المحتوى الرئيسى

ماجدة خير الله تكتب: “ياباني أصلي”.. مغامرة طفلين من اليابان في حواري صفط اللبن

02/01 10:23

بداية أحمد عيد مع البطولات كانت مع “فيلم ثقاقي”، وهو من تأليف وإخراج محمد أمين ،الذى اختاره أيضا لبطولة فيلمه “ليلة سقوط بغداد”، وفى الوقت الذى تساقط فيه بعض من بدأوا رحلتهم الفنية مع أو قبل أحمد عيد، بقى هو فى المنطقيه الآمنة التى لا يقفز فيها لأعلى فيصبح نجم شباك يحقق الملايين، أو يسقط مرة بعد أخرى حتى يتوارى عن الساحة تماماً، إن أفلامه تغرى العائلة لدخولها  بكامل أفرادها حيث جرعات معقولة من المرح والكوميديا ولا مانع من مقدار من التوجيه الإرشادى والأخلاقى، يقترب أحيانا من مدرسة حسين صدقى، ولمن لا يعرف من هو حسين صدقى  فقد كان رائد مدرسة الأخلاق الحميدة فى سينما الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، وكان أحيانا يؤلف أفلامه ويخرجها وينتجها ويلعب بطولتها، وكان يطيب له أن ينهى أحداث كل فيلم يقدمه بموعظة حسنة أو آية كريمة تدل على الرسالة الأخلاقية التى أراد أن يقدمها فى فيلمه!

ولكن الحق يقال إن أحمد عيد لم يصل لحالة حسين صدقى، ولايزال ينحاز لمشاعره الفنية التى تجعله واحداً من نجوم الكوميديا الذين يمكن الرهان عليهم لتقديم سينما جميلة.

“يابانى أصلى” أحدث أفلامه، وهو فيلم مُبهج بكل تفاصيله، من تأليف لؤى السيد وإخراج محمود كريم الذى يعتبر أهم إكتشافات الفيلم ومصدر تميزه وقوته.

تدور معظم مشاهد الفيلم فى حارة عشوائية يعيش فيها الشاب محرم “أحمد عيد” مع شقيقته إيمان السيد، وزوجها العاطل محمد ثروت وطفلاهما المنفلتين أخلاقيا، الحياة فى الحارة العشوائية تشبه ما تعرفه وتتخيله عن مثيلتها، فوضى وارتباك وسوء خلق من الجيران وكثير من القذارة وعدم احترام أى قيم، وتسير الأمور دون أن ينزعج أحد، أو يشعر أن ما يحيط به لا يمت لحياة البشر بشيء، إلى أن يحدث متغير أساسي ليس فى حياة محرم فقط، ولكن فى حياة سكان الحارة العشوائية أيضا، وذلك عندما ينجح محرم فى الحصول على حكم قضائى يلزم مطلقته اليابانية أن تسمح له باستضافة طفليه التوأم، ليعيشا معه بعض الوقت، ويتم ذلك بعد كثير من الجدل والمباحثات بين محرم ومحاميه “هشام إسماعيل” من جانب، وبين مندوب السفارة ومحامى الزوجة اليابانية من جانب آخر، ويتم الاتفاق على موافقة الزوجة على سفر طفليها من طوكيو حيث يقيمان، إلى منزل والديهما فى صفط اللبن بالقاهرة لمدة محددة، على أن تتم متابعة حياتهما والكشف على نس ذكائهما وسلوكياتهما حتى لا تتأثر سلبا بالحياة فى منطقة عشوائية سكانها يتصرفون بهمجيه، وطبعا نسبة الـIQ بتاعة أجدعهم منخفضة جدا بالمقارنة بأي طفل يابانى!

يتوسل محرم لأهل حارته ويرجوهم أن يكونوا على قدر المسؤولية، ويحترموا أنفسهم ولو مؤقتا حتى تمر زيارة طفليه فى سلام، وإلا سوف يفقد حقه فى حضانتهما للأبد! وطبعا لابد وأن تتوقع كيف يمكن أن يستغل أهل الحارة طفلين من اليابان لتحقيق بعض المكاسب، خاصة وأن العيال عفاريت فى التعامل مع التكنولوجيا، وتصليح الأجهزة، الموبايلات والتليفزيونات وخلافه، ويقوم زوج شقيقه محرم بتحقيق مكاسب من تشتغيل الطفلين، الذين ينغمسان سريعا فى حياة أهل الحارة، وبعد فترة قصيرة يتعلمان شويه تعبيرات عشوائية وحركات صياعة مثل بقية أطفال المنطقة، ونظرا لارتفاع نسبة ذكائهما بدرجة ملحوظة عن نظرائهم يتم نقلهم إلى مرحلة دراسية أعلى.

ولابد للخلطة من عنصر نسائى ملطف، فتظهر ندا موسى التى تعمل مدرسة وتتعاطف مع محرم وتتعهد برعاية طفليه، ولكن تتأزم الأمور عندما تحضر الأم اليابانية بنفسها بعد أن شعرت بالقلق على طفليها، وتدرك أن معيشتهما مع والدهما محرم أدت إلى تراجع فى السلوك وأن أسلوب التعليم فى مصر لا يناسب ذكاء أطفالها، ويضطر محرم أن يهرب بأطفاله من مكان لمكان، ويزداد ارتباط الطفلين بمحرم ويرفضان الرجوع مع والدتهما اليابانية إلى طوكيو ويفضلان البقاء فى صفط اللبن، بعد أن أدى وجودهما إلى تغير سلوك سكان المنطقة العشوائية!

طبعاً النهايه غير منطقية ولكنها متوقعة، وليست مرفوضة تماما، وإن كان الأقرب للمنطق أن يعود الطفلان إلى طوكيو ويشعر الأب “محرم” بفداحة المغامرة بمستقبل طفليه وتربيتهما فى منطقة عشوائية لا يمكن لسكانها أن يتغيروا إلا بسلطان وقوة خارقة، ومصر ليست صفط اللبن فقط، حتى تصبح هى الاختيار الوحيد أمام الأب، والوطنية ليست التمسك بالحياة المعيشية مع أشخاص لا يحترمون غيرهم ويسيئون معاملة الصغير والكبير، ولكن ضروريات المعالجة الكوميدية التى تفترض وجود هذا التباين أو تلك المفارقات بين حياة أطفال قادمين من اليابان وحياة سكان العشوائيات المصرية فرضت هذه الحلول الدرامية، وقد نجح المخرج فى خلق إيقاع داخل الكادر سواء فى الخلفية أو الصدارة، مع حركة لا تهدأ فى الحارة، بدون اللجوء إلى التنميط، فى تقديم الفرح الشعبى أو المطاردات الليلية وبيات الأب محرم مع طفليه أسفل أحد الكبارى حيث نتابع عشرات من أطفال الشوارع يشمون الكُله أو يتعاطون أنواعا غريبة من المخدرات فى غيبة الشرطة أو أى مؤسسات اجتماعية!

كاميرا ضياء جاويش مع مونتاج عمرو عاصم وموسيقى مصطفى الحلوانى من أهم عناصر خلق الأجواء الخاصة للفيلم وجمالياته. ويؤكد أحمد عيد أن اختياراته تناسب كل مرحلة عمرية يمر بها، دون أن يفقد ثقة جمهوره به.

محمد ثروت قادم بشدة فى منطقته والخوف عليه من التكرار.

ندا موسى وجه جميل وهادىء أرجو أيضا ألا تستسلم لنمط الفتاة الرومانسية الذى قدمته فى أكثر من مسلسل.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل