المحتوى الرئيسى

«عجوز العدوة» آخرها... مواقف إنسانية أبكت «قضاة الإرهاب»

01/24 17:08

في خضام المواجهات المحتدمة التى يكون طرفيها القاضي والمتهم، غالباً ما تشهد قاعات المحاكم مواقف إنسانية تحمل معان كثيرة، فتزامناً مع رغبة القاضى فى الاحتفاظ بهيبته إلا أنه أحياناً ما يحكم قلبه خاصة مع كبار السن وآباء وأمهات المتهمين.

«التحرير» ترصد خلال السطور المقبلة بعض من المواقف الإنسانية للقضاة داخل ساحات المحاكم، فرضت نفسها على الساحة خلال الفترة الأخيرة للقضايا المتلاحقة فى أروقة المحاكم، وأصبحت فيها الرحمة واللين والبساطة مع المتهمين، خاصة تجاه كبار السن والمرضى والسيدات وصغار السن هى من تحكم داخل الجلسات.

آخر تلك المواقف الإنسانية شهدته أمس قاعة محكمة الجنايات بمعهد أمناء الشرطة بطرة، بعدما جاءت سيدة عجوز تجاوزت الستين عاماً، لرؤية ابنها المحبوس منذ 3 سنوات، وطلبت الحديث للمحكمة، فلاحظها القاضى واستمع لشكواها قائلةً «أحب على إيدك يا باشا ..عايزة أشوف ابنى.. أنا تعبانة يا باشا وجاية من الصعيد»، وهو الأمر الذي تعاطف معه المستشار عمر سويدان رئيس محكمة جنايات المنيا، وأجابها قائلاً «متقوليش كده يا أمى..اتفضلى استريحى ..حاضر هتقعدى مع ابنك وتشوفيه حاضر»، وأمر حرس المحكمة بتقديم كل أوجه الرعاية لها وحسن معاملتها.

المستشار محمد شرين فهمى، رئيس محكمة جنايات القاهرة، أمر فى إحدى جلسات قضية «مذبحة كرداسة»، بإحضار طبيب المحكمة للكشف عن متهم علم أنه مصاب بإعياء شديد داخل القفص.

أمر المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة بإدخال الطعام للمتهمين فى قضية أحداث مجلس الشورى، وعلى رأسهم علاء عبد الفتاح و24 آخرين، فى قضية " أحداث الشورى"، حيث أنهم منذ الصباح لم يأكلوا شيئا، وصاحوا داخل القفص "جعانين يافندم".

طفل لوالده: بابا أنا هنا

فى يونية من عام 2016 سمح المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة، للمهندس "عمرو زكي"، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة، برؤية ابنه الصغير الذى أشار له خلال جلسة المحاكمة فى قضية "فض اعتصام رابعة"، بصوت مرتفع "بابا أنا هنا"، أملاً فى ان يستجيب قلب القاضى له، فسمح له برؤية أبيه واحتضانه أمام منصة المحكمة.

المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة، فى لفتة إنسانية خلال مباشرته إحدى الجلسات بالقضية المعروفة باسم «أنصار بيت المقدس»، سمح لسيدة كفيفة بلقاء نجلها المتهم داخل القفص، وأصدر أمراً لأمن قاعة المحكمة بتنفيذ قراره.

رئيس المحكمة لم يتوانى لحظة واحدة عن إصدار قراره السابق، بعدما توجه إليه محامى المتهم برسالة السيدة الكفيفة، قبل نهاية الجلسة، جاء بالرسالة «لدى رسالة إلى هيئة المحكمة الموقرة من سيدة كفيفة تطلب من حضراتكم السماح لها بلقاء نجلها لدقائق معدودة للإطمئنان عليه داخل القفص».

الأم انتابتها فرحة غامرة، وعبرت بذلك لمحاميها، وحاضرى الجلسة، وقدمت الشرك لرئيس المحكمة على موقفه الإنسانى، رغم أن المتهمين فى القضية -بحسب أمر إحالتهم للجنايات- من العناصر الخطرة، ممن خططت لارتكاب جرائم استهداف رجال شرطة وجيش.

فى وقت سابق وخلال مشهد مؤثر فى قضية «تنظيم رابعة»، أمر المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة، باستدعاء نجلة باسم عودة، وزير التموين السابق، وأحمد عارف لملاقاة أبيها أمام منصة المحكمة بمعهد أمناء الشرطة، قبل أن يقوم باسم عودة باحتضان ابنته الصغيرة وحملها على أكتافه، حتى تعالت صيحات حاضرى الجلسة.

فى إحدى جلسات قضية "اقتحام قسم شرطة التبين"، دخلت سيدة عجوز إلى قاعة المحكمة وقد ذرفت الدموع من عينيها حزناًعلى فلذة كبدها المحبوس منذ 20 شهراً، دون أن تراه ولو لمرة واحدة، جلست فى الصفوف الأخيرة وحيدة بعيدة عن كافة الحاضرين بالقاعة تنتظر صعود القاضى إلى المنصة، لم تنظر لأحد وظلت منتبهة فقط لقفص المحكمة وقلبها يتمزق لهفة وشوقاً لرؤية نجلها، الذى لطالما كانت تطوق لمعرفة أخباره، فهو العون والسند لها فى دنياها.

الحاجة شلباية، صاحبة السبعون عاماً جاءت من حى التبين الرامى على أطراف مدينة القاهرة، إلى معهد امناء الشرطة، تحدت كافة الظروف، وفور انعقاد الجلسة، وما أن صعد القاضى إلى المنصة حتى قال «فين الست اللى جاية تزور ابنها هنا؟» فانتبهت العجوز لحديث القاضى- وهو المعروف عنه الحسم والحزم فى إدارة جلسته- وجاءت السيدة من الصفوف الأخيرة بالقاعة وصولاً إلى المنصة تلبية لنداء رئيس المحكمة الذى نظر إليها بعناية وحدثها قائلاً «انتى جاية تشوفى ابنك ..أول مرة تشوفيه؟»، فأجابت «أيوه يا ولدى مشفتوش من ييجى سنتين كده وقلبى هيتقطع عليه عايزة أشوفه» فعقب رئيس المحكمة موجهاً حديثه لحرس القاعة "خلوها تشوف ابنها حالاً وتقعد معاه لغاية ما ترحلوا المساجين، سيبوها تقعد معاه لوحدهم من غير ما تضايقوها..على مهلكم عليها"، سيطرت الفرحة عليها وكان الصمت يلازمها وقتما نطق القاضى بقراره.

عيون العجوز، ربما تكون قد وجدت طريقها ولاقت صدى كبيراً فى قلب القاضى الذى استجاب لأمومتها، وكانت كلماته بمثابة مفاجأة بالنسبة لكثيرين من حاضرى الجلسة، خاصة أن المستشار محمد شيرين فهمى يدير الجلسة وفقاً لأطر القانون وكان من الممكن أن يسمح للسيدة بزيارة نجلها فى محبسه لا داخل قاعة المحكمة كما فعل.

بالفعل تخطت المرأة العجوز الحواجز الحديدية بعد قرار القاضى، سبق قلبها قدميها وصولاً إلى باب القفص لرؤية نجلها، وكادت الفرحة ان تذهب بعقلها فبكت حين رأت ابنها "عبد الفضيل محمد " الذى ارتمى فى أحضان أمه، ودار بينها حديث.

قاضى يتراجع عن حكم حبس 3 سنوات

المستشار حسن فريد تراجع عن حكمه بحبس متهم 3 سنوات بعد اعتذار محاميه، وذلك فى أعقاب طلب أحد المتهمين فى قضية " انصار بيت المقدس" منه السماح له بالحديث، فإذا به يتوجه إلى المنصة قائلا: "حسبنا الله فيكم كفاية ظلم"، فحكم عليه القاضى بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة المحكمة، إلا أنه وبعد اعتذار محامى المتهم وتوضيح المبرر من قولة المتهم، تراجع القاضى "فريد" عن حكمه، وألغى الحكم بعد دقائق معدودة وقال "كأنه لم يكن"، وذلك فى ضوء اعتذار دفاع المتهم للمحكمة على الإهانة التى صدرت من المتهم.

موقف إنسانى آخر، صدر من المستشار حسن فريد، فى إحدى جلسات قضية «بيت المقدس» حيث سمح لأهالي المتهمين ومن بينهم أطفال بالدخول إلى قاعة المحاكمة لحضور جلسة محاكمة ذويهم، وذلك بعد شكوى هيئة الدفاع في الجلسة السابقة من مدى المعاناة التي شهدها الأهالي بسبب منع الأمن لهم لحضور الجلسة.

أطفال يتواصلون من آبائهم بالإشارات

أمر المستشار حسن فريد، بالسماح للأهالي بالتواصل مع ذويهم ، واصطحب الأهالي الأطفال إلى داخل القاعة، لرؤية آبائهم، وأثناء انعقاد الجلسة ظل الأطفال يلوحون بأيديهم لذويهم محاولين التواصل والحديث من خلال بعض اللافتات المكتوبة وكذا عبر الإشارات والإيماءات.

ومعروف عن المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة، أنه دائماً ما يستجيب لطلب المتهمن لحظة صياحهم عليه من داخل القفص، سواء طلبهم بدخول الحمامات أو إدخال الأدوية إليهم.

المستشار محمد شيرين فهمى، وفى جلسة أخرى من ذات القضية «التخابر مع قطر»، صاح أحد المتهمين من داخل قفص الاتهام، طالباً الدخول إلى دورة المياه، قام بعدها رئيس المحكمة بالنظر لقائد أمن القاعة، ونبه عليه قائلاً " أى متهم عايز يدخل الحمام دخلوه، ومتنتظروش إذن المحكمة، مش هنعذب الناس معانا "، قبل أن يصفق المتهمون من داخل القفص، ووجه دفاعهم الشكر لرئيس المحكمة على موقفه الإنسانى، الذى يرونه حقاً كفله لهم القانون، إلا أن موقف القاضى كان رائعاً .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل