المحتوى الرئيسى

محمد الدميري يكتب: عودة البرادعي | ساسة بوست

01/24 17:44

منذ 1 دقيقة، 24 يناير,2017

شهدت الأيام القليلة الماضية عودة أحد أبرز رموز المعارضة المدنية في مصر إلى الساحة الإعلامية من جديد، بعد غياب دام لثلاثة أعوام متتالية، وهو الدكتور «محمد البرادعي» .

البرادعي كان من أشد المعارضين للرئيس المصري الأسبق «محمد مرسي»؛ حيث نادي بتنحيه عن الحكم بعد عام واحد من فترته الرئاسية؛ بدعوي فشل الأخير في إدارة شئون البلاد، بالإضافة إلى كونه احد أهم زعماء « جبهة الإنقاذ» التي عارضت سياسات جماعة الإخوان المسلمين آنذاك، حيث وجهت نداء لجميع أفراد الشعب بالنزول يوم «30/6»؛ لإسقاط حكم الإخوان .

البرادعي كغيره من زعماء المعارضة، ممن رفضوا تولي منصب رئاسة الوزراء، بعد أن عرض عليهم في مستهل حكم مرسي، فصرح وقال جملته الشهيرة «إنه يرى نفسه في المعارضة، ولا يرى نفسه في السلطة أو الحكم، واستدل على هذا بانسحابه من سباق الرئاسة بعد الثورة، بالرغم من شعبيته الكبيرة آنذاك، كل هذا أظهر أن البرادعي لا يسعى إلى سلطة أو منصب، ولكنه تحول بعد الانقلاب مباشرة إلى نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، أثناء حكم الرئيس «عدلي منصور»!

في الواقع أنا لم أندهش أبدًا عندما تم اختيار البرادعي ـ بالأخص ـ لهذا المنصب بقرار من الرئيس المصري آنذاك «عدلي منصور»، والذي صدر فعليًا من «السيسي»؛ المدبر الأول لما حدث، فمن المسلم به على مر التاريخ أن أولى وأهم الصعوبات التي تواجه أصحاب الانقلابات العسكرية، هو إقناع دول العالم وجميع الحكومات والإعلام أن ما حدث ثورة، وليس انقلابًا، لذلك أعتقد أنهم لم يجدوا شخصًا افضل من البرادعي لشغل منصب نائب الرئيس للعلاقات الخارجية، فالبرادعي ليس مجرد معارض للسلطة أو ناشط سياسي؛ فهو حاصل على جائزة نوبل قبل أي شيء، بالإضافة إلى كونه عاش أكثر من نصف عمره بالخارج في أوروبا والولايات المتحدة، فالبرادعي على معرفة ليست بالهينة بمسئولين وبمحطات إعلامية كبيرة في أمريكا وأوروبا بمقتضي عمله آنذاك كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

فكيف لشخص مثل البرادعي التفت حوله كل التيارات في فبراير (شباط)2010 بما فيهم التيار الإسلامي بقيادة الإخوان المسلمين، وأعطت له توكيلات «الجمعية الوطنية للتغيير»، وشخص بهذه الحنكة، أن يوافق على تدخل الجيش لحل نزاع سياسي بين الفصائل السياسية!

في تصريح سابق للبرادعي قال: إنه عندما استدعي لاجتماع من طرف المجلس العسكري ليلة الانقلاب، وذهب فلم يجد هناك ممثلًا عن جماعة الإخوان المسلمين، بينما وجد كل أطراف الدولة المصرية، من ممثل للقضاء والشرطة وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة، وجميع أحزاب المعارضة، فاستشعر بأن شيئًا غريبًا يحدث، وسأل السيسي، لماذا لم يحضر «محمد الكتاتني» مندوب «حزب الحرية والعدالة»، و«الإخوان المسلمين»؟ فأخبره أنه لن ياتي! وانتهي اليوم بانقلاب عسكري على مرسي ! هل هذا معقول؟!

هل من المنطقي بعد كل هذا، ولا يعلم البرادعي أن السيسي كان يخطط لانقلاب عسكري في هذا اليوم!

البرادعي الذي ينادي بالحرية، ويتغنى بالديمقراطية كل يوم، دعم ووافق على حل البرلمان المصري بعد ستة أشهر فقط من انتخابه؛ لمجرد أن أغلبيته من الإخوان أو تيار لا يتفق معه أيديولوجيا!

البرادعي وافق علي وضع رئيس منتخب بالسجن بعد عام واحد من حكمه، بالإضافة إلى صمته عن تصفية كاملة لفصيل سياسي معظم مؤيديه وشبابه، ان لم يكن جميعهم، في السجون بأحكام لعشرات السنين والإعدام، وفي المقابل لا يتكلم أو ينتقد إلا عندما يتم اعتقال شاب أو فتاة من مؤيدي التيار الليبرالي أو اليساري، مثل «أحمد دومة» وغيره . البرادعي الذي اتهم مرسي بالديكتاتورية والانفراد بالسلطة، رفض كل دعوات الحوار التي وجهت له آنذاك؛ بدعوى أن مرسي لن يستجب لطلباتنا، وكأنه عالم بالغيب! بالإضافة إلى اتهامه للإسلاميين بالتحالف مع نظام مبارك، دون أخذ عمرو موسى، الذي وقف بجواره في «جبهة الإنقاذ»، في الاعتبار، والذي يعد ركنًا أساسيًا من أركان نظام مبارك! المعارضة بقيادة البرادعي دائمًا ما كانت تطالب مرسي بثورية في القرارات من أجل إصلاحات سياسية واقتصادية، وعندما كان يفعل مرسي ذلك يهاجمونه بشدة، ويطالبونه باحترام أحكام القضاء والقانون والإعلام المصري، وقدسية مدينة الإنتاج الإعلامي! بينما الآن هم أكثر من يهاجمون نفس الإعلام، ويتهمونه بالدعم المطلق للسيسي! ولكنه كان جيدًا عندما كان يهاجم تيار الإسلام السياسي ومرسي باتهامات وهمية، مثل بيع الأهرامات وسيناء وغيرها وغيرها! البرادعي دائمًا ما كان يتهم مرسي بالضعف في إدارة شئون البلاد، بالرغم من علمه جيدًا أن مرسي واجه انقلابًا قويًا في كل مؤسسات الدولة، بداية من الإعلام والقضاء والجيش والشرطة والمحليات، الذي اتضح بعد ذلك عندما تم حل كل مشاكل الكهرباء والبنزين في يوم واحد! البرادعي اتهم مرسي بكل هذه الاتهمات دون أن يأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد رئيس في العالم يعمل بدون مجلس شعب مثلما حكم مرسي! بينما عندما واجه البرادعي جزء بسيطًا من هذا الانقلاب والغدر يوم المذبحة، أقدم على استقالته وسافر إلى النمسا؛ ليظل 3 سنوات بعيدًا عن الضوضاء، وليخرج أمس، ويقول بكل صراحة، أنه أرد البعد عن الضوضاء والراحة!

في الواقع لا أعلم مدى احساس البرادعي عندما شاهد زعيم المعارضة العلمانية في تركيا «كمال كليتشدار» أثناء الانقلاب الفاشل في تركيا، ودعمه لأردوغان حينها، بل مطالبته لمؤيدي حزب الشعب الجمهوري بالنزول للميادين لرفض الانقلاب العسكري والتصدي للدبابات في الميادين، وتصريحه التاريخي بعد ذلك «نحن نرفض سياسة حزب العدالة والتمنية، وأردوغان ديكتاتور فارغ، ونتمني أن يزول حكمه اليوم قبل غد، ولكن ليس بانقلاب عسكري، بل بصناديق الاقتراع، دون تدخل الجيش في اللعبة السياسية».

في مصر شاهدنا فقط شباب التيار الإسلامي في الميادين يرفضون الانقلاب وتدخل الجيش ويموت منهم العشرات وسط فرحة عارمة، وشماتة من أحزاب المعارضة!

لا أعتقد أبدًا أن البرادعي استقال حقًا من منصب نائب رئيس الجمهورية لمجرد رفضه أسلوب فض ميدان رابعة و النهضة، بل أعتقد أنه أدرك حقًا أنه اشترك بقصد أو بدون قصد في الانقلاب؛ فأراد أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من شعبيته أمام مؤيديه والغرب.

أهم أخبار أخبار الأهلي

Comments

عاجل