"ترسانة" القوانين تخنق المتظاهرين في مصر.. مفاجأة "قانون التجمهر الملغي منذ 89 عامًا لازال ساريًا".. و4 محطات مرت بها رحلة التظاهر آخرها "الفسطاط"
ما بين جهود مبذولة لمكافحة الإرهاب ورغبةعارمة في الإعتراض، مرت عملية التظاهر في مصر بنوع من الإضطراب، فالأجهزة الأمنية تحاول بقدر الإمكان إرساء قواعد الإستقرار بعد ثورتين أنهتكا الشعب والدولة، والشباب لديهم طاقة كبيرة للإعتراض والتظاهر، حتى ظهرت مؤخرًا قوانين ومحاولات حكومية لتنظيم التظاهر.
آخر القوانين التي تم كشف النقاب عنها مؤخرًا، قانون التجمهر، الذي حاولت الدولة من خلاله تنظيم عملية التظاهر بالتمسك به رغم إلغائه، إذ فجرت دعوى قضائية أقامها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة؛ مفاجأة من العيار الثقيل، بإن القانون المعروف بأسم "التجمهر" لازال مطبقا حتى الآن رغم بطلانه.
صدر القانون الذي يحمل رقم 10 عام 1914، وتمسكت به الدولة ولازالت تطبقه حتى الآن، بالرغم من أنه يشوبه عوار دستوري وفقًا للمركز، لصدوره من رئيس الوزراء الأسبق "حسين رشدي"، دون تفويض من الخديوي عباس حلمي الثاني، وبالمخالفة للنظام التشريعي المقرر آنذاك.
وأستمر العمل بالقانون في جميع العهود السابقة، وتدين على أساسه المحاكم المصرية حتى الآن المتهمين في قضايا التظاهر، بل وتستند إليه النيابة العامة في إعداد قرارات الإتهام ؛ وبدرجة أكبر من قانون التظاهر الصادر عام 2013، فضلًا عن أنه لم يُنشر في الجريدة الرسمية، وفقًا للمادة 26 من الدستور، التي أعتبرت النشر في الجريدة شرطًا أساسيًا لنفاذ القوانين.
وأستندت الدعوى إلى دراسة أعدها المركز، أنه تم التحايل على الدستور لإستمرار سريان القانون الملغي دون سند تشريعي سليم، لحد إدخال تعديلات مشددة عليه في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي أصدر تعديلًا عليه لمضاعفة الحد الأقصى للعقوبة المقررة ولا زال حتى الآن.
وأقام محامون ورؤساء أحزاب وشخصيات عامة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، لإلغاء قانون التجمهر، وأكدوا في دعواهم، أن القانون ملغي منذ 89 عامًا، بقرار من مجلس الشعب، إلا أن الحكومة ما زالت تفعله ، ولم تنشره في الجريدة الرسمية حتى الآن رغم إلغائه.
كان قانون التظاهر الذي صدر عام 2011، إحدى المحطات الجدلية التي مرت بها عملية التظاهر في مصر بعد ثورة 25 يناير، من أجل تنظيم حق التجمع السلمي، التي عجت البلاد بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لكن الأمر قوبل برفض عارم.
وظل الأمر مرفوضًا، حتى تولى المعزول "محمد مرسي"، وسعى مجلس شورى الإخوان إلى صدار قانون آخر يُسمى "حماية الحق في التظاهر السلمي، وبالفعل أقره المجلس عام 2013، وعرف المظاهرة بإنها كل تجمع ثابت، أو مسيرة في مكان لأشخاص، ونص على ضرورة تقديم إخطار كتابي بالرغبة في تنظيم المظاهرة إلى قسم أو مركز الشرطة.
ثم جاءت المحطة الثانية على يد المستشار "عدلي منصور" الرئيس المؤقت الذي صدر في عهده نحو 48 قانونًا، آثارت الكثير من اللغط ، كان من بينها قانون التظاهر الذي تم إقراره، خرجت التظاهرات تطالب برفضه، وتم إلقاء القبض على الكثيرين بموجبه.
وصدق من بعده الرئيس عبدالفتاح السيسي على القانون للحفاظ على الأمن القومي، وحين تم إنتخاب مجلس النواب، أحيلت كل القوانين التي صدرت في آخر عامين إليه، وتقدم بعض المحامين، بدعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للطعن عليه، وأصدرت المحكمة آواخر عام 2016 حكمًا بعدم دستورية المادة العاشرة منه.
وفي حلقة أخرى من معركة التظاهر، صدر حكم تاريخي في منتصف يناير الماضى، من قبل محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، حظرت به التظاهر أمام مجلس الوزراء وجميع الوزارات والأماكن المحيطة بها، وحددت المحكمة ساحة حديقة الفسطاط للتظاهرات والوقفات الاحتجاجية وعلى الفور أعلنت محافظة القاهرة تخصيص 20 فدانًا من الحديقة الفسطاط للتظاهرات مجانًا.
Comments