المحتوى الرئيسى

بالصور-بعد 25 يناير.. قصة قرية صنعت ''حكومة بديلة'' بـ22 شاب

01/23 18:52

بعد أن قامت ثورة 25 يناير، قرر 22 من شباب قرية المعابدة بمركز أبنوب بمحافظة أسيوط خدمة مجتمعهم. فضّلوا العمل على مشروع ينقذ قريتهم الفقيرة من واقع تعليم وصحة مزري، ليؤسسوا جمعية "الوحدة الخيرية لتنمية المجتمع" في مارس 2011، والتي اتخذت طريق الإشهار برقم ١٠٥٣، لتصبح أول جمعية رائدة في الاهتمام بالتعليم في القرية الجنوبية. وفي ذكرى الثورة السادسة يرصد"مصراوي" تفاصيل الجمعية وأنشطتها ويستمع إلى عدد من الأهالي عن أثرها.

أول فصل مجتمعي بسواعد أبناء المعابدة

نشأت أكبر أزمة لأطفال القرية من قبل ثورة يناير، وهي ارتفاع سن قبول الأطفال في المرحلة الابتدائية من ثمانية إلى تسعة أعوام، في الوقت الذي يتم قبول الأطفال في باقي المحافظات بدءًا من سن الخامسة. أدى ذلك إلى بلوغ أطفال سن كبيرة دون التعلم، بسبب "التكدس" وهي أزمة أساسية تواجهها مدارس القرية. وفقا لأيمن عطية، أحد مؤسسي الجمعية، تتمحور الفكرة حول وجود "فصل مجتمعي" يستقبل الطلاب المتأخرين ويعلمهم بعض المهارات وبداية العلم.

يعد عطية -الذي يعمل محامٍ- من شباب القرية الذي اجتمعوا على هدف الجمعية بعد الثورة. ورغم التعثرات حتى الآن من التمويل إلى الروتين، إلا أن الجمعية تحاول المضي قدما نحو تلك الأهداف بتبرعات المؤسسين وعدد من أهالي القرية.

نحجت الجمعية القائمة على الجهود الذاتية في الحصول على مكتب صغير في البداية مساحته 120 متر، شارك الأهالي بالطوب والأسمنت في بنائه. يذكر أيمن أن أحد العمال بالقرية تبرع بيوميته للمساعدة في البناء، حتى استقبل الفصل الطلاب مع أول العام الدراسي في سبتمبر من نفس عام الثورة، وبسبب الإقبال المتزايد أُتيح الفصل الأشبه بالحضانة كفترتين، كأول فصل مجتمعي في المعابدة.

قال عطية "كل هدفنا إننا نعلم التلاميذ بتوع القرية لأن الأهالي ميقدروش على الدروس الخصوصية من كتر الفقر،" مضيفا أن الجمعية شاركت في تدريب عدد من المدرسين بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفول (اليونسيف)، بعدما توقفت وزارة التربية والتعليم عن تدريب المعلمين بعد العام الأول من إنشاء الجمعية، "قالوا مفيش ميزانية للتدريب". وقد استمر تدريب الوزاري لمدة عام بواقع 3 أيام أسبوعيا حتى توقف تماما، بحسب قوله.

"البيئة حولنا كانت غير معتادة على العمل الخيري، سواء متطوعين أو لحرج من الفقراء من أهالي القرية".. يذكر ذلك خلاف يونس، أحد مؤسسي الجمعية، قائلا: "كنا كأننا بننحت في الصخر وفيه ناس كانت واخداها على سبيل الهزار".

يتابع خلاف أن انجذاب المساهمين من أصحاب الأموال جاء بعد رؤيتهم لنتائج أعمال الجمعية على الأرض، سواء في قيمة عينية أو في خدمات كالتعليم والصحة.

فصل مجتمعي يواجه عجز المدرسين

منذ عدة سنوات، تقدم بعض الأهالي شكوى إلى وكيل وزارة التربية والتعليم بالإدارة التعليمية في المركر الذي تتبعه القرية، من العجز في المدرسين. قال بدري رسمي، وهو إدري في مدرسة الميرة الإعدادية بالقرية لمصراوي، "نعاني من عجز في كل المواد." مضيفا أن وكيل الوزارة رد على الأهالي ""هو ده اللي عندي.. مفيش مدرسين كفاية".

يقدر أيمن عطية نسبة العجز في مدرسي القرية بنسبة 60 في المئة، فيما يصل سكان القرية وفقا لتقديرات الأهالي إلى 100 ألف نسمة.

رسمي ليس فقط أحد العاملين بالمدرسة، لكنه أيضا والد "كيرلس" الطالب بالصف الأول الإعدادي بمدرسة أخرى، تشترك مع نظيراتها داخل القرية المعاناة من عجز المدرسين، ما يدفع الجمعية لتقديم دروس تقوية من أجل مساعدة الطلاب. لكن تلك الدروس لا تكفي الجميع. "المدارس بتضطر تنجح الطلبة في المواد اللي فيها عجز عشان ما يفضلوش يعيدوا السنة،" وفقا لقول الأب.

تبتعد الجمعية عن منزل كيرلس قرابة 6 كيلومترات، ما يجعل الذهاب إليها أمرا عسيرًا، ليظل الصبي حائرا بين عجز المدرسين، والبُعد عن الجمعية، فيما يضيف الأب أن مُعلمي القرية يفضلون الهروب من مدارسها نظرا للأجور المتدنية، مضيفا "المدارس مهملة.. وللأسف فيه فساد لإبعاد المدرسين بالمحاباة عن القرية عشان يفضلوا في المدينة".

يحصل المدرس على 32 حصة بدلا من 24 في الأسبوع، ويعد هذا سببا من أسباب الهروب، فيما تظل الرواتب الزهيدة، والمواصلات غير المتوفرة أسبابا أخرى، إذ لا تتوافر المواصلات يوميا وسط طرق متعرجة، حيث تبتعد قرية المعابدة عن مركز أبنوب نحو 35 كيلومتر، فيما تبتعد أبنوب عن مقر محافظة أسيوط حوالي 15 كيلومتر.

قال بدري رسمي إنن أزمة العجز في المدرسين تتفاقم كل عام، مضيفا أن مدرسة "الميرة" التي يعمل بها ربما تستعين بمدرس في آخر أسبوع من الوافدين في مادة اللغة الإنجليزية.

وتحتوي المعابدة الشرقية على 4 مدارس للمرحلة الإبتدائية، ومثلهم للمرحلة الإعدادية، ومدرسة واحدة للمرحلة الثانوية.

دعم "التعليم".. عام واحد فقط

في حالة كيرلس لا يبدو أن الجمعية تحقق هدفها الأول، وهو مساعدة الطلاب في التعليم، لكن ذلك لم يكن العائق الوحيد أمام الجمعية الناشئة، إذ كانت تحظى بدعم في أول عام دراسي، للفصل الأول المؤلف من 25 طالبا، وتصل الوجبات المدرسية من بسكويت وألبان للطلاب، لكن سرعان ما انقطعت تلك المساعدات من الوزارة المعنية دون إبداء أسباب.

في بداية هذا العام نظمت الجمعية مسابقة لأوائل الطلبة، تقدمت بها للإدارة التعليمية لترشح أربعة مدارس وهي مدرسة الميرة الإعدادية والمعابدة المشتركة، والنيل الإعدادية بنات، والوحدة الإعدادية بنين، وعلى إثرها ترشح كل مدرسة أفضل 6 طلاب للمسابقة. حصلت مدرسة الميرة الإعدادية المشتركة على 6 درجات من 20 في العلوم، ومدرسة المعابدة على 3 درجات من 20 في الرياضيات، تلك الدرجات، وفقا لأيمن، كشفت عن العجز في مدرسين تلك المواد للطلاب.

تقوم الجمعية على 50 متطوع من شباب القرية، يتبرع بعضهم لها بالإضافة للتبرعات الأخرى، فيما يساهم مؤسسوها بـ 150 جنيها شهريا، ويدفع الطالب في الفصل المجتمعي 10 جنيهات شهريا. تلك الأموال لا تكفي أنشطة الجمعية، في ظل عدم وجود دعم رسمي من وزارة التضامن الاجتماعي التابع لها الجمعية، على حد قول أيمن.

رغم العقبات لم تتوقف أحلام الجمعية، حيث انطلقت أول ورشة للقرائية عام 2015، لتعليم الأطفال بالابتدائية القراءة والكتابة، تمتزج الورشة مع أنشطة أخرى للجمعية مثل اكتشاف مواهب فنية ومسرحية للأطفال، حُرموا منها في مدارسهم، لتصل لأيام مفتوحة يتم استقبال الطلاب فيها.

امتدت مساعدات الجمعية أيضا إلى الصحة، فالقرية يقع بها مستشفى تكاملي لكنها، على ما يقول أيمن، "تقريبا فاضية خالص وكنا بنلم من أبناء القرية عشان نجيب مصل العقارب من فترة للأهالي المتضررة". تساعد الجمعية أهالي المعابدة في هذا القطاع من خلال القوافل الطبية، كانت آخرها في قافلة أغسطس الماضي، وتشمل إيصال العلاج لغير القادرين. ساهمت تلك القافلة الأخيرة في الكشف على 500 مريض من خلال تطوع أطباء من مستشفى أسيوط الجامعي، وأيضا من بعض أطباء محافظة القاهرة.

استفاد جمال عبد الناصر، أحد أهالي القرية، 52 عاما، من تلك القافلة. كما أنه يُثمن نشاط جمعية التنمية في إعمار أسقف عدد من المنازل في الشتاء، وإرسال كراتين للطعام لعدد من الأسر الفقيرة، فيما يرسل ابنه بين حين واخر إلى مكتبة الجمعية، التي تأسست منذ عام كأول مكتبة داخل القرية.

يقول أيمن عطية، مؤشش جميعة التنمية الخيرية، "مدارس القرية مفهاش مكتبات، وكانت مبادرة مننا إننا نخاطب دور الثقافة وهيئات النشر للتبرع بالكتب، وكمان من متبرعين خارج الحكومة مثل الكتبجية والمركز الثقافي السويسري، ووصلنا عدد 6 آلاف كتاب".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل