المحتوى الرئيسى

الاحتلال يحبس شابًا "وحيد أمه" 18 عامًا

01/25 19:36

في الخامس والعشرين من شهر  سبتمبر 2015، استيقظت أماني دويات ما قبل الفجر متجهة نحو النافذة، سحبت الستارة قليلاً، وإذ بها تلمح آلية الاحتلال الإسرائيلي التي تقلّ القوات الخاصة، وكأنّها تختبئ كما اللصوص تحت البناية، ثم بدأ عناصرها بالتقدّم نحو منزلهم في قرية صور باهر (جنوبي القدس المحتلة).

دون وعي، ذهبت لتوقظ والدتها "أم عبد" وشقيقها "عبد"، وأصوات عالية تخرج من هنا وهناك، اتجهت القوات في البداية للطابق الذي يعلوهم حيث شقيق عبد (شقيقه من زوجة أبيه)، فجّروا الباب واقتحموه بشكل همجي ومُرعب، وعاثوا فيه فسادًا.

لم يجدوا "عبد"، فنزلوا فورًا وقرعوا باب منزل "أم عبد" بقوّة، ذهبت لتفتح لهم فنظرت من نافذة الباب، ليسبقها رأس سلاح أحدهم، (...)، أكثر من 30 عنصرًا؛ بينهم ملثّمون، وفق رواية أماني دويات، اقتحموا المنزل، وأمسكوا بـ "عبد" ووضعوه أرضًا وكبّلوه من يديه وأعصبوا عينيه، ولم يفهم أحد ما الذي يجري.

وعبد دويّات أحد الأسرى المقدسيين الجُدد والذي أنهى عامه الـ 20 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد اعتقاله عام 2015 على خلفية مقتل مستوطن قيل في البداية إن "جلطة" أصابته ما أدى إلى حادث سير، وسرعان ما تغيّرت الأمور وتبدّلت لتُصبح "رشق حجارة باتجاه مركبة مستوطن ما أدى إلى مقتله وإلقاء القبض على المشتبهين المقدسيين".

وأصدرت محكمة الاحتلال حكمًا باعتقال "عبد" فعليًا مدة 18 عامًا، بعد إدانته بالتسبّب في قتل مستوطن يهودي قرب بلدة صور باهر جنوبي القدس المحتلة.

تقول أم عبد، إن الاحتلال "سلب" منها نجلها "آخر العنقود عبد دويات" في ليلة الـ 25 من سبتمبر 2015، عقب دهم منزل العائلة التي كانت قد أمضت "لحظات جميلة لم نعلم أنها الأخيرة في ولاء (شقيقة عبد)".

وأضافت: "عبد هو سكّر الحياة التي حرمنا إيّاه الاحتلال، فقد كان يرسم البسمة في البيت في كل الأوقات".

وتابعت والدة عبد وكذلك شقيقاته، أنه لم يكن يُحبّ موضوع "الزواج" فيما لو طرح أمامه، رغم ذلك كان يحب الأطفال كثيرًا، يُداعبهم ويُلاعبهم، فقد كان حنونًا جدًا وما زال، كما أنه لا يترك لهن مجالًا للحزن، وهو من يرفع معنوياتهنّ لا هنّ من يفعلن ذلك له.

"آخر العنقود".. يعتبر الأسير عبد دويات أصغر وآخر أبناء عائلة "أم العبد"، المكونة من ثلاثة بنات؛ اثنتان متزوجات والأخرى تسكن مع والدتها في صور باهر، والدهم توفي منذ سنوات، فكان "عبد" هو المسؤول عنهن حيث كبُر قبل أوانه، وكان بعد مغادرته المدرسة يُحاول أن يعمل هنا أو هناك للحصول على بعض المال كمصروف له أو لمساعدة العائلة ولو بالقليل.

في الـ 11 من شهر أبريل 2016، كانت قد عُقدت جلسة للشبان المعتقلين على خلفية قتل المستوطن، وقد تكون تلك أطول جلسة لهم، حيث استمرّت من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الرابعة مساءً، لاستماع الشهود، وأثناء ذلك وصل العائلة نبأ اقتحام الجيش للمنزل.

وأوضحت أم عبد: "وصلني نبأ اقتحام المنزل من قبل قوات الاحتلال تمهيدًا لإغلاقه، لم يكن فيه أحد سوى أماني، وحاولت أن لا أُظهر أي شيء أمام عبد حتى انتهاء الجلسة الطويلة".

ولم يكتف الاحتلال بتشريد عائلة دويات، واضطرارها إلى استئجار منزل لتأوي نفسها، بل قام بسحب إقامة الأسير عبد في القدس.

18 عامًا و12 شهرًا "وقف تنفيذ"

خرجن صباحًا للصلاة في المسجد الأقصى، يدعين الله أن يفرّج كرب "عبد"، ورغم أن جلسة النطق بالحكم ستبدأ ما بعد الثانية ظهرًا، إلّا أنهن حضرن باكرًا بعد صلاة الظهر مباشرة، ودخلن "المحكمة المركزية" في القدس، في انتظار وصوله.

بقيت "أم عبد" جالسة مترقّبة، وابتسامتها لم تُفارق محيّاها، ولم ترض هي وشقيقاته أن يدخلن القاعة قبيل وصول عبد ورؤية ابتسامته التي منعهم الاحتلال من تصويرها، وما إن وصل حتى استنفر الحرّاس ومنعوا شقيقاته من تصويره عبر

الهواتف النقّالة، وتم تهديدهن بعدم حضور الجلسة فيما لو لم يتم حذف جميع المقاطع التي صُوّرت لـ "عبد".

وبعد مناوشات، استطاع الجميع حضور الجلسة، عائلة دويّات تجلس في الجهة اليمين، وعائلة المستوطن القتيل إلى اليسار، وخلفهم يجلس "عبد"، وعيون الحرّاس على أيدي وحقائب عائلته، كي لا يتم التقاط أي صورة، وفقًا لعائلته.

نظرات ما بين الحين والآخر ما بين عبد ووالدته، وكذلك شقيقاته، وما إن انتهى المؤذّن من قول "الله أكبر.. لا إله إلا الله" لصلاة العصر، حتى نطق القاضي الإسرائيلي بالحكم على عبد بالسجن لمدة 18 عامًا، ووقف تنفيذ لمدة عام، كما فرض عليه غرامة مالية بقيمة 100 ألف شيكل، بعد إدانته بالتسبب في قتل المستوطن.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل