلزمات الإنتاج من مبيدات وأسمدة وتقاوى وبذور بها غش وتدليس وتهريب، وأكد أن مصر بها باحثون، ولكن ليس بها بحث علمى فى الزراعة.

- مشاكل الزراعة عديدة على رأسها الموارد البشرية، فنجد مشكلة فى المزارع والمهندس والباحث الزراعى والمستثمر، لأننا نفتقد إلى وجود موارد بشرية جيدة فى الزراعة على مستوى الجمهورية، وقد تم تقليل عدد الباحثين الذين كانت ترسلهم الدولة إلى الخارج للدراسة واكتساب الخبرات، ومن يسافر ويعود يجد نفس بيئة العمل ذاتها، ولا يعطى الدعم الكافى فيسقط فى دهاليز البيروقراطية التى تعيق عمله، ثم إن مستلزمات الإنتاج الزراعى من مبيدات وأسمدة وبذور وتقاوى لابد أن تنظمها القواعد والقوانين لأن يوجد بها بعض الغش والتدليس والتهريب، وبسبب عدم كفاية الإنتاج المحلى تضطر الدولة للاستيراد بمعايير بها مشاكل كثيرة جداً، وبالطبع كل هذا يعيق التنمية الزراعية.

- جميع دول العالم تقوم بتدعيم الزراعة، ولكن مصر تتبنى مفهوم الإدارة الحرة أى أن كل إنسان يفعل ما يريد ويتحمل تكاليف الإنتاج الخاص به، وهذا غير موجود فى العالم، ولكنه يطبق فى مصر بحجة اتفاقية التجارة العالمية، بل تم التوسع فيه، مع أنه لا توجد تجارة حرة ولا اشتراكية مطلقة فى العالم كله، حتى منظورنا لنظام التعاونيات المطبق فى أكبر دول العالم رأسمالية، ولكن فى مصر نعتبره نظاماً اشتراكياً مفلساً ونحاول القضاء عليه وندمره بدلاً من تطويره وتنميته.

- عندما أصدرنا قانون تطوير التعاونيات وتفعيلها كمنظمات اقتصادية مستقلة، لم يكن قانوناً يدعم ويدفع التعاونيات بشكل كبير، ولم نصلح البناء التعاونى نفسه أو الجمعيات التعاونية كبنية تحتية تحتاج إلى التطوير، فتلاشى مفهوم التعاونيات كمستقر وكتصميم وخدمات، مع أنه كان النموذج القوى جداً فى الزراعة خلال الستينيات، ولكن تم هدمه ولم ننشئ نظاماً بديلاً له، وهذا الهدم تم بشكل قوى عام 1994 عندما بدأنا بتنفيذ التجارة الحرة بمفهوم خاطئ.

- الإرشاد على مستوى القطاع الخاص محدود ولكنه مؤثر، أما الإرشاد على المستوى الحكومى فهو ضعيف إلى حد كبير، وخلال تولينا الوزارة أنشأت قناة إعلامية كوسيلة للإرشاد الزراعى، وأعتقد أنها تتطور بشكل مناسب، ولكن كمنظومة إرشاد الحكومة أوقفت التعيينات أواخر الثمانينيات، وحالياً وصلت سن موظفى الإرشاد إلى الخمسينات ولا يستطيعون القيام بذات الدور الذى كانوا يقومون به وهم فى سن الثلاثينيات، فتحديد العمالة فى الدولة تم دون مراعاة للهياكل المطلوبة على مستوى الدولة، وقطاع الإرشاد يحتاج إلى إضافة دماء جديدة مدربة ومتعلمة وتناسب العصر القادم، لكن الدولة ترى أن الموظفين عبء عليها مع أن الأزمة هى مشكلة توظيف وليست مشكلة موظفين.

- مستوى التعليم الزراعى يتواكب مع مستوى التعليم فى الدولة، فمن هو طالب الثانوية العامة الذى تقبله كليات الزرعة، فى إحدى السنوات تم قبول طالب الثانوية العامة الحاصل على مجموع 50٪ وهؤلاء أصبح منهم أساتذة فى الكليات وباحثون، ولابد إذن من ضمان ارتفاع مستوى الطلاب الملتحقين بكليات الزراعة حتى لو لم يدخلها أحد، لأنه مع تدنى المجاميع يعتقد البعض أنها كلية غير مرغوب فيها أو غير ذات قيمة، وفى السابق كان مهندس الرى ومفتش الزراعة لهما وضع اجتماعى متميز، ولكن اليوم فقدنا قيمة الدكتور فى الزراعة لأن أهميتها تراجعت لدى الدولة وهو ما انعكس على الشعب، مع أننا طوال الوقت نتحدث عن أهمية الزراعة ولكن على أرض الواقع لا يتم شىء.

- مصانع الدولة تنتج الأسمدة بكميات كبيرة وكنا فى السابق نسمح بتصدير جزء من هذا الإنتاج لعمل عمرات لهذه المصانع كل سنتين حتى لا تتحمل الدولة تكاليف الصيانة، ولكن حالياً يتم تصدير ما لا يقل عن 50٪ من منتجات الأسمدة، وهذا رقم كبير جداً لأن الدولة لديها احتياجات كبيرة من الأسمدة، فالتصدير أحد هذه المشاكل لأن النظرة إلى الأسمدة كمنتج تصدير فقط مفهوم خاطئ ولا يتماشى مع مفهوم دعم الدولة للزراعة ولا مع رؤيتها لمنظومة الزراعة.

- لابد من وجود قاعدة بيانات زراعية حديثة لأن قاعدة البيانات الحالية تحتاج إلى إعادة تدقيق ومراجعة، وهذه القاعدة ستحل مشاكل كثيرة فى مجال الزراعة، فمثلاً توجد مساحات زراعية تم البناء عليها بالمخالفة أو عن طريق مشاريع المنفعة العامة للدولة بحوالى مليون فدان وحتى الآن يتم حساب حصتهم فى الأسمدة، ولم يستقطعوا من حصص الأسمدة، ولهذا الكروت الذكية للأسمدة لن تحل المشكلة دون الفهم الأساسى للأزمة، ولهذا لم أكن أتحدث عن بطاقة الحيازة بل على قاعدة البيانات الزراعية وهى تعنى تصحيح الحيازات وتحديد المساحات المزروعة بالفعل، ونوعية المحاصيل المزروعة حتى لا تطغى زراعة محصول على باقى المحاصيل الأخرى وسيتم هذا من خلال عمل دورة زراعية صحيحة.

- لولا البحث العلمى الزراعى فى مصر لكانت مصر عانت الأمرين، ورغم السلبيات الكثيرة إلا أنه ما زالت هناك جهود تبذل من 10: 20٪ من الباحثين، والغالبية العظمى لا يقومون بالدور المناسب، لأن الدولة لا تشجع الباحث على القيام بدوره، لأنه يحتاج إلى رعاية كاملة من الناحية المعيشية والصحية وهذا غير موجود، والأمور أصبحت تدار شكلياً، فمستوى الدخول محدودة وتحتاج مراجعة، ومستوى إدارة البحث العلمى الزراعى متدنية، وتحتاج إلى خطط طموحة وكيفية تشجيع الباحث لتنفيذ هذه الخطط، وكيفية توفير الموارد لتنفيذها، وبالتالى الباحثون المخلصون متواجدون رغم نسبتهم الضعيفة، إلا أنهم فى استطاعتهم تغيير مصر إلى الأفضل.

- نعم.. وعدد الباحثين فى مصر 9 آلاف باحث فى مجال الزراعة وهذا العدد يكفى للنهوض بقارة أفريقيا، ولكن ما يتاح لهم من إمكانات للتشغيل ومستوى الإدارة لا يساعدهم على أداء العمل، ولهذا لدينا موارد بشرية جيدة ولكن لا يتم الاستفادة منها بشكل جيد، لأنه لا يتم سفرهم إلى المؤتمرات العلمية فى الخارج نتيجة ضعف الميزانيات، وبالتالى أصبحنا لا نقدر قيمة البحث العلمى الزراعي بشكل جيد ومردوده الاقتصادى الكبير فى الأمن الغذائى، لأن أى دولة تستطيع الاعتماد على نفسها ويصبح لديها اكتفاء ذاتى من الأمن الغذائى ولا تحتاج إلى الآخر، حينها تستطيع أن تمتلك قرارها السياسى.

- جميع رؤساء مصر تحدثوا عن الزراعة بشكل جيد، إذن لابد أن تكون الزراعة هدفاً قومياً لمصر، ومنذ 60 سنة كان محصول القطن يمثل 60٪ من دخل مصر القومى، ومع تعدد المحاصيل وتنوعها تم الارتقاء بالإنتاجية من خلال البحث العلمى، مثلاً القمح ارتفع من 5: 8 أرادب للفدان فى الثمانينات، الآن وصل إلى 20 أردباً ويمكن أن يصل إلى 30 أردباً، وأيضاً الأرز توجد أصناف تنتج 3 أطنان و4.5 طن للفدان، وقصب السكر لدنيا أعلى إنتاجية للفدان فى العالم فقط تحتاج العمل بشكل أفضل وتهيئة الظروف الجيدة، وإعداد منظومة زراعية على مستوى الجمهورية.

- هذا العجز نتيجة لسوء الإدارة لأن احتياجاتنا هى عجز محدود فى السكر يمكن تعويضها عن طريق محاصيل أخرى، وقد توسعنا فى زراعة بنجر السكر وهذه خطوة جيدة، لكن سوء إدارة الدولة أنها تركت الإدارة للقطاع الخاص فاستغل موارد الدولة استغلالاً سيئاً، وأزمة الأرز ينطبق عليها ما تم فى أزمة السكر، لأن زراعة 1.4 مليون فدان بالأرز يكفى استهلاك الشعب المصرى، لكن فتح باب التصدير على مصراعيه قلل المعروض فى السوق المحلى، ثم إن الأرز يحتاج إلى مياه كثيرة للرى وانتبهنا لهذه الأزمة منذ عشر سنوات، وبالتالى لابد من تطوير وسائل الزراعة بإنتاج أصناف احتياجاتها أقل من المياه، وهذه مسئولية الباحثين ولكن مطلوب من الدولة تدعيم البحث العلمى فى أبحاث الأرز لحل هذه المشكلة.

- لابد من تفعيل الإرشاد الزراعى بشكل قوى جيداً والاستفادة من الجمعيات التعاونية فى الإرشاد الزراعى حتى يوجد تعاون بين البحوث الزراعية وبين الجمعيات التعاونية لتوفير الحقول الاسترشادية لضمان معرفة المزارع كيف يعمل بطريقة سليمة لرفع الإنتاجية، لأن الفرق بين الحقول الاسترشادية والزراعة العادية زيادة إنتاجية لا تقل عن 10: 20٪ ومع تحسين الخدمات ستزداد الإنتاجية 20٪ أخرى، وبهذا يمكن الاكتفاء من القمح لو وجدت رغبة حقيقية من الدولة.

- دعم الدولة للزراعة جيد جداً، لكن مدلوله على الأرض لا بد أن يكون واضحاً بشكل كبير، والمليون ونصف فدان التى أعلن عن استصلاحها تم فيها مجهود كبير من المزارعين، والدولة أيضًا بذلت مجهوداً فى بعض الأراضى، وأى استصلاح فى الأرض له عائد كبير جداً على مساحة مصر الزراعية، لأن كل ما لدينا صالح للزراعة 8.8 مليون فدان إذن المليون ونصف المليون فدان تعادل 20٪ مما لدينا مع استقطاع الأراضى المستحوذ عليها فى البناء، ولكن مشروع المليون ونصف المليون فدان حتى يكون نافعاً يحتاج إلى مفاهيم كثيرة، فهل سنضيف هذه الأرض ونحدد لها خريطة زراعية أم سنتركها لحرية الزراعة، وحينها لن تتوفر المحاصيل الاستراتيجية، وهل سنوفر هذه الأراضى للمستثمرين أم للمزارعين وهل سيستفيد منها خريجو كليات الزراعة والطب البيطرى وصغار المزارعين أم ستترك للمستثمرين الكبار، وهل ستوزع بمساحات كبيرة أم بمساحات صغيرة.

- كل هذا سيؤثر فى الإنتاجية الزراعية، وأيضاً فى تشغيل العمالة المصرية، وتؤثر على امتلاك المصريين للأراضى الزراعية، فلو أعطيناها كمساحات كبيرة للمستثمرين الكبار ستحرم المصريين من حق التملك، ثم كيف سيتم تدعيم صغار المزارعين، أو شباب الخريجين؟ يتم ذلك بالمشاركة فى شركات مساهمة والدولة تدعمها كما تفعل مع المستثمرين المصريين أو الأجانب الذين يحصلون على الأراضى، ثم يحصلون على القروض من البنوك ليستثمروا ما اشتروه من مصر، الأفضل هو تدعيم شباب الخريجين وصغار المزارعين وحينها سيتم استخدام المليون ونصف المليون فدان كاقتصاد قومى وتنمية للدولة.

- مصر تنتج 9 ملايين طن قمح وتستورد 10 ملايين طن قمح سنوياً، إذن تسترد أكثر من 50٪ قمحاً، والأرز كنا نمنع تصديره لتوفيره فى السوق المحلى بسعر مناسب والآن أصبحنا نستورده لأن فيه 4 أو 5 تجار يسيطرون على السوق المصرى للأرز عن طريق المناقصات وهم معروفون بالاسم، وهذا يجعلنا نجبر على فتح باب الاستيراد حتى لا يحتكروا المواد الغذائية للمواطنين، لكن مع رفع الدعم عن السلع التموينية ستصبح كل السلع متاحة بعد ذلك، ولكن المهم كيف يمكن توفير المستلزمات الزراعية بأسعار مناسبة للمزارع، وهذه مشكلة من المشكلات ما جعلنا نستورد من 40: 60٪ من غذائنا.

- هذا المشروع بدأناه منذ فترة والخريطة الزراعية فى مصر لا بد أن تتغير لأننا نتحدث عن 8.8 مليون فدان يتم زراعتها مرتين فى السنة إذن نتحدث عن 17 مليون فدان، المفترض أن يعاد استخدامها بطريقة مناسبة لتوفير المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، والعودة إلى الدورة الزراعية مع أنها لم تلغ فى مصر ولكن أهملت حيث كان فى السابق يصدر قرار وزارى بالمساحات التى يتم زراعتها بأى محصول استراتيجى، وبالتالى الكل كان يعلم ما الذى سيزرع فى كل موسم، ولكن طالما تلزم المزارع بمحصول محدد، فلابد أن نسوق له المنتج بسعر مناسب ومعلن للمزارع، ولهذا على الدولة أن تحدد مساحات الزراعات التى ستوفر محصول محدد يحتاجه السوق المحلى، وطبعاً لا بد من توفير مستلزمات الإنتاج عن طريق وزارة الزراعة بالتعاون مع الوزارات الأخرى حتى تكتمل الدائرة، لأن الأمن الغذائى فى العالم كله هو أحد أركان الأمن القومى.

- أولاً المبيدات ليست السبب الرئيسى فى الأمراض، بل توجد ملوثات أخرى كثيرة جداً ومتنوعة، ويوجد مبيدات تضر بصحة الإنسان، أما عن المبيدات كمسببة للسرطان فمنذ أن أعلن الدكتور «يوسف وإلى»، وزير الزراعة، عام 1996 عن هذه المبيدات تم منع دخولها إلى مصر إذن هو الذى أعلن عن وجود مبيدات مسرطنة ومنع دخولها إلى مصر.

- لا.. الموضوع يتخذ شكلاً سياسياً، لكنه هو الذى أصدر القرار، لكن البعض يلتف حول القرارات الوزارية، خاصة عندما يكون هذا القرار حلاً للأمور، لكن المشكلة أن القرار حينها صدر دون وجود حلول حقيقية فى ذلك التوقيت، ولهذا كانت توجد استثناءات، وظهرت قضية المبيدات المسرطنة بشكل كبير، مع أن قرار يوسف والى هو الذى حرم استخدام هذه المركبات وهذه شهادة لله، ولكن توجد مشاكل أخرى، مثل غش المبيدات وتريبها والتدليس فى الأجهزة الحكومية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل