المحتوى الرئيسى

أخطاء هندسية فى مصرف الصف الذى أنشأته الحكومة.. والهيش والذئاب سكنت الأراضى | المصري اليوم

01/23 23:54

في عام 2006، كانت قرى عرب الحصار البحرية، وعرب الحصار القبلية، والنجوع، وأبوعريضة، والنزلة، والحى، والعيايدة، والأقواز، والفاهمية، والعيايدة القبلية، والقميعى، وعرب المساعيد، بمركز ومدينة الصف، على موعد مع قسوة الحياة مجددا، بعد سنوات من الزراعة وراحة البال، حيث بدأت المياه الجوفية تتسرب وترشح من مياه ترعة كوم أمبو، وفائض مياه الأراضى المزروعة في أعلى الجبل المجاور للأراضى، والتى تروى بالمخالفة للقانون، والذى يسمح لها الرى بالتنقيط، ولكنهم يروونها بالغمر، وتسربت هذه المياه عن طريق جسر ترعة الحاجر، بسبب علو أرض الجبل عن أرض أصحابها، مما تسبب في شرب الأرض للمياه باستمرار ودون انقطاع طوال 11 عاما، أدى إلى تدمير التربة، وظهور الهيش والحشائش الفاسدة.

ولم تقف الكارثة عند هذا الحد، وإنما تعدتها لكارثة أخرى في الأراضى التي تزرع في الجبل، والتى تروى بمياه الصرف الصحى الآتية من ترعة كوم أمبو، والتى تسببت في انتشار نسبة الفشل الكلوى بكل قرى مركز ومدينة الصف، حتى إن أهالى القرى يؤكدون أن أكبر نسبة إصابة بفيروس سى أصبحت لديهم في الصف، ومن لا يعرف أنه مريض، يخشى من إجراء كشف طبى خوفا من اصطدامه بأنه أصبح فريسة للمرض.

التقت «المصرى اليوم» الأهالى الذين حضروا إلى الجريدة رغبة في إنقاذهم وإنقاذ آلاف الأفدنة، وقالوا: «فى البداية كانت أحلى زرعة وثمرة تطلع من عندنا، ونروح نبيعها في أي مكان، دلوقتى كل الثمر اللى بيطلع من عندنا مسرطن، وبيسبب فشل كلوى».

وأضافوا: «هذا الهيش أشبه بالسرطان الذي ينتشر في الجسد، والذى بدأ منذ عام 2006 بالانتقال من أرض إلى أرض، حتى وصلت المياه الجوفية إلى المنازل بهذه القرى، والتى لا يوجد بها صرف صحى، أدى إلى تآكل المنازل بسبب ملوحة المياه القادمة من الجبل، وطوال هذه السنوات الطويلة، منذ بداية المشكلة عام 2006، وحتى الآن، تقف هذه الآلاف من الأفدنة عاجزة أمام الهيش والحشائش الفاسدة التي طغت عليها، وعندما نقوم بحرقه، يظهر مرة أخرى بسبب المياه التي توجد في كل شبر في الأرض، ولم تقم الدولة بمساعدتنا لحل المشكلة، وفى الوقت نفسه نقوم بدفع الضرائب كل عام على الأراضى التي لا تنتج ولا يستفيد منها صاحبها، وعندما يعترض الفلاحون على الدفع، يهددون بالسجن «إما الدفع أو الحبس».

وأكدوا أنه عندما حاولت الدولة حل المشكلة لإنقاذ مئات الأسر من الفقر، قررت بناء مصرف منذ 7 سنوات، إبان ثورة 25 يناير، يبدأ من مخر السيل، وحتى قرية الغمازة الصغرى، ليتمكن من سحب كميات المياه من الأراضى، وعودتها للزراعة مرة أخرى، وسط فرحة من الأهالى بقرب انتهاء المشكلة، ولكنهم فوجئوا بأن المصرف تم إنشاؤه بطريقة خاطئة، وعكس اتجاه المياه، «المصرف مقبل والترعة مبحرة» – وفقا لقولهم- وتم عمل الميل الخاص به عكس اتجاه المياه، ولم يحاسب أحد على هذا الخطأ.

وأشاروا إلى أنه بعد أن تحولت الأراضى الزراعية إلى مكان أشبه بالغابات، سكنتها الذئاب، والتى وجدت لها بيئة مناسبة للعيش، وتتغذى على الضفادع والأسماك والمواشى الشاردة من أصحابها.

ورصدت «المصرى اليوم» الأراضى، والتى ملئت بالهياكل العظمية لمواشى أكلتها الذئاب، وهو الأمر الذي يسبب رعبا داخل القرى بين الأهالى، والذين يمنعون أنفسهم قبل أبنائهم من الذهاب تجاه الأراضى لوحدهم، خوفاً على حياتهم، وقال أحدهم «لو أدونى مليون جنيه مش هاروح الأرض بالشكل ده»، كما أن المياه الموجودة باستمرار داخل الأراضى، أصبحت أشبه بالمزرعة السمكية، والتى تتلاعب بين حشائشها الأسماك.

وكان من النتائج السلبية لهذه الكارثة، هو ارتفاع نسبة التسرب من التعليم داخل قرى الصف، وزيادة نسبة العنوسة بين الشباب، بشكل كبير بسبب عجز كفيل الأسرة عن الإنفاق على بيته وأسرته، فيقوم بإخراج أبنائه من المدارس ويذهبون للعمل في جمع القمامة، والألومنيوم، وعجز الشباب عن توفير الأموال اللازمة للزواج، وذلك بسبب الوضع الاجتماعى الصعب الذي يعيشون فيه، بجانب اتجاه الفلاحين إلى البناء المخالف على الأراضى الزراعية الخاصة بهم، للاستفادة منها.

وقال عدد من الأهالى لـ«المصرى اليوم» إنه على الرغم من أن هناك اثنين من أعضاء مجلس النواب عن دائرة الصف، وهما رئيسا لجنتى الشؤون العربية وحقوق الإنسان بالمجلس، وعلى دراية بالمشكلة، إلا أنهما تجاهلانها تماما، بالرغم من وعدهما بحلها، وهو ما جعل الأهالى يلجأون مجددا للمحافظة والحى دون مجيب من الجهتين.

وحدد الأهالى مطالبهم بحل المشكلة عن طريق إنشاء مصرف مواز لترعة الحاجر، يكون مع اتجاه المياه، وليس عكسها مثل سابقه، ويصرف في ترعة الغمازة الصغرى، حتى يسحب المياه من الأراضى، وإعادتها للزراعة مرى أخرى، وعودة الحياة إلى 5 آلاف فدان من جديد.

ويقول عصام أحد الأهالى، إن الجهات المعنية لم تساعدهم في مشكلتهم، والحل لن يكون إلا في أيدى الرئيس عبدالفتاح السيسى، والجيش، بتخصيص مبلغ من صندوق تحيا مصر، لإعادة الحياة لهذه الأراضى، كجزء من المشروعات الكبرى التي تنفذ.

ويضيف: «تقوم الدولة بصرف ملايين الجنيهات على استصلاح الأراضى لبدء إنتاج زراعى جديد، وتترك أراضى كانت تزرع وجاهزة للهيش والذئاب»، مشيراً إلى أن هذه المشكلة في نطاق القاهرة الكبرى، ولا يجوز تركها هكذا، كما أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد في الواحات البحرية 100 ألف جنيه، بينما تكلفة حل مشكلة الفدان الواحد في أرضنا لن يتعدى 1000 جنيه.

وتابع: «بسبب الأزمة، أصبح لا يوجد مصدر عمل للأبناء أو الآباء على حد سواء، مما تسبب في محاولة الأبناء كسب الأموال بأى طريقة، مشروعة كانت أو لا، حتى وإن كانت عن طريق الخطأ، كل هذا بعدما كانت الأرض تعطى خيرها للآباء والأبناء».

ويقول الحاج أمين أبوصبيح، أحد الفلاحين، إنه يملك فدانين و9 قراريط في هذه الأراضى، وكانوا يعيشون منها في أفضل حال، وينفق منها على 30 فردا في عائلته، ولكن الآن وبعد هذه الكارثة، لا يوجد مصدر دخل للأسرة، مؤكدا أن الفلاحين لا يذهبون إلى أرضهم في الوقت الحالى، وبسبب الهيش وارتفاعه الذي وصل إلى ارتفاع النخل تقريباً، أصبحوا لا يعرفون حدود أراضيهم، وعلى الرغم من وجود الخرائط المحددة، إلا أنه على أرض الواقع من الصعب تحديد الأرض، والتى كان يتم تحديدها بالنخل، ولكنه مات بجوار الثمار بسبب الهيش.

ويضيف أنه على الرغم من أن الأرض لا تزرع، إلا أنه مجبر على دفع ضرائب لـ3 نخلات بقيمة 450 جنيها، حتى لا يتم حبسه، مما دفعه إلى قطعها حتى لا يدفع عليها ضرائب أخرى، قائلاً «الأرض طردتنا، من اللى بيتعمل فيها».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل