المحتوى الرئيسى

عملاء أمريكا | المصري اليوم

01/29 21:36

الخبر الأكثر إثارة، على هامش قرار الرئيس الأمريكى الجديد، دونالد ترامب، بمنع مواطنى ٦ دول عربية، إضافة إلى إيران، من دخول الولايات المتحدة- هو أن عملاء أمريكا فى هذه الدول أصبحوا أيضاً ممنوعين من الدخول. فى هذه اللحظة تمنيت أن يشمل القرار كل الدول العربية بلا استثناء، ذلك أنها الرسالة الأقوى إلى أمثال هؤلاء بأن الوطن هو أرض المنبت والمنشأ، وليس أرض الجرين كارد، أو حتى الجنسية المشتركة، أو الاستثمارات والمشروعات، والندوات والمحاضرات.

أعتقد أن هناك فى أمريكا نحو مليون مواطن مصرى يتمتعون بالجنسية الأمريكية، إلى جانب جنسيتهم المصرية، معظمهم ينتمون للوطن الأُم انتماءً حقيقياً، ينشغلون به وكأنهم يعيشون بيننا، نرى ذلك من خلال تواصلهم معنا، أيضاً من خلال وجودهم بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال إجازاتهم السنوية التى يحرصون على قضائها فى مصر، من خلال إصرارهم على تعليم أبنائهم هناك اللغة العربية وأمور دينهم، من خلال تحويلاتهم المالية، وأشياء أخرى كثيرة، إلا أنه فى الوقت الذى نلحظ فيه على هؤلاء، أو على معظمهم كما أشرنا، أنه لم تبهرهم الأضواء الأمريكية الأكثر إثارة كونياً، نجد بيننا فى العالم العربى من عملاء الولايات المتحدة، ساخطون طوال الوقت على نهج البلاد وسلوكيات العباد، نجدهم يأملون غزواً أمريكياً أو وصاية غربية من أى نوع، فلا اللغة أصبحت ترضيهم، ولا الدين أصبح يوافق أهواءهم، لا مناهج المدارس، ولا سلوكيات البشر، هم يرون فى العم سام وأبناءه الحرية والديمقراطية والرفاهية، إلى غير ذلك من قوائم المدح والانبهار التى لا تنتهى.

ها هم أبناء العم سام يضربون بكل ذلك عرض الحائط. ها هو ترامب يوافق على عودة التعذيب بالسجون لانتزاع اعترافات أبناء العالم الثالث، على اعتبار أن ذلك التعذيب كان قد توقف أصلاً. ها هو يعيد افتتاح السجون الأمريكية فى بلدان مختلفة بالعالم. ها هو ينتقى بعنصرية واضحة من يدخل بلاده ومن لا يدخل. ها هو يُميّز دينياً بين بنى البشر. ها هو يعلن الحرب على الإسلام فى صورة الحرب على الإرهاب، انطلاقاً من جهل مطبق بتعاليم الإسلام. ها هو لم يعد كسابقيه يعمل من خلال قرارات خفية. كل ما فى الأمر أن الرجل واضح، كل قراراته معلنة.

ما إن أعلن الرجل عن قراراته، حتى شهدت المطارات الأمريكية حالة من الفوضى العارمة، حسب تعبير صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، لمنع مواطنى الدول العربية الستة من الوصول لأمريكا، وهى العراق وسوريا وليبيا والصومال والسودان واليمن، إضافة إلى إيران، الأمر وصل إلى منع من يحملون أيضاً الإقامة الدائمة «الجرين كارد»، أيضاً مطارات الدول الأخرى حول العالم شهدت هرجاً ومرجاً. فى مطار القاهرة تم منع أسرة عراقية من اللحاق بالطائرة المتوجهة إلى نيويورك، على الرغم من أنهم يحملون التأشيرة الأمريكية. تم أيضاً منع مواطن يمنى.. هكذا كان الحال فى كل دول العالم.

السؤال هو: أين دول العالم المتحضر من ذلك الذى يجرى- الدول التى صدعتنا بحوار الحضارات؟ رأينا قبيل صدور قرارات ترامب استقبالاً حافلاً فى البيت الأبيض لرئيسة وزراء بريطانيا العظمى، تريزا ماى، التى صرحت ذات يوم بأن وعد بلفور المتعلق بإنشاء دولة إسرائيل على أنقاض دولة فلسطين هو القرار الأهم والأكثر صواباً فى القرن العشرين. قبل هذا وذاك رأينا التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، إلى حد كتابة الدستور السورى! ماذا يُحاك للمنطقة بوصول كل هؤلاء إلى سدة الحكم فى توقيت واحد، بالتزامن مع وصول آخرين فى عالمنا العربى من أشباههم، ما الذى ننتظره، إذن، من هؤلاء وأولئك، وهل كان كل ذلك مجرد صدفة؟!

السؤال الأكثر أهمية: ما موقف الدول العربية والإسلامية من ذلك الذى يجرى أيضاً، ما موقف الدول التى تضمنها قرار ترامب تحديداً كمقدمة لإدراج دول أخرى مستقبلاً، ما موقف عملاء أمريكا، من سياسيين وإعلاميين وأكاديميين، فى هذه الدول وفى المنطقة عموماً؟! الصمت التام بدا عاملاً مشتركاً، على الرغم من أننا أمام قرارات هى الأكثر عنصرية وتمييزاً فى التاريخ الحديث، ولو أنها صدرت من إحدى دول المنطقة، لتحركت بوارج العالم صوب البحار والمحيطات، ولكانت قرارات مجلس الأمن بالتدخل الفورى هى الحدث الأسرع والأبرز.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل