المحتوى الرئيسى

الذكـرى!!! | المصري اليوم

01/25 00:55

٢٥ يناير ٢٠١١ أصبحت مجرد ذكرى، أصبحت من الماضى، هكذا يجب أن يعترف الجميع، المؤيدون والمعارضون، الثوار وحزب الكنبة، لا أدرى لماذا نحتفى الآن بذلك اليوم، لم يعد يوماً مبهجاً لمن شاركوا فيه، كما هو يوم الخطيئة فى نظر من اعترضوا عليه، الفئة الأولى لم تحقق أهدافها، كما الثانية اعتبرته نكسة جديدة، الأولى اعتبرت الآخرين فلولاً، الثانية اعتبرت الآخرين نكسجية، هؤلاء وأولئك أصبحوا فى الهم سواء، بعد أن عاد الجميع إلى نقطة الصفر، الفريق تنحَّى، والمشير تنصَّب، هذه هى المحصلة النهائية.

هل كان الأمر يستحق آلاف القتلى من كل الطوائف والأعمار، آلاف الإصابات فى كل المدن والمحافظات، آلاف المصانع أغلقت أبوابها، خسائر بالملايين والمليارات، الفئة الأولى أعلنتها صريحة: إحنا انضحك علينا!، كما الفئة الثانية أعلنتها واضحة: إنها ٢٥ خساير!، بين الفئتين من عرف الطريق جيداً، من عرف كيف تؤكل الكتف، من أدار الموقف باقتدار، بتعبير أدق: من قفز على المشهد، الاتهامات أصبحت متبادلة طوال الوقت بين المكلومين، البعض اختزل السبب فى الشاى بالياسمين، والبعض الآخر فى الوعود والإغراءات، وما بينهما كانت اتهامات بلغت حد الخيانة.

الحقائق تتكشف يوماً بعد يوم، قد تكون صحوة ضمير أحياناً، وقد تكون تسريبات مسجلة فى أحيان أخرى، وقد تكون حكايا المذكرات وتأريخ ما فات، فى النهاية نكتشف أنها المأساة ليس إلا، شعب طيب، عاش الوهم، ومازال، كان ينشد حياةً أفضل، إلا أنه كان ضحية مجموعات لم تنضج بعد، كل ما يعنيها هو التورتة، أو قطعة منها على الأقل، البعض حصل على ما حصل عليه، والبقية الباقية لم تستطع، هؤلاء استكانوا، وأولئك استمروا فى أطماعهم، وأحياناً مؤامراتهم، تحت مسميات مختلفة، الإنقاذ تارة، وتصحيح المسار تارة أخرى، لم يستوعبوا الدرس الأول فى ٢٥ يناير، كان يجب أن يحصلوا على درس آخر فى ٣٠ يونيو، هذه المرة كان أشبه باللطمة، كان يجب أن يسمعوا من يصيح فى وجوههم: انتهى الدرس يا غبى!!

الحقيقة المؤكدة هى أن آكلى الكتف استجمعوا الآن كل قواهم، عادوا بنا إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، توحشوا، حتى مطالب العودة إلى مكتسبات الثمانينيات والتسعينيات أصبحت ضرباً من الخيال، كما العودة إلى حياة العقد الأول من الألفية الجديدة، أصبحت هى الأخرى حلماً بعيد المنال، المقارنة أصبحت لصالح الماضى من كل الوجوه: الأسعار، قيمة العُملة، الاقتصاد بصفة عامة، الاحتياطى النقدى، الديون داخلية وخارجية، التضخم، البطالة، نسبة النمو، العلاقات الإقليمية، العلاقات الخارجية عموماً، السلام الاجتماعى، الأمن والأمان، السياحة، الاستثمارات، عن حقوق الإنسان حدِّث ولا حرج.

بالفعل، كان يجب أن تُصبح ٢٥ يناير مجرد ذكرى، الاحتفاء بها ضرب من النفاق والرياء، هى عيد للشرطة وفقط، رغم الانتكاسة التى مُنيت بها فى ذلك التاريخ، لنبحث عن تاريخ آخر نحتفى به، نحقق من خلاله تطلعاتنا، لنتجاوزها كما تجاوزنا غيرها من الهزائم والنكسات، الشعب لم يحقق أى مكاسب من ذلك التاريخ، يجب أن نصارح أنفسنا، وما تحقق تم إفساده بأيدى الطامعين، فليحتفل من استفادوا فقط، من قفزوا على تطلعات الشعب، وليخسأ أولئك الذين كانوا سيئى النية، وها هم يبكون ويتباكون، وسيظلون كذلك.

التسريبات الهاتفية التى نسمعها ونراها الآن أيها السادة- رغم تحفظنا الشديد عليها- إلا أنها قد أكدت على رؤيتنا هذه، والتى لم تتغير منذ الوهلة الأولى، أو منذ ذلك التاريخ، وهى أن الشعب كان ضحية مجموعات من الطامعين فى مصر، وليسوا طامحين إليها، مجموعات من المهترئين، ليسوا أبداً مُنَظمين، لم تكن هناك رؤية لمصر، كانت هناك فقط رؤية لأشخاص، نصّبوا أنفسهم سريعاً، ليس كأوصياء ومُنظّرين فقط، ولكن على مقاعد السلطة، بمنأى عن الشعب، وعن رأى الشعب، هكذا رأوها أبعدية، أو ملكية خاصة، يمكن تفصيلها وتقسيمها على الأهواء، إلا أنهم لم يدركوا أن هناك من هم أكثر دهاءً فى هذا المجال تحديداً، وها هى النتيجة، ما نحن فيه الآن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل