عودة دواعش مصر تثير أزمة..المنضمون للتنظيم يستغيثون بالحكومة: "حمايتنا مسؤوليتكم".. ومخاوف من الرجوع للعمل الجهادى ..وخبراء:أحذروا سيناريو المجاهدين بأفغانستان
ما بين التخوف وضرورة الاحتضان تظل قضية "دواعش مصر" معلقة منذ نشأة التنظيم الفعلية عام 2011، فما مصير هؤلاء المصريين الذين تم استقطابهم من قبل الجماعات المتطرفة، وانضموا إليها بالفعل وحملوا معتقداتها وآمنوا بمنهجها، لاسيما إذا أعلنوا توبتهم ورغبوا في العودة من جديد إلى الوطن؟.
داعشيان مصريان انضموا لتنظيم داعش الإرهابي خلال عام 2012، وجها أمس الإثنين، استغاثة قوية إلى الحكومة المصرية، عبر فيديو مدته 4 دقائق، يطالبان فيها بالعودة إلى مصر، ليس ذلك فحسب، ولكن كان بصحبتهم 41 تونسيًا داعشيًا و32 ليبيًا آخرون، طالبوا أيضًا حكومة بلادهم بالسماح لهم بالرجوع .
المصري الأول يدعى "إبراهيم مفتاح إبراهيم" من مدينة الحمام بمحافظة مرسى مطروح، أكد أنه إنه ذهب للحدود السورية التركية عام 2012 من أجل تقديم المساعدات الإنسانية إلا أن تنظيم "داعش" الإرهابي نجح في استقطابه وضمه إليه.
أما المصري الآخر، الذي يدعى "محمد نصيب حميد أبو غريب" من محافظة مرسى مطروح ، فقد أعلن توبته وأنه أضحى لا علاقة لهم بالتنظيمات الارهابية وصدر عنه عفوًا عام 2013 عد سجنه في تركيا، وحمل الداعشيان المصريان مسئولية حمايتهما على الدولة المصرية، مؤكدين أنهما في خطر .
وقال الأخير: "تم القبض علينا على الحدود التنركية السورية، وأصبحت ظروفنا صعبة ومجهولة للغاية، ما عندنا أموال، ومن الممكن أن نموت في أي لحظة، إن لم تنقذنا الحكومة المصرية".
الواقعة لم تكن جديدة، فقد سبق وطالب مصري منضم إلى تنظيم داعش العودة من جديد إلى أرض الوطن، ففي يوليو عام 2015، بث داعشي مصري فيديو له يطالب فيه بالعودة إلى مصر، مؤكدًا أنه تم اعتقاله على أيدى القوات الكردية المتواجدة في مدينة "عين العرب" شمال سوريا.
وكشف الشاب خلال الفيديو، أنه انضم إلى تنظيم داعش الإرهابى نوفمبر 2014، ويبلغ من العمر 24 عامًا، وتم تسفيره للقتال في صفوف تنظيم داعش الإرهابي بسوريا، إلا أنه يرغب في العودة من جديد بعد هروبه من التنظيم.
فهل أصبحت مصر في حاجة إلى تشريع يفرض حظرًا على عودة المنتمين للتنظيمات الإرهابية إليها؟، لاسيما أن هناك دول عدة سبقتها في ذلك الأمر، منهم الحكومة البريطانية التي أعلنت خلال عام 2014، أنها ستشرع قانون جديد يفرض حظرًا مؤقتًا على عودة المقاتلين البريطانيين المتطرفين من بلاد العراق وسوريا.
وأكد وقتها رئيس الوزراء، "ديفيد كاميرون"، إنه بمقتضى مشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب سيمنع المتطرفين البريطانيين الذين سافروا للقتال في الخارج، بمن فيهم المراهقين، من الرجوع لأرض الوطن لمدة عام أو عامين، إلا في حال موافقتهم على الامتثال للضوابط صارمة كالخضوع للمحاكمة، أو الإقامة الجبرية، أو المراقبة المشددة.
وحاربت الولايات المتحدة الأمريكية فكرة عودة مواطنيها الذين انضموا للتنظيمات الإرهابية إليها مرة أخرى، ففي نفس العام أرسلت واشنطن 70 مدعيًا إلى 14 بلدًا، تشمل 4 دول في منطقة البلقان، و10 دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، للمساعدة في التحقيق مع المقاتلين الأجانب الإرهابيين القادمين من سوريا، وإحالتهم للقضاء.
وبلغة الأرقام فإن عدد المصريين لاسيما الشباب المنضمين إلى تنظيم "داعش" يزداد كل يوم، فسبق وقدرت قناة "دويتش فيله" الألمانية، عدد المصريين المقاتلين في صفوف التنظيم بـ 1700 مصريًا، في حين تم تقدير عدد المصريين المنضمين إلى جماعات النصرة وأحرار الشام بنحو 3 آلاف مصريًا.
أما المركز الدولى لدراسة التطرف والعنف السياسي في لندن، فقد أكد أن هناك ما يقرب من 300 مجند مصريًا في "داعش"، استغلوا ظروف الاضطرابات التي انتابت مصر وتلك الدول بعد ثورات الربيع العربى للانضمام لهذه الكيانات الإرهابية.
"لا يوجد قانون يمنعهم من العودة"
فهل يمكن عودة الداعشيان إلى مصر؟.. يؤكد الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أنه لا يوجد قانون يمنعهم من العودة، لاسيما بعد اعترافهم وإعلانهم توبتهم وخروجهم من التنظيم، مشيرًا إلى أن منعهم لا بد أن ينطلق من تشريع تسنه مصر بحظر عودة المجاهدين لها من جديد.
ويوضح في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أنه يمكن إعفائهم من المسؤولية القانونية، قياسًا من المادة 107 من الدستور، والتي تعفي أي مرتشى حال قيامه بالاعتراف بجريمته وتسقطها من عليه، ولكن لا بد من الاعتراف الكامل التفصيلي الذي يقنع النيابة العامة حال عودتهم.
ويشير إلى أنهم متهمون بجريمة القتال في جيش خارج حدود الوطن، لاسيما أن الكثير يعترف بوجود جيش ضخم لتنظيم "داعش"، وهو ما يجعلهم يخضعون للمحاكمة، لكن حال اعتراف تسقط التهمة عليهم ويتم اعتبارهم شاهدين فقط.
ويشدد على ضرورة وضعهم تحت رقابة شديدة واستجوابات وتحقيقات تفضي بمعلومات هامة عن التنظيمات الإرهابية وفكرها ونواياها تجاه مصر حال عودتهم، مثلما حدث مع الإعلامي طارق عبدالجابر الذي كان يعمل في قناة الجزيرة رغم اختلاف الاتهام فقد عاد وظل تحت الرقابة لمدة طويلة.
سامح عيد، الباحث في الشؤون الإسلامية، يقول أن الأمر له خطورة وإفادة في نفس الوقت، فمن الممكن أن تستفيد منهم الأجهزة الأمنية ويكونوا بمثابة أعين لها، للتعرف على إمكانيات تلك التنظيمات، وطبيعة تحركاتهم.
Comments