المحتوى الرئيسى

هل سيمزق الكون نفسه ويفنى؟

02/01 14:08

عندما يتعلق الأمر بنهاية الكون، فإن معظم الفيزيائيين يعتقدون أنه سيبرد تدريجيا، و يتلاشى من الوجود فى غضون 2.8 مليار سنة من الآن.

و لكن ربما ليس بهذه البساطة. فقد أظهرت الحسابات أن الطاقة المظلمة (dark energy) من الممكن أن تتسبب بتمزيق الكون لنفسه تدريجيا حتى يفنى، و قدمت الآن دراسة جديدة فحصًا دقيقًا لما قد يبدو عليه هذا المصير. إنها ليست المرة الأولى التى يطرح فيها فرضية أن يمزق الكون نفسه إربا.

و يتمثل فهمنا الحالي للكون بأن حوالي 68 في المئة من طاقته هي مادة مظلمة – أي القوة الغامضة التي تسرّع تدريجيا من تمدد الكون. و بناء على هذا فإن الفرضية الأكثر رواجًا بين العلماء حول كيف سينتهي الكون تقتضي أن مجراتنا و نجومنا ستتحرك بثبات أبعد و أبعد حتى تصبح أبرد و أبرد من أن تتفاعل أكثر و يموت الكون ببطء. و هذه الفرضية تعرف بالتجمد الكبير Big Freeze أو الموت الحراري للكون the heat death of the Universe.

و لكن على مدى العقديين الماضيين خرج الباحثون بفرضية أخرى. ماذا لو لم تسلك المادة المظلمة النهج الذي نتوقعه؟ فبدلا من أن تتسبب بتمدد منتظم للكون, يتسارع هذا التمدد بمرور الوقت مسببا تمزق الكون إربا بالنهاية. يدعى هذا السيناريو بالتمزق العظيم Big Rip وسيتطلب أن تسلك الطاقة المظلمة نهجًا لم نره من قبل حتى الآن، و تتخذ شكلا تصبح فيه مكثفة بينما يتمدد الكون.

ومجرد أننا لم نر الطاقة المظلمة تسلك هذا المسلك من قبل، لا يجعلنا نستبعده. وأكثر من ذلك لم يستطع العلماء إثبات أن هذا المصير مستبعد لحدود الساعة.

للحصول على فهم أفضل لما قد يبدو عليه هذا التمزق العظيم قام فريق من الباحثين من الجامعة التقنية في لشبونة بالبرتغال بدراسة ثلاثة روايات محتملة و هي: التمزق العظيم، والتمزق الصغير الناتج عن التمزق العظيم، و التمزق الصغير. كل هذه الخيارات متشابهة جدا و لكنها تختلف قليلا في الطريقة التي ستتجزأ بها الأشياء. و كما تقترح الأسماء، التمزق العظيم يشمل تمزيق الكون لنفسه بغتة بينما روايات أقل تحدث فيها الأشياء بشكلٍ أكثر تدرجاً.

وقالت مريم بوحمدي لوبيز Miriam Bouhamdi - Lopez وهي أحد الباحثين: "القاسم المشترك بينهم جميعًا هو أن مجرتنا وجميع المجرات ستتمزق". وقالت ريبيكا بويل Rebecca Boyle من نيو ساينتست : "كل شيء يسير بطريقة خاطئة". 

ولكي نحدد أي من هذه السيناريوهات الثلاثة هو الأكثر احتمالا، درس الفريق أحدث خريطة للكون مبنية على ملاحظات من مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية (WMAP) و القمر الصناعي بلانك.البحث ركز على مناطق مختلفة الجاذبية من الكون. في بعض أجزاء من الكون – مثل المجرات لدينا- المادة المظلمة dark matter و المادة العادية regular matter تكونان أكثر تركيزاً. وهذا يمكن أن يقود إلى تضارب في الجاذبية الذي من الممكنأن يؤثر على معدل تفاعل الطاقة المظلمة.

و بدراسة كل هذه المسائل، أصبح الفريق قادرا على الحصول على فكرة عن أي نوع من التمزق يتجه الكون إليه: التمزق الصغير هو الأكثر احتمالية، حيث يتمزق الكون ببطء. لم يتم مراجعة نتائجهم حتى الآن، و لهذا يوجد الكثير من المصادفات لتحدث قبل أن نأخذ هذا التوقع على محمل الجد. 

في الوقت الراهن، يظل تمزق الكون مجرد سيناريو آخر محتمل يجب أن يرتكز على مزيد من البيانات حتى نستطيع الحسم في الأمر. هذا البحث متاح الآن على الانترنت على الموقع (arxiv.org) لفيزيائيين آخرين ليطلعوا عليه. الأكثر نفعا بشأن هذه الدراسة، حتى وإن لم تتحول إلى تنبئ سليم، هو أن الفريق ألقى الضوء على مجموعة من الأشياء يمكن أن نبحثها في المستقبل لفهم المصير الذي يتجه عالمنا نحوه.

وقال روبرت شيرر من جامعة فاندربيلت متحدثا لموقع New Scientist، وهو أحد العلماء الذين جاؤوا بالأصل بفكرة التمزق الصغير ولم يشارك في الدراسة: "لقد كانوا قادرين على الخروج بإشارات مرصودة تختلف عن هذه النماذج، وسنكون قادرين على استخدامها في المستقبل".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل