المحتوى الرئيسى

«دافوس 2017»: هل هو محاولة أُخرى فاشلة لإنعاش الاقتصاد العالمي؟

01/24 10:18

منذ 6 أيام، 18 يناير,2017

في هذا التوقيت من كل عام، يجتمع أثرياء العالم في منتجع دافوس بسويسرا، إذ يجلس آلاف المديرين التنفيذيين، والرؤساء، والسياسيين على طاولة واحدة؛ لإعادة تشكيل العالم، وفي الغالب يرفع نخب العالم سنويًّا شعارات العدالة الاجتماعية، والمساواة، ومكافحة الفقر والبطالة، وغير ذلك من زعم محاولات إنقاذ الاقتصاد العالمي من المخاطر التي تحيق به.

ورغم الزخم الإعلامي الكبير الذي يحصل عليه المنتدى سنويًّا، إلا أن الحديث عن النتائج يختفي فور انتهاء الفاعليات، إلى أن يعود المنتدى للانعقاد في العام التالي، ولكن مع نخب أكثر ثراءً، ومشاكل اقتصادية أكثر تضخمًا، فيما يواصل «دافوس» فشله في الوصول إلى تفسيرات وحلول سهلة بشأن المخاطر الاقتصادية التي تهدد العالم.

وانطلق، أمس الثلاثاء 17 يناير (كانون الثاني)، في سويسرا أعمال منتدى دافوس في نسخته الـ47، بمشاركة نحو ثلاثة آلاف مسؤول سياسي واقتصادي؛ ليبحثوا أهم القضايا العالمية، وذلك تحت عنوان «زعامة دقيقة ومسؤولة»، في جلسات يتجاوز عددها 400 جلسة.

ويشارك في المنتدى لهذا العام حوالي ألف مدير شركة، ونحو 30 رئيس دولة وحكومة، أبرزهم رئيس الصين، شي جين بينج، ورئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إضافة إلى رؤساء ومديري مؤسسات صندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية.

يرصد تقرير لـ«بي بي سي»، ما اعتبره «فشل لمنتدى دافوس في قراءة المستقبل»، مُدللًا على ذلك بتفاؤل أعضاء دافوس 2016، الذي منعهم من توقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أنهم استبعدوا فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

كما أن التقرير المنتدى السنوي الذي يحاول التنبؤ بأزمات المستقبل، لا يكاد يذكر شيئًا حول مناهضي الفكر المؤسسي. ودائمًا يشير منظمو المنتدى إلى أن «دافوس» كان أوسع من أن يعتمد على أمريكا وأوروبا فقط، فالحضور من الهند والصين وأفريقيا بات في الصدارة، ومع تغير الخارطة الجيوسياسية، فإن نهج المنتدى الاقتصادي العالمي يتغير بهدوء، ما قد يقوده إلى ما يمكن تسميته بـ«العزلة الأيديولوجية».

ويغلب شعور فشل العولمة على اجتماعات هذا العام، فغالبية الشعوب باتت على يقين بفشل العولمة، في ظل مخاوف من تصدع النظام الاقتصادي العالمي، إذ كشف مقياس إيدلمان السنوي للثقة، الذي صدرت نتائجه قبيل بدء الاجتماعات، عن أن غالبية الشعوب ترى أن النظم الاقتصادية، والسياسية خذلتها.

وكشفت نتائج التقرير عن أن ثقة الناس في الحكومات تمثل 41% فقط، وفي الإعلام 43%، وفي الشركات 52%، فيما يرى الكاتب ستيفن فيدلر، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن «النظام الاقتصادي العالمي يترنح بعد التطورات الأخيرة في أوروبا، والولايات المتحدة. هناك خطر على مسيرة التكامل الاقتصادي العالمي التي انطلقت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية».

لذا يرى فيدلر أن نظام العولمة يقف أمام «اختبار حرج»، بسبب الشعور بعدم المساواة، والاغتراب عن الأنظمة التي تسيطر على قطاعات كبيرة في الغرب.

ووفقًا لوكالة أنباء فرانس برس، فإن المنتدى ينعقد وسط ما وصفته بـ«العداء المتزايد للشعوب الغربية تجاه العولمة». هذا العداء يتركز بين الطبقات الوسطى، ولعل تلك إحدى أهم أسباب التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أن فرنسا وألمانيا ودول أخرى، باتت مهددة بنفس الخطر.

وبحسب الوكالة، فيبدو أن كلاوس شفاب، مؤسس دافوس، مدرك لهذه القطيعة بين النخب والطبقات المتوسطة، لذا فهي ترى أن ذلك كان سببًا في شعار المنتدى لهذا العام «زعامة دقيقة ومسؤولة»، في دعوة واضحة للبحث عن أسباب الغضب، وعدم ارتياح الشعوب للنظم القائمة.

هكذا قال سيرجيو إرموتي، مدير البنك السويسري العملاق «يو بي إس»، فيما يرى ناريمان بهرافيش، رئيس قسم الاقتصاد في شركة «آي إتش إس ماركت»، أن التكنولوجيا والعولمة تتركان عددًا كبيرًا من الناس على الهامش، بحسب فرانس برس.

الرئيس الصيني شي جين بينج، نجم المنتدى لهذا العام، افتتح الاجتماعات بتحذير لدول العالم من العودة إلى سياسات الحماية التجارية، قائلًا: «لن يكون هناك أي فائز في حرب تجارية»، وربما تكون هذه الكلمات الأكثر تعبيرًا عن الواقع الذي يعيشه العالم جراء الصراعات الاقتصادية المتنامية، والتي من المنتظر أن يشعلها رئيس الولايات المتحدة الجديد.

بينج، أول رئيس صيني يشارك في المنتدى منذ تأسيسه عام 1971، وصف الحماية التجارية بـ«حبس المرء نفسه في غرفة مظلمة، كي يحمي نفسه من الخطر، لكنه  في الوقت ذاته يحرم من (النور والهواء)»، حاثًّا دول العالم على ألا تحمي مصالحها الخاصة على حساب مصالح الآخرين، وذلك في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي.

الرئيس الصيني دافع خلال كلمته عن العولمة، قائلًا إن «الكثيرين باتوا يرونها مصدر المشكلات العالمية»، فيما يرى هو أن «السعي المفرط وراء الأرباح، وليس العولمة هو ما تسبب في الأزمة المالية العالمية»، مُؤكدًا على أن بلاده مؤيدة لإبرام اتفاقيات تجارية «منفتحة وشفافة ومفيدة لجميع الأطراف»، داعيًا الدول الأخرى لعدم إلقاء اللوم على الآخرين حين تواجه «صعوبات»، موضحًا أن الصين ستبقي بابها مفتوحًا، ولن تغلقه.

ونقلت رويترز عن عدد من كبار الخبراء الاقتصاديين في دافوس أن ما اعتبروه التهديد الأخطر لهذا العام، هو نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ قال راجهورام راجان، الخبير الاقتصادي بجامعة شيكاجو: «إنني قلق من النظرة الحماية التجارية، فقد تدفع العالم إلى مآل سيئ للغاية».

وتعد الصين أكبر الرابحين من العولمة في القرن العشرين، والتي تشق اليوم «طرق حرير جديدة»، تخشاه أمريكا برئاسة دونالد ترامب، الذي وعد بالتخلي عن اتفاق التبادل الحر عبر الأطلسي، وإقامة حواجز جمركية مع جيرانه ومع الصين، والذي ينتقد منظمة التجارة العالمية.

ودائما ما تُتّهم الصين بإغراق السوق، وباتخاذها تدابير حماية، تعاقب السلع المستوردة، وتحد من قدرة الشركات الأجنبية على دخول السوق الصينية، وباعتراف السلطات الصينية، فإن 27 دولة، اتخذت 119 إجراءً في 2016 ضد الممارسات التجارية الصينية، أي بزيادة سنوية بلغت 37%، ويؤكد المحللون أن الصين تدافع في المقام عن مصالحها، ولا تولي مسألة المعاملة بالمثل إلا النذر اليسير من اهتمامها.

ويقول أندرو بولك، المحلل لدى «ميدلي أدفايزورز» الاستشارية في لندن، إن «طرق الحرير» تؤمن للصين أسواقًا لتصريف فائض إنتاجها، خصوصًا من الإسمنت والفولاذ، وتعزز أيضًا من نفوذها، كما لا تتردد بكين في استخدام تجارتها كأداة انتقامية، فعمليات استيراد سمك السلمون النرويجي مثلًا تراجعت بعد منح المعارض الصيني ليو شياوبو جائزة نوبل للسلام.

وأشار البنك الدولي إلى أن حصة التجارة الخارجية في إجمالي ناتج الصين الداخلي، تراجع من 66% في 2006، إلى 40.7% في 2015، لكنها مع ذلك تبقى محركًا أساسيًّا للنمو.

إيان جولدين، الخبير في العولمة والتنمية بجامعة أوكسفورد، يرى أن حالة السياسة العالمية أسوأ مما كانت عليه منذ فترة طويلة، رغم مرور العالم بفترة صعبة، تحتاج لمزيد من التنسيق لحل مشاكل يتزايد خطرها بزيادة الانعزال.

تمثل الفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء دائمًا، المؤشر الأبرز على الوضع الاقتصادي العالمي، وفشل العولمة كذلك، وقد جرت العادة أن تصدر منظمة «أوكسفام» الخيرية، تقريرًا لها قبل انطلاق منتدى دافوس، حول هذه الفجوة، لتأتي النتائج هذا العام صادمة، إذ خلص التقرير إلى أن ثمانية مليارديرات يملكون ثروة تعادل ثروة جميع سكان العالمf="/tags/121909-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AE%D8%B1">العالم الآخرين.

«الفجوة بين الأغنياء والفقراء أكبر مما كنا نخشاه»

هكذا قالت المنظمة، التي دعت في تقريرها إلى «تغيير اقتصادي كلي في الوقت التي يعاني فيه الفقراء في العالم، بينما يستحوذ عدة أشخاص على ثروة لن يتمكنوا من إنفاقها».

كما دعت أوكسفام قادة العالم لزيادة التعاون، لوضع حد للتهرب الضريبي، ومواجهة جشع الشركات، مطالبة بدفع أجور مناسبة، وحصة عادلة من الضرائب، فيما قال مارك غولدرينج، الرئيس التنفيذي للمنظمة ببريطانيا «هذا العام أصبح الظلم أوضح وأدق وصادم أكثر من أي وقت مضى، إذ إن عددًا قليلًا من الرجال يملكون ثروة تعادل أكثر من نصف سكان العالم مليارديرات، ويمتلكون أموالًا لا تأكلها النيران، في حين لا يجد واحد من أصل تسعة أشخاص شيئًا ليأكله اليوم»، حسبما ذكرت صحيفة التيليجراف البريطانية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل