المحتوى الرئيسى

لماذا السخرية ISIS؟

01/31 17:05

"تبقى يومان على يوم الشنق وما زلت لا أعرف ماذا أرتدي لذلك اليوم"، تقول أصفانة "تزوجت 5 مرات سابقاً كلهم ماتوا شهداء تفجيرات انتحارية" - صوت تفجير يهز المنزل الآن صارت ست مرات- تقول ميل تلك العبارات من البرومو للمسلسل الساخر الجديد the real housewives of ISIS الذي تعرض منذ ظهور أول حلقة له على قناة BBC لنقد كبير في كل العالم؛ لأنه لم يتعود إن يسخر الناس من القتل والإرهاب وتناول تلك القضايا بقالب كوميدي صرف، المسلسل من تأليف (ايدون براوس وجوليون روبنشتاين)، وهما ممثلان ومخرجان بريطانيان مثيران للجدل بأعمالهما السياسية الساخرة.

في بدايات ظهور الدولة الإسلامية في العراق وسوريا أطلق بعض الإعلاميين عليها لفظ "داعش"، اختصاراً، الأمر الذي كان مزعجاً جداً لجهاديي التنظيم؛ لأنهم شعروا بأن اللفظ تحقير وتقليل لاسم الدولة، ولعله ذلك بأنه غرض مختصر للاسم، ولعله سخر بشدة من الدولة؛ ليختار لها ذلك الاسم البشع، تلك السخرية الضمنية كانت لها الأثر الكبير في محاربة مواطني الشرق الأوسط للدولة.

وهنا في رأيي يأتي دور السخرية في هزم الفكر الذي يدفع بعدة شباب في العالم الإسلامي للانضمام للدولة الإسلامية، فالسخرية وسيلة قد تكون جيدة لهزم وتقليل شأن الإرهابيين فتصورهم كأشخاص سذج ومضحكين للدرجة البعيدة، أما الدور الثاني فإظهار شيطان داعش المخيف كحمل وديع يمكن القضاء عليه، وليس الرهبة منه التي غالباً تكون نقطة ضعف لمحاربي فكر الدولة، سواء كان جسدياً أو فلسفياً.

استخدمت السخرية في العالم الحديث كسلاح قوي، فأول ربط بين هتلر وبين القتل والديكتاتورية ظهر في أفلام تشارلي تشابلن الساخرة، عن تجسيده لدور هتلر في فيلمه الديكتاتور العظيم The Great Dictator، وقتها لم تظهر كتابات تطالب بسحب الأفلام والتعامل مع شخصية هتلر -رغم السلام الظاهر وقتها بين الدولتين- بجدية، فتشابلن كاتب ومنتج ومخرج، والممثل الرئيسي صور هتلر كشخصية حمقاء سريعة الغضب تخاف أحياناً، وأرسل رسالة مفادها الضمني أن هتلر شخصية ضعيفة يمكن التخلص منها بسرعة،

ومتى ما أراد العالم وليس هناك أحد يستطيع نكران قوة أفلام تشابلن وقتها، وظهرت السخرية في المشاهد في برامج جون ستيوارت الأميركي في برنامج "ذا دايلي شو" الذي يسخر من السياسيين العالمين، وأشهر مقدمي البرامج الساخرة في العالم العربي باسم يوسف الذي سخر من المؤسسة الدينية والعسكرية والسياسية على حد سواء كسلاح قوي وقتها ضد عدة جبهات، يقول باسم يوسف في أحد لقاءات مؤسسة الـ"دويتش فيله: "الفن الساخر والكوميديا قد يكونان أفضل وسيلة لمجابهة الخوف، فالضحك يحرر العقول، ويخلصها من الأحكام المسبقة، ولهذا فهو يمثل خطراً..

فالعالم الآن يحتفي بالفاشية، ويحكم بالخوف، ولكن الفن الساخر جاء ليحطم هذه المعادلة، فبالضحك تمحو خوفك"، الاقتباس أعلاه يظهر ملاحظة باسم للخوف من الكوميديا كسلاح قوي مهيب.

تتمدد داعش في عدة جبهات في الشرق الأوسط وإفريقيا، وتقف حروبها فقط على المنظومات الحكومية في تلك الدولة بين الحروب العسكرية وبين دعايات التنفير من جماعات التكفير التي تظهر في التلفاز المحلي، أعتقد أنه الوقت المناسب لمشاركة طبقات أخرى في المجتمعات في تلك الحرب الفكرية الدائرة؛ ليصعد الأدباء والكتاب والممثلون دبابات متنها كلمات وأعمال فنية ساخرة تقلل أو تنفر من حجم "داعش".

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل