المحتوى الرئيسى

كيف ستستفيد إسرائيل من دونالد ترامب وكيف سيخسر العرب والمسلمون؟

01/28 11:05

أحلام وردية يعيشها الإسرائيليون مع انطلاقة عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يصوره البعض في تل أبيب كفتوة عملاق، يمسك بحنان الفتى الإسرائيلي المكروه من كل قاطني الحي، وفي يده الأخرى عصا غليظة، ويسأل فتاه عمن ضايقه بغرض الانتقام منه، فتسود حالة من الهرج والمرج في الأرجاء ويغلق السكان أبوابهم منتظرين في رعب مصيرهم المحتوم، بينما يخرج بعضهم ساجدين تحت أقدام الفتوة وفتاه، مقدمين قرابين الطاعة.

لكن ما الذي يجعل الإسرائيليون واثقين إلى هذا الحد من فتوة العالم الجديد؟

يقول الصحافي الإسرائيلي أمنون لورد: إسرائيل في عهد ترامب-نتنياهو في وضع لم يسبق أن عايشته يوماً".

ويوضح في مقاله المنشور على موقع "ميدا" العبري: "الآن تدخل إسرائيل عهد علاقات جديدة، عهد الولايات المتحدة تحت حكم دونالد ترامب. ربما للمرة الأولى يجلس في البيت الأبيض رئيس هو في الحقيقة صديق لدولة إسرائيل. صحيح، كان هناك رؤساء أصدقاء، أكثر أو أقل، لكنهم جميعاً رأوا أن المصلحة الأميركية تتطلب منهم تنمية العلاقات مع العرب على حساب إسرائيل".

"واشنطن المؤسسية، المنتمية لما تسمى الدولة العميقة تنحاز للجانب العربي الذي يمتلك النفط والأموال الهائلة. لكن إسرائيل هي بؤرة المصالح الأيديولوجية والأخلاقية، وكذلك مصالح الشراكات الأمنية والتكنولوجية والتجارية"، خلص لورد في مقاله المنشور بتاريخ 22 يناير 2017.

وعلى الأرض يأتي الواقع متناغماً مع الأحلام الإسرائيلية، فمنذ إعلان فوز ترامب في الانتخابات الأميركية على غريمته الديمقراطية هيلاري كلينتون، في نوفمبر الماضي، حدثت الكثير من التطورات التي تصب في صالح إسرائيل وتؤكد أن تل أبيب هي الحصان الرابح من وصول ترامب إلى سدة الحكم.

يصنّف كتاب ومحللون في تل أبيب إدارة ترامب على أنها أول إدارة أمريكية تمنح الضوء الأخضر للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي بشكل واضح، وهو ما تناولته صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها بتاريخ 26 ديسمبر 2016 كشفت فيه عن ارتفاع ملحوظ في خطط البناء الاستيطاني في القدس المحتلة خارج حدود ما يسمى بالخط الأخضر، وذلك خلال الأسابيع الأولى فقط بعد فوز ترامب.

وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو وافق مثلاً في 2014 على بناء 775 وحدة سكنية لليهود خارج الخط الأخضر، وتقلص العدد في 2015 إلى 395، لكنه عاد وارتفع بشكل ملحوظ عام 2016 ليصل إلى 1506 وحدات استيطانية على أراضي القدس الشرقية، نحو 1000 منها منذ نوفمبر الماضي.

"هآرتس" التي قالت إن التوسع الاستيطاني يأتي رداً على قرار مجلس الأمن الأخير بتجريم الاستيطان، قالت إن الفترة نفسها شهدت تزايد معدلات هدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية. فعلى سبيل المثال هدمت سلطات الاحتلال خلال عامي 2014-2015 ما بين 40 إلى 70 منزلاً فلسطينياً، وتزايد العدد ليصل إلى 130 عام 2016، من ضمنها للمرة الأولى أبنية في أحياء تقع خلف الجدار العازل.

ومنحت سلطات الاحتلال بتاريخ 22 يناير 2017 تراخيص بناء لـ600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، كانت قد أُجّلت خلال فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بانتظار وصول ترامب.

وكان موقع "جي دي إن" الناطق بلسان اليهود المتدينين (الحريديم) نشر تقريراً بعنوان "المستوطنات في انتظار ترامب... عهد جديد من الصداقة الحقيقية"، أكد فيه تلقي رموز من كبار المستوطنين في إسرائيل للمرة الأولى دعوة لحضور حفل تنصيب الرئيس ترامب، وتحدث فيه عن أن المستوطنين في الضفة الغربية علقوا الأعلام الأميركية إلى جانب الإسرائيلية.

وقال الموقع إن من بين هؤلاء المدعوين كان رئيس مجلس "هاشومرون" الاستيطاني يوسي دجان، الذي كان السياسي الوحيد في إسرائيل الذي أيد ترامب علانية قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية، والتقى مستشاره اليهودي ديفيد فريدمان، الذي عيّنه الرئيس الأميركي لاحقاً سفيراً في إسرائيل.

شارك غرد"إسرائيل في عهد ترامب-نتنياهو في وضع لم يسبق أن عايشته يوماً"... هذا ما يقوله الإسرائيليون

شارك غرديعتقد الكثير من الإسرائيليين أن العناية الإلهية هي التي أرسلت ترامب، في معجزة منها، وأن الخلاص قد اقترب

جمع ترامب في إدارته الجديدة وطاقمه الخاص شخصيات ليست فقط مؤيدة لإسرائيل، بل مولعة بها، تؤيد الاستيطان وتتبرع من أجله بسخاء، وتعتبر القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، وتسفّه حل الدولتين، وترى في إبادة المقاومة الفلسطينية حلاً مقبولاً لتوفير الأمن للإسرائيليين.

"الشيء الوحيد المضمون بالنسبة للمستوطنين أن الحديث يدور الآن عن معجزة عجيبة من ذلك النوع الذي يحدث مرة واحدة كل جيل، يعتقدون أن العناية الإلهية أرسلت ترامب وسفيره فريدمان وأن الخلاص قد اقترب". جاء ذلك في مقال للمحلل الإسرائيلي بن كسبيت، تناول فيه دلالات تعيين إدارة ترامب للمحامي المتشدد ديفيد فريدمان سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل، معتبراً أن ذلك هو أول تجسيد لميل الإدارة الجديدة لليمين الإسرائيلي واستئناف بناء المستوطنات.

وكتب في تحليله المنشور على موقع "المونيتور" الأميركي في نسخته العبرية، أن الولايات المتحدة ولأول مرة في تاريخها ترسل إلى إسرائيل سفيراً يؤيد علانية بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، بل يتبرع بأمواله لبنائها، ويقترح على إسرائيل ضم جزء من أراضي المستوطنات لأراضيها.

وفريدمان هو محامي ترامب للشؤون العقارية منذ قرابة الـ20 عاماً، وكذلك مستشاره للشؤون الإسرائيلية، ويوصف بأنه "صديق حقيقي" للمشروع الاستيطاني بالضفة الغربية، الذي اعتبرته جميع الإدارات الأميركية السابقة غير شرعي ويقضي على حل الدولتين.

السفير فريدمان وبحسب بن كسبيت يشغل منصب رئيس "جمعية أصدقاء مستوطنة بيت إيل" في أميركا، ورئيسها العام عضو الكنيست السابق "يعقوب كاتس" المعروف بتطرفه الشديد. ويُعدّ فريدمان من كبار المتبرعين الأسخياء لمستوطنة بيت إيل المقامة على الأراضي الفلسطينية شمال شرق مدينة البيرة، إذ تبرع بملايين الدولارات.

وبالمناسبة فقد أكد السفير الأميركي الجديد الذي سيصل إلى إسرائيل نهاية فبراير القادم أنه وعلى عكس السفراء السابقين للولايات المتحدة لن يسكن في منزل السفير المعروف بمدينة هرتسيليا بتل أبيب بل سيسكن في شقة بمدينة القدس، بغض النظر عن قرار ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس أو عدم نقلها.

ويعد جارد كوشنير زوج إيفانكا ابنة الرئيس ترامب هو الآخر أحد كبار داعمي المشروع الاستيطاني الإسرائيلي وكثيراً ما تبرع للمستوطنات. وقد عينه حماه مؤخراً مستشاراً رفيعاً في البيت الأبيض، ومسؤولاً عن ملف الشرق الأوسط فضلاً عن الصفقات التجارية.

وعن كوشنير أو "الرجل القوي"، كتبت صحيفة "معاريف" في تقرير بتاريخ 21 يناير 2017 تقول: "جارد كوشنير مؤيد قوي لإسرائيل، يهودي يحافظ على تعاليم السبت، يتبع مجتمع اليهود "يشورون" في منهاتين. وفي واشنطن سوف ينضم مع زوجته إلى المعبد المعروف كيشر يسرائيل".

من جانبه، حذّر مايكل فلين، مستشار الأمن القومي، من المخاطر المحدقة بإسرائيل من قبل إيران ووصف الإسلام بـ"السرطان"، معتبراً أن الخوف من الإسلام أمر منطقي، وقال: "مثل النازية والفاشية والإمبريالية والشيوعية، الإسلام سرطان في أجساد 1.7 مليار شخص".

أما وزير الخارجية في إدارة ترامب ريكس تيلرسون، الذي شغل على مدى العقد الماضي منصب رئيس ومدير عام عملاقة الطاقة إكسون موبيل، التي تملك مئات محطات الوقود في مصر والعراق وعدة دول عربية أخرى، فقد وصف الإسرائيليين في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأميركي بأهم أصدقاء الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، وتعهد بدعم عملية سن قوانين ضد حركات مقاطعة إسرائيل.

ويُعد مايك بينس، نائب ترامب أحد المؤيدين بقوة لإسرائيل، وقد وقّع العام الماضي، عندما كان حاكماً لولاية إنديانا، على قانون يحظر على الولاية التعامل التجاري مع الشركات المقاطعة لإسرائيل. وأعلن معارضته لإقامة دولة فلسطينية.

أما نيكي هيلي سفيرة واشنطن الجديدة في الأمم المتحدة، والحاكمة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية، فسنّت قانوناً ضد حركات مقاطعة إسرائيل.

وفي حين تدعم ليندا مكمان، سيدة الأعمال الأمريكية ورئيسة مديرية شؤون مشاريع الأعمال الصغيرة في إدارة ترامب، حل الدولتين فإنها تعارض تجميد المستوطنات.

وأعلن حاكم تكساس السابق ريك بيري الذي عينه ترامب وزيراً للطاقة، في السابق، تأييده لسيطرة إسرائيلية كاملة على القدس، ودعا جيران إسرائيل العرب للاعتراف بـ"حقها السيادي" في الدفاع عن مواطنيها.

بدوره، فإن بن كارسون وزير الإسكان في إدارة ترامب الذي ترشح ضده في انتخابات الجمهوريين لاختيار مرشحهم للرئاسة، كان قد أكد وقتها أنه بحال انتخابه رئيساً فسوف يكون صديقاً قوياً لإسرائيل في البيت الأبيض. وخلال زيارته لإسرائيل قبل ذلك بعام، قال إنه يعتقد أن الإسرائيليين يشعرون بتعرضهم للخيانة على يد الولايات المتحدة.

إن جاز التعبير فإن الروح الإسرائيلية في إدارة ترامب ومؤسسات الحكم الفاعلة بالولايات المتحدة تعمل بشكل مباشر وغير مباشر في خدمة المصالح الإسرائيلية. تجلى ذلك في اعتراف المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية يوني بن مناحيم في مقاله المنشور بتاريخ 17 يناير على موقع "نيوز1" بسعي تل أبيب من خلال أصدقائها في الكونغرس لتمرير قانون يدرج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الإرهاب الأميركية.

وختم بن مناحيم مقاله الذي حمل عنوان "تغيير السياسة الأميركية تجاه الإسلام المتشدد" بالقول: "إضعاف جماعة الإخوان من خلال تشريع في الكونغرس يخدم المصالح الأمنية لإسرائيل، إذ يفترض أن يضعف أيضاً حركة حماس والجناح الشمالي للحركة الإسلامية (في إسرائيل) برئاسة الشيخ رائد صلاح. لذلك علينا الترحيب بمبادرة السيناتور الجمهوري تيد كروز، وعلينا أن نساعده لتمرير مشروع القانون في الكونغرس من خلال أصدقاء إسرائيل".

ويدور الحديث عن تقدم السيناتور الجمهوري تيد كروز المرشح السابق للانتخابات الأميركية بمشروع قانون لإدراج "الإخوان المسلمين" و"الحرس الثوري" الإيراني على قائمة التنظيمات الإرهابية. كذلك تجري دراسة إدراج حركة "أنصار الله" الحوثية اليمنية في القائمة ذاتها، وهو المشروع الذي سبق وتصدت له إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وكان وزير الخارجية في إدارة ترامب ريكس تليرسون قد قال خلال جلسة استماع عقدها مجلس الشيوخ الأميركي إن هزيمة داعش سوف تسمح لأميركا بتركيز اهتمامها على بقية التنظيمات التي تتبنى الإسلام الأصولي مثل تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وتنظيمات أخرى داخل إيران.

بعد الحديث عن قراره بمنع صدور تأشيرات دخول لمواطني ست دول عربية، إضافة إلى إيران، للولايات المتحدة، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأربعاء 25 يناير عن عزم الرئيس ترامب التوقيع على أمرين رئاسيين في المدى القريب، الأول خفض الدعم الأميركي للمنظمات الدولية والثاني سحب التمويل من أية وكالة أو منظمة دولية تمنح الفلسطينيين العضوية الكاملة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل