المحتوى الرئيسى

بحظر سفر المعارضين.. الخرطوم تزيد العداء مع واشنطن

01/26 11:56

حالة من العناد أو اللامبلاة أصابت السودان باتخاذ إجراءات تزيد العداء مع الولايات المتحدة الأمريكية التي لا زالت تفرض عقوبات سنوية على الخرطوم كبدتها خسائر بالمليارات، ومع هذا أقبل السودان على حظر سفر المعارضين لخارج البلاد.

ووضعت الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة السودانية تحت المراقبة 6 شهور لأجل تنفيذ 5شروط من بينها السلام الداخلي، وذلك لتثبيت قرار الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية التي تفرضها على الخرطوم منذ عام 1997.

لكن الخرطوم فضلت مقايضة الحظر الأمريكي مؤخراً من خلال منع السلطات السودانية عدد من المعارضين -الذين كانوا في طريقهم لحضور اجتماعات لـ تحالف نداء السودان المعارض بالعاصمة الفرنسية باريس، ومصادرة جوازاتهم- لتسجيل بعض النقاط السلبية على سجل المراقبة الأميركي للسلطات السودانية.

وعلى مدار حكمه، واجه الرئيس السوداني عمر البشير، أزمات اقتصادية متتالية تعود في بعض منها، إلى الاضطرابات السياسية والحرب الأهلية متعددة الجبهات، لكن وفقاً لخبراء تظل العقوبات الأمريكية، السبب المحوري، لما ترتب عليها من عزل البلاد عن الاقتصاد العالمي.

وكانت العلاقة ولا تزال متوترة بين واشنطن وحكومة البشير، منذ وصوله للسلطة عام 1989.

 وبسبب تبنى نظام البشير خطاباً وصف بـ"المُعادي" للغرب، واحتضانه لزعماء جماعات إسلامية معارضة لبلدانها في المنطقة العربية، من بينهم زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، أدرجت واشنطن السودان على قائمة الدول الراعية للـ"الإرهاب" في 1993.

ورغم سعي حكومة البشير لاحقاً، لتحسين علاقتها مع الولايات المتحدة، بتخفيفها لحدة خطابها الأيدولوجي، وطرد إسلاميين من بينهم بن لادن عام 1996، إلا أن واشنطن صعّدت من خطواتها تجاه السودان بفرض عقوبات اقتصادية عليه في العام التالي.

وزادت واشنطن أكثر في تضييقها على السودان، حيث قصف سلاح الجو الأمريكي عام 1998 مصنعاً للأدوية في الخرطوم، مملوك لرجل أعمال سوداني، بحجة أنه مصنع للأسلحة الكيميائية، وبعدها تم خفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى درجة قائم بالأعمال.

لكن ذلك لم يمنع الخرطوم من إبرام اتفاق تعاون مع واشنطن لمكافحة "الإرهاب"، عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، أُعلن عنه لاحقاً، دون الكشف عن تفاصيله، وبرره مدير المخابرات السوداني السابق، صلاح قوش، بأنه مثل حماية لبلاده من تلقي ضربة عسكرية على غرار الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق.

وغير شرط عدم تدخل الخرطوم في استفتاء انفصال الجنوب وضعت واشنطن شروطاً جديدة، أبرزها وقف الحرب في مناطق أخرى، هي جنوب كردفان، والنيل الأزرق، ودارفور، وتحسين سجل حقوق الإنسان، وحل أزمة الحكم.

 ورفضت الخرطوم هذه الشروط ورأت أنها "تدخل في الشؤون الداخلية"، واتخذت خطوات تصعيدية، بينها، رفضها منح مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد بووث، تأشيرة دخول لزيارة البلاد، والاجتماع بمسؤولين حكوميين في نوفمبر 2013.

ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة عن إجمالي الخسائر التي تعرض لها السودان جراء العقوبات، فإن مصادر سودانية قدرّت إجمالي الخسائر بنحو 500 مليار دولار وتقدّر الخسائر غير المباشرة التي يتكبدها السودان جراء العقوبات بأربعة مليارات دولار سنويا.

وتشمل العقوبات الأميركية حظر كل أنواع التعامل التجاري والمالي مع السودان كما خرج القطاع المصرفي السوداني من المنظومة المالية العالمية بسبب العقوبات التي تشمل أيضا منع تصدير التكنولوجيا والحجز على الأصول السودانية.

وكانت الخطوط الجوية السودانية من أكثر الجهات المتضررة من هذه العقوبات، إذ حُرمت بسببها من الحصول على قطع الغيار والصيانة الدورية لطائرتها، الأمر الذي أدى إلى بقاء معظم أسطول طائراتها رابضا في أرض المطار.

وتعرض قطاع السكك الحديدية لخسائر بالغة بسبب العقوبات وفقد 83% من بنيته التحتية، مما أدى إلى توقف عدد من القاطرات عن العمل.

وتأثر أكثر من ألف مصنع بشكل مباشر بالعقوبات بسبب عدم حصولها على قطع الغيار أو البرمجيات الأميركية ووصلت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على جهات وبنوك خالفت هذه العقوبات 1.5 مليار دولار.

وحرمت العقوبات السودان من الأجهزة الطبية والأدوية والمستحضرات الأميركية، وأثرت أيضا على مهام معامل التحليل الطبية، كما أثرت سلبيا على مرضى بعض الأمراض ومنها السرطان.

وأكد السفير السوداني لدي مصر، عبدالمحمود عبدالحليم، أن الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذه العقوبات التي أنهكت الحياة المعيشية هى اتهام السودان بأنه لم يلتحق بركب الدول المكافحة للإرهاب وهذا كلام  غير صحيح يعكس عنجهية أمريكية غير مبرره.

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هذه عقوبات جائرة ومنافية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، نظراً للضرر الذي تسببه للمواطن السوداني، وهو ما يؤكد تطرف الولايات المتحدة الأمريكية في قراراتها، مبينا أن التطرف ليس فقط من يمسك بسلاح ويقتل وإنما أيضًا من يتخذ مثل هذه القرارات.

ولفت إلى أن العقوبات أصبحت أداة لمعالجة المشاكل التي تواجه واشنطن دوليا، لكن قلما تحقق الغايات الأمريكية، مؤكداً تناقض قرار الإدارة الأمريكية بتجديد العقوبات مع بيانات وزارة خارجيتها التي تؤكد الدور الإيجابي للسودان كنموذج في المنطقة، ومكافحة الإرهاب وحل القضايا الإقليمية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل