المحتوى الرئيسى

عونى فرسخ يكتب: ترامب والقلق الذى أثاره عربياً وإسلامياً | المصري اليوم

01/27 22:36

ما أبداه الرئيس دونالد ترامب فى خطاب تنصيبه من عداء للإسلام والمسلمين، وتأكيد انحيازه غير المحدود لـ«إسرائيل» أثار، ولايزال، قلق ومخاوف غير يسير من المواطنين العرب، كما عكست ذلك حوارات الفضائيات العربية، تعقيباً على خطاب الرئيس الأمريكى. وبداية نلاحظ أنه لا يضير الإسلام والمسلمين، العرب منهم وغير العرب، عدم دعوة من يمثل مسلمى الولايات المتحدة لحفل تنصيب الرئيس ترامب، كما دُعى ممثلو الطوائف المسيحية الأمريكية وممثل ليهودها. بل إنه لشرف عظيم للإسلام المتميز بالانفتاح على اتباع الديانات والعقائد الأخرى ألا يشهد ممثل للمسلمين الأمريكان حفل تنصيب رئيس عنصرى مرفوض على الصعيد الشعبى فى معظم الولايات الأمريكية، إن لم تكن جميعها، كما على صعيد أغلب شعوب العالم.

ثم إن الرئيس ترامب، وإن غالى فى تأكيد انحيازه غير المحدود لـ«إسرائيل»، لم يأت بالجديد المقلق فى انحياز الإدارات الأمريكية للكيان العنصرى الدخيل على الوطن العربى. فالثابت أنه ليس من رئيس أمريكى منذ ويلسون سنة 1919 إلا وكان راعياً وحامياً للمشروع الصهيونى، شديد العداء للشعب العربى الفلسطينى وحقوقه المشروعة. فضلاً عن صمته تجاه إرهاب «إسرائيل» لمواطنى فلسطين المحتلة، وعدم التزامها بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والقوانين والأعراف الدولية.

علماً بأن ما له قيمة وتأثير فى الصراع العربى - الصهيونى الممتد إنما هى قدرات وفعالية قوى الممانعة والمقاومة الفلسطينية خاصة، والعربية عامة، فى التصدى لعدوانية «إسرائيل»، وما تلقاه من دعم رعاتها على جانبى الأطلسى.

ذراع «إسرائيل» لم تعد ممتدة لتضرب فى مشرق الوطن العربى ومغربه، كما سقط الادعاء بأن جيشها لا يقهر، ولم يعد باستطاعته نقل الحرب لجوارها العربى، أو قمع إرادة شباب وصبايا فلسطين المحتلة، كما إن «إسرائيل» باتت مهددة بتداعيات الفصل العنصرى بما لا يقل عما كانت عليه حال جنوب أفريقيا قبل سقوط نظام الفصل العنصرى.

الثابت لدى المراقبين أن انتصار «إسرائيل» فى حرب 1967 كان آخر عهدها بالانتصارات فى عدوانها على محيطها العربى. وهى بالتالى لم تعد رصيداً استراتيجياً لرعاتها الأمريكان والأوروبيين بقدر ما غدت عبئاً تاريخياً عليهم.

فهل من أقلقهم خطاب ترامب مدركون دلالة قول الكاتب «الإسرائيلى» يورى آفنيرى: «لقد عدنا الآن إلى الجيتو، وأصبحنا يهوداً خائفين، حتى ونحن نرتدى الزى العسكرى، بل حتى ونحن نمتلك السلاح الذرى؟».

إن نهاية «إسرائيل» رهن بتقدم الشعوب العربية على طريق التكامل والوحدة بما يكبح المطامع الخارجية فى الأرض العربية التى لم تخضع عبر تاريخها الممتد للغزاة، من الغرب جاءوا أم من الشرق.

أما الرئيس ترامب فإن ما واجهه فى يوم تنصيبه لم يواجهه أى رئيس أمريكى سابق، من احتشاد الآلاف فى واشنطن العاصمة، بل وفى مواجهة مقر تنصيبه، وعلى مدى الولايات كلها هاتفين ضده، منددين بطروحاته العنصرية، رافضين نهجه المتناقض تمام التناقض مع الانفتاح الذى أتاح لأمريكا استقطاب العقول الأجنبية التى أثرت الثقافة والعلم والمعرفة. ويعلمنا تاريخ المجتمعات والأفراد أن عصبية الخطاب، والانطواء على الذات، دليل ضعف وليس دليل قوة. وما صدر عن ترامب، قبل نجاحه وفى خطابه يوم تنصيبه، يشكل تحدياً للقوى الحية فى المجتمع الأمريكى ما سوف يستدعى حراكاً مجتمعياً أمريكياً متوقعاً له أن يفرض عليه، كما على أركان إدارته، مواجهة المشكلات الداخلية على التصدى العملى للدول والمجتمعات التى استعداها بخطابه العنصرى الفاشى. والذى يتجاهله القلقون العرب أن الولايات المتحدة لم تعد القطب الدولى الأوحد، وإنما قطب محدود الفعالية مقابل أقطاب متزايدة الفعالية، ولم تعد واشنطن صاحبة الدور الأول فى صناعة قرارات مجلس الأمن، فضلاّ عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. ثم إن أمريكا اللاتينية لم تعد حديقتها الخلفية بعد تنامى فعالية قواها والتطور الطردى فى قدرات وإمكانات دولها الصاعدة، والمتنامى عداؤها للعنصرية الأمريكية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل