المحتوى الرئيسى

«المصري اليوم» ترصد معاناة الطبقة المتوسطة «ميزانية البيت الشهرية هزمت الأسر» | المصري اليوم

01/29 23:31

فوجئ المصريون في الشهور الأخيرة بأن رواتبهم ومدخراتهم فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها الشرائية، بعد أن أطلقت الحكومة برنامجا للإصلاح الاقتصادى اعتمدت في جزء منه على وقف تدخل البنك المركزى في سوق الصرف «تعويم الجنيه»، فترتب عليه تضاعف سعر الدولار مقابل الجنيه.

انطلق سعار التجار وتوحشت الأسعار، ولم يعد المواطن قادراً على حساب تكلفة معيشته اليومية مع التغير المستمر في الأسعار.

«المصرى اليوم» رصدت معاناة ومشاكل الأسرة المصرية خاصة الطبقة المتوسطة في مواجهة غول الأسعار.. واستطلعت آراء اقتصاديين حول كيفية مواجهة هذه الأزمة.. وإلى التفاصيل.

«الميزانية» كلمة السر لغالبية الاشتباكات والتراشق بالألفاظ بين المواطنين، الذي يصل في بعض الأحيان إلى التشابك بالأيدى، في المواصلات العامة، والشوارع، وفى العمل. أمامها أصبح الكل سواء، بدءا من البواب، حتى المدير العام، رب الأسرة، والأعزب. فالبيت المصرى منذ قرون عدة، كانت له ميزانية شبه ثابتة، وهى راتب الزوج، ثم راتب الزوجة بعد نزولها للعمل. لكن الآن وتحديدا، في مطلع نوفمبر الماضى، بعد أن حررت الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه المصرى (التعويم)، ضمن حزمة قرارات اقتصادية، منها رفع أسعار الوقود والكهرباء، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ما أدى لرفع أسعار السلع الغذائية المختلفة، اضطرت معها الأسر المصرية لإعلان حالة التقشف لمواجهة زيادات الأسعار المتلاحقة، التي لم يعد في مقدور أصحاب الدخول المحدودة وما فوق المتوسطة مواجهتها، ورغم تحايل بعض الأسر لإيجاد بدائل، إلا أن ربة المنزل مازالت تجد صعوبة بالغة في السيطرة على الميزانية الشهرية للأسرة، التي أصبحت تهدد الراتب وهو في مهده، فلم يعد يكفى سوى أيام من الشهر.

محمد بدوى، ترك موطنه الأصلى نازحا من المنيا، متنقلاً ما بين الجيزة والقاهرة، منذ 25 عاما، ليحسن من دخل أسرته. قضى منها 20 عاما بالهرم، ثم انتقل إلى السيدة زينب. وهو يعمل حارس عقار، ومتزوج ولديه أربعة أبناء. يتذكر بحسرة الأيام الماضية «كان دخلى ألف جنيه، وكنت أحوش منه، وكان السكان إيدهم سخية، وكنت أعمل سائقا خاصا لأحد السكان، والدنيا كانت زى الفل. لكن مع ارتفاع الأسعار، كل دخلى بعد كل تلك السنوات 1200 جنيه، لأن السكان اعتمدوا على نفسهم في قضاء احتياجاتهم، علشان يوفروا حسنتى، ولو اشتريت حاجة، كلمة شكرا وفقط. وماحدش بيغسل عربيته دلوقتى، يا يغسلها بنفسه يا يوديها المغسلة. والعيال كبرت، الألف اللى كان بيكفيهم دلوقتى عايزين 4 أضعافه. عندى ابن في أولى ثانوى حصته بـ25 جنيه، وبياخد كل يوم حصة، يعنى ألف جنيه لوحده. أنا باكمل الشهر سلف ومساعدات من إخوتى في البلد. واللحمة البلدى، وكل ما هو بلدى والله ما بيدخل بيتى، وباسمع عن حاجة اسمها مصيف، واللحمة المدعمة والفراخ المجمدة بتزورنا كل فترة.

تلتقط أطراف الحديث، سيدة محمد، لديها ثلاثة أبناء، تعمل هي وزوجها، وكانت ميزانية البيت تكفيها، 2500 جنيه، شاملة كل شىء، أما الآن فقد تضاعفت، خاصة بعد أن حاول أبناؤها إيجاد أي فرصة عمل، لكن دون جدوى.

الأمر فيما يبدوا لا علاقة له بالأسرة فقط، وعدد الأبناء. «أحمد إبراهيم» يعمل في إحدى المؤسسات الخاصة، وغير متزوج رغم أنه تجاوز 35 عاماً، بل لا ينوى الزواج بعد ارتفاع الأسعار، فهو مغترب، أي يتحمل كل شىء، وليس لديه استعداد، تحمل ميزانية زوجة، وبيت، حتى لا يظلم نفسه ويظلم بنات الناس معه، على حد قوله.

أيضا «سناء توفيق»، معاش، ولم تتزوج. كل معاشها 1500 جنيه، وكان يكفيها، لكن الآن لم يعد يكفى، فاضطرت لتقليل وترشيد استهلاكها قدر المستطاع، وتحاول العيش به. لأنها «هتجيب منين»، على حد قولها، ولما «بتتزنق» إخواتها بيساعدوها. وغير سعيدة بقرار التعويم، وقالت «ربنا يسامح المسؤول عنه». لكنها راضية ومكتفية بحالة الأمان التي تعيشها، عندما تنظر لأحوال البلدان الأخرى.

«أم إسلام» بعد خدمة 30 سنة تقريباً، كمعلمة بالمرحلة الابتدائية، ونفس المدة لزوجها لكن بالأزهر، لم يتجاوز راتبهما ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه. ولديهما أربعة أبناء، جميعهم بالتعليم. كانوا عايشين طول عمرهم «بالزق» ورغم أن تعليم أبنائها جميعا تعليم حكومى، إلا أنها لم تتمكن من تدبير مصروفات الدروس والمواصلات إلا عن طريق الجمعيات. فهى وأسرتها يعيشون براتب زوجها فقط، لأن راتبها محجوز للجمعيات الدائمة. وهذا حرمهم من غالبية متع الحياة. وازداد الأمر سوءاً بعد ارتفاع سعر الدولار، فإذا كانت تعيش وأسرتها محرومة من الكثير، إلا أنها الآن تعتبر نفسها وأسرتها في عداد الموتى.

«ع. عويضة» كانت ربة منزل، حتى بضع سنوات، ثم تمكنت من اللحاق بركب الوظائف الحكومية. لكن للأسف دون تثبيت حتى الآن. وراتبها لا يتجاوز ثمانين جنيها. ولديها أيضا من الأبناء أربعة، تمكنت من تزويجهما جميعا، وبتربية المواشى وبعض الطيور في المنزل. فكانت تعيش في منزل زوجها عن أبيه، وهو يعمل موظفا بإحدى المدارس الحكومية، للمرحلة الإعدادية. لكنه وجد نفسه عاجزا براتبه الضئيل، أمام أبسط متطلبات أبنائه، فلجأ للعمل في مجال المقاولات كعمل إضافى، وهى حرمت نفسها وأبناءها من كل شىء، اللهم إلا أبسط متطلبات الطعام والشراب، حتى تمكنت من تحويش مبلغ فاشترت به بعض المواشى، وقامت بتربيتها، إلى جانب بعض الطيور. لكن النتيجة، أنها أصبحت مريضة ضغط وسكر، حتى عينيها أصابهما المرض. فلم تعد قادرة على تربية شىء، وكل ما ترجوه تثبيتها، ليتحسن راتبها، لأن منزلها أصبح ملتقى للأبناء والأحفاد معا.

لكن «ع. سالم»، ربة منزل، ولديها ثلاثة أبناء، فقد اختصر زوجها الطريق على نفسه، بعد خناقات طويلة على ميزانية الشهر، وقام بتطليقها، تاركها تلاطم أمواج الغلاء، راميا نفسه لامرأة تكبره ولديها أيضا أطفال، لكنه لن يكون ملزماً بهم.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل