المحتوى الرئيسى

كيف استقبل العالم رئاسة ترامب؟ من طهران إلى إسرائيل ومن أوروبا إلى الصين - ساسة بوست

01/24 05:33

منذ 2 يومين، 21 يناير,2017

حظيت الانتخابات الأمريكية الأخيرة بمتابعة واسعة النطاق، واختلفت ردود الأفعال على الفوز المفاجئ لدونالد ترامب بمقعد الرئاسة بعد حملة انتخابية شرسة مليئة بالفضائح. ها هنا أبرز ردود الأفعال العالمية بعد تولي ترامب مقاليد الحكم رسميًا.

إسرائيل معجزة وبشير بقرب نزول المسيح؟

الشعور العام في إسرائيل، بعد انتخاب ترامب، بحسب مجلة «فورين بوليسي»، هو الفرح العارم. هذا التفاؤل لم يأتِ من فراغ؛ إذ دعى ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى زيارة البيت الأبيض «في أقرب فرصة ممكنة» وأضاف أنّه يعرف نتنياهو منذ سنوات. وجاء اختيار ترامب لسفير أمريكا في إسرائيل، متمثلًا في «ديفيد فريدمان»، المعروف منذ زمن بتأييده للمستوطنات في الضفة الغربية، والذي يرأس منظمة لجمع التبرعات لإحدى المستوطنات الكبرى. أمَّا زوج ابنة ترامب، وأحد كبار مستشاريه، «جاريد كوشنر»، فهو معروف بنشاطه الداعم لإسرائيل، وتتبرع أسرته لعدد كبير من مستوطنات الضفة الغربية.

يبدو ترامب متحمسًا للغاية في دعمه لإسرائيل. فقد كتب ترامب، في أعقاب قرار مجلس الأمن ضد المستوطنات الإسرائيلية، تغريدة قال فيها: إنَّ الأمور سوف تكون «مختلفة للغاية» عندما يتسلم زمام منصبه، ودعا إسرائيل إلى أن تظل «قوية … فالعشرين من يناير (كانون الثاني) يقترب بسرعة»، لكنَّ أبرز النقاط التي أثارها ترامب هي وعده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو الوعد ذاته الذي سبق وقدمه «كلينتون» و«جورج دبليو بوش». لاحقًا نكث الاثنان وعدهما بسبب تعقيدات الوضع السياسي على الأرض، وفداحة التبعات التي قد تنتج عن تلك الخطوة، خصوصًا وأنَّ المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، لا يعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية، لكن يبدو الأمر مختلفًا هذه المرة في حالة ترامب، الذي لم يخفف مستشاروه من نبرتهم حول هذا الأمر، فقال أحدهم: إنَّ نقل السفارة إلى القدس «أولوية كبرى» للرئيس المنتخب. وزعم «فريدمان»، في خطاب إعلان ترشيحه، أنه سوف يشغل منصبه من «السفارة الأمريكية في العاصمة الأبدية لإسرائيل .. القدس». لكل هذا الدعم الواضح لا يبدو مستغربًا أنَّ استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أنَّ 69٪ من الإسرائيليين اليهود يتوقعون أن يكون لترامب موقف إيجابي تجاه بلدهم، بينما يرى 57٪ منهم أنَّ إدارة أوباما تجاه إسرائيل لم تكن ودية. وبحسب كلمات أحد أعضاء البرلمان الإسرائيلي البارزين، فإنَّ انتخاب ترامب لا يمكن وصفه بأنه أقل من «معجزة» وبشير بقرب نزول المسيح.

أما الفلسطينيون، فقد «صدموا عندما سمعوا أنَّ الإدارة الأمريكية الجديدة جادة حول موضوع القدس» بحسب «خليل الشقاقي»، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية برام الله. وأضاف الشقاقي أنَّ الفلسطينيين «قللوا من قدرة الإدارة الجديدة على إحداث التغيير. إنَّ ما حدث مفاجأة لم يكونوا مستعدين لها». ربما ترجع هذه المفاجأة إلى الاعتقاد الساذج في القصور الذاتي المؤسسي في السياسة الخارجية الأمريكية، لكنها أيضًا قد ترجع إلى حقيقة أنَّه، خلال الأسبوع الأخير، لم يكن هناك اتصال مباشر بين الفلسطينيين وإدارة ترامب. يخشى الفلسطينيون من المستقبل وبدأوا في التحرك الدبلوماسي لرفع تكلفة مثل هذا القرار لو تم. أما بالنسبة للإسرائيليين فإنَّ «عصر الدولة الفلسطينية قد انتهى»، على حد قول وزير التعليم الإسرائيلي، وآن الأوان للبدء في ضم المستوطنات في الضفة الغربية.

على العكس من إسرائيل، يخشى الإيرانيون كثيرًا من رئاسة ترامب. لطالما كانت العلاقات بين إيران والولايات المتحدة باردة، ولم تتحسن هذه العلاقات إلا مؤخرًا بعد عقد الصفقة النووية بين البلدين، لكنَّ هذا التحسن في العلاقات مهدد الآن بعد فوز ترامب، الذي وجه لهذه الصفقة انتقادات حادة في حملته الانتخابية، ودعاها بالصفقة السيئة، وقال إنه سوف يعيد التفاوض حولها.

عقدت شبكة «سي إن إن» تقريرًا عن رأي الناس في طهران حول انتخاب ترامب. يرى بعض الإيرانيين أنه لا يهم كثيرًا من هو الرئيس، لأنَّ المشترك في السياسة الأمريكية تجاه إيران هو العداء. ويرى البعض الآخر أنَّ ترامب يخادع في موضوع إيران، وأنَّ هذا الوعد ليس أكثر من وعد انتخابي لا يمكنه الوفاء به. ويخشى آخرون من أنَّ العلاقات التي تحسنت في وقت إدارة أوباما، وبعد انتخاب الرئيس حسن روحاني قد تتأثر من جديد، وتعود لسابق وضعها أو حتى أسوأ.

وسواء كان ترامب يعني ما قاله أم لا، فإن روحاني قد أصر على أنَّ رجلًا واحدًا ليس باستطاعته إلغاء هذه الاتفاقية الدولية. ويعتقد البعض في إيران أنَّ ترامب سوف يتخذ نهجًا براجماتيًا تجاه إيران؛ كونه رجل أعمال، على الرغم من خطابه الشديد خلال حملته الانتخابية. ويقول السياسيون والمحللون «إنَّ أي شيء قاله الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية لا يعدو كونه أكثر من خطاب»، وأنهم يريدون الانتظار حتى يتسلم الرئيس زمام منصبه. وأيًا كان الأمر، فإنَّ القيادة الإيرانية راغبة في إعطاء ترامب فرصة قبل اتخاذ موقف تجاهه.

حتى الآن لم تصدر ردود فعل شرق أوسطية رسمية على رئاسة ترامب، وإن كانت صحيفة «الجارديان» قد نشرت في وقت سابق، بعد وقت قليل من إعلان فوز ترامب بالرئاسة، تقريرًا قالت فيه «إنَّ الكثير من دول الشرق الأوسط سوف ترحب بفوزه، على الرغم من خطابه المعادي للمسلمين، وحديثه عن حظر دخولهم إلى أمريكا، وعدائه الصريح تجاه اللاجئين السوريين».

السبب الذي أوردته الصحيفة أنَّ ترامب قد عبر، مرارًا وتكرارًا عن احترامه للأقوياء، وقال إنه حتى «الأشرار» مثل صدام حسين، ومعمر القذافي، كان من الممكن أن يكونوا مفيدين في الحرب ضد الإرهاب. وفي مقابلة صحافية سابقة معه، مدح الصين لما فعلته في ميدان «تياننمن»، وانتقد «ميخائيل جورباتشوف» لفقدانه السيطرة على الاتحاد السوفيتي. من أجل كل ذلك، فإنَّ الحكومات السلطوية في الشرق الأوسط ترى في شخص ترامب رجلًا قويًا من شأنه أن يرغب في عقد اتفاقات وصفقات مع رجال أقوياء مثله، كما هو الحال في الشرق الأوسط.

عرضت صحيفة «ديرشبيغل» الألمانية تحليلًا لشخصية ترامب وتبعات ذلك على دول الاتحاد الأوروبي. بحسب الصحيفة فإنَّ ترامب لا يؤمن بالصداقة والتحالفات، ولا يركز على الأخلاقيات؛ إذ لا يهتم بتقسيم العالم إلى خير وشر، ولا يرى فائدة في توفير الحماية للحلفاء دون مقابل، كما فعلت الولايات المتحدة لعقود بوضع جنودها في أوروبا. شعار ترامب «أمريكا أولًا» هو ذات الشعار الذي رفعته «تيريسا ماي» في بريطانيا لناخبيها، و«ماري لوبان»، رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني الشعبوي، وهو ذات الشعار الذي ترفعه في انتخابات الرئاسة التي تخوضها. وتساءلت الصحيفة: كيف سيبدو هذا العالم الذي يخلو من أية قيم وأهداف كبرى؟ هذا العالم الذي تبحث كل دولة فيه عن مصالحها فحسب؟

والأخطر، بحسب الصحيفة، هو جهل ترامب العميق بقيم المجتمع الغربي التي تطورت منذ الحرب العالمية الثانية. فترامب لا يهتم بالتاريخ، ومن ثم فهو لا يشعر بأي التزام تجاهه. بالنسبة له، فالناتو منظمة بلا فائدة، ومنظمة التجارة العالمية «كارثة». ترامب، بخلاف كل الرؤساء الأمريكيين من قبله، مستعد لإعادة النظر في التحالف مع أوروبا، الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وربما إنهاء هذا التحالف. لا يعترف ترامب بـ«التابوهات»، بل على العكس: يحب كسرها واستفزازها.

والنتيجة أنَّ أوروبا تجد نفسها، بعد فوز ترامب، على منعطف تغيير كبير لم تر مثله منذ سقوط جدار برلين، وانهيار الكتلة الشرقية.

كتبت صحيفة «الجارديان» عن تغطية وسائل الإعلام الصينية للخطاب الافتتاحي لترامب. وبحسب «الجارديان» فقد حذرت وسائل الإعلام الصينية من «تغييرات جذرية» وخلافات سوف تحدث بين أقوى اقتصادين في العالم بعد أن استخدم ترامب خطابه للتشنيع على «ويلات» الدول التي ملئت جيوبها عن طريق تدمير الوظائف الأمريكية.

ولم يذكر ترامب الصين بالاسم في خطابه قومي النزعة، الذي استمر 17 دقيقة، وإن امتلأ خطابه بإشارات إلى الصين في معرض تحسره على أنَّ الولايات المتحدة قد «أغنت الصناعة الأجنبية على حساب الصناعة الأمريكية: ودعمت جيوش البلاد الأخرى في مقابل استنزاف الجيش الأمريكي»، وشاهدت المصانع تنقل إلى الخارج «دون أي تفكير في الملايين والملايين من العمال الأمريكيين الذين تركوا دون عمل».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل