المحتوى الرئيسى

أحمد عبدالعزيز: الهوية المصرية اختف من الدراما بسبب رحيل كبار الكُتّاب

01/25 19:27

عبدالله وحمدى غيث شخصيات لن تتكرر.. ومحمود ياسين «ماركة مسجلة»

دخلت السينما من باب الكبار مع يوسف شاهين

نعم قدمت أفلاماً أخجل منها وندمت عليها

بعد أن بحث عن الحب فى «المال والبنون» وعاش مرارة الغربة فى «مين اللى مايحبش فاطمة»، وبحث عن حق أجداده فى «سوق العصر»، ودافع عن شرفه ووطنه فى «البحار مندى»، وجاءت «الوسية» و«الفرسان» و«لا إله إلا الله» لتكون الشخصيات الأهم فى حياته الفنية.. يعود الآن فى «الأب الروحى» ليغير جلده تماماً درامياً.

أحمد عبدالعزيز احتل مكانة خاصة فى الدراما المصرية، مثّل جيلاً كاملاً فى عصره، جعلت منه فتى أحلام أجيال الثمانينيات والتسعينيات وغاب لفترة وصفها بفترة تغير الأجيال ليعود بقوة من خلال مسلسل «الأب الروحى»، الذى يدعو فيه إلى الوحدة والتمسك بالعائلة؛ من خلال دوره فى مجتمع له تقاليد تختلف كثيراً عن الطبقة المتوسطة التى جسد همومها طوال تاريخه، ولكن سيظل خلاله مؤكدا على معايير الهوية المصرية، فهل سيتقبله الجمهور فى شكله الجديد ليعود نجماً يتلألأ فى سماء الفن؛ هذا ما سنعرفه من خلال هذا الحوار:

- المسلسل وجد رد فعل طيباً مع الناس، خاصة مع تغيير طبيعة الدور، والشخصية تتطور كثيراً على مدى الحلقات، حيث تركز حلقات العمل على فكرة العلاقات الوطيدة بين الأسرة وبعضها، وهو أمر افتقدناه كثيراً فى الآونة الأخيرة، فنحن فى دولة مدنية فيها علاقات المواطنين بعضهم ببعض أهم كثيراً من العلاقات العائلية، ولكن البعد العائلى مهم للغاية، وعلى سبيل المثال فى عائلات الصعيد، يهتمون كثيراً بالترابط الأسرى، من خلال العديد من القيم والعادات والتقاليد التى تسير عليها حياة العائلة ويكون الرابط المشترك بين جميع أفرادها، ومثل هذه النوعية من الأعمال التى تتناول تجارة السلاح البعد العائلى فيها مهم لأنه يلجأ للبحث دائماً عن الثقة والتأمين، وبشكل خاص، علاقة «سليم العطار» بـ«زين العطار» علاقة خاصة فيها بعد شخصى مهم لأن «سليم» ابن العم الأصغر لـ«زين»، ويعتبره مثله الأعلى وقدوته، وأخذ على عاتقه منذ البداية أن يحميه، ويتضح ذلك فى الحلقات التالية للمسلسل.

- الديكور مناسب للغاية، وفيه قيم جمالية تشكيلية مميزة للغاية، ومهندس الديكور بذك مجهوداً خرافياً حتى يصل لهذا المستوى من الديكور الذى يحوى قدراً من الغموض والظلمة، وليظهر القصر كقلعة أكثر منه منزلاً، وليعطى إيحاء بأنه منزل الأب الروحى، وهو مناسب لأنه على درجة عالية من الثراء، ولديهم قصر بهذا الشكل.

- العمل ملحمة تليفزيونية تدور أحداثه فى 300 حلقة، والمخرج بيتر ميمى كان مفاجأة بالنسبة لى لأن المسلسل أول تجربة إخراج دراما تليفزيونية له، وهو مسلسل طويل، ومخرج الدراما التليفزيونية لابد أن يعى الفارق بين التليفزيون والسينما وأن تكون لديه خبرة، فالمخرج يجب عليه أن يربط المشاهد بالعمل على عكس السينما، التى يشاهدها الجمهور مرة واحدة، وهنا ظهرت كفاءة بيتر ميمى، فهو يعرف كيف يخاطب المشاهد، فقدم مسلسلاً عبر عنه دون إسفاف أو ابتذال، وحوار العمل بعيد عن الألفاظ الخارجة أو الخادشة للحياء، رغم أنه يعبر عن علاقات عاطفية، وعلاقات جسدية بين بعض الشخصيات بأسلوب محترم وراقٍ، أيضاً المسلسل أحداثه طويلة ويحتاج «نفس طويل»، وتنظيم لكل شيء فيه، لذلك كان جيداً أن يتمكن من تنظيم الشخصيات لتنفيذ العمل فى وقت قياسي، ولم يكن هناك توقفات ضمن أحداث التصوير، وفى فنيات الإخراج لديه «صورة وكادر» معبر واختار فريق تصوير متفاهماً جداً أظهروا العمل بهذا الشكل المحترم، ويتميز ميمى بأنه مخرج بسيط وسلس وغير معقد وهادئ، وانعكس ذلك على فريق العمل، خاصة أن العمل به عدد كبير جداً من الوجوه الجديدة قليلى الخبرة، لكنه استطاع خلق حالة من الود والتفاهم بين الناس يسرت عبء العمل.

- أدائى لم يتغير، لأن التطور حدث بعد عملين قدمتهما فى حياتى الفنية، لكن بعد ذلك أصبحت الشخصية هى التى تفرض نفسها، لكن الجديد فى العمل أن الشخصية مختلفة تماماً، لأول مرة أقدم فى التليفزيون شخصية «أكشن» وهى مركبة شريرة تحمل قيم العائلة وتحافظ عليها، وتستميت للانتصار لهذه القيم، وفى نفس الوقت شخصية تنهى أى مشكلة برصاصة، وتتحالف مع الشيطان فى سبيل فى مصلحة العائلة، تركيبة فيها عناصر متناقضة كثيرة.

- «ذئاب الجبل» عمل خاص فى كل تفاصيله، ولعب فيه القدر دور النجاح الأساسى من الصعب أن تتوافر هذه الظروف لعمل آخر، قبل أن يعرض على العمل بيوم «أحد المراكبية» طلب منى أن أقدم عملاً صعيدياً، وفى اليوم الثانى وجدت العمل يعرض علىّ من المخرج مجدى أبوعميرة، وكان من المقرر أن يلعب دور «علوان البكرى» الفنان صلاح قابيل وتوفى، ولعب بعده عبدالله غيث نفس الدور وتوفى أثناء التصوير، ولكن قدمه بإجادة تامة، والعمل كان به عدد كبير جداً من النجوم الكبار، كلهم كانوا نجوم شباك فى هذا الوقت، والجميع أجادوا فى العمل، بالإضافة إلى أن النص الذى كتبه الكاتب الكبير محمد صفاء عامر تناول صراعاً بين الشخصيات واضحاً ومحكماً فى 18 حلقة فقط، وهذا هو الصعب، عمل مكثف، تجعل أى ممثل يلهث خلفه ليشارك فيه، لذلك العمل ساعدنى فيه القدر لكى يحقق كل هذا النجاح، العمل تناول أيضاً موالاً شعبياً للريس حفنى أحمد حسن، وهذا موال شهير وفى هذا الوقت كان جزءاً من الوجدان والحياة الاجتماعية فى الصعيد.

- أكثر من مشاهد قال إن «البدرى» هو من غير مفهوم الحب لدى الكثير من الصعايدة فى هذا الوقت، «البدرى» استطاع بزواجه من «نورا» أن يغير مفهوم الحب لديهم، كما أن حكاية «وردة» وزوجها صنعوا حالة من الحب، وكان متعارف فى الصعيد أنها كلمه «عيب» إلا أن الحالة تغيرت.

- 90٪ من الأعمال التى قدمتها كانت مصر هى محورها الأساسى، وكان سبباً أساسياً للنجاح واختياراتى كلها قامت على هذا الأمر، وهذا يشمل الأعمال التى لم يشاهدها الجمهور، حيث عملت بالمسرح وأنا فى الابتدائى، ووصلت لمرحلة الجامعة بنضج وانفتاح ثقافى وفكرى، فكانت مصر هى المحور الأهم فى تفكيرى وأخرجت 25 مسرحية كانت كلها مصر هى المحور فيها، وأبرزها «مأساة الحلاج»، وعرضت على مسرح الطليعة لصلاح عبدالصبور، بعدها قدمت «إخناتون» فى مسلسل «لا إله إلا الله»، و«الفرسان» كان محورها مصر، و«الوسية» و«سوق العصر»، و«من الذى لا يحب فاطمة»، و«البحار مندى»، «المال والبنون»، و«ينابيع العشق» قدمت فيها دنشواى.

- كان هناك جيل من الكُتّاب همه الأساسى هذا المحور، وأهمهم وأبرزهم أسامة أنور عكاشة ومحمد صفاء عامر ومحمد جلال عبدالقوى، ومحفوظ عبدالرحمن، ويسرى الجندى، كل هذا الجيل همه الأساسى مصر، لأنهم عاصروا أحداثاً وظروفاً تاريخية حدثت لمصر وكانت على درجة كبيرة من الأهمية، وكانت متواترة بداية من حروب 48، حتى النكسة والعبور وغيرها، كل هذه الظروف التاريخية والأحداث التى كانت تملك قدراً من التحدى والأزمة وجثامة الأحداث التى حدثت لمصر هى التى ربت هذا الجيل من الكتاب، وجعلت مصر محوراً أساسياً فى أعمالهم، وبغياب هذا الجيل، اختفى المحور، فالجميع الآن يذهب للعمل الأجنبى يستوحى منه، ولذلك ابتعد محور مصر عن هذا الحوار، وهناك أسباب أخرى أهمها أن الممثلين أنفسهم لا يضعون عينهم على تلك الأعمال، على عكسى أنا أختار طريقاً وأواصل المسير فيه وهذه رسالتى.

- هناك أسباب كثيرة، كان هذا سبباً منها بالإضافة إلى أننى دخلت فى مرحلة عمرية مختلفة، وبطبيعة الحال كان لابد أن أنتقل فى نوعية الأدوار فلم أعد صالحاً لأداء دور الشاب، وببساطة لأن هناك أجيالاً ارتبطت بى شخصياً، ولا يمكن أن أضحك عليهم، هناك أجيال نشأت على الفرسان والمال والبنون، وقدمت بعدها السن المناسبة لى شخصياً، ولكنى لم أجد أعمالاً مهمة مثل التى قدمتها، حتى إننى قدمت الكثير من الأعمال التى لم يشعر بها أحد، لآن قوة العمل نفسه لم تعد موجودة، مثلاً قدمت مسلسلات «صبيان وبنات» العمل لم يكن كبيراً أيضاً، كما أن أحداث ثورة يناير وما تلاها من أحداث أثرت كثيراً على الموضوعات الدرامية المقدمة أيضاً وكان الجميع مشغولاً بدوره الوطنى أكثر من أى شيء، فأنا شاركت فى الأحداث التى جرت على مدى عامين، وأخذتنى كثيراً من الشغل.

- هى شخصيات لن تتكرر على المستوى الإنسانى، فهم ساندونى وساعدونى وشجعونى بقوة، ووجدت فيهم أجمل الصفات الإنسانية والفنية، وأصبح ما يميزهم حالة الاحتضان والحب والثقة بالنفس والفرح بأن هناك جيلاً جديداً مميزاً، فعندما أقدم مشهداً جيداً، أراهم يصفقون وينصحونني، هذا الجيل لا يتكرر، فالتركيبة نفسها غريبة، جيل كان يتحدانى فى التمثيل، ويحتضنى بدفء، لم أشعر به فى حياتي، افتقدت هذا الجيل كثيراً أنا والمشاهدين والدراما بشكل عام، لكنها سنة الحياة، الزمن لا يمكن أن نوقفه.

- أرسل له تحية خاصة وأقول له «وحشتنا» فهو محفور فى صفحات الفن المصرى بحروف من ذهب له تجربة عريضة بالمسرح القومى وتجربة غزيرة فى السينما، على مدى حياته، ومراحل كثيرة فى الدراما كانت نقطة تحول حقيقية تعلم منها الجميع، فهو نجم مضىء فى سماء الفن المصرى، وهناك ماركة مسجلة فى مصر اسمها محمود ياسين، أتمنى من الله أن يتجاوز محنته الصحية ونستمتع به من جديد حتى لو فى لقاء إعلامى.

- للأسف، لم آخذ حظى فى السينما، ورغم أننى دخلت السينما من الباب الكبير، فأول عمل قدمته فى السينما «وداعاً بونابرت» مع يوسف شاهين، اختارنى وقتها من إحدى المسرحيات على الطليعة وقدمنى فى شخصية الشيخ بكر فى الحملة الفرنسية على مصر، وقدمت بعده فيلم «الطوق والأسورة» و«عودة مواطن» مع محمد خان، و«العصابة»، وكانت بداية موفقة، وبعدها أصبح يعرض على أفلام المقاولات، وبعد نصيحة أحد المقربين قدمت 4 أفلام منها لكننى ندمت كثيراً لخوضى هذه التجربة، لأنها أفلام تافهة بلا قيمة ولا مجال أن أمثل فيها وأعمال تخجلنى، فأنا تربيت على القيمة والهامش الفنى فى الموضوع وملاءمة الموضوع للوضع السياسى الذى تمر به الدولة، لكن الأفلام كانت بعيدة تماماً عن الدور التنويرى للفن للطريق الذى رسمته لنفسى، حتى جاء نجاحى بالتليفزيون، وكان مسلسل «لا إله إلا الله» عام 1986، قدمت شخصية «إخناتون»، والغريب أننى كنت المرشح الأول لشخصية «إخناتون» لشادى عبدالسلام، وهو الفيلم الذى توفى «شادى» قبل تنفيذه، واختارنى بعد أن شاهدنى فى السينما بفيلم «الطوق والأسورة»، وعندما توفى تحدث إلى ممدوح مراد لأقدم «إخناتون» فى المسلسل، والحمد لله كانت مرحلة مهمة فى حياتى وللأسف غابت المسلسلات الدينية كثيراً بعده، بعدها عرض علىّ «الوسية» وأعتبر أننى قدمت فيه قيمة كبيرة فى العلم والتعليم وسنوات ما قبل الثورة ووجدت أن التليفزيون الوسيلة الأقرب لاحترافى للفن، لأننى تصورت أن الفن يلعب دوراً فى التنوير ويدفع المجتمع إلى الأمام كدور السياسة والدين والتعليم، وعندما يفعل ذلك يكون تأثيره قوياً، فهو دور وطنى، وكان ذلك رهانى النظرى، وتأكدت أن هذا الرهان نجح والدليل بقاء الأعمال التى قدمتها ناجحة حتى الآن، وقدمت فى السينما أعمالاً جيدة، منها «حارة برجوان» مع حسين كمال و«حكمت فهمى» مع حسام الدين مصطفى و«حالة تلبس» مع بركات من وقتها أصبح معيارى الوحيد لاختيار السينما اسم المخرج الكبير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل